ملخص تنفيذي
تقدم الكويت نفسها كداعية للسياسات القائمة على المشاركة والوحدة الخليجية والعربية، وهذا ما يجسده برلمانها ودعمها للمؤسسات الإقليمية مثل مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، تجد الكويت اليوم أن سياساتها المتروية القائمة على المشاركة لم تعد لائقة، حيث تتركز سلطة القيادات الشابة في قطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية حول السعي من أجل رؤى اقتصادية جريئة ونفوذ أكبر في الخارج. في خضم التغيرات الدراماتيكية التي تجتاح منطقة الخليج -التنافس على التفوق الإقليمي، والمرحلة الانتقالية للأجيال، والتحول الاقتصادي- يصبح النهج التدريجي للكويت على المحك. تبحث هذه الدراسة في عملية بحث الكويت عن التوازن بين المجموعات الاجتماعية والمؤسسات السياسية والقوى الإقليمية، بينما تتساءل عما إذا كان نموذج الكويت سيبقى مستدامًا في بيئة خليجية أمنية وسياسية تتميز بالسعي لبلوغ الحد الأقصى.
تُظهِر الروايات الوطنية الكويتية نظامًا ملكيًا بالتراضي، حيث التقى التجار، السنة والشيعة معًا، للضغط على الحاكم وللدفاع عن سيادة الإمارة. تعمل هذه الحسابات على إلغاء الانقسامات الاجتماعية وتسهيل الجغرافيا السياسية التي لا تزال صالحة في الوقت الراهن. لكنها تفيد بوجود تقليد للمشاركة الشعبية ونموذج من التماسك الوطني في مواجهة التهديد الأجنبي. ويشكل تاريخ الكويت السياسي، والعوامل الديموغرافية، والقيود الجيوسياسية كذلك التوازن الاجتماعي والوساطة الإقليمية التي يسخرها حكام الكويت لتعظيم نطاق عملهم المستقل في الداخل والخارج.
تحت حكم الأمير الحالي صباح الأحمد الصباح، أصبحت العلاقات بين السلطة التنفيذية بزعامة الأسرة وبين البرلمان المنتخب أكثر إثارة للجدل، ما أحبط عملية صنع القرار وعرقل التنمية الاقتصادية مقارنة بالدول المجاورة للكويت. ومع تصاعد الأزمة السياسية، جزئيًا بسبب الضغط الذي مارسته حركات الاحتجاج التي يقودها الشباب، تبنت الحكومة إجراءات جديدة لاستعادة السيطرة: تقييد حرية التعبير السياسية، وعرقلة انتخابات المعارضة، والحد من التحقيقات البرلمانية. وقد مكّنت هذه الضوابط الجديدة الحكومة من متابعة المشاريع العملاقة العالقة والقيام بإصلاحات اقتصادية متواضعة، في حين استجابت أيضًا للانتقادات العامة بأعمال عامة جديدة.
يعزى بعض من حالة عدم الاستقرار السياسي إلى ارتفاع مستوى المنافسة داخل أسرة الصباح الحاكمة، مع التوقعات بانتقال السلطة إلى جيل الشباب من العائلة المالكة. وكان صراع القيادة هذا، الذي ظهر في التنافس طوال هذا العِقْد بين رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد الأحمد الصباح ونائب رئيس الوزراء السابق أحمد الفهد الصباح، قد زعزع المؤسسات الكويتية، من البرلمان إلى وسائل الإعلام إلى المحاكم. وقد أدى تعيين ابن الأمير، ناصر صباح الأحمد الصباح مؤخرًا، وزيرًا للدفاع ونائبًا لرئيس الوزراء، إلى مزيد من الوحدة ودرجة من الوضوح في عملية الخلافة.
على الصعيد الدولي، تواجه الكويت تحديًا من أزمتين منفصلتين: تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة وانقسام دول الخليج بسبب المقاطعة السعودية والإماراتية لقطر. وتهدد كلتا الأزمتين بانقسام الرأي العام الكويتي وتضييق نطاق الحكم الذاتي للكويت. وقد تجاوبت الكويت من خلال الوساطة، مع كل من إيران وقطر، حيث عملت بشكل وثيق مع مؤسسات مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، فقد فشلت حتى الآن في إحراز تقدم على أي من الجانبين، وتواجه الآن تصعيدًا مدعومًا من الولايات المتحدة ضد إيران. ويشير هذا إلى أن الكويت قد تكون في دائرة مزعجة من البحث عن موقف محايد نسبيًا في صراعٍ محصلتُه صفر.
ولكونها دولة صغيرة على ساحل الخليج، لا يمكن للكويت تجاهل التنافس على التفوق الإقليمي، ولا يمكنها أن تلعب دورًا قياديًا فيها. لذلك فمن المرجح أن تستمر في الضغط من أجل بقاء المؤسسات الخليجية، مع الإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة أمام القوى الإقليمية والدولية، بالتزامن مع المحافظة على وحدتها وسيادتها. قد يكون هناك بصيص أمل وراء هذه الأزمات الإقليمية وهو تحقيق مزيد من الوحدة داخل الكويت كما هو واضح من التحسن في تعاون الأسرة الحاكمة مع البرلمان والمعارضة، وتزايد الإجماع على القيادة المستقبلية.
اقرأ البحث كاملًا