ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
قبل وصول ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن في 19 من الشهر الجاري أجرى الرئيس دونالد ترامب اتصالات هاتفية معه ومع نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، فضلا عن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. كما أوفد ترامب المبعوثين تيموثي ليندركينغ نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج العربية في وزارة الخارجية والجنرال المتقاعد أنتوني زيني في محاولة أخيرة للتوسط لحل النزاع بين قطر من جهة والسعودية ودولة الإمارات، تمهيدا لقمة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تأمل واشنطن أن تعقدها في شهر آيار/مايو المقبل في منتجع كامب ديفيد في ولاية ماريلاند قرب واشنطن. وكان المؤتمر الأمريكي-الخليجي الأول قد انعقد في كامب ديفيد في أيار/مايو 2015 خلال ولاية الرئيس باراك أوباما، وتم خلالها الاتفاق على عقد القمة سنويا بالتناوب بين واشنطن والعواصم الخليجية. وسوف يزور واشنطن لاحقا الشيخ محمد بن زايد، والشيخ تميم بن حمد في الشهر الجاري وفي نيسان/أبريل المقبل. ولوحظ أن البيت الأبيض أصدر البيان ذاته بعد كل مكالمة بين ترامب والقادة الخليجيين الثلاثة، باستثناء تغيير اسماء القادة العرب حيث تطرق النقاش الى التطورات الاقليمية والفرص المتاحة لتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الأمنية والاقتصادية، كما شكر الرئيس ترامب الزعماء الثلاثة في تعزيز “السبل التي تعزز من تصدي مجلس التعاون الخليجي بشكل أفضل النشاطات التخريبية لإيران، ولهزيمة الإرهابيين والمتطرفين”. وأضاف البيان أن القادة وافقوا على أهمية التعاون الإقليمي وعلى وحدة مجلس التعاون الخليجي في تخفيف حدة الأخطار الإقليمية.
ولكن الحديث العلني عن وحدة مجلس التعاون والتصدي المشترك لنشاطات إيران الإقليمية السلبية، لا يخفي حقيقة أن مجلس التعاون الخليجي ككتلة سياسية-أمنية- اقتصادية معطل منذ اندلاع الأزمة بين اعضائه في حزيران/يونيو 2016، وهو أمر يشكو منه المسؤولون الأمريكيون بغض النظر عما إذا كانوا متعاطفين مع قطر أم مع السعودية والإمارات، لأن الأزمة تعطل فرص التصدي الجماعي والحقيقي للنشاطات الإيرانية، ولأنها فرضت على واشنطن خيارات صعبة بين قطر التي أعطت الولايات المتحدة حق استخدام قاعدة العديد الجوية البالغة الأهمية في الحرب ضد إرهابيي تنظيم “الدولة الإسلامية” و”القاعدة”، وبين السعودية والإمارات وهما من أبرز حلفاء الولايات المتحدة أمنيا واقتصاديا في الشرق الأوسط. ولا تزال هناك “اجتهادات” متباينة بعض الشيء بين البيت الأبيض من جهة ووزارتي الدفاع والخارجية من جهة أخرى حول كيفية معالجة الأزمة، وعلى من تقع مسؤولية تفجير الأزمة. إخفاق واشنطن في التحدث بصوت واحد بعد الأزمة، إضافة إلى تصلب مواقف الطرفين مع مرور الزمن، هما من أهم أسباب إخفاق الوساطتين الأمريكية والكويتية في حل الأزمة حتى الآن. ولا توجد هناك معطيات جديدة تدعو للتفاؤل بنجاح مهمة ليندركينغ وزيني.
وقال لنا مصدر مطلع على الاتصالات الأمريكية-الخليجية إن إمكانية مشاركة السعودية ودولة الإمارات في قمة جديدة تتراوح بين صعبة للغاية ومعدومة. وتابع المصدر، أن القمة تصبح ممكنة في حال حدوث تقدم في حل الأزمة، “ولكن من الصعب حدوث تقدم في ظل المناخ الراهن”. وتابع المصدر أن القمة هي مجرد اقتراح، وأن الجميع يلتقي على أنه اقتراح سيئ إذا لم يتم حل الأزمة داخل مجلس التعاون، ولهذا السبب أوفد الرئيس ترامب المبعوثين ليندركينغ وزيني لمعرفة إمكانية تحقيق تقدم ملحوظ من الآن وحتى شهر آيار/مايو، وتابع المصدر “وانا أشك بذلك”.
وتمهيدا للزيارات، بدأت شركات اللوبي والعلاقات العامة، ومراكز الأبحاث التي تتعاون مع الدول الثلاثة بتنظيم الندوات والدعاية لهذا الطرف أو ذاك، في ما وصفه أحد الخبراء في شؤون الخليج “لقد انتقلت المعركة بين أبو ظبي وقطر من الخليج إلى واشنطن” حيث تقوم شركات اللوبي بتزويد وسائل الإعلام بمعلومات، أو توفر لها الوثائق التي تضر بخصمها. وفي هذا السياق ذكرت شبكة التلفزيون أن بي سي قبل أيام أن الحكومة القطرية درست إمكانية تقديم ما تعتقده “أدلة” إلى المحقق الخاص روبرت مولر حول تنسيق بين خصومها في الخليج (إشارة إلى السعودية ودولة الإمارات) مع جاريد كوشنير مستشار وصهر الرئيس ترامب لإلحاق الضرر بقطر، ولكن قطر وفقا للشبكة قررت عدم التعاون مع مولر تفاديا لخلق مشكلة مع البيت الأبيض. ووفقا لهذه الرواية، طلبت عائلة كوشنير من قطر، أكثر من مرة الإستثمار في شركة عقارية تملكها العائلة لإنقاذها من الإفلاس، ولكن قطر لم تقبل العرض. ووفقا لهذه الرواية، عندما انفجرت الأزمة بين قطر وجيرانها، سارع البيت الأبيض، وبتشجيع من كوشنير إلى الوقوف ضد قطر، التي انتقدها الرئيس ترامب علنا كراعية للإرهاب. وتقول مصادر أمريكية، أن هناك استياء قطري لأن الأمير محمد بن سلمان، والشيخ محمد بن زايد قد طورا علاقات جيدة مع كوشنير، الذي انحسر نفوذه مؤخرا داخل الإدارة بعد أن قلص مدير البيت الأبيض جون كيلي من صلاحياته بما في ذلك حرمانه من المعلومات السرية للغاية.
يقول المسؤولون الأمريكيون إن العلاقات السعودية-الأمريكية جيدة بشكل عام، وإن كانت هناك بعض القضايا الخلافية وتحديدا حرب اليمن. ومن المتوقع بعد أن ينهي الأمير محمد بن سلمان لقاءاته في واشنطن، أن ينتقل إلى مدن أمريكية أخرى على الساحلين الشرقي والغربي للبلاد من بينها نيويورك وسان فرانسيسكو لتشجيع الشركات الأمريكية على الاستثمار في المملكة. وتوقعت المصادر أن يدفع ولي العهد السعودي، الرئيس ترامب إلى ترجمة مواقفه النقدية والقوية ضد إيران إلى سياسة عملية تتضمن تنسيقا أفضل مع أصدقاء واشنطن في الخليج للتصدي لنشاطات إيران في شرق المتوسط وتحديدا في سوريا ولبنان “قبل فوات الأوان وسقوط البلدين كليا في الفلك الإيراني” كما قال أحدهم.
ومع أن الولايات المتحدة تزود السعودية بالمعلومات الاستخباراتية وغيرها من سبل الدعم التي تستخدمها السعودية في صراعها مع المتمردين الحوثيين في اليمن، إلا أن إدارة الرئيس ترامب أبدت في أكثر من مناسبة استيائها من ارتفاع عدد الضحايا المدنيين جراء القصف السعودي. وفي نهاية السنة الماضية انتقد ترامب الحصار المفروض على مرافيء اليمن، وطالب السعودية برفع الحصار لإدخال المواد الغذائية وتابع “ويجب فعل ذلك فورا، لأسباب إنسانية “. ولكن الخلاف حول اليمن، لن يعطل مجمل المحادثات، التي سيخيم عليها شبح إيران.