من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
تكشف نتائج الربع الثالث المالية لشركة أرامكو أنه بالرغم من استمرارها كمصدر كبير للتدفقات النقدية، إلا أن انخفاض أسعار النفط وضعف هوامش أرباح التكرير، قد أضرا بصافي دخلها في عام 2024. لقد بلغ صافي دخل الشركة 84 مليار دولار في الثلاثة أرباع الأولى من عام 2024 مقارنة بـ 95 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023.
على الرغم من هذا الانخفاض في صافي الدخل، فقد زادت أرامكو من توزيع أرباح الأسهم ورفعت من إنفاق رأس المال. سوف تدفع الشركة 124 مليار دولار كأرباح الأسهم في عام 2024 مقارنة بمبلغ 98 مليار دولار في عام 2023 و75 مليار دولار في عام 2022. ويأتي هذا انعكاساً لقرار الشركة الذي اتخذته منذ الربع الثالث من عام 2023، والمتمثل بدفع أرباح الأسهم المرتبطة بالأداء إلى جانب الأرباح الأساسية للشركة. وقد تم تحديد نسبة أرباح الأسهم المرتبطة بالأداء لتكون 70% من التدفق النقدي الحر في عامي 2022 و2023 (التدفق النقدي مخصوماً منه الإنفاق الرأسمالي وأرباح الأسهم الأساسية). وتشير التوجيهات التي قدمها المدراء التنفيذيون في أرامكو خلال اتصالاتهم الأخيرة المتعلقة بالأرباح مع المستثمرين إلى أن الإنفاق الرأسمالي في عام 2024 سيكون في نطاق 51 مليار دولار إلى 54 مليار دولار، مقارنة بـ 50 مليار دولار في عام 2023 و39 مليار دولار في عام 2022.
كانت أرامكو تمتلك مبلغ 135 مليار دولار من الاستثمارات النقدية وقصيرة الأجل ضمن ميزانيتها العمومية في نهاية عام 2022. ونتيجة لانخفاض الإيرادات وزيادة مدفوعات أرباح الأسهم، فإن صافي دخل الشركة قبل الفوائد والضرائب لم يعد كافياً لتغطية المدفوعات الضريبة ورسوم الامتياز والأرباح لهذا العام. ونتيجة لذلك، فقد طرأ انخفاض هائل على الاستثمارات النقدية وقصيرة الأجل، التي انخفضت إلى مستوى 70 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2024. كما طرأت أيضاً زيادة متواضعة على الديون.
عائدات الأسهم غير مستدامة
ما لم يطرأ تحسن على عائدات النفط، ستواجه أرامكو صعوبات كبيرة للحفاظ على أرباح الأسهم عند مستوى عام 2024. وإذا ظل صافي دخل الشركة عند مستواه الحالي، واستمرت في سياستها الحالية لتوزيع الأرباح والإنفاق الرأسمالي، فسوف تتآكل احتياطياتها النقدية بسرعة في حال عدم زيادة الاقتراض أو مبيعات الأصول. تشير الحسابات التقريبية إلى أن الشركة ستحتاج إلى سحب نحو 50 مليار دولار من السيولة النقدية، أو الاقتراض من جديد، أو الإيرادات من بيع الأصول، للحفاظ على توزيع أرباح أسهم 2024 حتى عام 2025 مع تحقيق هدف الإنفاق الرأسمالي.
لم تقدم أرامكو أي التزام بتوزيع أرباح معينة للأسهم في عام 2025. واكتفت بالقول إنها ستحافظ على مبدأ الأرباح المرتبطة بالأداء. وعلى فرض أن معادلة حساب أرباح الأسهم المرتبطة بالأداء ظلت على حالها – 70% من التدفق النقدي الحر في العامين السابقين (2023 و2024) – وأن الربح الأساسي للسهم سيزداد في عام 2025 بنسبة 4% (الزيادة نفسها في عام 2024)، فإن إجمالي الأرباح التي ستدفعها أرامكو في عام 2025 ستبلغ نحو 100 مليار دولار. وحتى مع هذه الأرباح المتدنية للأسهم، فإن العائدات النقدية لشركة أرامكو سوف تستمر في التآكل في عام 2025، ولكن بوتيرة أبطأ.
التأثيرات المحتملة على الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة
بصفتهما المساهمين الأكبرين في أرامكو، فإن الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة هما المستفيدان الكبيران من زيادة أرباح الأسهم التي ستقوم الشركة بتوزيعها، وبالتالي فإنهما الخاسران الكبيران من أي تخفيضات.
الخبر السار هو أن “بيان الميزانية التمهيدية للسنة المالية 2025” الذي نشرته وزارة المالية مؤخراً، يفترض أن الإيرادات الحكومية سوف تنخفض (بنسبة 4%) في عام 2025، على الرغم من عدم الفصل بين الإيرادات النفطية وغير النفطية. ومع ذلك، ونظراً لعدم وجود ما يستدعي أن نتوقع انخفاض الإيرادات غير النفطية، يبدو أن الوزارة قد تتوقع انخفاض الإيرادات النفطية بنحو 27 مليار دولار في عام 2025 (أكثر بقليل من الخسارة المحتملة لأرباح الأسهم التي أشارت لها الحسابات أعلاه). وبالتالي، وفي ظل حالة الغموض الدائمة التي تكتنف توقعات الإيرادات، والناجمة عن التقلبات في سوق النفط العالمية، فإن التوقعات المرتبطة بالإيرادات في “بيان الميزانية التمهيدية” تبدو معقولة في هذه المرحلة. هناك المزيد من الأسئلة حول توقعات الإنفاق لعام 2025. من المتوقع أن ينخفض الإنفاق الاسمي بنسبة 5% في عام 2025، وقد يكون من الصعب تحقيق ذلك.
أعلن صندوق الاستثمارات العامة أنه سيزيد استثماراته في الاقتصاد المحلي من 40 مليار دولار إلى 70 مليار دولار سنوياً. إن تخفيض مدفوعات أرباح أرامكو لن يكون مجدياً في ظل تزايد احتياجات التمويل. وسوف يحتاج صندوق الاستثمارات العامة بشكل متزايد لإيجاد مصادر تمويل بديلة من خلال الصفقات التي أعلن عنها مؤخرًا مع البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية التي تقدم المساعدات في هذا الصدد.
تمويل رؤية 2030
تم استخدام ميزانية أرامكو العمومية لمساعدة الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة في تمويل الإنفاق على مشاريع رؤية 2030 على مدار العامين الماضيين. وبما أن مصدر التمويل هذا مقيد للغاية، فمن المرجح أن يزداد استخدام الديون لتمويل مشاريع رؤية 2030 ما لم تنتعش عائدات النفط. ولكن الأخبار السارة تتمثل في انخفاض صافي ديون القطاع العام في السعودية. أما الأخبار السيئة فتتمثل في ازديادها بشكل كبير على مدار العقد الماضي. إضافة إلى ذلك، فإن طرح الديون في الأسواق الدولية عام 2025 بمستويات عام 2024 قد يضع رغبة المستثمرين في ديون القطاع العام السعودي تحت الاختبار ويزيد من تكاليف الاقتراض.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
سواء فاز الرئيس السابق دونالد ترامب بالرئاسة للمرة الثانية أم لا، فإن علامته التجارية ستبقى سمة واضحة في منطقة الخليج.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.