عقد معهد دول الخليج العربية في واشنطن مؤتمرا خاصا بعنون “بترودبلوماسي: تحديات عالم الطاقة الجديد” شارك فيها مختصون في مجالات الطاقة والاقتصاد والسياسة.
عقد معهد دول الخليج العربية في واشنطن مؤتمرا خاصا بعنون “بترودبلوماسي: تحديات عالم الطاقة الجديد” شارك فيها مختصون في مجالات الطاقة والاقتصاد والسياسة. وخُتم المؤتمر بندوة مفتوحة شارك أربعة من المشاركين في المؤتمر لمناقشة ما توصلت النقاشات بين المؤتمرين.
وكشفت كيت دوريان، محللة طاقة الشرق الأوسط في وكالة الطاقة الدولية، أن بعض المراقبين يتوقعون ارتفاع أسعار النفط العالمية نهاية عام 2016 أو2017 بسبب الانخفاض المتوقع بإنتاج النفط الصخري الأمريكي الذي يرى البعض أنه قد ينهار بسبب وفرة العرض المنتج النفطي من الدول المنتجة الرئيسية فضلا عن انخفاض الاستثمارات العالمية في الاستكشاف والانتاج النفطي بنسبة 25٪ خلال العامين الماضيين. وسيساعد انخفاض الإنتاج النفطي الروسي والصيني والبرازيلي المتوقع في زيادة أسعار النفط العالمية. ويضع المراقبون مستوى النمو العالمي في طلب النفط إلى 1.5 برميل يوميا، مع وجود تأكيدات بأن الطلب سيزداد خلال العقود المقبلة. مع ذلك فقد يؤدي بدء الإنتاج في حقل كشاغان الروسي العملاق إلى ارتفاع نسبي في الإنتاج النفطي مرة أخرى.
وقالت دوريان إنه من المؤمل أن يجتمع وزراء دول النفط في منظمة أوبك في الجزائر قريبا للتوصل إلى اتفاق قد يقضي بتجميد مستويات الإنتاج على ما هي عليه الآن، وهي مستويات عالية جدا، للمساعدة في استقرار أسعار النفط العالمية. وشككت دوريان في أن يكون هناك أي مردود للتجميد أو حتى انخفاض الاستثمارات العالمية في الاستكشاف والانتاج على الاسعار الحالية المنخفضة بسبب زيادة العرض وقلة الطلب. وتساءلت دوريان عن امكانية أن يؤدي الفشل في تجميد الانتاج إلى مردود عسكي من خلال خفض أكبر لأسعار النفط المنخفضة أصلا. وتوقعت أن تصل مستويات انتاج النفط الصخري الأمريكي إلى حدها الأقصى قريبا ما قد يدفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى العودة إلى استيراد نفط الشرق الأوسط الذي يعد الأرخص عالميا بسبب قلة تكلفة استخراجه، خصوصا في الكويت والعراق. وسيساعد أي انخفاض في أسعار النفط في زيادة اعتماد الدول الكبرى على نفط الشرق الأوسط، ما قد يستلزم المزيد من تخصيصات الأستثمارات النفطية لدول الخليج في مجال الاستكشاف وتطوير الانتاج، في الوقت الذي لا تتوفر موارد مالية كافية لزيادة الانتاج، وقد يكون العراق وإيران هما البلدان الوحيدان اللذان يمتلكان القدرة على زيادة انتاجهما من النفط، في ظل عدم نية السعودية والكويت إلى رفع مستويات انتاجهما النفطي، على عكس الامارات العربية المتحدة التي تتملك قدرة الزيادة في الانتاج بمستوى ضيل جدا.
من جهتها قالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري، إن دول الخليج العربية مرت بمراحل سابقة من انخفاض شديد وطويل الأمد لأسعار النفط وما تبعها من بطء في النمو الاقتصادي لهذه الدول، بدأت في منتصف الثمانيات وحتى السنوات الأولى من عام 2000، الا أن الأزمة الحالية لن تكون بحدة المرحلة السابقة من حيث تأثيراتها الاقتصادية في المنطقة. وأضافت أن هذا التأثير سيكون أقل حدة في دول خليجية مثل الامارات العربية المتحدة وقطر والكويت بسبب قلة عدد السكان مقارنة بحجم الانتاج النفطي والغازي. ومع ذلك فإن أوضاع دول الخليج العربية الاقتصادية والمالية هي في حال يسمح لها المناورة والاستمرار بدعم النمو الاقتصادي ولو ببطء، اعتمادا على الاحتياطي المالي الذي تتمتع به، فمثلا لن تتجاوز ديون الحكومة السعودية مستوى 12% في نهاية عام 2017، ومنذ انخفاض أسعار النفط عام 2014 حصل انخفاض محدود بالاحتياط المالي السعودي ليصل إلى درجة 85% من نسبة الناتج المحلي الاجمالي. وأكدت مالك أن عمان والبحرين، وبدرجة أقل السعودية، هي أكثر الدول الخليجية التي تحتاج أن تلجأ إلى اتخاذ إجرات تقشفية لمعالجة العجز المتوقع في الميزانية نتيجة انخفاض عائدات النفط. الا أن مالك قللت من محدودية تأثير سياسات التقشف على المستوى العام للعجز بدرجة 1% مستوى العجز المالي الذي قد يصل إلى 15%. وحذرت مالك من أن أية إصلاحات اقتصادية تتخذها دول الخليج ستحتاج إلى عقود كي تؤتي ثمارها خصوصا تلك التي تتعلق بالتعليم المخصص لإعداد الأيدي العاملة التي يحتاجها السوق. وحول دبي قالت مالك أنها ليست بمنأى عن تأثيرات انخفاض أسعار النفط السلبية فضلا عن بطء نمو الاقتصاد العالمي على الرغم من قوة وتنوع الاقتصاد هناك.
وأوضح لؤي الخطيب، رئيس معهد العراق للطاقة، أن الندوات الحوارية التي عقدها معهد دول الخليج العربية في واشنطن شهدت جدلا حول قيمة زيادة الانتاج لتعويض عدائدات النفط المفقودة جراء انخفاض الأسعار أو تخفيض الانتاج بهدف زيادة الأسعار، وهذا قاد إلى نقاش حاد حول “الدولار مقابل البرميل” وتعريف دور منظمة أوبك وأهميتها في تحديد أسعار النفط أو إناطة دور تحديد حصص انتاج النفط للدول المنضوية في المنظمة وما يحمله ذلك من مخاطر السماح للدول المنتجة للنفط خارج منظمة أوبك وتلك المنتجة للنفط الصخري في أن تحصل على قسم أكبر من السوق العالمية.
أما غريغوري غوز، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة تكساس أي.أم، قلل من أهمية العامل الجيوسياسي في استقرار أو زعزعة الأنظمة عموما، وفي الشرق الأوسط بشكل خاص، مستشهدا بمثال سقوط نظام القذافي في ليبيا عندما كانت أسعار النفط عالية نسبيا، فضلا عن عدم تأثر الحكومات في الدول الخليجية في فترة الثمانينات عندما انخفت أسعار النفط حينها. وأوضح أن زيادة أسعار النفط لن تقود بالضرورة إلى تعزيز استقرار الأنظمة، والعكس صحيح أيضا، فانخفاض أسعار النفط لن يؤدي بالضرورة إلى سقوط الأنظمة. وأضاف غوز أن نقاشات مؤتمر “بترودبلوماسي” التي عقدها معهد دول الخليج العربية في واشنطن أشارت إلى أن عملية صنع القرارت المتعلقة بانتاج وأسعار النفط نادرا ما تتأثر بالعامل الجيوسياسي، ورفض المختصون المشاركون في الندوة أن يكون هناك أي علاقة لرفض السعودية خفض الانتاج بالخلافات السياسية مع إيران وروسيا، بل أن هذه القرارات تتبع ميول السوق النفطية وعوامل الاقتصاد العالمي.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.