حتى قبل أن يبدأ رحلته الشاقة في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة عمليا ورمزيا، كان وزير الخارجية ريكس تيلرسون يدرك أن الرئيس دونالد ترامب يريد أن يعرّضه لأصعب امتحان يواجهه منذ توليه مسؤولياته قبل سنة. حتى توقيت الجولة، بدا وكأنه مصمم لمعاقبة تيلرسون وتحويل جولته إلى مهمة مستحيلة. وتشهد المنطقة منذ سنوات مختلف أنواع الحروب الأهلية والداخلية، الحروب المباشرة، والحروب بالوكالة، والاقتتال المذهبي والطائفي والاثني…حروب الأقلية الحاكمة ضد الأكثرية المظلومة، وحروب الأقليات التي تريد الاستقلال عن الدولة المركزية، وتحالف الدولة المركزية مع جيرانها لقمع أي حلم بالاستقلال.
ومنذ بروز تنظيم “الدولة الإسلامية”، والتدخل الروسي في سوريا في 2015، فرض سلاح الجو الأمريكي، فضلا عن الروسي، والإسرائيلي والتركي، سيطرته على سماء سوريا المحدودة. وعلى مدى أيام قليلة سبقت وصول تيلرسون إلى المنطقة، اسقط الثوار السوريون طائرة حربية روسية، واسقط المقاتلون الأكراد في منطقة عفرين مروحية عسكرية لتركيا. ولكن إسرائيل وإيران ونظام الأسد قرروا “استقبال” تيلرسون، بمواجهة إضاءة الأجواء السورية والإسرائيلية المظلمة بالصواريخ التي أطلقت من الجو إلى الأرض ومن الأرض إلى الجو، وأدت إلى إسقاط طائرة إيرانية دون طيار (درون) وقاذفة إسرائيلية من طراز إف-16 تحطمتا في إسرائيل، بعد غارة إسرائيلية الحقت أضرارا كبيرة بالدفاعات الجوية السورية. وفي الأسابيع الأخيرة صعّد النظام السوري من قصفه العشوائي ضد المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية القريبة من دمشق، ما أدى إلى مقتل وجرح المئات، في الوقت الذي اكتفى فيه العالم باصدار بيانات الاستنكار.
فجأة بدت النزاعات في سوريا في 2018 بأبعادها الداخلية والاقليمية والدولية، مماثلة للحرب الاهلية الإسبانية (1936-1939) والتي تحولت إلى ساحة لاقتتال الجيوش النازية والفاشية مع حلفائها “الكتائب” اليمينية بقيادة الجنرال يسيمو فرانكو ضد النظام الجمهوري اليساري المدعوم من “المستشارين السوفيات” الذين ارسلهم ستالين (مقابل حصوله على ثروة اسبانيا الذهبية) وعشرات الآلاف من المتطوعين اليساريين ( من بينهم ثلاثة آلاف أمريكي) تسللوا إلى إسبانيا لمحاربة القوى الفاشية.
ولكن التطور الأهم والأخطر الذي شهده المسرح العسكري السوري، والذي يمس مباشرة بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها، فقد تمثل بالهجوم المضاد الذي قامت به القوات الأمريكية الخاصة المدعومة بالمروحيات الهجومية وحلفاؤها الأكراد والعرب في “قوات سوريا الديمقراطية” لصد هجوم مفاجيء قامت به قوة موالية للنظام السوري ضد موقع لقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في منطقة دير الزور الغنية بالنفط والتي يريد نظام الأسد استعادتها. المواجهة الحادة التي جرت يومي السابع والثامن من الشهر الجاري، أدت إلى مقتل حوالي مئة عنصر من القوة الموالية للأسد، تبين بعدها أن من بين القتلى عدد غير معروف بدقة من المرتزقة الروس، وفقا لما أكدته مصادر أمريكية وروسية. المسؤولون أكدوا أن الاتصالات الأمريكية-الروسية لم تتوقف قبل وخلال وبعد المواجهة، ما يعني أن خطر حدوث مواجهة أمريكية-روسية مباشرة لم يكن واردا. ولكن هذا لا ينفي امكانية تحول اشتباكات محلية في المستقبل إلى اشتباكات أوسع وأخطر.
الاصدقاء الخصوم
رحلة تيلرسون تشمل دولا يفترض أن تكون صديقة أو حليفة للولايات المتحدة: مصر، الكويت، الأردن، لبنان، وتركيا. ولكن محادثات تيلرسون وخاصة في مصر وتركيا، وحتى في لبنان، بدت وكأنها تجري بين خصوم لا يثقون ببعضهم البعض، ويتوجسون نوايا بعضهم البعض، على خلفية ازدياد ملحوظ ومقلق في مشاعر الاستياء، وحتى العداء للولايات المتحدة في أوساط الرأي العام في المنطقة. المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تقدمها واشنطن لدول مثل العراق ومصر ولبنان لا تلقى صدى ايجابيا في هذه المجتمعات. الفتور والتوتر الذي يميز علاقات واشنطن وبعض عواصم المنطقة له أسباب معقدة وقديمة بعضها مرتبط بطبيعة العلاقات الثنائية، والطبيعة السلطوية لهذه الأنظمة، وبعضها ناتج عن الآثار السلبية لسنوات طويلة من التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة، وتحديدا منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، ودور واشنطن المتردد والتكتيكي في النزاعات التي شهدتها دول مثل سوريا وليبيا واليمن في اعقاب الانتفاضات الشعبية التي تحولت إلى نزاعات أهلية وحروب بالوكالة. وعلى الرغم من مركزية دور القوات الأمريكية في القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” كقوة قتالية منظمة في أعقاب سيطرته على مناطق شاسعة في العراق وسوريا في 2014، إلا أن هذا الانتصار لا يزال غير مكتمل، لأنه خلق نزاعا خطيرا بين واشنطن وأنقرة، بسبب نمو العلاقات العسكرية بين أكراد سوريا والقوات الأمريكية المنتشرة في شمال شرق سوريا، ولأن لبعض القوى الإسلامية المنضوية تحت لواء “الحشد الشعبي” التي شاركت في القتال البري ضد “الدولة الإسلامية” في العراق لها مصالح ورؤى متضاربة مع الولايات المتحدة.
ومما يلفت الانتباه إلى أن هناك تحالفا غير مكتوب في دول مثل تركيا ومصر والعراق ولبنان، بين السلطات الحاكمة، أو بعض القوى النافذة فيها، والقوى الإسلامية المتشددة من سنية وشيعية، حيث يعمل هذا التحالف غير الرسمي بشكل مباشر وبشكل ضمني على تعبئة الرأي العام ضد سياسات الولايات المتحدة، من خلال التشكيك بنوايا وأهداف واشنطن، عبر غزل نظريات المؤامرة، والتي تشمل أحيانا ادعاءات عبثية مثل القول بأن واشنطن تقف وراء تنظيم “الدولة الإسلامية” واتهام الولايات المتحدة دون تقديم أية أدلة مقنعة أو عقلانية بأنها تعمل على إضعاف وتفكيك الدول العربية، بما فيها تلك التي حاربت فيها القوات الأمريكية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأن ما تقوله واشنطن علنا، لا يعكس حقيقة ما تحاول تحقيقه سرا.
ويجدر الإشارة إلى أن مهمة تيلرسون ازدادت صعوبة، بسبب الرسائل المتناقضة التي أرسلها الرئيس ترامب إلى المنطقة قبل وبعد انتخابه، وتردده بلعب دور قيادي مبني على استراتيجية متماسكة وواضحة وبعيدة المدى، ولا تركز فقط، كما فعل الرئيس السابق أوباما، وكما فعل ترامب أيضا، على مواجهة إرهاب “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” وكأنهما من خارج المنطقة. الرئيس ترامب أبدى فتورا واضحا في مواصلة برامج المساعدة الدولية لحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، الذين يخشون من أن يؤدي شعار “أمريكا أولا” إلى التعجيل بمغادرة أمريكا من منطقة الشرق الأوسط. وأدى قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلى إضعاف تيلرسون، في التفاوض مع المسؤولين العرب، بما في ذلك في الأردن الدولة الأكثر ودية لواشنطن، بسبب قرار ترامب حول القدس. وأرسل ترامب أيضا إشارات متناقضة لتركيا، بضمنها تعهده خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان بأنه سيوقف تزويد “وحدات الحماية الشعبية” الكردية السورية بالأسلحة، ولكن وزارة الدفاع الأمريكية عادت وقالت إن التسليح والتدريب سيستمران. وزارة الدفاع أعلنت أنها ستدرس إمكانية تنظيم قوة عسكرية من حوالي 30 ألف عنصرا كرديا لحراسة حدود سوريا مع العراق وتركيا، الأمر الذي أثار سخط أردوغان الذي هدد “بخنق” هذه القوة حتى قبل ولادتها. من جهته، حاول الوزير تيلرسون طمأنة تركيا، نافيا وجود مثل هذه الخطة، ولكن غضب أردوغان بقي على حدته. وقبل مشاركة تيلرسون في مؤتمر الدول المانحة لإعادة اعمار العراق في الكويت، سحب ترامب البساط من تحت قدمي وزير خارجيته، حين شكى كعادته في مناسبة تحدث فيها عن حاجة الولايات المتحدة الماسة إلى إعادة بناء بنيتها التحتية الباهظة الكلفة، شكى من “غباء” بلاده الذي أدى إلى إنفاق 7 ترليون دولار في الشرق الأوسط خلال ولايتي سلفيه جورج بوش الابن، وباراك أوباما، حسب قوله.
من المصري المستاء
زار تيلرسون مصر وسط توقعات متدنية بتحقيق إنجازات هامة. وفي ظل رئاسة عبد الفتاح السيسي، وتركيز مصر على معالجة تحدياتها الداخلية الضخمة، فقدت مصر ما تبقى من سمعتها كحليف يعتمد عليه. في السنوات الماضية، ازداد اعتماد مصر على مساعدات دول الخليج العربية التي تتصرف مصر تجاهها أحيانا وكأنها تستحق هذه المساعدات كهبات. وكان ترامب قد أعرب عن إعجابه الشديد بالرئيس عبدالفتاح السيسي، ولكن هذا لم يمنعه من معاقبة مصر بسبب علاقتها العسكرية والأمنية الوثيقة مع كوريا الشمالية، وبسبب سجلها الرديء في مجال حقوق الإنسان، وهي مسألة تحظى باجماع الأوساط المعنية بمصر في الكونغرس ومراكز الأبحاث والاعلام. وقامت واشنطن في الصيف الماضي بتجميد تزويد مصر بمساعدات بقيمة 96 مليون دولار، وتأخير وصول مساعدات عسكرية بقيمة 195 مليون دولار. وكما كان متوقعا، لم يجعل تيلرسون حقوق الإنسان في مصر مسألة حيوية، واكتفى بترديد كلمات معسولة وعابرة عن الحريات وضرورة اجراء انتخابات نزيهة في مصر كما في غيرها من الدول. وهناك استياء واحباط في الأوساط الحكومية الأمريكية من كيفية إدارة مصر للحرب ضد التنظيمات الإسلامية المتطرفة في شبه جزيرة سيناء، وخاصة السرية التامة التي تخيم على هذه الحرب. في الأشهر الأخيرة، أدت أساليب السيسي القاسية ضد الإصلاحيين، وترهيبه لمن يراه منافسا له في انتخابات الرئاسة إلى خسارة دعم المسؤولين الأمريكيين والأهم من ذلك خسارة دعم المشرعين النافذين في الكونغرس. أصدقاء مصر في واشنطن يتبخرون، وهناك أقلية صغيرة من الأمريكيين في الكونغرس أو في مراكز الأبحاث مستعدة اليوم للدفاع عن مصر أو سمعتها أو تقديم مبرر واضح ومقبول للمساعدات الأمريكية للقاهرة.
في الكويت، شارك تيلرسون في مؤتمر لإعادة إعمار العراق، التي يقدر قيمتها العراقيون بأكثر من 88 مليار دولار. الدول المانحة الزمت نفسها بتقديم 30 مليار دولار. ولكن تاريخ مثل هذه المؤتمرات، يبين أن معظم الدول لا تلتزم بتنفيذ تعهداتها أو تكتفي بدفع جزء منها. وأعلن تيلرسون أن حكومته ستقدم 200 مليون دولار لجهود الاغاثة في سوريا، وتعهد بتقديم قروض وضمانات قروض للعراق بقيمة ثلاثة مليارات دولار. ولم يكن مفاجئا في عهد ترامب، أن تكون مساهمة الدولة التي غزت العراق في إعادة تعميره متواضعة للغاية. في لبنان، سعى تيلرسون لاحتواء التوتر بين لبنان وإسرائيل بشأن جدار تعمل إسرائيل على بنائه على الحدود على خلفية احتجاج لبناني بأن الجدار يمر في أراض متنازع عليها. وحض تيلرسون إسرائيل على وقف أعمال البناء إلى حين التفاهم على الحدود، وقدم للمسؤولين اللبنانيين اقتراحا أمريكيا يقضي في أن تقوم شركة بالتنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المتنازع بهدف تقاسم الأرباح بين البلدين إلى حين حسم الخلاف. ولكن لبنان رفض العرض، وبعد مغادرة تيلرسون لبيروت قدمت الحكومة اللبنانية مقترحا جديدا لمساعد وزير الخارجية بالوكالة دافيد ساترفيلد لدراسته.
إلى العثماني الغاضب
وصل تيلرسون إلى أنقرة في الوقت الذي تمر فيه العلاقات الثنائية بأسوأ أزمة منذ أن انضمت تركيا إلى حلف ناتو في 1950. بدأ محادثاته مع نظيره التركي والرئيس اردوغان على خلفية تهديدات تركية بمواصلة القتال ضد الأكراد في عفرين ونقل القتال إلى مدينة منبج الهامة التي تنشط فيها القوات الخاصة الأمريكية، كما طالب برحيل القوات الأمريكية. ورد الجنرال الأمريكي بول فانك قائد القوات الأمريكية في سوريا قائلا “إذا واجهتم الينا ضربة سوف نرد عليكم بقوة وندافع عن أنفسنا”. ورد أردوغان بغضب واضح قائلا “أولئك الذي يقولون انهم سيردون بقوة ضدنا لم يتلقوا من قبل الصفعة العثمانية”. الناطق باسم تيلرسون تجاهل الحديث عن “الصفعة العثمانية”، وقلل من أهميتها قائلا إن أمريكا تعودت على مثل هذا الكلام، ولن ترد عليه. ولكن قطعا هذا ليس حوارا بين أصدقاء أو حلفاء. من الواضح أن تركيا ترى في القوات الأمريكية في سوريا خطرا عليها، ونرى في التعاون العسكري الكردي-الأمريكي عملا عدائيا. التحالف القوي التقليدي بين واشنطن وأنقرة، أصبح الآن ذكرى قديمة.
ويرى السفير المتقاعد فريديريك هوف الخبير بالشؤون السورية أن أفضل طريقة لمعالجة قلق الأتراك من أكراد سوريا، هي في قيام واشنطن بمحاولة إحياء المفاوضات التي توقفت بين أنقرة، وقيادة حزب العمال الكردي التركي، المرتبط بوحدات الحماية الشعبية الكردية السورية. وأشار في حديث خاص إلى أن تقدم الجيش التركي باتجاه منبج سيكون عملا متهورا وخطيرا “سيخدم في نهاية المطاف مصالح روسيا في زج الولايات المتحدة في نزاع عسكري مع حليفتها القديمة تركيا”.
الخلافات الأمريكية-التركية عديدة وعميقة وإن كان العداء التركي لأي تقدم يحرزه الأكراد في سوريا هو ابرزها. وتطالب تركيا الولايات المتحدة تسليمها الزعيم التركي الإسلامي فتح الله غولين، الذي يتهمه أردوغان، دون أي أدلة، بشن المحاولة الانقلابية ضده في 2016. من جهتها، تشكو واشنطن من استيلاء اردوغان على سلطات تنفيذية اضافية تجعله يتصرف وكأنه زعيم أوتوقراطي يقوم بترهيب خصومه السياسيين ومنتقديه في وسائل الاعلام. بعد المحاولة الانقلابية، اعتمد اردوغان نبرة عدائية سافرة ضد الولايات المتحدة التي اتهمها بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل. واستغل اردوغان المحاولة الانقلابية لتأليب الرأي العام التركي ضد الولايات المتحدة لخلق ما وصفه “بالقومية الجديدة” لتركيا. وأظهرت دراسة جديدة صادرة عن “مركز التقدم الأمريكي” في واشنطن أن اتجاهات الرأي العام التركي الجديدة مقلقة وخطيرة. وتصل نسبة الأتراك الذين ينظرون نظرة سلبية للولايات المتحدة 83 بالمئة، ونظرة الأتراك السلبية إلى أوروبا تصل إلى 73 بالمئة، كما ينظر 69 بالمئة من الأتراك نظرة سلبية إلى المسيحيين، بينما تصل نسبة الأتراك التي تنظر سلبا إلى اليهود 78 بالمئة. ويقدم الباحث والخبير بالشؤون التركية ستيفن كوك في حوار خاص تقويما قاتما لاحتمالات تحسن العلاقات الثنائية في أي وقت قريب، ويضيف “لا أرى كيف يمكن للأمريكيين والأتراك وقف تدهور العلاقات، إلا إذا كان هناك تغير جذري مثلا في موقف واشنطن من وحدات الحماية الشعبية الكردية.” ويتابع كوك، “وحتى ولو كان هناك تغير نوعي في موقف واشنطن من الأكراد، فان الضرر العميق الذي لحق بالعلاقات الثنائية سيبقى يخيم بظله الثقيل على العلاقات. قطار العلاقات قد خرج عن سكته. ولا أرى أي شيء يمكن أن نتفق عليه نظريا، مثل مكافحة الإرهاب، يمكن أن يطبق عمليا حين بحث التفاصيل، وهذا يعطيك فكرة عن الهوة العميقة حاليا بين الولايات المتحدة وتركيا”.
إذا كان هدف تيلرسون توسيع دائرة الاستقرار في المنطقة والبناء عليها، فإنه أخفق بشكل صارخ. وإذا كان هدف الولايات المتحدة حل النزاعات المتفاقمة في المنطقة، فإنها لن تحقق أي انجاز في هذا السياق إلا إذا اعتمدت استراتيجية شاملة وقوية وثابتة تجاه المنطقة تستخدم فيها مختلف قدراتها ومواردها الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية لمكافحة الإرهاب، وبناء ائتلاف قوي حول مبادئ وأهداف واضحة تخدم مصالح واشنطن وحلفائها الأساسيين في المنطقة. جولة تيلرسون أخفقت في إحداث أي تغيير لأن تحديات المنطقة تتطلب استراتيجية أمريكية قوية تُطمئن الحلفاء وتردع الخصوم والأعداء. هذه هي الاستراتيجية الأمريكية المفقودة.