كما كان متوقعًا، يثبت الكونغرس الأمريكي الجديد أنه بيئة لا ترحب بالسعودية وببعض حلفائها من دول الخليج العربي، بما فيها الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من الانطلاقة البطيئة للجلسة السادسة عشرة ما بعد المئة بسبب الإغلاق المطوّل للحكومة الأمريكية، تمّ التطرق إلى عدد من المسائل أساسًا من جانب كل من مجلس النواب ذي الأغلبية من الديمقراطيين ومجلس الشيوخ، ذي الأغلبية الأقل عددًا من الجمهوريين. وقد برزت من خلال مجموعة كاملة من الامتيازات التشريعية المتوافرة تشمل جلسات المصادقة والرسائل الرسمية والبيانات الصحفية والمراسلات إلى الفرع التنفيذي أو وسائل الإعلام. وقد استقطبت مسائل مرتبطة بالخليج – بخاصة مسائل تتعلق بالسعودية – كلًا من الديمقراطيين، الساعين إلى انتقاد الإدارة على أساس حزبي، والجمهوريين المؤمنين بالتعاون الدولي، الساعين إلى دفع الإدارة نحو اتجاه أكثر تشددًا تقليديًا. وبشكل متوقّع، فإن الارتباط الوثيق بين الحكومة السعودية وإدارة الرئيس دونالد ترامب – وعائلته – يجعل من الرياض هدفًا سياسيًا مجرّدًا من وسائل الدفاع نسبيًا أمام نقّاد الإدارة حول مجموعة من المسائل. وتعكس هذه المسائل انقسامًا متناميًا بين السعودية والكونغرس، كما أنها تكتسي أهمية بالنسبة للعديد من دول الخليج العربية الأخرى.
حرب اليمن
تتمثل المشكلة الأكبر التي تعكّر صفو العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية في حرب اليمن التي يواصل كل من معارضي الإدارة الأمريكية الديمقراطيين والجمهوريين المؤمنين بالتعاون الدولي استخدامها من أجل ممارسة الضغوط على الفرع التنفيذي. ففي منتصف آذار/مارس، اختلف مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون مع ترامب حول مسألتين: تشريع القانون الذي يأمر بسحب القوات الأمريكية من معظم جوانب حرب اليمن ونقض إعلان حالة الطوارئ الوطنية القاضي ببناء جدار على طول الحدود الأمريكية-المكسيكية. وبالتالي، يتماشى الاعتراض على مشاركة الولايات المتحدة في اليمن مع حسّ متنامٍ ينتاب أعضاء الكونغرس من الحزبين بوجود استغلال للصلاحيات الدستورية الخاصة بإعلان الحرب وصناعة الحروب التي تمنحها السلطة التشريعية، ما أسفر عن تصويت تاريخي.
وربما يمثل قرار مجلس الشيوخ المتخذ في 13 آذار/مارس المرة الأولى التي تستخدم فيها أغلبية من الحزبين في الكونغرس قانون سلطات الحرب الصادر عام 1973 منذ تمريره الأول بغرض فرض سحب القوات الأمريكية من أي صراع. وإذا تمكّن أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ من الاتفاق على الصياغة نفسها وتمريرها خلال الأيام المقبلة، وهو أمر محتمل نظرًا إلى الأصوات الحالية في الغرفتين، سيمثل ذلك المسعى المهم الأول الذي تبذله السلطة التشريعية من أجل التصدي للاحتكار المتزايد لصلاحيات صناعة الحروب من جانب الفرع التنفيذي، علمًا بأنها صلاحيات منحها الدستور بشكل خاص إلى الكونغرس وليس البيت الأبيض.
غير أن الأثر العملي على الدعم العسكري الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية في الصراع اليمني سيكون ضئيلًا للغاية على الأرجح، هذا إن وُجد أساسًا. وستتضمن الصياغة النهائية إستثناءات للمهام الخاصة بمحاربة جماعات متشددة على غرار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والدولة الإسلامية في العراق والشام، التي تشكّل جزءًا مهمًا من تدخل الولايات المتحدة في أنشطة مكافحة التمرد بقيادة الإمارات في جنوب اليمن. والأهم من ذلك، سيستخدم ترامب بشكل شبه أكيد حق النقض ضدّ أي تدبير مماثل، كما أنه ما من مؤشر على وجود أغلبية ساحقة في أي من غرفتي الكونغرس لعكس هذه الخطوة وإقرار هذا القانون. لذا، سيكون الأثر على فصل السلطات والتدخل الأمريكي في اليمن رمزيًا عمومًا.
هذا ويمثل رفض الحرب في اليمن خرقًا فادحًا لتحالف الولايات المتحدة مع السعودية، أقلّه من جهة الكونغرس، حيث يربط العديد من الأعضاء تصويتهم بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وغيرها من المخاوف المرتبطة بالقيادة في المملكة. وأتت الأصوات لتتوج سنتين من تعليق التشريعات في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ اللذين اتحدّا أخيرًا منتصف آذار/مارس.
وعلى الدولتين الخليجيتين المتورطتين بشكل خاص في هذا الصراع، أي السعودية والإمارات، أن تدركا المخاطر التي تعكسها هذه المقاومة غير الاعتيادية من الكونغرس في وجه البيت الأبيض، بما في ذلك سبعة أعضاء في مجلس الشيوخ ينتمون إلى حزبه الخاص. وعلى المدى الطويل، تشير إلى أن أي إدارة تقريبًا تخلف إدارة ترامب ستبدي اعتراضًا مماثلًا وعزمًا على عدم التدخل في هذا الصراع، في حال استمر إلى ما بعد ولاية الإدارة الحالية. كما تهدد تقارير بأن الأسلحة الأمريكية المزوّدة إلى الإماراتيين وُجدت في أيدي جماعات ميليشياوية تابعة لتنظيم القاعدة في جنوب اليمن مستقبل مبيعات الأسلحة إلى الإمارات. باختصار، وفي ما يتعلق بمسألة اليمن، لم يعد الكونغرس حليفًا للسعودية أو حتى للإمارات.
مقتل جمال خاشقجي
لا يزال الجدل المستمر بشأن مقتل الصحفي السعودي والمساهم في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018 يشكّل بدوره مصدر توتر رئيسيًا بين الولايات المتحدة والسعودية من جهة وبين الكونغرس والبيت الأبيض من جهة أخرى. فلطالما شكّك الرئيس ووزير الخارجية وغيرهما من كبار المسؤولين بقدرة الولايات المتحدة على تحديد مدى تورّط كبار المسؤولين السعوديين، وبخاصةٍ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في هذه الجريمة. وقد ازدادت الضغوط إلى حدّ دفعت بوزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير مطلع شباط/فبراير إلى الطلب من الكونغرس علنًا عدم التسرّع في إطلاق الأحكام والسماح للقضاء السعودي وعملية التحقيق في أن يأخذا مجراهما قبل التوصل إلى أي استنتاج، وبخاصةٍ إلى عدم فرض أي عقوبات إضافية على السعودية أو مسؤوليها الحكوميين، كما يقترح بعض المشرعين.
غير أن تشريعًا صدر عن الكونغرس أواخر العام 2018 قضى بإجراء عمليات تقصّي للحقائق بتكليف من البيت الأبيض بموجب “قانون ماغنيتسكي الدولي للمحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان في العالم” من أجل تحديد ما إذا كان شخص أجنبي، بخاصةٍ ولي العهد السعودي، مسؤولًا عن هذه الجريمة. غير أن إدارة ترامب لم تكشف عن أي نتائج واضحة بحلول الموعد النهائي الذي حدده الكونغرس في 7 شباط/فبراير، الأمر الذي اعتبره الجمهوريون والديمقراطيون على السواء انتهاكًا للقانون. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية قد أصدرت تقييمًا استخباراتيًا يشير إلى احتمال مسؤولية ولي العهد، لكن الرئيس لم يتبنَ هذا التقرير. وعليه، من المرجح أن تستمر قضية خاشقجي في كونها سببًا رئيسيًا للتوتر بين واشنطن والرياض وربما بين الكونغرس والبيت الأبيض.
النساء وغيرهن من المعتقلين في السعودية ودول خليجية أخرى
يتمثل مصدر توتر وثيق الصلة بين دول الخليج، بخاصةٍ السعودية، والكونغرس الجديد في المخاوف المرتبطة بحقوق الإنسان، ولا سيما توقيف بعض المعتقلين وطريقة معاملتهم، وفي المقام الأول الناشطات في قضية حقوق الإنسان اللواتي تعرض العديد منهن بحسب ما يتردد للتعذيب خلال فترة التوقيف. وخلال القسم الأكبر من عام 2018، اكتست هذه المسألة أهمية أكبر في واشنطن ولكنها لم تحظ بقدر كبير من اهتمام الكونغرس. لكن العام 2019 يعد بأن يكون مختلفًا. ففي 13 شباط/فبراير، دعت مجموعة مشرعين من الحزبين السعودية إلى إطلاق هؤلاء المعتقلات “فورًا ومن دون قيد أو شرط”، بمن فيهن هتون الفاسي وعزيزة اليوسف ولجين الهذلول. ويدين القرار بشدة أيضًا توقيف هؤلاء الناشطات في مجال حقوق الإنسان وطريقة معاملتهن. وفي الأول من آذار/مارس، طلب عضوان في الكونغرس رسميًا من وزير الخارجية مايك بومبيو التدخل شخصيًا في قضية عزيزة اليوسف. ولفت العديد من المراقبين، بمن فيهم وسائل إعلام بارزة، إلى وجود رابط بين هذا القلق المتزايد ومقتل خاشقجي. ونظرًا إلى أن بعض هؤلاء المعتقلات على الأقل تتم محاكمتهن الآن بتهم غاية في الخطورة، من المرجح أن يزداد الاهتمام المنصب على هذه المسألة.
وقد تمّ الإعراب عن مخاوف مماثلة في الكونغرس في ما يتعلق بمواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والسعودية وهو الدكتور وليد فتيحي، الذي قيل إنه أوقف من دون توجيه أي تهم له. وادعى نجله خلال تحدثه في مؤتمر صحفي في الكونغرس الأمريكي نظمه عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي باتريك ليهي أن الطبيب يتعرض للتعذيب. وخلال جلسة مصادقة عُقدت في 6 آذار/مارس للمصادقة على تعيين سفيرين جديدين في السعودية والعراق، أعرب أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين عن قلق شديد حيال المعتقلين، بمن فيهم فتيحي، والحرب في اليمن وعدد من أفعال السعودية الأخرى. وبالفعل، وصف عضو مجلس الشيوخ الجمهوري البارز ماركو روبيو محمد بن سلمان بأنه “أصبح زعيم عصابة” ونعته بأنه “مستهتر” و”بلا رحمة”.
ومن بين القضايا ذات الصلة التي تمّ طرحها في الكونغرس، بما في ذلك خلال جلسة المصادقة في 6 آذار/مارس، هي التهم القائمة التي تنفيها السعودية، التي تفيد بأن مسؤولين دبلوماسيين كانوا يساعدون مواطنين سعوديين على التهرب من محاكمات عالقة على جرائم خطيرة في الولايات المتحدة. وقد أثار عدد من المشرعين هذه المسألة رسميًا مع وزارة الخارجية، بمن فيهم عضو مجلس الشيوخ رون وايدن من ولاية أوريغون. وإن لم يتمّ إيجاد حل مرضٍ لهذه القضية، وبرزت قضايا أخرى، فإنها قد تتداخل مع اعتبارات حقوق الإنسان لتضاف إلى لائحة الدعاوى المتنامية في الكونغرس ضد الرياض.
مبيعات التكنولوجيا النووية إلى السعودية
من القضايا الأخرى التي يختلف الكونغرس الجديد بشأنها مع السعودية والبيت الأبيض هي الاقتراحات التي قدمتها إدارة ترامب ببيع تكنولوجيا نووية إلى السعودية لتطوير برنامج طاقة نووية سعودي استنادًا إلى الحاجة للاحتفاظ بالمواد الهيدروكربونية لأغراض التصدير واستغلال احتياطي البلاد الكبير من اليورانيوم لاستهلاك الطاقة المحلي. وكان اتفاق أُبرم عام 2010 مع الإمارات قد أعقب بروتوكول 123 التقليدي الذي يحظّر مشتري المفاعلات من تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم بغية الحؤول دون خطر انتشار الأسلحة النووية. غير أن السعودية هي واحدة من الدول القليلة التي تملك احتياطيات يورانيوم كبيرة يمكنها استخراجها والتي ترغب أيضًا في استخدام المفاعلات بشكل مكثف لتوليد الكهرباء محليًا. ويشير النقاد على أن المملكة قادرة على شراء يورانيوم مخصب بتكلفة أقل من قيامها بعملية التخصيب بنفسها، لكن السعودية تردّ بأن الحق بالتخصيب معترف به في خطة العمل الشاملة المشتركة، أو الاتفاق النووي، مع إيران، فضلًا عن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ولن تقبل الرياض بأن تُفرض عليها قيود أكثر من تلك التي فرضت على طهران. فضلًا عن ذلك، وكما تشير إليه إدارة ترامب بشكل متكرر، بإمكان السعودية شراء مفاعلات من مجموعة كبيرة من المزودين الآخرين المحتملين، بمن فيهم كوريا الجنوبية. لكن المملكة أشارت مرارًا إلى أنها تفضل أن تكون الولايات المتحدة شريكها الرئيسي في تطوير قطاع الطاقة النووية المحلي الخاص بها.
لكن على صعيد حرب اليمن ومخاوف أخرى، لاقى الكونغرس وجزء كبير من وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية هذا الاحتمال بحذر ملحوظ. ففي 19 شباط/فبراير، أصدرت لجنة الإشراف والإصلاح التابعة لمجلس النواب تقريرًا بعنوان “عدد من المسربين يثيرون مخاوف خطيرة بشأن جهود البيت الأبيض الرامية إلى نقل تكنولوجيا نووية أمريكية حساسة إلى السعودية”. ويطرح التقرير مخاوف جدية حول العملية التي يتمّ بموجبها إجراء عمليات البيع المقترحة وحول النفوذ والمحسوبية والفساد غير الملائم من جانب مسؤولي الإدارة الحاليين والسابقين المشاركين في المحادثات، بمن فيهم مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين. كما يسلّط التقرير الضوء على الاقتراحات التي كانت سرية وقدمتها ست شركات طاقة أمريكية رئيسية وكونسورتيوم أي بي 3 انترناشونال إلى الحكومة السعودية لوضع خطة طاقة نووية مشتركة للبلاد – “برنامج الجسر الحديدي“، الذي حصد بدوره انتقادات كبيرة. ويقول الديمقراطيون إنهم بدأوا تحقيقًا شاملًا على مستوى مجلس النواب في الخطط وغيرها من الاقتراحات الرامية إلى بيع التكنولوجيا النووية الأمريكية إلى السعودية مع أو بدون اتفاقية 123.
وتمّ طرح مبادرات وافق عليها الحزبان في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ تقضي بأن تتماشى أي عمليات لبيع التكنولوجيا النووية إلى السعودية مع اتفاقية 123 التي وافق عليها الكونغرس. لكن ما يثير الاهتمام هو أنه في 3 آذار/مارس أكّد أن شركة لوكهيد مارتن ستتلقى أولى دفعاتها من السعودية لقاء نظام الدفاع الصاروخي المعروب بنظام الدفاع الجوي للارتفاعات الشاهقة (“ثاد”). ولا يبدو أن عملية البيع التي بلغت قيمتها 15 مليار دولار، والتي تشمل أيضًا شركتي بوينغ ورايثيون، مهددة حاليًا في الكونغرس رغم تنامي المخاوف إزاء العلاقات الأمريكية-السعودية ومبيعات الأسلحة الأخرى. ومن شأن حجم العقد المترافق مع الطبيعة الدفاعية لنظام “ثاد” ووجود بدائل على غرار النظام الروسي المضاد للصواريخ من طراز أس-400، حماية قابلية إجراء عملية البيع رغم سخط الكونغرس المتزايد إزاء سياسات السعودية وسلوكها.
نواقيس الخطر تدق
كل ما سبق يشكل أخبارًا سيئة بالنسبة للرياض وحلفائها الخليجيين، لا سيما الإمارات. وبات من الواضح إلى أي مدى تضرر التحالف الأمريكي-السعودي الطويل الأمد إنما المشحون في أغلب الأحيان خارج الفقاعة الكامنة في صلب إدارة ترامب. إن مقاومة البيت الأبيض أقرب إلى الإجماع بين الديمقراطيين وتشمل غالبًا جمهوريين بارزين، أيّد العديد منهم تقليديًا العلاقات الأمريكية-السعودية الوطيدة. ومن شبه المؤكد أن يواجه مشروع القرار المعلّق بشأن صلاحيات الحرب في اليمن حق النقض وألا يصبح قانونًا، ولكنه يشكّل المؤشر الأقوى على أن شرخًا تاريخيًا يتحضر، سيتخطى من بعض الجوانب بأشواط الأزمات السابقة على غرار الحظر النفطي الذي فرضه أعضاء منظمة الأوبك عام 1973 وهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وتدرك الرياض وشركاؤها الخليجيون أنه على صعيد مجموعة القضايا المذكورة، وأخرى متعددة معلّقة يمكن أن تتجلى خلال جلسة الكونغرس هذه، لقد خسرت تعاطف العديد من أعضاء الكونغرس من الحزبين.
لكنه أمر يمكن الرجوع عنه بصراحة. لكن يتعين على دول الخليج العربية التنبّه إلى علاقاتها مع الديمقراطيين الذين ما زالوا يشكلون جزءًا قويًا من الحكومة الامريكية، واستعادوا السيطرة على مجلس النواب وهم في وضع جيد يخولهم استعادة مجلس الشيوخ في 2020. ورغم خيبة أمل دول الخليج من الولاية الثانية لإدارة باراك أوباما والعلاقات القوية مع إدارة ترامب لغاية الآن، من المهم ألا يغيب عن بالها أن تحالفها هو مع الولايات المتحدة وليس مع الفرع التنفيذي وحتمًا ليس مع إدارة ترامب، أو دونالد ترامب بذاته وأسرته. ويجب أن تكون الحكومة الأمريكية ككل، إلى جانب المجتمع الأشمل، الجمهور المستهدف لأي إعادة انخراط إيجابية.
وأخيرًا، لا بدّ من أن تربط أي حليف نافذ للولايات المتحدة علاقات جيدة مع كل من الديمقراطيين والجمهوريين وإلا تحوّل الأمر إلى مشكلة حزبية وبالتالي سيعاني جراء تقلبات الحظوظ الكبيرة وسط استمرار تبدّل الموازين في السياسة الداخلية الأمريكية. ولا يمكن الحفاظ على سلامة الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية إلا من خلال التعامل بجدية مع المواضيع الحساسة بالنسبة للطرف الآخر واحترام اهتمامات وقيم بعضها البعض وتسليط الضوء إلى حدّ كبير على الأهداف المشتركة لمستقبل الشرق الأوسط التي لم تتبدل. في حال العكس، تدل مؤشرات منذرة بالخطر على تحول تاريخي من دعم الحزبين لهذه الشراكة إلى انقسام ذات طابع حزبي ومضرّ على نحو أكبر حول التحالف الأمريكي-الخليجي.