ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
تعد إيران والسعودية قوتين متوسطتين ومتنافستين استراتيجيًا في منطقة صغيرة. ومع ذلك، انخرطت طهران والرياض تحت رعاية الصين في محاولة لإدارة التنافس بينهما، الأمر الذي أفضى إلى إعلان 10 مارس/آذار الثلاثي بإعادة العلاقات الدبلوماسية. تعتمد آفاق التوافق بين إيران والسعودية، جزئيًا، على قدرة كلٍّ من إيران والسعودية على السيطرة على وكلائهما وأجهزة الدعاية الخاصة بكل منهما، والذين من المحتمل أن يخسروا من الاتفاقية. كما يعتمد نجاح التقارب أيضًا على الإرادة السياسية في كلٍّ من طهران والرياض لمقاومة محاولات التخريب التي ستقوم بها إسرائيل التي تريد عزل إيران، وقد تساعدها الولايات المتحدة في هذا المسعى.
يقدم نص الإعلان بعض الإشارات لجوهر المشكلة بين إيران والسعودية، اتفقت الدولتان على “استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما والبعثات الدبلوماسية”، وأكدتا على “احترامهما لسيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول”.
كان الجزء الأول من الإعلان واضحًا ومباشرًا. قطعت السعودية وإيران العلاقات الدبلوماسية بينهما رسميًا في يناير/كانون الثاني 2016 بعد إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، والاعتداء سفارة السعودية في طهران. وقد تدهورت في الآونة الأخيرة العلاقات بين هاتين القوتين الشرق أوسطيتين بشكل كبير، حيث حاولت كل منهما ملء فراغ القوة الإقليمية في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على أفغانستان في عام 2001 وعلى العراق في عام 2003.
وتفيد التقارير بأن الجزء الأخير من الإعلان، المكتوب في الملخص، يشير إلى بنود سرية محددة تبدو منطقية ولكن لم يتم تأكيدها من مصادر أخرى. أولاً، أشار مصدر، قيل إنه شارك في المفاوضات، إلى أن السعودية تعهدت “بعدم تمويل وسائل الإعلام التي تسعى إلى زعزعة استقرار إيران، مثل محطة إيران إنترناشيونال”، وهي محطة تلفزيونية ناطقة بالفارسية، ولعبت دورًا في الاحتجاجات الأخيرة في إيران يشبه دور قناة الجزيرة خلال انتفاضات الربيع العربي. وفقًا لذلك المصدر، تعهدت السعودية على ما يبدو “بعدم تمويل المنظمات التي تصنفها إيران على أنها إرهابية”، بما في ذلك منظمة مجاهدي خلق، والجماعات الكردية المتمركزة في العراق، والجماعات المسلحة المتمركزة في باكستان. وتعهدت إيران من جهة أخرى “بضمان عدم انتهاك المنظمات المتحالفة معها للأراضي السعودية من داخل الأراضي العراقية”. وبعبارات تفتقر لصيغة الإلزام، أفادت التقارير أن كلا البلدين أعلنا عن استعدادهما “لبذل كل الجهود الممكنة لحل النزاعات في المنطقة، وبوجه خاص النزاع في اليمن”.
ولكن مهما كانت درجة دقة التقارير حول هذه البنود، فإن كل طرف متوقع أن يخسر من هذه الاتفاقية، سيكون لديه حوافز قوية لتخريبها. ليس من الواضح ما إذا كانت إيران والسعودية قادرتين على السيطرة على وكلائهما وأجهزتهما الدعائية. وتحسبًا لقيام طهران بالتخلي عنهم، ربما يلجأ الحوثيون في اليمن أو الميليشيات الشيعية في العراق في نهاية المطاف إلى زيادة هجماتهم على أهداف في السعودية. إذا حدث ذلك، فقد تشك الرياض في ازدواجية طهران وتقطع العلاقات مرة أخرى. وبالمثل، إذا وجد تلفزيون إيران إنترناشيونال ومجاهدي خلق وجماعات المعارضة المسلحة المحيطة بإيران مصادر دعم بديلة لمواصلة كفاحهم ضد النظام الإيراني، فمن الممكن أيضًا أن يشتبه قادة إيران في أن السعودية تواصل دعمها لتلك الجماعات.
ولتعقيد الأمور أكثر، من الممكن أن تقوم إسرائيل، وربما الولايات المتحدة، بتخريب أي تحسين للعلاقات بين طهران والرياض. وعلى أية حال، فقد التزمت إسرائيل بعزل إيران دبلوماسيًا، وساعدها في ذلك مسؤولون في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، ولا يختلف ذلك عن التزام الإدارة الأمريكية الحالية وإسرائيل بمنع إيران من التسلح نوويًا. علاوة على ذلك، من الممكن أن تشكل هذه الاتفاقية مصدر توتر بين الولايات المتحدة والسعودية عندما يواجهان قضايا مثل إنفاذ واشنطن لتشريعات العقوبات لمعاقبة الشركات السعودية المملوكة للدولة أو الخاصة التي قد تستثمر في إيران وفقًا لاتفاقية التعاون الاقتصادي لعام 1998 بين إيران والسعودية. بالإضافة إلى ذلك، كيف ستقوم السعودية بتنفيذ اتفاقية التعاون الأمني لعام 2001 مع إيران دون استعداء الولايات المتحدة، التي صنفت فيلق حرس الثورة الإسلامية كمنظمة إرهابية أجنبية؟
لا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت محاولة إيران والسعودية إدارة التنافس بينهما ستنجو من التحديات الداخلية والخارجية العديدة، ولكنها بقدر ما تبدو هشّة، فإنها تعكس استحسان السياسة الواقعية في طهران والرياض.