يُحدّق العشرات من الحاضرين في مجالس ثقافية عربية بشغف إلى حركات وتعابير شخصيات فنية عربية متميزة، جاءت للتعريف بجمالية وحيوية الفن العربي الذي يختصون به، في جلسات دورية يعقدها الناشط الإماراتي سلطان سعود القاسمي في الولايات المتحدة، في محاولة لتكرار تجارب المجالس الثقافية الناجحة التي سبقتها في الإمارات ودول خليجية أخرى.
المجلس، أو ما يسمى بالديوانية في بعض البلدان، هو محل اجتماع غير رسمي ومتعدد الأوجه، معروف في الغالب في دول الخليج العربية. يستضيف المجلس محادثات في مواضيع مختلفة بين الأشخاص من السياسة والثقافة إلى الترفيه والرياضة. و بالنسبة للشباب في الخليج، فإنه يلعب دورا مهما في المجتمع المدني ويمثل منصة بديلة لمناقشة القضايا العامة بعيدا عن المساحات التقليدية المقيدة
أطلق القاسمي، وهو كاتب إماراتي وباحثٌ في الشؤون الاجتماعية والسياسية والثقافية في دول الخليج العربية، ومؤسس مؤسسة بارجيل للفنون، المجلس الثقافي لجمع المجتمع الشرق أوسطي وشمال أفريقي في الولايات المتحدة وإنشاء مجلسا مفتوحا للحوار لربط الناس والأفكار والثقافات المختلفة. ما يميز مجلس القاسمي هو تركيزه على الثقافة والفن ضمن إطار غير رسمي، يمزجها جانب من الضيافة والأنس وتننوع الحاضرين وبالتالي فإن أشخاصا من شتى الخلفيات سيعيشون تجربة المجلس الخليجي.
علاوة على ذلك، يلعب المجلس الثقافي دورًا مهمًا في الدبلوماسية الثقافية كوسيلة لتعريف الغرب بالثقافات والتقاليد العربية والخليجية في نهج بعيد عن السياسة. وقد وصف الدكتور أنور قرقاش، وزير الشؤون الخارجية دولة الإمارات، المجلس الثقافي بأنه “جهود إستثنائية شخصية وجادة للتعريف بالثقافة والفنون العربية من خلال عشرات المجالس الثقافية، تحية إلى إبن الإمارات ومبادرته الذاتية ومضمونها الثقافي.” استضاف القاسمي شخصيات عربية مختلفة، من فنانين وموسيقيين وكتاب ومفكرين. يبحثسلطان عن طرح سردية واقعية ومباشرة للثقافة العربية والفن في القرن العشرين، لتكون بمتناول المهتمين بقضايا الشرق الأوسط، لتجاوز الصورة النمطية التي طرحتها الأفكار الاستشراقية الخاطئة. ولمعرفة مدى تأثير المجلس الثقافي وأهدافه المرجوة، أجرى معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW) مقابلة مع سلطان القاسمي، وإليكم نصها:
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): ما الذي دفعكم إلى تأسيس مجلسكم الثقافي في الولايات المتحدة؟
سلطان: الثقافة هي مقدمة للعالم العربي وهي أفضل طريقة لرواية قصتنا، في حين أن الفن عنصر فعال وعابر للحدود في هذه الثقافة. لذا أنا مهتم بالفن لأنه من أكثر الوسائل سهولة في إيصال الرسالة بطريقة سلسة ومبسطة لأنه لا يتطلب بأن يكون الشخص ملما باللغة ولا يتطلب مجهود لتلقي الرسالة و قد يستغرق الشخص عدة ثوان لتلقي الرسالة عندما تكون عن طريق قطعة فنية فيقدر تاريخ وثقافة وجمال هذه الشعوب وهو مكمل لبقية العلوم ولذلك المجلس الثقافي قد يكون وسيلة لإيصال هذه الرسالة.
فكرة المجلس مستوحاة من الشيخ الراحل عبدالله السالم، أمير دولة الكويت، فهو من سمح بفكرة البرلمان الحر في الكويت قبل ٦٠ عاما وساهم بتوفير مساحات لحرية التعبير ولذلك نعلق صورته في مجلسنا لما تحمله من معان تجسد فكرة هذه المجالس الحرة وروحها.
قبل تأسيس المجلس الثقافي كان لدينا تجمع أسبوعي للمثقفين في مجلسي في دبي، ولكنه كان محصورا على المدعوين فقط، ولكن بعد سؤالي في إحدى المقابلات عن ما إذا كنت سأنقل المجلس الثقافي إلى الولايات المتحدة أم لا، بدأت تراودني الفكرة وقررت نقل المجلس إلى هناك. وقد بدأت مع فريقي بتأسيس مجلسنيويورك ومن ثم أتى بعض الإخوة والأخوات من بوسطن واستأذنوا منا إقامة مجلسبوسطن، ثم بدأنا مجلسنا هنا في واشنطن، وقريبا سيقام مجلسا آخر في تورونتو – كندا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): ما هو تأثير المجلس الثقافي على الشباب العربي وغيرهم؟
سلطان: أولا، يجب على المبادر أن ينتظر سنوات طويلة لتقييم تأثير مبادرته والآثار التي تركها ولكن إذا تحدثنا عن التأثير المباشر فاستطيع القول بأنه خلال أسابيع بلغ عدد المسجلين في قائمة البريد الإلكتروني لدينا 394 شخصا طلبا منهم وهذا دليل على الاهتمام الكبير لدى الناس في الفن العربي والشرق أوسطي. ثانيا، لدينا قائمة انتظار في العديد من مجالسنا بسبب الإقبال الشديد من الشباب على المجلس مما اضطرني إلى اغلاق التسجيل عند 90 مسجلا رغم أننا سمحنا لـ 120 بالحضور في بعض المناسبات.
بالإضافة إلى أننا سمحنا لضيوفنا بالتواجد قبل وبعد المجلس للحديث والتعارف، فقد كان للمجلس فضل في تكوين مجتمع من الناس جمعهم حب الفنون بالإضافة إلى تكوين مجاميع صغيرة داخل هذا المجتمع من أصحاب الاهتمامات المشتركة الذين وجدوا من المجلس فرصة للتعرف على من يشاركهم هوايتهم علما بأن هذه الروابط كانت موجودة في مكان ما ولكنها لم تجد مكانًا للتعبيرعن نفسها.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): ما هي التحديات التي واجهتموها أثناء إقامتكم للمجلس الثقافي؟
سلطان: لقد واجهنا بعض التحديات ولكن أبرزها المخاوف من عزوف بعض الشباب عن حضور بعض الندوات فبالتالي قد نكون في موقف محرج مع بعض المتحدثين. علاوة على ذلك، محاولة التساوي بين الجنسين في قائمة المتحدثين لخلق شيء من الموازنة والتنوع بين المتحدثين بالإضافة الى تحديات الضيافة واستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الناس في منزلنا. وأخيرا، تحديد العدد المناسب للمجالس حيث أننا نحاول ألا نقيم مجلسنا يوميا لكي لا يمل الناس من كثرة المتحدثين ولا شهريا لكي لا يملوا الانتظار.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): هل لديكم داعمين أو ممولين لتغطية كافة احتياجات مجالسكم الثقافية الأسبوعية أم أنكم تفضلون التمويل الذاتي؟
سلطان: الدعم عادة ما يعني وضع قيود على لائحة المتحدثين والضيوف والمواضيع التي نختارها، ونحن نحاول قدر المستطاع تجنب المحسوبية، لأننا نأمل أن يكون مجلسنا مفتوحا للجميع من شتى الخلفيات للحديث بكل حرية وبلا قيود لتعم الفائدة، والأهم من ذلك، هو أنني عملت لسنين طويلة في التجارة، وجمعت ما يكفي من المال لتغطية تكاليف هذه المجالس، ولذلك نرى أنه من باب أولى ترك الدعم للمشاريع التي تحتاج الى هذا الدعم المادي والذي قد يستفيد منه الناس.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): كيف كيفتم فكرة المجلس الخليجي ليكون ملائما لجمهور غربي/متغرب في الولايات المتحدة؟
سلطان: حرصت على الالتزام ببعض العادات الأساسية في المجالس مثل أن يكون المجلس مفتوحا للجميع من شتى الأطياف والأديان والشعوب وهذه من سمات العرب، و تقديم التمر و حسن الضيافة وتبادل الاحترام. أما بالنسبة الى التغيرات قد يكون الترحيب بالنساء في المجلس على رأس الأولويات لاستيعاب الجمهور الغربي حيث أن المجالس في الخليج غالبا ما تكون مقتصرة على الرجال دون النساء بالاضافة الى استخدام اللغة الانجليزية كلغة المجلس الأساسية وبالرغم من امتزاج الثقافة الغربية بالشرقية، لا يزال المجلس محافظا على روحه الشرقية.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): ما هو هدف المجلس الثقافي الذي تهدفون إلى تحقيقه على المدى البعيد؟
سلطان: كل مؤسسة لها بداية ونهاية ولا شيء يدوم للأبد، كذلك هو مجلسنا الثقافي. قد تتطور فكرة المجلس وتقام مجالس أخرى لتحل مكان مجلسنا ونحن لا نمانع بذلك. فالإنتهاء لا يعني الفشل، وهذا مفهوم خاطئ، فقد تتحقق الغاية المرجوة أحيانا من عدة أشهر أو عدة أعوام. وفي النهاية سنقوم بأرشفة كل المجالس بإنجازاتها للاحتفاظ بها.
أما بما يتعلق بالأهداف الأساسية، أعتقد بأننا أنجزناها منذ أول مجلس وهي: معرفة ما إذا كان هناك اهتمام بالفن الشرق أوسطي والخليجي وهل هناك حوافز لإقامة مجلس ثقافي وهل هناك مساحات آمنة للناس من شتى الأطياف والثقافات لتبادل الأفكار بكل أريحية، والإجابة كانت نعم، والدليل على ذلك هو الإقبال الشديد من الناس لمختلف المجالس والمواضيع فقد وصل حضور مجلسنا إلى 120 عند استضافتنا الفنانة التشكيلية الفلسطينية ساميةحلبي في مجلس نيويورك، وقد لاقينا نفس العدد للفنان والخطاط التونسي السيْد في مجلس واشنطن، وهذا برأيي هو الإنجاز بعينه.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): ما الذي يميز المجلس الثقافي عن غيره من المجالس الثقافية في المعارض والمتاحف؟
سلطان: يختلف المجلس عن المتحف من عدة نواحي. اولا، يصعب عليك الالتقاء بالناس والحديث معهم في المتاحف، وهو ليس مكانا للنقاشات وتبادل الأراء. ثانيا، مجلسنا محدد في وقت معين ويأت الناس وهم على علم بأنهم سيلتقون بأشخاص لديهم نفس الاهتمامات سواء عن المنطقة بشكل عام أو عن الموضوع المجلس. ثالثا، يلتقي الضيوف ببعضهم البعض بشكل شبه أسبوعي مما يؤدي إلى تكوين أجواء يغمرها الود والدماثة فيرتاح الضيوف.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): كيف يمكن للمجلس الثقافي أن يساعد في تصحيح المفاهيم الخاطئة عند الغرب والمستشرقين عن العرب؟
سلطان: من أهم الصور النمطية الخاطئة عن الإنسان العربي والمسلم والخليجي التي عملنا على تصحيحها في مجلسنا هي أنهم ليسوا مهتمين بالثقافة والفرد وأنهم “أطفال مدللون” بل قد واجهنا إقبالا شديدا على مجلسنا من أشخاص قد تكون لهم تصورات مختلفة تماما عن ثقافتنا، وهذا دليل على اهتمامهم بالتعرف على الفن العربي والثقافة. ولذلك، حرصوا على المجيء، خصوصا وأن مجلسنا الثقافي مفتوح للجميع، والمنظمون ليست لديهم مصالح نفعية أو سياسية، بل يقودهم شغفهم واهتمامهم بتقديم ثقافتهم للآخرين.
لمعرفة المزيد عن سلطان سعود القاسمي ومجلسه الثقافي، يرجى زيارة موقعه ومتابعه حسابه في الإنستغرام وتويتر
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.