يقود محمد الحصينان فريقا يعمل على تعريف جيل الشباب الجديد على إرث الكويت الإنساني طويل الأمد بطريقة مبتكرة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والروابط الشخصية وخطاب ملهم ومبدع
“قد تكون دولة صغيرة الحجم لكنها تتمتع بقلب كبير وواسع ورحيم”. هكذا وصف الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون الكويت، في خطابه للأمم المتحدة، عن سمعة الإمارة الراسخة في أعمالها الخيرية حول العالم من خلال الهيئات غير الحكومية والحكومية التي مضت عليها عقود، وهو جزء أساسي لقوة الكويت الناعمة وقد كان في طليعة دبلوماسيتها كما وصفها د.عبدالله الشايجي، ولكن كيف يمكن للشباب الكويتي أن يبقى متصلا بهذا الإرث الكويتي العريق؟
قاد محمد الحصينان، 32 عامًا، والمعروف بـ Q8ping فريقًا يعمل على استقطاب جيل جديد من الشباب لهذا الإرث الإنساني المعروف عن الكويت منذ القدم بتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية بطريقة ملهمة ومبدعة. وجد محمد في ظاهرة ارتفاع أعداد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت فرصة لتوظيف تأثيره الاجتماعي لتكريس مبدأ العطاء من خلال صياغة خطاب إنساني غير تقليدي لمساعدة الكويتيين لهؤلاء الذين هم في أمس الحاجة إليها في أنحاء أفريقيا، وفي بعض الأحيان اليمن والكويت.
بينما كان محمد يستخدم مدونته الشخصية للحث على التبرع منذ عام 2011، أطلق الفريق في عام 2016 أول حملة رسمية والتي كانت تهدف إلى جمع 125،000 ديناراً كويتياً (حوالي 411،520 دولارًا) لبناء دار للأيتام في كينيا، مع تحديد موعد نهائي مدته ثلاثة أيام. ولكن بعد إطلاق حملة إعلامية مبهرة، نجح الفريق بجمع 600،000 ديناراً كويتياً (حوالي 1،975،294 دولاراً)، أي بلغ أكثر من أربعة أضعاف الهدف المراد الوصول اليه وهو 125,000 ديناراً كويتياً.
تحدث معهد دول الخليج في واشنطن مع محمد حول كيفية تمكنه من توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لجمع ملايين الدنانير لإحداث فارق في المجتمعات الفقيرة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): كيف أصبحتم مهتمين بالعمل الخيري في أفريقيا؟ ما الذي دفعكم لإطلاق حملاتكم؟
محمد: في البداية، كانت أشبه بالصدفة فأنا محب للتقنية والانترنت وامتلك مواقعاً الكترونية منذ أيام المدونات (البلوغات) وكان موقعي الأساسي هو Q8Ping.com فقد كانت مدونة شخصية أنشر فيها صوراً ومعلومات وفيديوهات عن بعض رحلاتي ولكن في 2011 شاهدت صدفة خبرا عاجلا على قناة العربية يذكر بأن الأمم المتحدة قامت بتصنيف ما يحدث في الصومال “كمجاعة رسمية” ولا يمكن أن أنسى هذا الخبر وشاهدت بعض الفيديوهات على اليوتيوب وبحثت عن الأوضاع المزرية في الصومال وكانت فعلا تعاني من مجاعة حادة من الجفاف وكانت تسمى بـ”مجاعة القرن الأفريقي”. وقد رأيت صدفة على تويتر إعلانا من جمعية العون المباشر عن تخصيص خاصية التبرع الالكتروني على موقعهم وكانت فكرة جديدة فأردت أن أشاركهم ولو بالنشر لحث الناس على التبرع من خلال مدونتي التي كانت تحظى بإقبال كبير على مستوى الشباب فنشرت “بوست” عبارة عن فيديو الأمم المتحدة عن ”مجاعة القرن الأفريقي” – بعد أن اتصلت على الجمعية وتأكدت بأن التبرعات تصل عن طريق القوافل – فشرحت للناس كيفية التبرع وبعد 3 أيام تلقيت بريدا إلكترونيا من مدير الجمعية يشكرني على النشر لأنه لاحظ قفزة في التبرعات بعد نشري للرابط. فأدركت بعدها أنه بإمكاننا إحداث فارق في المجتمعات من خلال توظيف هواياتنا في “التقنية” والتواصل الاجتماعي. وبعد ذلك تعرفت على مدير الجمعية وصرنا أصدقاء فطرح علي فكرة الحملات الالكترونية بالتعاون مع الجمعية بدلا من التبرعات التقليدية عن طريق الجمعيات التعاونية والأفرع.
بدأت بأول حملة عام 2012 لبناء بئر – بعد أن طلبت رأي المتابعين بحكم علاقتي الودية معهم – فتمت الموافقة ووفقني الله بجمع 1،100 ديناراً كويتياً لبناء البئر وقد بلغ عدد المتبرعين 110 متبرعا. وبعد ذلك نشرت تقريرا عن البئر وعدد المستفيدين ومقاطع للأطفال المستفيدين فتحمس الناس حتى أعلنت عن حملات أخرى وواصلت نشر التقارير ليرى الناس أين ذهبت أموالهم ومن ثم بدأنا بحملات منوعة منها مخيمات طبية لعلاج العيون وبناء دور للأيتام ومدارس للأطفال.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): الكويت لها تاريخ طويل في العطاء والعمل الخيري. ما الذي يميزكم عن غيركم من المنظمات الخيرية “التقليدية”؟
محمد: القبول هو منحة إلهية. أما بخصوص التميز فهو بسبب مبدأ الشفافية الذي اتبعناه منذ البداية، لا نوفر للناس تقارير رسمية فحسب، بل نوفر أيضًا تغطية صوتية ومرئية كاملة من القرى المحلية لاطلاعهم على المشاريع الجارية والفارق الذي أحدثته أموالهم. بالإضافة إلى أننا لا نطلب من الناس التبرع إلا بعد التأكيد على استكمال المشاريع السابقة لكي لا نحمل أنفسنا فوق طاقتنا وعادة ما نغلق باب التبرع عند اكتمال المبلغ المطلوب قبل الموعد المحدد مع العلم بأننا نستطيع جمع مبالغ أكبر، ولكننا نتوقف حسب القدرة الاستيعابية، وعندما يزيد المبلغ نبلغ الناس ونوسع به مشاريعنا، وهذا الأمر أحدث الفارق عند الناس، فمثلا عندما طلبنا جمع مبالغ لحفر 1500 بئراً في حملة #ألفـبير، أدركنا أنه بإمكاننا بناء 72 بئرا إضافياً بنفس المبلغ وقد أبلغنا الناس بهذه التغيرات، ووفرنا لهم تغطية لهذه الآبار بعد اكتمال المشروع.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): لماذا اخترتم العمل من خلال منظمة – أو جمعية العون المباشر تحديداً؟
محمد: اختياري لعمل مشاريعي عن طريق جمعية العون المباشر جاء بمحض الصدفة ولأنها أول من دشن نظام التبرع عن طريق المواقع الالكترونية لتسهيل عملية التبرع – خصوصا لمتابعيني في قنوات التواصل الاجتماعي – وأيضا لأنها تتمتع بسمعة طيبة عند الكويتيين وذلك لأنها تعمل بشفافية عالية ولأنها جمعية عريقة والعمل بها مؤسسي ولها إمكانيات عالية للاستجابة للمشاريع الضخمة التي نعمل عليها. ولكننا عملنا كذلك مسبقا مع جمعيات أخرى كجمعية النجاة الخيرية وصفا الخيرية علما بأن ثاني أكبر حملة – #ابشرواـبالخير” كانت عن طريق جمعية النجاة حيث جمعنا 4 مليون في أقل من 12 ساعة للعوائل والطلبة المتعثرين، منهم أسر وافدة وكان أيضا لإخوتنا البدون نصيب من هذه التبرعات.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): كيف انتهى بكم المطاف إلى تكوين فريق من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي؟
محمد: بالنسبة الى الفريق، فنحن مجرد شباب جمعتهم الظروف. فعبدالرحمن البداح مصور ميداني وعبدالله الشايجي مسوق ومنظم حملات ومصمم وماجد سلطان مهندس كمبيوتر يتولى الشؤون الفنية لحملاتنا وأما عبدالله السميط فهو المدير العام للجمعية وإبن مؤسسها – المرحوم د. عبدالرحمن السميط. فلكل منا موهبة يتميز بها وهذا هو سر نجاح الفريق. هدفنا الأساسي الذي اتفقنا عليه هو إنشاء فريق يعمل بشفافية تامة وأن نستثمر بهواياتنا وبعلاقاتنا مع متابعينا وتأثيرنا في مواقع التواصل الاجتماعي حتى يثمر ذلك عن إحداث فارق في المجتمعات الإفريقية الفقيرة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): في حملتكم الأولى ، قمتم بجمع 125،000 ديناراً كويتياً (حوالي 411.520 دولاراً). بعد ذلك بعامين قمتم بجمع 5 ملايين ديناراً كويتياً (حوالي 16،606،080 دولاراً). ما الذي يفسر هذا الإقبال الشعبي على حملاتكم؟
محمد: السبب وراء هذه القفزة هو: أولا، أننا بدأنا بالتدرج ولم نطلب الملايين منذ البداية. ثانيا، دعونا الناس إلى مشاهدة الأعمال التي نقوم بها ووفرنا لهم تغطيات حية عن أوضاع المستفيدين من أموالهم من الفقراء والمساكين من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فقد كنا نسافر بأنفسنا إلى قرى بعيدة لمسافات طويلة برا وجوا وبحرا لنرصد ونصور للناس ثمرة عطائهم ما أدى إلى أن يثمن الناس هذه الأعمال، فتحول المتابعون من مجرد متبرعين إلى متطوعين وناشرين وداعين إلى فعل الخير معنا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): هل واجهتم أية تحديات بيروقراطية من الحكومة؟
محمد: للأمانة، لم نلق من الجهات الحكومية إلا الدعم والتعاون على المستويين الإداري والمعنوي فقد كنا نطلب التراخيص من وزارة الشؤون للقيام بأعمالنا فنحصل عليها مباشرة، بل وأنه في إحدى حملاتنا تعرضنا لحملة تشويه وتشكيك بشعة من قبل بعض الشخصيات و بعض الجهات (بحسابات مستعارة) فقرر بعض المسؤولين في الوزارة الحضور لمقر الحملة من غير دعوة منا لتشجيعنا و للرد على المشككين والإشادة بمثل هذه الحملات.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): هل لديكم تفضيل في تحديد المنتفعين من مشاريعكم؟
محمد: لم نميز أي إنسان محتاج عن غيره بتاتا! أعمالنا كانت للمسلم وغير المسلم من المحتاجين فعلى سبيل المثال — الآبار التي حفرناها في #الفـبير كانت لصالح 24 جنسية في خمسمائة قرية مختلفة لمختلف القبائل والأديان. أما بخصوص تحديد المشاريع فالآلية تكون وفقا للخبراء المحليين بعد دراسة ميدانية ومن ثم يتم رفع التقارير للجمعية لتقييم الحالة وتلبية احتياجات القرى
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW): لقد كثرالحديث عن عدم قيامكم بحملات للمحتاجين في الكويت، وتحديدا من شريحة البدون (ممن لا يحملون الجنسية الكويتية) فما هو ردكم؟
محمد: سوف نستمر بالتركيز على إفريقيا بسبب التزامنا بالعمل مع جمعية العون المباشر. ومع ذلك، أطلقنا حملة خلال شهر رمضان في عام 2017 سميت بـ “حملة ابشروا بالخير” لمساعدة الأسر المحتاجة في الكويت من خلال دفع إيجاراتها وتغطية الرسوم المدرسية. لقد جمعنا أكثر من 4 ملايين ديناراً كويتياً (حوالي 13،168،624 دولارًا) للأسر المحلية. بالإضافة إلى ذلك، جمعنا 250،000 ديناراً كويتياً (حوالي 823،040 دولارًا) في عام 2018 لتقديم منح دراسية كاملة مدتها سبع سنوات لخمسة من طلاب البدون لدراسة الطب. وأخيرا، نخطط لمزيد من المشاريع للمجتمعات المحلية المحتاجة، بما في ذلك البدون، ولكن تركيزنا الرئيسي سيبقى على أفريقيا لارتباطنا بجمعية العون المباشر.
لمعرفة المزيد عن محمد الحصينان يرجى متابعة حسابه عبر تويتر وانستاغرام.
بدأت قوة مدعومة من تركيا في سوريا هجوماً على مدينة كوباني، ذات الأغلبية الكردية، وحذر القادة الأكراد من أن ذلك قد يؤدي إلى تطهير عرقي، ويقوض المعركة ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا.
ستشكل استضافة كأس العالم فرصة عظيمة للسعودية في دعم الإصلاحات المرتبطة برؤية2030 . وفي حين أن الاستعدادات للبطولة ستكون مكلفة، إلا أنها ستعزز النمو الاقتصادي، ومن شأنها أن تدفع نحو المزيد من التغيير الاجتماعي.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.