مدار العقود الماضية، لعبت الاتحادات الطلابية والأندية دورًا مهماً في حياة الطلاب الخليجيين، سواء في الجامعات المحلية أو خارجها. لدى معظم دول الخليج العربية شكل من أشكال التنظيم الطلابي، توارثوها من الرعيل الأول من طلاب دول الخليج العربي المبتعثين في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، الذين تأثروا بحقبة القومية والتضامن العربي
على مدار العقود الماضية، لعبت الاتحادات الطلابية والأندية دورًا مهماً في حياة الطلاب الخليجيين، سواء في الجامعات المحلية أو خارجها. لدى معظم دول الخليج العربية شكل من أشكال التنظيم الطلابي، توارثوها من الرعيل الأول من طلاب دول الخليج العربي المبتعثين في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، الذين تأثروا بحقبة القومية والتضامن العربي، وانخرطوا في أنشطتها. في حين أن بعض الاتحادات الطلابية كانت دافعاً للتغيير والإصلاح في مجتمعاتها، ظلت أنشطة البعض الأخر داخل الحرم الجامعي بعيدة عن السياسة، وتحت إشراف السلطة.
أما فيما يتعلق بالتأثير السياسي والاجتماعي، فالاتحاد الوطني لطلبة الكويت لا تضاهيه أي من المنظمات الطلابية الخليجية، لاسيما فرعه المهم في الولايات المتحدة، الذي يضم 13000 عضوًا، وميزانية سنوية ضخمة، تجاوزت الـ 2.2 مليون دولار. تمد مسئوليات فرع الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في الولايات المتحدة في كثير من الأحيان إلى أبعد من المساعدة في طلبات التقديم للجامعات والمنح الدراسية، والتقديم لتأشيرات السفر، والخدمات اللوجستية للطلبة الكويتيين. يتم اختيار قيادة الاتحاد الوطني في الولايات المتحدة من خلال انتخابات شديدة التنافسية، تعكس الاختلافات الحزبية للحركات السياسية في الكويت، والتي تسعى إلى استقطاب القوائم الطلابية بين صفوفها. في بعض الأحيان، اندمج فرع الاتحاد مع حركات الإصلاح السياسي والاجتماعي، مما أدى إلى حدوث تطور كبير في المسار السياسي في الكويت.
اتحاد طلابي فريد من نوعه
تم تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في القاهرة عام 1964 على يد مجموعة من الطلبة الكويتيين المبتعثين، وتجلت سياسات الاتحاد اليسارية والقومية العربية في عمل الاتحاد ودستوره حينها. يمتد اليوم الاتحاد الوطني بفروعه إلى الكويت ومصر واستراليا والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا والولايات المتحدة. على الرغم من أن الاتحاد جهة غير مرخصة وغير مسجلة كمؤسسة مجتمع مدني في الكويت، فإنه يتمتع باعتراف “فعلي” من قبل الحكومة الكويتية كممثل شرعي للطلاب. يتميز الاتحاد الطلابية بكافة فروعه بدرجة عالية من الاستقلالية، حيث تشرف على انتخاباته هيئة تنفيذية منتخبة من قبل الطلبة من مختلف فروع الاتحاد.
هذه الانتخابات الطلابية تميز فرع الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في الولايات المتحدة عن بقية المنظمات الخليجية الطلابية في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، نرى أن النادي السعوديوالجمعيات العمانية وبقية المنظمات الخليجية الطلابية في الولايات المتحدة تلبي احتياجات الطلبة، وتسعى إلى خدمتهم، ولكنها تظل بعيدة عن الشأن العام، وتعمل تحت إشراف الملاحق الثقافية والسفارات لبلدانهم. متحرراً من التدخلات الحكومية المباشرة، يختار فرع الاتحاد القوائم التي تتنافس في الانتخابات بناءً على أجندة وطنية وأكاديمية وأيدولوجية، وفي بعض الأحيان سياسية. بمعنى أخر، الانتخابات الطلابية ليست مقتصرة على خدمة الطلبة بل هي “المكان الذي فيه تغرس المبادئ والأفكار”.
تفاقم الاستقطاب والاجتماعي
أصبحت انتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في الولايات المتحدة ساحة معركة الليبراليين والإسلاميين، الذين يتنافسون على المستوى الوطني في الكويت. استطاع الإسلاميون في فرع الاتحاد في الولايات المتحدة كسر سلسلة الانتصارات التي حققها الليبراليون منذ 14 عامًا في عام 2016. حينها، شعر التيار الليبرالي في الكويت أنه فقد معقله القوي -فرع الاتحاد الطلابي الوحيد الذي يمثل التوجه الليبرالي في الكويت. في الوقت نفسه، تطلع التيار المحافظ إلى إعادة تأسيس موطئ قدم “إسلامي” جديد له.
تظهر هذه الحركات الطلابية في الولايات المتحدة تقاربًا وتعاطفًا واضحين مع رفاقهم الأيديولوجيين في الكويت، حيث تقيم أنشطة حزبية، وتدعم السياسات التي تدعمها تلك التيارات السياسية على الصعيد المحلي. أدى هذا الاستقطاب الشديد إلى تدخلات خارجية من قبل سياسيين وأعضاء برلمان وتجار ووسائل إعلام ومسؤولين حكوميين ومنظمات غير حكومية. وقد ردت التيارات السياسية بالمثل، من خلال توفير الدعم السياسي والمالي: الموارد المالية التي يمكن أن تستخدمها القوائم الطلابية لفعالياتهم، ونفقات السفر لإحضار المؤيدين للمؤتمر السنوي للتصويت لهم. علاوة على ذلك، يعتمد نجاح الاتحاد بشكل كبير على الدعم السياسي لتلبية احتياجات الطلبة. أعضاء البرلمان -على سبيل المثال – يقدمون تشريعات نيابة عن الاتحاد الوطني، ويسهلون اللقاءات مع كبار المسؤولين، بمن فيهم رئيس الوزراء.
بالإضافة إلى أن الدعم المادي مطلوب للحملات الانتخابية. يعقد الطلاب الحملات الانتخابية في ولايات أمريكية مختلفة، للاستماع إلى مطالب ومخاوف الطلبة. تتفاوت هذه المطالب من طالب إلى آخر، فقد يكون السؤال متعلق بمصلحة الطالب الشخصية، مثل “هل ستعملون على زيادة رواتب الطلبة المبتعثين؟” وقد تتطرق الأسئلة إلى قضايا وطنية سياسية، مثل “ما هو موقف قائمتكم من المظاهرات في الكويت؟”
تبقى الطائفية والقبلية عاملان مهمان في الانتخابات الطلابية، بغض النظر عن الهوية الفكرية للقائمة. يتم ترتيب لجان متباينة حسب القبيلة والطائفة قبل الانتخابات لتأييد إحدى القوائم، وتوحيد صفوف هذه الفئات الاجتماعية، وهو الأمر الذي يعد امتداداً للواقع الاجتماعي الذي تعيشه الكويت. لكل هذه الأسباب، يعتقد منتقدو هذه المنظمات الطلابية أن هذا النوع من الانتخابات الطلابية يعيد إنتاج الوضع القائم ويعززه، بدلاً من تشجيع التفكير النقدي والممارسة المدنية.
بالفعل، هدد الاستقطاب الاجتماعي والتحزبات السياسية في الانتخابات الطلابية، في أوقاتً ما، الدعم الكبير الذي يتلقاه الاتحاد الطلابي في الكويت. تعتمد ميزانية الاتحاد بشكل كبير على الدعم الحكومي، بما في ذلك دعم الأمير ورئيس مجلس الوزراء ومؤسسات الدولة. تفاوتت ميزانية الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في الولايات المتحدة: في عام 2016، كانت تبلغ ما قارب 1770000 دولارًا، في عام 2017 انخفضت هذه الميزانية إلى ما قارب 600000 دولار، وفي 2018 وصلت لحوالي نصف مليون دولار، ولكن في عام 2019، ارتفعت الميزانية إلى حوالي 1400000 دولارًا. جدير بالذكر، إن السنوات التي انخفضت فيها الميزانية السنوية كانت بعد فوز القائمة التي تمثل التيار المحافظ في انتخابات الاتحاد، والتي كان ينظر إليها على أنها تتبنى نهجا يميل أكثر إلى نواب المعارضة.
حاول بعض أعضاء البرلمان تقييد السياسات الطلابية، خاصة بعد أن أصبحت الاتحادات الطلابية أكثر تعاطفا مع المعارضة السياسية. في عام 2014، اقترحوا قانونًا جديدًا لتنظيم الاتحادات الطلابية، كان من شأن هذا القانون أن يضع الاتحادات الطلابية تحت إشراف الدولة، ويمنعها من التدخل في القضايا السياسية، مثلما تفعل نظيراتها من دول الخليج. رداً على ذلك، اتحدت الحركة الطلابية بمختلف توجهاتها، ورفضت بالإجماع الاقتراح باعتباره محاولة “لتكميم أفواه” الطلبة. في عام 2015، تظاهر مجموعة كبيرة من الطلبة في المؤتمر السنوي للاتحاد الوطني في الولايات المتحدة تأييدا للنائب السابق مسلم البراك -أحد رموز المعارضة الكويتية خلف القضبان، وأدى ذلك إلى مطالبة بعض النواب بسحب البعثات الدراسية التي توفرها الحكومة لهؤلاء الطلبة. وسط تصاعد التوترات في السياسة المحلية الكويتية، وتفاقم الخلافات بين القوائم الطلابية، وُضِعت انتخابات الاتحاد في الولايات المتحدة تحت مجهر الحكومة، وتم تشكيل لجان وزارية من الحكومة لمراقبة الانتخابات في السنوات التالية.
الدعوة إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي
في حين تتبنى الاتحادات الطلابية بعض القضايا السياسية على الصعيد المحلي، فقد لعبت أيضًا في بعض الأحيان دورًا رائدًا في الدفع نحو التغيير الإيجابي ودعم الإصلاح. كان هذا واضحًا في الدور المحوري الذي لعبه الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في الولايات المتحدة أثناء الغزو العراقي للكويت عام 1990، وتمثل ذلك بعقد مؤتمراً وطنياً في ولاية فرجينيا، حضره مسؤولون أمريكيون وعرب لتوعية الناس بالاحتلال الغاشم. وبادر الاتحاد الوطني كذلك بفتح باب التطوع للطلبة للمشاركة بالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لطرد القوات العراقية من الكويت في الترجمة واللوجستيات. كما قاد الاتحاد الوطني مظاهرة امام البيت الأبيض، وقد حشد ما يقارب الـ 2600 متظاهر، واستأجر ساعة يومية في الإذاعة العربية والتلفزيون المحلي لشرح القضية الكويتية.
كان الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في الولايات المتحدة، كمنظمة، واحداً من أكثر الحركات الطلابية نشاطاً في الدفع نحو إصلاحات في الكويت، ومن ضمنها حق المرأة في التصويت في عام 2005، وحركة “نبيها خمسة” لإصلاح النظام الانتخابي في عام 2006، وحراك “كرامة وطن” ضد الفساد السياسي في عام 2012. في حركة “نبيها خمسة”، عُينت لجنة خاصة من الاتحاد للضغط على أعضاء البرلمان، ورفع الوعي بشأن النظام الانتخابي الفاسد، والدعوة للمشاركة في الأحداث والاحتجاجات. وفي الآونة الأخيرة، نظم فرع الاتحاد في الولايات المتحدة حملات إعلامية تدين سحب الجنسية من بعض المواطنين الكويتيين، كأداة لقمع المعارضة، كما دعى الاتحاد إلى العفو عن أعضاء المعارضة السابقين المتهمين بقضية اقتحام البرلمان أثناء احتجاجات عام 2011.
إن اتحادات الطلبة الكويتيين، المسيسة إلى حد كبير، تعزز التزام الكويتيين بالمشاركة في الشأن العام والسياسات المحلية. يعد هذا النظام الراسخ تجربة عملية للمشاركة المدنية، ويوفر مهارات مهمة لإعداد الشباب للحياة العامة والمهنية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات في إدارة التوترات المتصاعدة بين الطلبة الناتجة عن السياسات الطلابية. في الأخير، يظل النقاش حول ما إذا كانت الاتحادات والسياسات الطلابية تعد وسيلة للإصلاح السياسي والاجتماعي، أو ببساطة تعزز الوضع الراهن في الكويت.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.