يُعدّ شهر رمضان وقت للتأمل الروحي، وعمل الخير والتركيز على الأسرة والمجتمع. وفي حين أن الوقت الذي يتم قضائه في البيوت لأداء الصلاة ومشاهدة المسلسلات والاجتماع لتناول المأكولات الرمضانية، يؤدي هذا الشهر الفضيل إلى التركيز على الإيمان والتضامن الاجتماعي، إلا أن موضوع الصحة الشخصية لم يكن موضع اهتمام كبير حتى الأن. ومع ذلك، وفي ظل تأثير جائحة فيروس كورونا، نشهد اهتمامًا متزايد بموضوع اللياقة البدنية والحياة الصحية في منطقة الخليج و خاصةً في شهر رمضان من هذا العام.
تنمية صناعة الرياضة واللياقة البدنية المحلية
استثمرت دول الخليج العربية بشكل واسع في قطاعات الرياضة واللياقة البدنية في السنوات الأخيرة. وقد كان التركيز بشكل أساسي على البنية التحتية، مثل بناء ملاعب ضخمة ومرافق تدريبية، واستضافة فعاليات دولية ورياضيين محترفين من الخارج. ولكن مؤخراً، ركزت دول الخليج على رفع مستوى مجال الرياضة المحلي وتعزيز المواهب الوطنية، الذي يأتي ضمن أهداف التنمية لدول الخليج، كتنويع الاقتصاد وتعزير رفاهية المجتمع. وقد تضاعفت هذه الجهود في السنوات القليلة الماضية، من تنظيم بطولات جوجوتسو وبطولات الجولفوكرة السلة إلى استحضار تقاليد منافسات سباق الجمال.
وقد تشكل اتجاه لتشجيع المجتمع الخليجي على ممارسة الرياضة، وزيادة الوعي عن العناية الصحية، وذلك استجابة لنمط حياة الجيل الجديد في الخليج مع أنه كان معروفًا تاريخياً عن سكان الخليج الخروج لحصاد التمور والصيد والغوص للبحث عن اللؤلؤ أو رعاية الماشية. وقد كانت الممارسات الرياضية التقليدية في الخليج بمثابة أنشطة تمارس في الهواء الطلق، مثل الصقارة وسباقات الخيل وسباقات كلاب السلوقي.
ومع إنتشار جائحة فيروس كورونا، والتأثير المستمر على الصحة العامة، فإن الحفاظ على الصحة احتل مركز الصدارة خلال شهر الصيام. وفي رمضان الحالي، فإن فعاليات الرياضة المحلية وتحديات النشاط البدني المجتمعية قد ازدادت، افتراضيًا وواقعيًا. وللتحضير للشهر الكريم، نشرت منصات الأخبار الخليجية مقالات عديدة عن أهمية الحفاظ على صحة جيدة، من خلال تقديم نصائح خبراء الصحة حول التحكم في الوزن، وتقديم توصيات عن أنشطة وتمارين بدنية مناسبة أثناء الصيام.
شهدت المنطقة ظهور إعلانات أنشطة رياضية حصرية لشهر رمضان، شملت اليوجا وركوب الدراجات وحتى الألعاب الثلاثية وسباقات الماراثون. كما أنشأت حكومة الإمارات العربية المتحدة منصة معكم في رمضان، حيث يقدم برامج حول أنشطة تحفيزية وتعليمية خلال فترة الصوم، مثل “الطبخ مع شيف معكم” و”جيم معكم” (Gym With You). كما أعلن مجلس دبي الرياضي عن تحدي رمضان المبارك، و هي منافسة ركض افتراضية، وتقديم عدة سباقات جري لتشجيع مواطني وسكان دولة الإمارات على الركض في مساحات داخلية وفي المنازل أو حول الأحياء السكنية، وذلك لتشجيع المجتمع على ممارسة الرياضة على رغم من التدابير الوقائية المفروضة بسبب الجائحة. وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية نورا الكعبي، وبصفتها نموذجًا مؤثرًا وقدوة للكثير من شباب الخليج، نشرت تحدي “موشن سايكل” (Motion Cycle) لشهر رمضان على الانستجرام قبل أيام قليلة من بدء شهر رمضان، داعمة لأستوديو ركوب دراجات يقع في أبو ظبي ودبي. أما الاتحاد السعودي للرياضة للجميع فقد أطلق تحديات ركض يومية وسلسلة فعاليات كجزء من حملة خطوة معًا. وفي الدوحة، أصدر الاتحاد القطري برنامجه على موقعه الالكتروني يقدم من خلاله صفوف رياضة اليوغا ودوري لعبة الفيفا.
تعزيز العيش والأكل الصحي
إن التركيز على زيادة التوعية بأهمية الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية تعتبر أولويات جديدة في دول الخليج. وذلك بعد انتشار المشاكل الصحية بين أفراد الشعب الخليجي، مثل البدانة والسكري، والتي تشكل قلقا متزايدًا للمجتمع منذ فترة. وقد تزايد الاهتمام بهذه القضايا المتعلقة بالصحة العامة بشكل كبير في السنوات الأخيرة. في عام 2011، صنّفت التقارير العالمية الكويت على أنها الأعلى مرتبةً عالمياً في معدلات البدانة ، وكشفت دراسة حديثة أن 15% من العُمانيين يعانون من مرض السكري ا، وأن 30% قد تأثروا من البدانة، مما يشير إلى استمرار الأمراض المتعلقة بالحمية والتغذية في المنطقة.
هذا الوعي المتزايد للنتائج البعيدة المدى فيما يتعلق بالمشاكل الصحية المتعلقة بالغذاء، والتي تواجه دول الخليج، قاد إلى تسريع الإجراءات الحكومية لتغيير علاقة الشعب الخليجي بالغذاء. على سبيل المثال، في عام 2013، أطلقت وزارة الصحة الكويتية فرقة عمل الحد من تناول الملح والدهون. في عام 2018، نظمت سلطنة عُمان مؤتمرها الأول عن البدانة على اعتبار أن 60% من العمانيين تم اعتبارهم من أصحاب الوزن الزائد أو البدانة. وفي عام 2019، فرضت المملكة العربية السعودية ضريبة تصل إلى 50% على المشروبات التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر، وهو إجراء طبقته البحرين قبل ذلك بعام. وفوق كل هذا، فإن تجارة الأغذية الصحية أصبحت مزدهرة، وازداد الطلب على المنتجات العضوية والغير معالجة.
ويعتبر المطبخ الخليجي شهيًا من حيث غناه بالدهون والسعرات الحرارية، وغالبا ما يتكون من الأرز والأغذية المقلية. وتحتوي الأطباق الدسمة المستهلكة خاصةً في رمضان، مثل طبق الهريس التقليدي، وهي وجبة تحتوي على الزبدة وتشبه العصيدة، يعود تاريخها إلى القرن العاشر. وعادة يتم طبخها بين ليلة وضحاها وتحتوي على النشا المغلي واللحم.
إن مائدة الإفطار النموذجية لدى الخليجيين، في وقت المغرب في رمضان، هي عادة وليمة شهية من الطعام اللذيذ والأطباق الحلوة، التي من الصعب مقاومتها. إن تقديم المقرمشات مقلية والحلوى التقليدية، القائمة على السكر، بجانب حصص كبيرة من الأرز المتبل وأطباق اللحم هي أيضًا جزء من عادات رمضان الخليجية، مثل اللقيمات ومجموعة متنوعة من المعجنات المحشوة. وفي أنحاء العالم الإسلامي وفي المجتمعات المسلمة، يعتبر إعداد الإفطار في رمضان طقساً احتفاليًا يستهلك وقتًا طويلاً للتحضير، مثل إعداد مائدة عيد الميلاد في الديانة المسيحية وعيد الشكر في المجتمع الأمريكي وعيد الأنوار في الديانة اليهودية أو عيد ديوالي الخاص بالمجتمعات الهندية، وذلك في كل ليلة على مدار الشهر. إن التقليد القائم منذ القدم في تقديم الوجبات الشهية خلال رمضان لم يشتمل حتى الآن على بدائل صحية أكثر، وعادة ما يؤدي إلى زيادة وزن غير مرغوب فيه.
تم نشر نصائح إعداد الطعام الصحي في شهر رمضان قد تم نشرها بشكل واسع من خلال وسائل الإعلام المحلية، بما فيها نصائح عن أطعمة لتجنبها، واقتراحات للذين يعانون من مرض السكري أو مشاكل صحية أخرى. وقد تعاونت شركة متخصصة بالحميات الغذائية وسلسلة مطاعم”كايكال“ KCAL)) في دولة الإمارات مع هاله عياش، طاهية المشاهير السعودية والفائزة بجائزة “Top Chef Arabia” من برنامج يقدم على شاشة الأم بي سي ، لتقديم وصفات طبخ صحية في رمضان. ومن بين قائمة أفضل برامج رمضان لمشاهدتها هذا العام، تستضيف شبكة دبي للطعام فتافيت برنامجًا تلفزيونيًا مع الطاهية المصرية منال العالم، المشهورة بمواءماتها النباتية للطعام العربي التقليدي. والبرنامج الآخر الذي ترعاه الشبكة على رأس القائمة هو برنامج “ابن البحار” الذي يركز على تعليم المشاهدين عن الحياة البحرية والصيد، والذي يركز على تقديم مجموعة وجبات متنوعة تعتمد على الأسماك.
إن الموازنة بين استهلاك الأغذية واللياقة البدنية في المجتمعات الخليجية، خصوصًا في شهر رمضان المبارك، قد أصبحت موضوعا متكررًا على العديد من المنصات الإعلامية. هذه الجهود التي ترعاها الحكومات الخليجية في مجال الصحة واللياقة البدنية تساعد شباب الخليج على اتخاذ خطوات واعدة نحو المحافظة على تقاليد رمضان بينما يتم اتخاذ قرارات أكثر صحية بدنيًا وغذائيًا.
مع اقتراب عام 2024 من نهايته، لا يزال عدم اليقين يخيم على أسواق النفط بسبب المخاطر الجيوسياسية، وضعف الطلب الصيني الذي جاء أقل من المتوقع، والتطورات المتعلقة بالتحول في مجال الطاقة.
مع سعي ترامب لتحقيق زيادة هائلة في إنتاج النفط والغاز الأمريكي، وعرقلة صادرات النفط الإيرانية، فإنه لن يتردد في التدخل بقوة في سوق النفط.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.