معهد دول الخليج العربية في واشنطن تحدث مع المعتصم المعمري، وهو طبيب منخرط في العمل الشبابي والإعلامي، حول مأسسة العمل الشبابي في عُمان وتأثيرها الثقافي والتفاعل الحكومي معها.
ازداد عدد المبادرات الشبابية في عُمان على مدى السنوات القليلة الماضية مدعومة باهتمام الشباب في الشؤون العامة بعد انتفاضات الربيع العربي. في المقابل، أنشأت الحكومة العمانية عدة لجان وهيئات جديدة لمواكبة هذا الحراك السريع. بدأ الدكتور المعتصم المعمري، وهو طبيب منخرط في العمل الشبابي والإعلامي وبالعديد من المشاريع المعنية بإيصال صوت ومطالب الشباب العُماني. معهد دول الخليج العربية في واشنطن تحدث مع المعتصم حول مأسسة العمل الشبابي وتأثيرها الثقافي والتفاعل الحكومي معها.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): أنت طبيب متخصص في الطب السلوكي والآن تدرس الماجستير في العلوم السياسية. لماذا انتقلت إلى دراسة العلوم الاجتماعية؟
المعتصم: أنا مهتم بالشأن العام منذ كنت طالباً في المدرسة. عندما تخرجت من المدرسة في 2007 كنت أرغب بدراسة العلوم السياسية إلا أن هذا التخصص لم يكن متوفراً في جامعات عُمان. وعليه قررت أن أدرس الطب وتخرجت كطبيب عام والآن أدرس تخصص الطب السلوكي. قبل بضعة سنوات افتَتحت جامعة السلطان قابوس تخصص العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فشعرت أن الوقت مازال متاحاً لي لدراسة هذا التخصص الذي لطالما كنت شغوفاً به والآن أنا في السنة الثانية من دراسة الماجستير.
حلقة “والله نستاهل” عن الضرائب في عُمان
AGSIW: أنشأت عدداً من المبادرات المتعلقة بصناعة المحتوى الإلكتروني أولها كان برنامج “واللهنستاهل” والذي يعرض على موقع يوتيوب. ماهي فكرة البرنامج ولماذا اخترت منصة اليوتيوب لعرضه؟
المعتصم: هذا البرنامج بدأ في عام 2014 ولكنه امتدادا لحملة سبقته اسمها “ليولد كبيراً” والتي نشأت تحديداً في 2011 في وقتٍ كان الحراك الشعبي نشطاً في الوطن العربي. هذا الحراك كانت له ارتدادات في عُمان أحدها كان اهتمام الشباب بالشأن العام والذي لم يكن كبيراً قبل ما يُعرف بالربيع العربي. عليه بادرتُ مع مجموعة من طُلاب جامعة السلطان قابوس بإنشاء حملة “ليولد كبيراً” المطالِبة بتشكيل اتحادات طلابية في عُمان. هذه الحملة أدت إلى صدور قرار من وزارة التعليم العالي بالسماح بإنشاء اتحادات طلابية في جميع جامعات عُمان سميت لاحقاً “بالمجالسالاستشاريةالطلابية“.
لاحقاً وجدت أن العديد من الشباب لديهم أفكار وهموم يودون إيصالها للمسؤولين في الدولة وللمجتمع العماني كذلك. عليه بدأت بالتفكير مع مجموعة من الشباب في جامعة السلطان قابوس بعمل مبادرة لإيصال أفكار الشباب بطريقة تكون متقبّلة من المجتمع وكذلك من المسؤولين. في 2014 بدأت مع خمسة شباب من الجامعة من تخصصات مختلفة بتصوير فيديوهات قصيرة حول قضايا بسيطة تهم شباب جامعة السلطان قابوس ورفعها على موقع يوتيوب. اسمينا البرنامج “والله نستاهل” وأقوم أنا بتقديمه. بعد أن تخرجت توسع فريق العمل ليشمل 24 شاباً وشابة أيضاً من تخصصات مختلفة وكذلك من خارج جامعة قابوس وناقشنا قضايا عامة. خلال الأربع سنوات والنصف الماضية ناقشنا ما يقارب 25 قضية، ونقوم بعمل أبحاث وتجميع للبيانات تستغرق ما بين أربعين يوماً إلى شهرين لكل قضية. ونجتهد كذلك لتقديم حلول بعد مناقشاتها مع أطرافٍ مختلفة إما من الشباب أو المسؤولين والخبراء.
AGSIW: ماهي أبرز القضايا التي تهم الشباب العماني وناقشتموها في برنامج “والله نستاهل”؟
المعتصم: على سبيل المثال قضية الباحثين عن عمل ناقشناها أكثر من مرة. كذلك ناقشنا موضوع جودة مقررات التعليم في عُمان، العام والعالي، وكذلك موضوع خدمات الاتصالات، وأيضاً المواضيع التي تمس الطلاب الجامعيين تحديداً، كالسكن والنقل والمخصصّات الطلابية. لاحقاً توسعنا في القضايا التي نطرحها لنغطي مواضيع وطنية مثل قضية التنويع الاقتصادي وقرب انتهاء مخزون النفط والأمن المائي وإدارة الأزمات الاقتصادية في عُمان ودول الخليج.
AGSIW: أيضاً قمتم بمناقشة رؤية عُمان 2020 وكذلك 2040 في البرنامج. ماهي مآخذ الشباب على هذه الرؤى؟
المعتصم: أكثر الملاحظات التي كانت تطرح على هذه الرؤى كان عدم وضوح آلية التنفيذ. نحن نؤمن بجودة خطط هذه الرؤى ولكن لاحظنا أن الخط الزمني الموضوع لتنفيذها غير واضح، وأحياناً أخرى يكون هناك تأخير في تنفيذ مشاريع الرؤى وهذا غير مطمئن للكثير من المواطنين العمانيين. أيضاً مسألة الشراكة المجتمعية في تحقيق الرؤى لم تكن حاضرة بقوة في هذه الخطط.
AGSIW: كونكم تقدمون وجهة نظر قد تُعتبر ناقدة للخطط الوطنية، هل واجهتم مشكلة من الرقابة على محتوى برنامج “والله نستاهل”؟
المعتصم: فريق عمل “والله نستاهل” كان حريصاً منذ البداية على اتخاذ موقف وسط يُقدّر جهود المسؤول ولكنه في الوقت ذاته لا يُخفي معاناة وهموم المواطن. والحمد لله نجحنا في ذلك على مدار الأربع سنوات والنصف من تقديم البرنامج دون التعرض لأي مُساءلة قانونية أو منع من العرض، وفي ذات الوقت حصلنا على رضا المشاهدين قياساً على أعداد مشاهدات الحلقات المرتفعة على اليوتيوب وكذلك التعليقات التي نتلقاها من المتابعين.
AGSIW: قمت بالتوسع في نشاطاتك وأنشأت عدة مبادراتٍ متعلقة بصناعة المحتوى الالكتروني. هلا حدثتنا عن هذه المبادرات ومن أين تحصلون على الدعم المالي لها؟
المعتصم: بالإضافة إلى العمل على محتوى البرنامج، فريق العمل يقوم بعدد من الأنشطة الميدانية مثل الملتقى السنوي الذي كنا نقيمه تحت مسمى “ملتقى اليوتيوب العماني” وهو تجمع للمهتمين بصناعة المحتوى اليوتيوبي في عُمان وتكريم أفضلهم. النشاط الآخر هو “حاضنة اليوتيوب”، وما نفعله في هذا البرنامج هو أننا نحتضن كل ستة أشهر 14 فريقاً من صُناع اليوتيوب في مساحة عمل مشتركة ونقدم لهم الدعم الإداري واللوجيستي والإعلامي، ونطلب منهم إنتاج محتوى على اليوتيوب كل شهر. البرنامج الثالث هو “مختبرات اليوتيوب” وهو عبارة عن ورش عمل مكثفة لصُنّاع المحتوى اليوتيوبي، تُقدّم كل مرة في واحدة من محافظات عُمان. فيما يخص الدعم المالي، منذ أن بدأنا عرض برنامج “والله نستاهل” في أبريل 2014 كان فريق العمل معتمداً على تبرعات الأعضاء للدعم المالي. لم نستقبل أي إعانات مالية، من أي جهة، سواءً كانت حكومية أو خاصة، لحرصنا على استقلالية عملنا. أما هذه الأنشطة الميدانية فتحصل على رعايات مادية من شركات خاصة في عُمان، وأيضاً من اللجنةالوطنيةللشباب، وهي لجنة حكومية مختصة بقضايا الشباب كونها برامج معنية بتطوير مهارات الإنتاج ليس إلا.
AGSIW: أنت أيضاً تقدم مبادرة بعنوان “مناظرات عُمان”. ما هي طبيعة المناظرات؟ وكيف تقومون بتحضير المتناظرين؟
المعتصم: في عام 2012 شاركتُ في البطولة الدولية للمناظرات باللغة العربية، وهي بطولة تُقام بين الجامعات العالمية التي يوجد فيها طُلاب متحدثين باللغة العربية. البطولة تُقام سنوياً في قطر بتنظيم من مركز مناظرات قطر، وهو جزء من مؤسسة قطر. مثّلت في مشاركتي الأولى جامعة السلطان قابوس، وحققنا المركز الثاني في تلك البطولة. في السنة التي تلتها أقمنا بطولة خليجية في عُمان، وفاز طلاب جامعة قابوس بالمركز الأول، وحصلت أنا على جائزة أفضل متحدث في هذه البطولة. كل هذا دفعني إلى الاهتمام أكثر بالمناظرات، وشعرت أنها ممارسة لابد من تبنيها في منطقة الشرق الأوسط، لتعزيز الحوار والنقاش والاستماع للآخر. تبنَيت مع خمسة من زملائي فكرة المناظرات في عُمان، وكوّنا فريق “مناظرات عُمان” قبل سنتين، وهو فريق وطني تطوعي، هدفه نشر ثقافة المناظرات في عُمان بشكل مهني. الفريق ينظم بطولة وطنية كل عام، ومواضيع المناظرات متعددة بين الاقتصاد والسياسة والاجتماع. نقدم وِرش تأهيل مجانية للمتناظرين والمدربين والمُحَكّمين. ونقوم بالمرور على جميع محافظات عُمان لاختيار المتناظرين. قدمنا بطولتين، ونستعدّ للبطولة الثالثة في شهر فبراير هذا العام. في شهر أبريل من العام 2018 تم تكريمنا بجائزة “رواد المناظرة” في قطر، وهي جائزة تُعطى للمشاريع العالمية التي تدعم المناظرات باللغة العربية، كون فريقنا حقق انجازاً كبيراً بنشر ثقافة المناظرات في فترة زمنية قصيرة.
AGSIW: أنت أيضاً مشارك في مبادرة “المقهى العلمي”. ما هي طبيعة هذه المبادرة؟
المعتصم: “المقهى العلمي مبادرة بدأت منذ ثلاث سنوات برعاية أحدى المؤسسات الحكومية وهو مركزعُمانللمواردالوراثيةوالحيوانيةوالنباتية، وهو تابع لمجلسالبحثالعلمي في السلطنة. الهدف من هذا المقهى هو تقريب العلوم الطبيعية لحياة الناس اليومية، بمعنى أننا نناقش في هذا المقهى تطبيقات المفاهيم العلمية في حياتنا اليومية. نقدم جلسة في الأربعاء الأخيرة من نهاية كل شهر، ونقوم باستضافة مجموعة من المتحدثين لمناقشة قضايا علمية وأُدير أنا الحوار بينهم وبين الحضور.
AGSIW: إلى أي مدى تغيّر العمل والمبادرات الشبابية في عُمان منذ بداية انخراطك فيه في 2007؟ وما هو تأثير الدعم الحكومي والخاص على تطور هذه الأنشطة؟
المعتصم: لم تكن لدينا في عُمان ثقافة المؤسسة غير الربحية وأعتقد الآن أصبح هذا المفهوم منتشراً بشكل أكبر بين رواد الأعمال الشباب والشابات. على سبيل المثال فريق عمل “والله نستاهل” بدأ كفريق تطوعي، وفي يناير 2018 تطور إلى مؤسسة غير ربحية. العديد من الشباب في عُمان حوّلوا أنشطتهم إلى مؤسسات غير ربحية مؤخراً. وهذا غيّر من نوعية المبادرات الشبابية أيضاً. كان أثر هذا التطور واضحاً مثلاً أثناء إعصار گونو الذي تعرضت له عُمان في 2007 حيث كانت أعمال الإغاثة في ذلك الوقت من الجهات الحكومية مصحوبةً ببعض الجهود الشبابية المتواضعة وغير المنظمة. بينما حين ضرب إعصار مَكُونو شواطئ عُمان في 2018 كان الشباب العُماني متصدراً للعمل الإغاثي. شاركت العديد من الفِرق الشبابية، وقادت اللجنة الوطنية للشباب عدداً من هذه الفِرق. أعتقد أن هذا التحول إلى العمل المؤسساتي سيتكفل باستمرارية وتطور نوعية العمل الشبابي. والأكثر من ذلك أن هذا التطور أثر حتى على تفاعل الجهات الحكومية مع العمل الشبابي، فاللجنة الوطنية للشباب تشكلت قبل سبع سنوات، وبالرغم من أنها لجنة حكومية إلا أنها لا تفرض رقابة أو احتواء مباشر على المبادرات الشبابية. ما تفعله اللجنة هو تقديم ما ينقص هذه المبادرات من دعم دون التدخل في إدارتها، ودون أن تفقدها استقلاليتها.
AGSIW: كيف تُقيّم الحراك الشبابي في عُمان مقارنة بدول الخليج الأخرى؟
المعتصم: لقاءاتنا المتكررة مع العديد من الشباب في الخليج أكسبتني معرفة بالصورة العامة للحراك الشبابي هناك. أعتقد أن الحراك الشبابي في عُمان أكبر منه في الخليج من حيث الكثافة ويختلف عنه في التوجهات. على سبيل المثال: الشباب في الكويت لديهم اهتمام بالعمل الإنساني بشكل كبير، وتوجه الحكومة الكويتية نحو العمل الإنساني خدم هذا الاهتمام بشكل كبير مما مكّن الكويتيين من التوسع في ممارسة العمل الخيري خارج حدود الكويت وفي قارات أخرى كإفريقيا. أما في عُمان، فالمبادرات في العمل الخيري لازالت محدودة ولكن في المقابل يوجد نشاط ثقافي واجتماعي كبير جداً، يضاهي مثيله في الكويت، كمبادرات القراءة وصناعة المحتوى الالكتروني.
مع اقتراب عام 2024 من نهايته، لا يزال عدم اليقين يخيم على أسواق النفط بسبب المخاطر الجيوسياسية، وضعف الطلب الصيني الذي جاء أقل من المتوقع، والتطورات المتعلقة بالتحول في مجال الطاقة.
مع سعي ترامب لتحقيق زيادة هائلة في إنتاج النفط والغاز الأمريكي، وعرقلة صادرات النفط الإيرانية، فإنه لن يتردد في التدخل بقوة في سوق النفط.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.