ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
عشية المناظرة الثانية بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب مساء الأحد والتي ستجري في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري، تبين مختلف استطلاعات الرأي، على المستوى الوطني وتلك التي أجريت في الولايات المحورية التي ستحسم الانتخابات، أن كلينتون متقدمة على ترامب ببضعة نقاط تتراوح بين أربعة نقاط في معدل استطلاعات الرأي وفقا لصحيفة نيويورك تايمز ( 45 بالمئة كلينتون و 41 بالمئة ترامب) و خمسة نقاط تقريبا (48.3 بالمئة كلينتون و43.8 ترامب) وفقا لمعدل مؤسسة ريل كلير بوليتيك. ولا تزال كلينتون متقدمة على ترامب في أهم الولايات المتأرجحة ومن بينها فلوريدا وبنسلفانيا وكولورادو وفيرجينيا وميشيغان، بنسب تتراوح بين نقطتين وخمسة نقاط. وتأمل كلينتون أن تحقق انتصارا آخر في المناظرة الثانية يعزز تقدمها عليه، خاصة وأنها تعتزم في الأيام القليلة المقبلة شن حملة دعائية ضخمة ستنفق عليها عشرات الملايين من الدولارات في الولايات التي ستقرر نتيجة السباق. والتحدي الذي يواجهه ترامب يوم الأحد هو تفادي أخطاء المناظرة الأولى والتركيز على المسائل الحيوية للناخبين والابتعاد عن المهاترات والانتقادات والاهانات الشخصية وضبط النفس. ويواجه ترامب ضغوطا قوية من قاعدته ليستخدم المناظرة الثانية ليس فقط لوقف تراجع حملته، بل لتحقيق انتصار واضح، لأن اخفاقه بذلك يعني أن كلينتون سوف تحقق زخما جديدا سيجعل من المستحيل عليه وعلى حملته وقفها مع حلول موعد المناظرة الثالثة والأخيرة في التاسع عشر من الشهر الجاري.لا صوت يعلو على صوت المال
وتعتزم كلينتون إنفاق 150 مليون دولار خلال الأسابيع المقبلة، معظمها لتمويل الدعايات المكثفة في الولايات المحورية مثل فلوريدا وأوهايو ونورث كارولينا وبنسلفانيا، بمعدل 5 ملايين دولار في اليوم. وسوف يتم تخصيص 76 مليون دولار للدعايات التلفزيونية فقط خلال الأسابيع الثلاثة التي تسبق يوم الانتخابات ، مقابل 34 مليون دولار سوف تنفقها حملة ترامب على دعاياتها التلفزيونية. ومع أن أوساط حملة ترامب تقول إنه سينفق 140 مليون دولارا لتمويل الدعايات التلفزيونية خلال الشوط الأخير في السباق، إلا أن هذا الرقم الضخم، لا يعكس الرقم الحقيقي الموجود حاليا في ميزانية الحملة، إلا إذا قام الحزب الجمهوري بتمويل هذه الدعايات، بدلا من حملة ترامب.
وسوف يتم التركيز على الولايات التي لم تبدأ فيها الانتخابات المبكرة مثل بنسلفانيا وغيرها، لأنه مع حلول الثامن من نوفمبر المقبل، من المتوقع أن يصل عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الولايات التي تسمح بالتصويت المبكر إلى حوالي 40 بالمئة من الناخبين. وتصر كلينتون على عدم التخلي عن أي ولاية محورية حتى ولو كان ترامب متقدما فيها في هذا الوقت، مثل ولاية أوهايو التي ستخصص لها 14 مليون دولار. وتبين الاستطلاعات وغيرها من التحقيقات الميدانية أن معظم الولايات المحورية سوف تنتقل إلى معسكر كلينتون مع اقتراب ساعة الحسم، ما يعني أنه أمام كلينتون أكثر من طريق لتصل إلى البيت الأبيض. ويمكن لكلينتون أن تخسر ولاية اوهايو المحورية أو ولاية فيرجينيا وأن تصل إلى البيت الأبيض، بعكس ترامب الذي لا يمكن أن ينجح في الانتخابات اذا لم يفز وأوهايو وبنسلفانيا ونورث كارولينا وفلوريدا، وهذا أمر صعب للغاية.
حلبة مختلفة وقيود جديدة
بعد أداءه الرديء في المناظرة الأولى، هدد ترامب بتوجيه “ضربات أقسى” لكلينتون في المناظرة الثانية، وادلى بتصريحات متناقضة حول ما إذا كان سيثير الفضائح الجنسية للرئيس الأسبق بيل كلينتون، لإحراج زوجته وخاصة إذا أصرت على تذكير ترامب بمواقفه وتصريحاته النابية والمهينة للنساء عبر السنين. ويفضل ترامب أن يتحدث مع الناخبين من وراء منبر وأمام جمهور كبير في استاد رياضي أو مكان مفتوح، وهو يتفادى التحاور مع الناخبين في تجمعات صغيرة تمنعه من التحدث بإسهاب أو بصوت عال أو بسخرية واضحة من منافسيه، وخاصة عندما يقلدهم عندما يريد ترفيه جمهوره، كما عودنا خلال 18 شهرا من النشاطات والمهرجانات الانتخابية. ولكن صيغة المناظرة الثانية تشكل تحديا صعبا لترامب، ولأي سياسي آخر، إذا لم يكن متمكنا منها. وسوف يدير المناظرة مقدم البرامج في شبكة سي أن أن أندرسون كوبر، والمراسلة البارزة لشبكة أي بي سي مارثا راديتز المتخصصة بالشؤون الدولية، أمام جمهور لم يحسم أمره في اختيار المرشح الرئاسي، قامت مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي باختيارهم لهذا الغرض بالتحديد. وسوف يسأل الثنائي آندرسون وراديتز نصف الأسئلة، بينما سيسأل الجمهور النصف الآخر. وبعكس المناظرة الأولى التي كانت مفتوحة وكان يحق فيها لكل مرشح أن يطرح الأسئلة المباشرة على منافسه، فإن المناظرة الثانية سوف تكون أكثر ضبطا، وسوف يكون من الصعب فيها على المرشح تفادي الإجابة المباشرة على الأسئلة المطروحة، كما سيكون من الصعب على ترامب، كما كان يفعل في المناظرات السابقة انتقاد أو حتى مهاجمة الصحافي الذي يطرح سؤالا صعبا أو محرجا. هذه الصيغة للمناظرة الثانية تتطلب من المرشح درجة عالية من الانضباط، سوف يكون من الصعب على ترامب التحلي بها، قياسا لأدائه في المناظرات السابقة، وتحديدا المناظرة الأولى مع كلينتون.
ومساء الخميس التقى ترامب مع عدد من أنصاره في ولاية نيوهامبشير في مسرح صغير ليحضر نفسه لمناظرة الأحد، مع أنه نفى أن تكون المناسبة تجربة او تمرين أولي للمناظرة الثانية. ولكن الانضباط والتركيز والجدية التي وعدت بها حملة ترامب ليوم الأحد، سرعان ما تبخرت حين عاد ترامب إلى طبيعته غير المنضبطة، مطلقا سهامه في كل اتجاه. فقد ادعى، دون أي دليل، أنه عندما توقف كلينتون نشاطاتها لكي تحضر للمناظرة، فأنها في الواقع ” تستريح” من عناء السباق، وذلك في إشارة ضمنية إلى أنها تفتقر إلى القوة والعافية. كما هاجم ترامب السيناتور مارك كيرك، وهو عضو جمهوري يمثل ولاية الينوي في مجلس الشيوخ رفض تأييد ترامب، كما انتقد بشدة صحافيين مخضرمين، لأنهما قالا إن ترامب كان منزعجا لأن نائبه مايك بنس لم يدافع عنه بقوة خلال المناظرة بينه وبين نائب كلينتون السيناتور تيم كاين خلال المناظرة التلفزيونية بينهما مساء الثلاثاء. ومساء الأربعاء وخلال مهرجان في مدينة رينو بولاية نيفادا أظهر ترامب جهله قضية محورية لسكان الولاية تتعلق بتخزين النفايات النووية في منطقة جبلية فيها، وهي مسألة حساسة للغاية ويعارضها العديد من سكان الولاية. ومرة آخر ربط ترامب بين مصلحته المالية الضيقة، ومصلحة البلاد حين قال إنه إذا حدثت حرب تجارية بين الصين وأمريكا وأدت إلى إلحاق الضرر بفندق يملكه ترامب في مدينة لاس فيغاس ” فأنني سأقطع العلاقات مع الصين “.
الصوت الاحتجاجي والصوت المخفي
مع اقتراب السباق من نهايته تتركز التساؤلات والتكهنات حول حجم وأهمية الأصوات التي سيحصل عليها مرشحا حزبي الأحرار والخضر غاري جونسون، وجيل ستاين. وعندما تشمل استطلاعات الرأي اسمي جونسون وستاين تتقلص نسبة تفوق كلينتون، لأن جونسون يحصل عادة على ما بين 8 و10 بالمئة في بعض الولايات. ولكن جونسون في الأسابيع الأخيرة كبى أكثر من مرة، وتسبب لنفسه بإحراج كبير عندما كشف مدى جهله بالقضايا الخارجية، وذلك حين تساءل ” ما هي حلب” خلال مقابلة تلفزيونية، وعندما أخفق في ذكر اسم قائد أجنبي معجب به، أو عندما أظهر عدم معرفته برئيس كوريا الشمالية. هذه الاحراجات زادت من وتيرة الدعوات الموجهة من قبل الديموقراطيين بالتحديد لمؤيديه بالتخلي عنه والتصويت لكلينتون. وكان الرئيس أوباما قد حذر من أن التصويت لمرشح حزب ثالث من المستحيل أن يفوز بالانتخابات ” هو تصويت لترامب”. كما نبّه السيناتور بيرني ساندرز منافس كلينتون خلال الانتخابات الحزبية مؤيديه السابقين من أن “الصوت الاحتجاجي ” ضد مرشحي الحزبين الرئيسيين لن يغير من حقيقة أن من سيفوز في الانتخابات هو كلينتون أو ترامب وليس المرشح الثالث. ويتوقع بعض المراقبين مع اقتراب موعد الانتخابات أن يعيد بعض مؤيدي المرشح جونسون النظر بتأييدهم له والالتحاق أما بمعسكر كلينتون أو ترامب. وسوف يكون هذا من بين العوامل غير المعروفة قبل الانتخابات.
وهناك عامل آخر من الصعب التحقق منه، وهو نسبة الناخبين البيض من الذين يميلون للتصويت لترامب، أو حتى الذين حسموا أمرهم للتصويت له، ولكنهم لا يعلنون عن ذلك ربما لأنهم يخجلون من التصريح علنا بدعمهم لمرشح يعتبره الكثيرون عنصريا ومتزمتا وعدائيا للمرأة. وهناك شريحة من الناخبين البيض، من ذوي الدخل المحدود والتعليم المتوسط والعاطلين عن العمل الذين يشعرون بأن النظام السياسي قد خذلهم الأمر الذي دفعهم لعدم التصويت في الدورات الانتخابية السابقة، ولكنهم يجدون الآن في دونالد ترامب “صوتهم الحقيقي”. هذا الصوت المخفي يمكن أن يكون مفاجئا في بعض الولايات المحورية.