ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
صعّد الحوثيون، الميليشيا المدعومة من إيران والتي تسيطر على جزء كبير من شمال اليمن، بشكل ملحوظ هجماتهم الدولية على مدار الأسبوعين الماضيين. في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، شنت الجماعة هجومًا بطائرة مروحية على سفينة الشحن “جالاكسي ليدر” المملوكة لشركة إسرائيلية وتديرها شركة يابانية، واحتجزت الجماعة كل أفراد طاقم السفينة البالغ عددهم 25 كرهائن. وأظهر مقطع فيديو نشره الحوثيون على موقع إكس (المعروف سابقًا باسم تويتر)، طائرة مروحية مزينة بالعلمين الفلسطيني واليمني تهبط على سطح السفينة، ويهبط منها عدد من الرجال الملثمين ليستولوا على السفينة. وترسو جالاكسي ليدر حاليًا على ساحل البحر الأحمر قبالة ميناء الحُديدة، الذي يسيطر عليه الحوثيون، ولا يزال جميع الرهائن محتجزين لدى الجماعة.
وفي أعقاب عملية اختطاف فاشلة لسفينة أخرى تدعى سنترال بارك، هذه المرة في خليج عدن، أطلق الحوثيون في 26 نوفمبر/تشرين الثاني “صاروخين باليستين” في اتجاه المدمرة الأمريكية، “يو إس إس ماسون”، حيث استجابت المدمرة لنداء استغاثة من السفينة، وكان الخاطفون المحتملون صوماليين، ومن غير الواضح ما إذا كانت هناك أي صلة بين هؤلاء القراصنة والحوثيين. سفينة سنترال بارك مملوكة من قبل إسرائيليين مثلها مثل سفينة جالاكسي ليدر. ويأتي هذان الحدثان في أعقاب سلسلة من محاولات الحوثيين شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل ردًا على الحرب في غزة. وقد أوضح عبد الملك الحوثي، زعيم الحركة، أن الحوثيين سيستمرون في استهداف السفن الإسرائيلية دعمًا لحركة حماس وفلسطين.
تضع عمليات القرصنة السياسية التي يقوم بها الحوثيين، والتي تهدد حركة الشحن الدولية، وتنذر باحتمال زيادة تكاليف التأمين على السفن التي تعبر البحر الأحمر، الولايات المتحدة في مأزق دون أن يكون لديها الكثير من الحلول الواضحة.
وفي الوقت الحالي تعتبر الولايات المتحدة حبيسة سياسة رد الفعل في سياق استجابتها لهذه الهجمات المنفردة. على سبيل المثال، قامت المدمرة يو إس إس ماسون باحتجاز الصوماليين الخمسة الذين حاولوا الاستيلاء على الناقلة سنترال بارك، وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني، أسقطت المدمرة البحرية يو إس إس كارني طائرة مسيرة تابعة للحوثيين بعد أن اعتبرتها تهديدًا لها. لكن من غير المرجح أن تردع هذه المناورات المضادة الحوثيين عن الاستيلاء على المزيد من السفن، أو تنفيذ المزيد من الضربات في المستقبل.
يبدو أن لدى الولايات المتحدة ثلاث خيارات رئيسية في ردها على هجمات الحوثيين في المياه الدولية: إما إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، أو تنفيذ ضربات عسكرية محدودة ضد الجماعة، أو الجمع بين الاثنين. المشكلة هي أنه من غير المرجح أن يحقق أيًا من هذه الخيارات الغايات المرجوة.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني قال جون كيربي (John Kirby)، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في أعقاب استيلاء الحوثيين على السفينة جالاكسي ليدر، إن الولايات المتحدة تبحث احتمال إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية. يمكن أن تكون هذه هي المرة الثانية التي توضع فيها الجماعة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وضعت إدارة الرئيس دونالد ترامب الحوثيين على هذه القائمة قبل أقل من أسبوع من مغادرة الإدارة منصبها. وفي وقت لاحق قامت إدارة الرئيس جوزيف بايدن بإزالة الجماعة من القائمة بعد أن خلصت إلى أن تكلفة التصنيف الإرهابي عالية جدًا نسبة إلى مردوده الطفيف. كانت إدارة بايدن قلقة بالدرجة الأولى من التداعيات الإنسانية لهذا التصنيف، وارتفاع أعداد الوفيات الذي يمكن تداركه. وبما أن الحوثيين هم السلطة الحاكمة في شمال اليمن، جمدت المنظمات الإنسانية المساعدات أو أخرتها خوفًا من مخالفة العقوبات الأمريكية. وجادل العديد من مراقبي اليمن، بمن فيهم كاتب هذا المقال، بأن تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية سيكون له تأثير ضئيل على قادة الحوثيين، وأنه بالتأكيد لن يردع الجماعة عن أعمالها العدائية. فالعقوبات الدولية التي قد خضع لها عبد الملك الحوثي وشخصيات بارزة أخرى في الجماعة منذ سنوات لم تنجح في الحد من تصرفات الحوثيين. كما أنه من المرجح أن تلحق الولايات المتحدة الضرر بالأفراد الخطأ، إذا صنفت الجماعة مجددًا كجماعة إرهابية، ولن تفعل هذه الخطوة شيئًا لردع الهجمات في المستقبل.
شن الضربات العسكرية المحدودة هو الخيار الأساسي الآخر أمام الولايات المتحدة، كما فعلت إدارة أوباما في عام 2016، على سبيل المثال، حين ضربت ثلاثة مواقع رادار للحوثيين بعد أن استهدفت الجماعة مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية. بالمثل، نفذت إدارة بايدن في الأسابيع الأخيرة عدة ضربات انتقامية في سوريا والعراق ردًا على استهداف جنودها بشكل مباشر. جدير بالذكر أن الحوثيون لم يستهدفوا القوات الأمريكية بعد، رغم كل خطاباتهم. وحتى لو قاموا بذلك في نهاية المطاف كما هددوا، يظل تأثير الضربات الانتقامية على سلوك الجماعة المستقبلي غير واضحًا. فالسعودية والإمارات تنفذان منذ عام 2015 الغارات الجوية على الحوثيين دون تحقيق نتائج إيجابية تُذكر.
ويكمن السؤال الرئيسي بالنسبة للولايات المتحدة في هذه اللحظة في رسم الخط الفاصل. هل ترّد على الحوثيين بعد استهدافهم الأصول الأمريكية بشكل مباشر فقط، أم أن القرصنة والاستيلاء على السفن يستلزمان التدخل العسكري؟ كيف توازن بين الحاجة إلى التصدي لسلوك الحوثيين التصعيدي بحذر يتلاءم مع الوضع من جهة، وعدم الانجرار إلى صراع جديد في الشرق الأوسط من جهة أخرى؟ إن العقدين الماضيين أظهرا بأن الدخول في هذه المعارك غالبًا ما يكون أسهل بكثير من إنهائها.
مع أن الولايات المتحدة لديها قواعد واضحة في تعاملها مع الدول القومية والجماعات الإرهابية، لكن الحوثيين ليس أياً منها. الجماعة هي مزيج من الاثنين، فهي حركة مسلحة تسيطر على شمال دولة اليمن. ليس لدى واشنطن سياسة واضحة نحو هذا الأمر، حيث لم تطور الولايات المتحدة بعد سياسة فعالة التعامل مع جماعات هجينة كالحوثيين.
إن الآراء الواردة هنا هي آراء خاصة بالكاتب أو المتحدث، ولا تعكس بالضرورة آراء معهد دول الخليج العربية في واشنطن أو موظفيه أو مجلس إدارته.