ازداد انتشار نشاط ريادة الأعمال بين المواطنين الخليجيين في السنوات الأخيرة مما دفع الحكومات الخليجية إلى دعم الأعمال الريادية، وفي بعض الأحيان إلى تشجيع هذا النوع من الأعمال بين الشباب. إلا أنه وعلى الرغم من هذا الانتشار الواسع لريادة الأعمال في المنطقة، فإن عدداً قليلاً من الدراسات حللت الظروف الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة لها في الخليج. هديل الموسى أكاديمية من سلطنة عُمان، بدأت مسيرتها المهنية في مجال الإعلام ثم بالعمل على قوانين العمل والنقابات العمالية. خبرتها العملية اشعلت اهتمامها بريادة الأعمال بين النساء العمانيات، وهو ما أصبح موضوع بحثها في الدكتوراة. معهد دول الخليج العربية في واشنطن حاور هديل عن الأعلام، وقوانين العمل، والنساء وريادة الأعمال، بالإضافة إلى دور الدعم الحكومي في هذا المجال.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW) : أنت أكاديمية وباحثة ولكن بداياتك العملية كانت في مجال الإعلام. كيف كانت تجربتك الإعلامية؟
هديل: كنت شغوفة بالإعلام منذ الصغر حيث كنت أشارك في الإذاعة والصحافة المدرسية ولذلك قررت دراسة تخصص الإذاعة والتلفزيون في قسم الإعلام في كلية الآداب في جامعة السلطان قابوس عام 1998. في تلك الفترة لم يكن الإعلام مجال عمل محبب للمرأة. أنا كنت المرأة الوحيدة في هذا التخصص بين ثلاثين طالباً. فالطالبات عادةً يخترن تخصص الصحافة في قسم الإعلام. وبينما كنت طالبة عملت في وظيفة بدوام جزئي كمراسلة لإذاعة راديو سلطنة عمان. بعد التخرج وجدت أن واقع العمل في الإعلام كان مختلفاً عن توقعاتي. عمل المرأة في مجال الإعلام كمذيعة غير مرغوب فيه اجتماعياً، لذلك عدد المذيعات العُمانيات في ذلك الوقت على الأخص كان محدوداً. هذه الندرة جعلت من السهل على أي امرأة العمل والبروز كإعلامية طالما أن لها صوتاً إذاعياً وقدرة جيدة على الإلقاء والظهور أمام الكاميرا ولا تُمانع السفر والعمل حتى وقت متأخر من الليل. أي أن المرأة العمانية ليست بحاجة إلى دراسة الإعلام كي تصبح إعلامية. حين كنت أحقق أي نجاح في دراستي أو عملي كان والدي يقول لي “الأعور على العميان مَلِك” بمعنى أن عامل الندرة هو الذي مكنني من النجاح والبروز أكثر من قدراتي وكفاءتي وكفاءتي العلمية والعلمية. هذا خلق تحدٍ لدي كي أعمل بجدٍ أكبر على تقوية قدراتي العملية. عليه قررت أن أتعمق في مجال عملي أكثر وعملت في قسم الإعلام في وزارة القوى العاملة وقدمت برنامجاً تلفزيونياً على قناة سلطنة عُمان عن قضايا العمل. استضفت العديد من الوزراء للحديث حول قضايا العمل والتدريب وخطة التعمين. بعدها بدأت بكتابة مقالات حول هذه المواضيع في الصحافة.
AGSIW : ماذا كان سبب توجهك إلى العمل في المجال الأكاديمي؟
هديل: خبرة العمل هذه جعلتني مهتمة بشكل كبير بقوانين العمل فقررت إكمال دراستي العُليا والحصول على درجة الماجستير في مجال الموارد البشرية من اسكتلندا في 2006. درَستُ قانون العمل والنقابات العمالية والعلاقات الصناعية والذي كان قد سُن حديثاً في عُمان. بعد عودتي إلى بلدي بدأت في التفكير إن كنت أرغب في العودة إلى مجال الإعلام مرة أخرى والذي لازلت أهواه وأحبه. إلا أنني قررت أن أبتعد عن الخط الإعلامي لاكتساب خبرة عمل أكبر في مجال العمل والعلاقات الدولية. فعملت مع منظمة العمل العربية ومنظمة العمل الدولية وصرت قادرة على فهم دور الاتفاقيات الدولية بين الحكومات والمنظمات والأهم من ذلك أنها نمّت اهتمامي بالبحث فقررت تنمية مهارات البحث لدي وعليه قررت التوجه إلى الجانب الأكاديمي.
العمل الأكاديمي فتح لي المجال للعمل مع فئة الشباب وقدم لي اهتماماتهم وفكرهم، وهذا مهم لأن مجتمع عُمان مجتمع فتيّ، ووفق إحصاءات صادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فإن إجمالي عدد الشباب في الفئة العمرية من 18 و29 عاماً هو مليون ومئتي ألف شاباً وشابةً مشكلين بذلك أكثر من 45% من إجمالي التعداد السكاني في 2017.أناعملتفيالكليةالتقنيةالعليافيمسقطوهيكليةحكومية،وكبقية الكليات الحكومية هيمفتوحة فقط للطلبة العمانيين ولكن جنباتها كانت تضم طلاباً منجميعأطيافالمجتمعالعماني.
AGSIW: رسالتك في الدكتوراة كانت عن عمل المرأة العمانية في ريادة الأعمال. ما هو سبب اختيارك لهذا الموضوع؟
هديل: أحد أبرز مشاكل الشباب العمانيين هي أزمة الباحثين عن عمل، وقبل عدة سنوات وكحل لهذه الظاهرة بدأ مشروع دعم حكومي لريادة الأعمال. صاحب الجلالة كان يقوم بعمل جولات في مناطق السلطنة كل عامين وكانت تُنظم ندوات مصاحبة لهذه الجولات معظمها كان يدور حول قضايا العمل. أولى هذه الندوات كانت في عام 2003 وكنتيجة لها أصدر السلطان في ذلك العام مرسوماً سلطانياً بتأسيس وزارة القوى العاملة المتخصصة بقضايا العمل. في الجولة التي تلتها بعامين وبعد الندوة المصاحبة أصدر صاحب الجلالة مرسوماً سلطانياً بتنظيم القوى العاملة. والجولة الأخيرة التي قام بها السلطان كانت في عام 2013 وكان نتيجتها صدور مرسوم سلطاني بتأسيس الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمعروفة باسم “ريادة” والتي تهدف إلى تشجيع ريادة الأعمال بين فئة الشباب والشابات تحديداً. هنا أصبح لدي اهتمام بتأثير العمل في تشكيل هوية الأفراد وحياتهم اليومية.
مفهوم ريادة الأعمال هو مفهوم غربي مرتبط برموز غربية مثل ستيڤ جوبز على سبيل المثال. عليه كنت مهتمة بدراسة ماهية تصور المجتمع العماني لهذا المفهوم -خصوصاً وأن العديد من ممارسي هذا النوع من الأعمال لا يتحدثون الانگليزية- وأيضاً بكيفية ممارسة هذا في مجتمع عُمان لحل مشكلة الباحثين عن عمل. اخترت النساء العمانيات تحديداً كشريحة للدراسة لأسباب عملية وهي أنه كان من السهل عليّ كامرأة التواصل معهم وجمع معلومات وبيانات البحث.
:AGSIW ما هي النتائج التي توصلتِ لها من خلال رسالة الدكتوارة؟
هديل: درَستُ موضوع ريادة الأعمال من جانبين. الجانب الأول هو دراسة الأفكار الغربية الجديدة على المجتمع العماني من الناحيتين المفاهيمية والتطبيقية. الجانب الآخر هو دراسة العمل الريادي بين النساء. اخترت شريحة البحث من النساء العمانيات المسجلات مع هيئة ريادة كرائدات أعمال. في الغرب الأعمال الريادية مقترنة بشكل كبير بمفاهيم كالمخاطرة والابتكار ولذلك دخلت في حياة رائدات الأعمال وسردت قصصهم اليومية لأفهم ماذا يعني أن تكون رائدة عمل وكيف تمارس العمل الريادي. كنتيجة للبحث وجدت أن العمل في مجال ريادة الأعمال ليست الرغبة الأولى لدى الشابات العمانيات على الرغم من الدعم المادي الحكومي. الأهم من ذلك فإن الفئة التي تختار هذا النوع من العمل ليست من فئة الباحثات عن عمل وإنما من فئة المتقاعدات أو العاملات، من المعروف في القطاع العام في عُمان يحق للمرأة التقاعد في سن الأربعين. بمعنى أن الفئة التي تدخل مجال الأعمال مستقرة مادياً نسبياً ولا تعاني من البطالة. وهذه تعد مشكلة كون الفئة التي تستهدفها الهيئات الحكومية هي فئة الشباب. معظم ممارسي ريادة الأعمال من السيدات دخلوا هذا المجال كهواية وليس كعمل ومصدر دخل وحيد. من بين الشريحة التي أجريت عليها دراستي، لم أجد ولا سيدة واحدة اختارت مجال ريادة الأعمال لأنها لم تجد فرصة عمل. جميعهن كن إما موظفات أو متقاعدات ويتمتعن باستقرارٍ مادي.
:AGSIW كيف تقيّمين التقبل الاجتماعي في الخليج لريادة المرأة للأعمال؟
هديل: المجتمعات الخليجية لا ترى مشكلة في ريادة الأعمال النسائية ولكنها ترى مشكلة في عمل المرأة. على سبيل المثال المرأة قد تواجه معارضة اجتماعية حين تعمل كإعلامية أو كطبيبة ولكنها لا تواجه معارضة حين تقرر الخوض في مجال ريادة الأعمال. لأن ريادة الأعمال في مفهومنا الاجتماعي الخليجي هي تجارة وليست ابتكار كما هو تعريفها في الغرب. من الأمثلة التي تُستعمل لفهم وتبرير هذا النوع من العمل اجتماعياً هو مثال السيدة خديجة رضي الله عنها زوجة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والتي اشتهرت بممارسة التجارة. هذا الربط الثقافي والاجتماعي والتاريخي يجعل ريادة المرأة في الأعمال مقبولة اجتماعياً. أيضاً من مسببات القبول الاجتماعي أن ريادة الأعمال تجعل المرأة ربة عملها مما يكسبها مساحات مرنة للعمل، بمعنى أنها هي من يحدد ساعات عملها، ومن يعمل معها، ومدى الاختلاط بالجنس الآخر، ومسؤولياتها في العمل بما يناسب وضعها الاجتماعي وحياتها اليومية.
:AGSIW هل لديك فكرة عن ان كان مفهوم ريادة الأعمال في بقية دول الخليج مختلف عنه في عُمان؟ هل توجد دراسات مشابهة عن وضع ريادة الأعمال في الخليج؟
هديل : يوجد عدد جيد من الدراسات حول وضع ريادة الأعمال في الإمارات وأيضاً توجد دراسات عن المملكة العربية السعودية وأعتقد واحدة أو اثنتين عن الوضع في الكويت والبحرين كذلك. ولكن علينا أن نضع في عين الاعتبار الاختلافات الإجرائية في هذه الدول. مثلاً في السعودية موضوع اشتراط ولي الأمر في التجارة وهذا الفارق يخلق خللاً في عدد المسجَلات كرائدات أعمال لأن بعض النساء مدرجات تحت أسماء أولياء أمورهن الذكور. أيضاً عدم وجود إحصائيات كافية حول هذا الموضوع يجعل دراسة هذا الموضوع صعبة.
أما فيما يخص العوامل المشتركة بين دول الخليج في مجال ريادة الأعمال، فإن عامل الدعم المالي الحكومي هو عامل مشترك بينهم والمرأة مستفيدة من هذا الدعم. طبعاً بالنسبة للغرب هذا النوع من الدعم ينفي مفهوم الريادة القائم على المخاطرة. عليه يوجد خلل في الدراسات الخليجية حول هذا الموضوع لأنها لم تبحث في ماهية مفهوم وتعريف ريادة الأعمال في الخليج.
ينذر تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله بحرب شاملة في لبنان، مع خسائر كبيرة في صفوف الحزب. وبينما تواصل إسرائيل ضرباتها الجوية، يواجه حزب الله وإيران تحديات صعبة بشأن التصعيد العسكري.
بينما تُسرع الحكومات الخليجية في تنفيذ أجندات التنمية المحلية، فإن إيجاد الوظائف المحلية وعائدات الضرائب تعد مؤشرات لقياس مدى النجاح في صنع السياسات الاقتصادية.
إن وقف إطلاق النار بعيد المنال في غزة، والانهيار المحتمل لإمكانية تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، وتزايد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، كلها عقبات رئيسية أمام استئناف التقدم في مسار عملية التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.