ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
في الثالث من سبتمبر/أيلول، أدت ثماني سيدات اليمين الدستورية كقاضيات في الكويت وسط موجة كبيرة من التغطية الإعلامية. كانت هذه هي المرة الأولى التي يُسمح فيها للمرأة الكويتية بتولي مناصب قضائية، لقد كانت عملية طويلة، ولم تكن خالية من الجدل دائمًا.
ففي الثالث عشر من سبتمبر/أيلول عام 2012، اتفقت وزارة العدل الكويتية ومجلس القضاء الأعلى على قبول خريجات القانون في منصب المدعي العام، وتم تعزيز هذا القرار بفتوى من إدارة الإفتاء الشرعي بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. عند صدور إعلان الحاجة لمدعين عامين، لم يقتصر على الذكور كشرط للتعيين، تاركاً الباب مفتوحاً لمشاركة الإناث. تقدمت عدد من الشابات بطلبات الالتحاق، بما في ذلك امتحان تحريري ومقابلات شخصية، ثم تم تسجيلهن في كلية القضاء لإكمال برنامج مدته عام واحد. بعدها أصدرت وزارة العدل المرسوم رقم 253 بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 بتعيين الفوج الأول من خريجات القانون في مختلف المحافظات لاكتساب الخبرة العملية، كما تم تعيين 22 من اللواتي أكملن برنامج كلية القضاء كمدعيات عامات.
في الثلاثين من يونيو/حزيران، أصدر النائب العام الكويتي، ضرار العسعوسي، أمراً بترقية ثماني من هؤلاء السيدات وأربعة من الرجال ليصبحوا قضاة. وفي 7 يوليو/تموز، أقر المجلس الأعلى للقضاء هذا القرار، وبعد التدريب في معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية، أدت المتقدمات اليمين لتولي أدوارهن الجديدة كقاضيات. وأوضح العسعوسي أن هذا القرار يأتي ضمن السياق العام لمخططات الحكومة لتخريج المزيد من المدعين العامين، والهدف النهائي من ذلك هو “تكويت” القضاء في الكويت. وفي الآونة الأخيرة كثرت المطالبات من أعضاء مجلس الأمة ومنظمات المجتمع المدني، بتكويت القضاء الكويتي، وزيادة عدد الكويتيين في القضاء باعتبار ذلك “ضرورة وطنية ودستورية”. يشكل المواطنون الكويتيون حاليّاً 70٪ من السلك القضائي، إلا أن رئيس محكمة الاستئناف محمد بن ناجي حذر من أن الكويت لا تزال بحاجة إلى قضاة غير كويتيين على المدى القصير لمعالجة العدد الكبير من القضايا المتراكمة. وتتيح هذه الضغوط المتزايدة لتكويت القضاء الفرصة لمزيد من النساء للدخول في هذا السلك.
بدأ طريق المرأة إلى السلك القضائي منذ بضع سنوات، عندما رفعت خريجة قانون دعوى قضائية (دون جدوى) على الحكومة لأنها أصدرت دعوة بحصر المدعين العامين على الذكور عام 2006، ما حرمها من الفرصة في التقدم بطلب الالتحاق. وقد أثار ذلك في الكويت نوعاً من الجدل الذي يشبه في فحواه ذلك الجدل الذي يبرر حرمان المرأة من حقوقها السياسية الكاملة قبل 16 مايو/أيار من عام 2005، عندما منح مجلس الأمة الكويتي المرأة حق التصويت والترشح. كانت الحجج جميعها ترتكز إلى عدم ملاءمة المرأة لشغل دور القاضي بسبب تغلب العاطفة والتحجج بأن الشريعة الإسلامية لا تمنح المرأة حق الولاية. وهذا بدوره يجعلها غير مؤهلة للحكم في محكمة أو الانخراط في نشاطات صنع السياسات المتعلقة بالحوكمة.
جادل بعض البرلمانيين القَبَليين، مثل ماجد المطيري، بأن هنالك اعتبارات شرعية ينبغي أن تؤخذ في الحسبان. وصرح خالد العتيبي، “وهو العضو الوحيد في مجلس الأمة الذي عارض قانون العنف الأسري الذي صدر في 19 أغسطس/آب”، أنه يعارض تعيين النساء قاضيات لأنهنّ لا يمكن أن يصبحن أوصياء على أنفسهن، فكيف يكُنَّ أوصياء على الأخرين؟ مستندين على أحاديث عن النبي محمد (ص) تنص على ذلك. وأصدر النائب محمد هايف المطيري ممثل “كتلة ثوابت الأمة” بياناً يشير فيه إلى أن الطبيعة الفطرية للمرأة تجعلها غير صالحة لهذا الدور، وأن القرار ينتهك مادتين من قانون التنظيم القضائي الذي ينص على أن يترأس القضاة الذكور بعض المسائل القانونية المحددة، محذراً من أن ذلك سيؤدي إلى استئناف العديد من الأحكام وإحراج مجلس القضاء. ومن المفارقات أنه كان من أكثر أعضاء مجلس الأمة المطالبين بضرورة تكويت القضاء.
إن تعيين قاضيات سوف يؤدي إلى فتح بعض القضايا القانونية المتعلقة بالأولوية لتجاوز المخاوف المستندة إلى الشريعة التي أثارها أعضاء مجلس الأمة. فحالياً، تحتاج المرأة في الكويت إلى موافقة الولي الذكر للزواج وموافقة “القاضي الذكر” لتسهيل الطلاق. وقد تم طرح مثل هذه القضايا من قبل أعضاء مجلس الأمة المعارضين، وكانت الأصوات الأكثر ليبرالية تأمل في أن يؤدي هذا النزاع إلى إنهاء بعض ممارسات الوصاية، والسماح بدور أكثر بروزاً للنساء الكويتيات في صنع السياسات في المستقبل. ويأملون في أن يؤدي هذا إلى مزيد من المساواة في الحقوق للنساء فيما يتعلق بنقل جنسيتهن إلى أطفالهن، بالإضافة إلى أمور أخرى. ولا تزال هناك مواد في قانون العقوبات الكويتي تبرر العنف ضد المرأة، مثل المواد 29 و153 و182، وتقتل النساء بشكل متكرر بسبب عصيان أقاربهن من الذكور. وقد قُتلت فاطمة العجمي مؤخراً على يد أشقائها لزواجها من خارج قبيلتها بالرغم من مباركة والدها لهذا الزواج. إن تعيين النساء في السلك القضائي وتفعيل قانون العنف الأسري، الذي تم إقراره حديثاً، سوف يشكل تحدياً لهذه الممارسات الاجتماعية والقانونية.
لقد تخلفت الكويت عن دول الخليج العربية الأخرى في تعيين قاضيات في هيئة المحكمة، ربما بسبب “سياسة البلاد المتأسلمة على مدى الثلاثين عاماً الماضية” بحسب مصدر نقلته بي بي سي. قامت البحرين بتعيين النساء في منصب المدعي العام في عام 2003 وأول قاضية في منطقة الخليج، منى الكواري، في عام 2006. ثم جاءت الإمارات العربية المتحدة بعد ذلك حيث أدت أول قاضية القسم في عام 2008، وتبعتها قطر في عام 2010. ولم تقم عُمان والمملكة العربية السعودية بعد بتعيين نساء في سلك القضاء. فعلى الرغم من تعيين محكم تجاري في المملكة العربية السعودية في عام 2016، إلا أنه تم رفض اقتراح بتعيين قاضيات مرتين من قبل مجلس الشورى السعودي في العامين الماضيين. ومع ذلك، يبدو أنه لا مفر من أن تحذو عُمان والمملكة العربية السعودية حذو بقية دول الخليج قريباً، حيث تستمر المرأة في اختراق الأدوار المحصورة تقليدياً في الذكور في المنطقة، ويعد تمكين المرأة عنصراً أساسياً في مخططات “الرؤية” الاقتصادية والاجتماعية لهذه البلدان.
تدور عجلات التغيير في الكويت بشكل بطيء، وخاصة فيما يتعلق بتمكين المرأة وزيادة تمثيلها في المناصب القيادية. حيث جاء القدر الأكبر من المعارضة من مجلس الأمة، إذ يوجد 49 رجلاً وامرأة واحدة فقط. ومع انعدام الإرادة السياسية الحقيقية للضغط من أجل نظام المحاصصة بين الجنسين وزيادة فرص النساء في المناصب التي يشغلها الرجال تقليدياً، مثل القضاء، فإن تصويب الوضع سيتم بشكل متقطع.