ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
يستقطب وضع المرأة في المجتمع السعودي اهتمام وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، ولكن نادرًا ما يتم الإصغاء لآراء الشباب السعوديين خارج المملكة. فكما هو الحال مع النساء السعوديات، تثير الحياة سلسلة من المشاكل للشباب السعوديين. تبدأ هذه المشاكل بترك المرسة واحتمالية القبول في التعليم العالي والعثور على وظيفة والزواج، وأخيرا شراء منزل. كل ذلك يمكن أن يشكل مشكلة في المملكة العربية السعودية المعاصرة. علاوة على ذلك، يتم تحدي المفاهيم الذكورية التقليدية مع دخول أعداد متزايدة من النساء السعوديات إلى التعليم العالي والقوى العاملة. في الواقع، هذه إحدى المعضلات التي يواجهها العديد من الشباب السعوديين خاصة في المراكز الحضرية، مثل الرياض وجدة والتجمعات الحضرية في الدمام والخبر والظهران، حيث يواجهون صراعات بين الأعراف المجتمعية المقبولة والحقائق المعاصرة في للسعودية، والتي تتم عولمتها بشكل متزايد.
في السنوات الأخيرة، وبالأخص منذ انطلاق رؤية السعودية 2030 في عام 2016، تمحور التركيز الأكاديمي والإعلامي بشكل أساسي على النساء السعوديات. وتم بشكل عام تجاهل رؤية الشباب السعوديين، علمًا بأنهم يتأثرون كما النساء تمامًا بالمسائل المتعلقة بالتحول الاجتماعي والتغيير الاجتماعي-الاقتصادي على الرغم من المكانة المتميزة للرجال في المجتمع. بالرغم من ذلك، عند الأخذ بعين الاعتبار رؤية الشباب السعوديين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 26 عامًا تقريبًا والمنتمين لخلفيات مختلفة، نجد أن الكثير من المخاوف تنطبق على الشباب السعوديين ككل – وبالطبع على أقرانهم في جميع أرجاء العالم. ومع ذلك، وفي حين يتعين على الحكومات الإقليمية أن تعالج عدم المساواة بين الجنسين، إلا أن التعامل علنًا مع القضايا المتعلقة بالشباب من المحتمل أن يثير بعض الانتقادات، حيث سيتعين على حكومات الخليج أن تفعل ذلك في السياق الموجود بالفعل، حيث يتم النظر إليها أنها تميز ضد المرأة لصالح المواطنين الذكور.
الحوار مع الشباب بدلاً من التحدث عنهم
بالنسبة لأي شاب أينما كان، فإن التفكير في الحياة والمستقبل قد يسبب له القلق. وفي هذا الأمر لا يختلف الشباب السعودي عن غيره من الشباب، حيث لديهم عمومًا تطلعات واهتمامات تمامًا مثل أقرانهم في العالم. يريد الشباب أن يكونوا موضع تقدير، وأن يتم الإصغاء إليهم، وأن يؤخذوا على محمل الجد، ومنحهم الفرصة للمشاركة البناءة في عمليات صنع القرار. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكثيرين، وخاصة من المتعلمين جيدا، لا يرغبون في الحصول على وظائف، إنهم يريدون مهنًا مجزية تسهم في التنمية الفردية والمؤسساتية والوطنية. هم يؤمنون بأن دور الشباب هو توسيع الاقتصاد والابتكار والتفكير الإبداعي من أجل المساعدة في بناء بلدهم. لهذا السبب، من الضروري فهم ليس فقط تطلعات الشباب السعودي واهتماماتهم، وإنما أيضًا فهم كيف يروا مستقبلهم في كل من المملكة والعالم بأسره. وبالرغم مما قيل، فإن المملكة العربية السعودية تمر بمرحلة انتقالية تؤثر على جميع جوانب الحياة في المملكة، وأحيانًا يشير إليها هؤلاء الشباب بأنها قد تكون مثيرة ومربكة في الوقت نفسه. هذا يعني أن مواقف الشباب متقلبة، نظرًا لطبيعة البيئة الاجتماعية السعودية، التي تتغير بسرعة.
بالتأكيد، هناك مشاكل اجتماعية تتدخل في حياة الشباب السعوديين، ويخشى بعضهم من إغراءات الانخراط في السلوك السلبي الذي يمكن أن يؤدي إلى تعاطي المخدرات ومشاكل الصحة العقلية وانتهاك قوانين المرور وحوادث الطرق والعلاقات الاجتماعية المثيرة للمشاكل مع الأسرة والأصدقاء. بالإضافة إلى ذلك، يقول أشخاص آخرون إن أكبر تحدٍّ يواجههم هو عدم القدرة على التعبير عن أنفسهم بحرية، خوفًا من ردود الفعل المجتمعية السلبية.
ومع ذلك، عند التحدث مع مجموعة متنوعة من المعلقين الاجتماعيين السعوديين حول المشاكل الاجتماعية المرتبطة بشباب السعودية، غالبًا ما يكون همهم الأكبر هو انحدار الشباب نحو التطرف والراديكالية، والتهديد الذي يشكله ذلك على المجتمع السعودي. وعلى الرغم من أنه لا ينبغي التقليل أبدًا من شأن تهديد التطرف والراديكالية، إلا أن أعدادًا أكبر بكثير من الشباب السعوديين معرضون لخطر الوقوع ضحية اللامبالاة وتعاطي المخدرات ومشاكل الصحة العقلية. ولهذا، ينبغي إيلاء الاهتمام بهذه المشاكل بقدر الاهتمام بمشاكل التطرف، إن لم يكن أكثر. إن الإخفاق في معالجة هذه المشاكل بشكل جدي سيؤدي إلى ظهور المعلقين والقادة الاجتماعيين على أنهم نخبٌ بعيدة عن الواقع في أعين العديد من الشباب.
كيف سيكون مستقبل الشباب السعوديين؟
كما هو الحال في أي مجتمع، هناك العديد من التحديات أمام هؤلاء الشباب، ولكن التحديات يمكن أن تكون إيجابية، لذلك ينبغي النظر إليها على أنها فرص لمنح السعودية الحيوية. في الواقع، هناك شعور واضح لدى الكثير من الشباب السعوديين بأنه قد حان وقتهم. على سبيل المثال، يعتقد الكثير من الشباب السعوديين أن المملكة العربية السعودية سوف تتمتع قريبًا بمستوى معيشي متطور مصحوب بمزيد من التسامح المجتمعي. ستواصل المملكة الانفتاح على العالم، وسيكون مواطنوها قادرين على التواصل بشكل أكثر فاعلية. وبشكل عام، سيصبح السعوديون أكثر اعتمادًا على الذات.
ومع ذلك، في الوقت الذي تتطلع المملكة العربية السعودية فيه إلى المستقبل، يبدو أن الكثير من الشباب السعوديين يدعمون رؤية 2030، لأن أهدافها المعلنة تقر بالكثير من تطلعاتهم. تمتلك المملكة العربية السعودية إمكانات هائلة تتمثل في سكانها من الشباب الطموحين ورأسمالها البشري الحقيقي. بالنسبة للعديد من الشباب السعوديين، فإن الإصلاحات الاجتماعية-الاقتصادية الأخيرة قد فتحت بابًا من الفرص- فرص للمشاركة في عمليات صناعة القرارات الوطنية وإنشاء مملكة القرن الحادي والعشرين التي تعكس تطلعات الشباب السعوديين.