في صالة العرض الجديدة لجاليري هُنَّ آرت، تأخذ فنانة الوسائط المتعددة البحرينية مشاعل الساعي الزوار في رحلة عبر دوامة مجازية، على أمل أن تلهمهم وتحثهم على الرفق بالبيئة.
مشاعل الساعي، مصورة وفنانة تركيبية من البحرين، مفتونة بمياه وطنها، والقصص التي ترويها [المياه]، والعلاقة الإنسانية مع البيئة المائية. تتناول أعمالها الأساطير المحلية الشفوية التي تدور حول الينابيع والآبار في البحرين من أجل التأمل وفهم تأثير التدهور البيئي. من خلال استخدامها للزجاج والمنسوجات والصور الفوتوغرافية والأفلام والصوت، تتحدى مشاعل السرديات القائمة، والتي تدور حول المشاهد الطبيعية. غالباً ما تجسد تلك السرديات الأرض كأنثى، لكي تقدم قراءة جديدة وأكثر تمكيناً للبيئة الضعيفة. تستمد هذه القراءة قوتها من أفكار المجتمع الأصلي، ومفاهيم الأمومة لرعاية البيئة.
يعد معرض “Gentle Porosities“، أو [المسام الرقيقة]، المعرض الأول لمشاعل بمفردها، وهو العرض الافتتاحي لأول لجاليري هُنَّ آرت (Hunna Art)، وهو جاليري للفن المعاصر يهدف لتمكين فنانات شبه الجزيرة العربية والمقيمات فيها. تعتمد مشاعل، في المعرض، على سنوات من الاستقصاء حول علاقة الجسد والتاريخ بالأرض والمستقبل. يقدم المعرض العديد من الأعمال الفنية الجديدة عبر مجموعة من الوسائط، ويعرض جميع أعمال مشاعل الحالية متعددة المجالات، لمنح الجمهور تجربة حسية تعكس الجوانب الأثيرية والجذابة والغموض الذي يمثله الماء في عالم الفنانة.
تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن مع مشاعل لمعرفة المزيد عن رحلتها الفنية، وكيف يعزز معرض “Gentle Porosities” من مكانتها كنجمة صاعدة في مجال الفن المفاهيمي في منطقة الخليج.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف أصبحتِ فنانة؟
مشاعل: لقد ورثت الشغف بالفن من جدتي، لأنها كانت فنانة، وإحدى قريبات أبي ترسم على البورسلين. لقد ترعرعت وسط أجواء فنية. كانت رحلتي لأصبح فنانة مدفوعة بفضول متراكم حول أصلي وما ورثته كإنسانة تعيش ضمن هذا النسيج لفهم العالم والجسد.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: أخبرينا كيف تكوَّنت فكرة معرض “Gentle Porosities”، وماذا يعني بالنسبة لك في هذه المرحلة من حياتك المهنية.
مشاعل: اتصلت بي خلال هذا الصيف أوسيان سايلي (Océane Sailly) التي تدير معرضي في جاليري هنّ آرت، والتي أعمل معها منذ عامين، وقالت، “مرحباً، سوف نفتتح أول جاليري لنا، هل ترغبين في أن تقيمي العرض الأول ليكون بمثابة أول عرض منفرد لك مع جاليري هُنَّ آرت؟” تحمست كثيراً لهذا الأمر، وذلك لأنه كان يتعين عليّ أن أتخذ قراراً صعباً في وقت سابق من هذا العام حول ما إذا كنت أرغب أن أكون فنانة فقط أو مواصلة العمل. لقد كانت في الحقيقة أزمة فنية شخصية كبيرة بالنسبة لي، فإقامة مثل هذا المعرض المنفرد الخاص بي يعني الكثير لي لأقنع نفسي بأنني قادرة على القيام بالأمرين معاً.
ظننت أنني سأقدم أعمالاً قديمة أو موجودة، لكني عرضت أعمالاً جديدةً كلياً. فبالنسبة للقطع الزجاجية على سبيل المثال، قررت صنع أشياء جديدة انطلاقاً من إلهامي. وانتهى بي الأمر بصناعة 20 قطعة جديدة للمعرض.
أعتقد أن الكثير من فناني هذا الجيل يحبسون أنفسهم داخل إطار “الفنان الناشئ”. أتذكر أن أحدهم أخبرني أنه بمجرد إقامة أول معرض منفرد لك، فإنك لم تعد ناشئاً، بل أصبحت في خضم حياتك المهنية. بالنسبة لي، كان هذا المعرض كحفل تخرج.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: أنتِ تعملين أيضاً في مؤسسة ثقافية في السعودية. كيف تدعم مسيرتك المهنية في قطاع الثقافة الخليجي وتسهم في أعمالك الإبداعية؟ وماذا تضيف إليها؟
مشاعل: إنها مسيرة هائلة! أحب الحديث مع الفنانين، كما أنني أقيم مع أربعة فنانين آخرين، لذلك فأنا محاطة دائماً بالفنانين، نتحدث عن الفن، أو أشجعهم على الانخراط مع المجتمع. أشعر أن أعمالي تتجاوز الممارسات الفنية، لذا، فإن أعمال البرمجة التي أقوم بها في مؤسسة بينالي تعزز العلاقة بالمجتمع.
على سبيل المثال، عقدنا للتو معرضاً لكتب الفن، حيث كنت أعمل عليه في الوقت ذاته الذي كنت أًعد فيه أول كتبي الفنية. لقد ألهمني كثيراً كل هؤلاء الناشرين وما يصدر عنهم. تعلمت طباعة الريسوغراف، واعتدت الطباعة على الريسو (RISO). بدت التجربة مليئة بروح التعاون. الجانب السلبي هو أنه عندما تكون مبدعاً في مكان عملك، عليك فقط أن تعرف كيف تتدبر أمورك، فليس من السهل أن تجد الطاقة الكافية لكي تبدع في أعمالك.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف باشرتِ بتنظيم معرض “Gentle Porosities” من حيث المكان؟
مشاعل: لقد قمنا بتنسيق المعرض على شكل دوامة مائية. أول ما تصادفه في الواقع هو الصوت. فكرتُ في صافرة لاستدراج المرء إلى المعرض. بالنسبة للعمل نفسه، فكرت فيه من حيث مستويات المياه، تبدأ من الأعلى حيث يتلألأ الماء على السطح، ثم تستمر في الغوص في عمق العمل. كلما تقدمت أكثر في الصالة، أردت في الواقع أن تتغير المادية الصناعية والمادية الطبيعية معاً، وتتحولا وتستهلك كل منهما الأخرى. أردت للمشاهدين التوصل لشعور وكأن الجميع يرقص: الماء والبيئة والأرض والصلب والمعادن والزجاج. وأثناء الخروج بعد ذلك، تعود إلى الماء المتلألئ. لم تكن الصالة بهذا الاتساع، لذلك لم أشعر بالإرهاق من تراكم الأشياء، وحاولنا إبقاء الأمور معتدلة إلى حد ما.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لم يكن هذا أول معرض منفرد لك فحسب، بل كانت هذه أيضاً أول مرة تقومين فيها بتنسيق أعمالك بنفسك. ما الذي تعلمتِه من هذه العملية؟
مشاعل: بصراحة، لقد كانت مهمة شاقة لأنني أردت أن يكون للمعرض رسالة. أردت أن يكون للمعرض أطروحة واضحة، كنت أرغب في طرح تساؤل وليس تقديم إجابة. وما آلت إليه الأمور في النهاية هو أنني تعاملت مع المسألة التنظيمية وكأنها عمل فني بحد ذاته.
لقد تعلمت أشياء باعتباري الفنانة القيّمة، أشياء مثل المسافات بين الأعمال المختلفة، والتفاعل مع البنية الهندسية للغرفة لمحاكاة الدوامة التي أردتها. كان علي أن آخذ بعين الاعتبار، “جدول أعمالي، ليس فقط كقيّمة للمعرض وإنما كفنانة”. كان من المهم حقًا بشكل أساسي أن أقوم بتنسيق نفسي للخروج بوجهات نظر جديدة حول عملي. ثم بعد عشر دقائق من الافتتاح، قلت لنفسي، “حسنًا، لقد أنجزت العمل، وسأعود إلى الأستوديو”.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: إلى ماذا يشير عنوان المعرض “Gentle Porosities”؟
مشاعل: بالنسبة “Porosities” [المسام]، كنت أفكر في كون الأرض مسامية، وأن الذكريات مسامية عبر الزمن والأساطير والأرض. ولكن فيما يتعلق بالمياه والدوامة على وجه التحديد، أردت إعطاء المعرض الشعور بأنه كائن فضائي حي يتنفس. لقد كنت متعلقة حقًا بكلمة “مسامية”، وأردت استخدامها لتأطير العمل. اخترت كلمة [رقيقة] “Gentle” لأن نهجي يتسم بالرقة. من المعروف كيف يميل بعض الناس نحو شيء محدد؟ لقد أدركت أن ميولي، منذ بداياتي كمصورة فوتوغرافية، هو أنه لا يسعني المجال إلا أن أقدم شيئًا أثيرياً، وكان ذلك بمثابة بصمتي ليس إلا.
ومن أنماط التفكير الجديدة التي راودتني في المعرض – وقد تحدثت عن هذا في النشرة التي صدرت للمعرض – هو النظر إلى الموجات فوق الصوتية باعتبارها إشارات للجسد ولجسد الأرض. لذلك فإنني في إطار أعمالي القادمة، سأحاول العمل باستخدام الصور الطبية البحتة لأرى كيف يمكنني جعل ذلك أثيرياً أيضاً، أو لأرى ما إذا كنت سأترك بصمتي على ذلك أيضاً.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: تتميز الكثير من أعمالك بوجود الأساطير. هل تشعرين بأن هذا يساعد على تعزيز فهم أفضل للأرض وعلاقة الإنسان بها؟
مشاعل: ما تفعله الأسطورة هو تجسيد الأشياء، لأن الأساطير تخلق جسداً، أو جسداً بشرياً، من جسد الأرض. لذلك عندما أتحدث عن عين عذاري ودموعها باعتبارها جزءاً من النبع والأرض، فإن هذا يعني أن الأرض أنثى – إنها امرأة.
لقد تجلى ليَّ، خلال هذه التجربة، ما يوحي بأنني كنت في السابق أصنف الكثير من أعمالي على أنها ذات بيئة أنثوية. ولكنني الآن أحاول الابتعاد عن التعريف الجنساني للأرض نحو النظر للممارسات الأرضية الأصلية التي قد تكون مرتبطة بالأمومة، ولكنها ليست بالضرورة مرتبطة بالنوع الاجتماعي في المفهوم الغربي للبيئة الأنثوية. لقد استحوذت الكثير من أعمالي التي قمت بها على مدى السنوات الخمس الماضية حول هذا الموقع – عين عذاري – على قدر كبير من اهتمامي بمكان وجود أرضي، أو كيف نشأت أرضي وتطورت.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي الرسالة الرئيسية التي تريدين إيصالها للمشاهدين عبر هذا المعرض؟
مشاعل: رسالتي هي إحساس يتولد من جديد للاندماج مع المشاهد الطبيعية مرة أخرى. تتناول العديد من أعمالي الأراضي الزراعية الخراب أو الينابيع المجففة. فالموارد المائية تعد مسألة كبيرة. أريد من الناس التحلي بالحنان المتزايد تجاه الأرض أو المكان.
في سياق أوسع، شعرت أن إقامة هذا المعرض في ظل الإبادة الجماعية المستمرة في فلسطين كان بمثابة تذكير بأن وضع الأرض مزعزع وغير مستقر، وأنها تتعرض للدمار لأسباب سياسية. وأشعر أن الفنان في داخلي ليس مجرد رأس يتكلم، وإنما هو لسان حال قضايا جماعية موروثة تتعلق بالأرض، وليس قضايا فردية تخص الأرض.
بدأت قوة مدعومة من تركيا في سوريا هجوماً على مدينة كوباني، ذات الأغلبية الكردية، وحذر القادة الأكراد من أن ذلك قد يؤدي إلى تطهير عرقي، ويقوض المعركة ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا.
ستشكل استضافة كأس العالم فرصة عظيمة للسعودية في دعم الإصلاحات المرتبطة برؤية2030 . وفي حين أن الاستعدادات للبطولة ستكون مكلفة، إلا أنها ستعزز النمو الاقتصادي، ومن شأنها أن تدفع نحو المزيد من التغيير الاجتماعي.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.