“نقاط” هي مبادرة كويتية غير مربحة حول التصميم أطلقها كل من واكيم زيدان وسارة النفيسي وحصة الحميضي ودانا الهلال عام 2009. ويديرها المؤسسون إلى جانب وظائفهم؛ فسارة وحصة تعملان في شركةٍ لتكوين العلامة التجارية للتصاميم، في حين يعمل واكيم في مجال الإعلانات ودانا في مجال العلاقات العامة. وتتوجه نقاط إلى “جميع سكان الشرق الأوسط”- ويشدد المؤسسون على استخدام مصطلح “الشرق الأوسط” حرصًا منهم على إشراك مصممين إيرانيين.
وقد نظم هؤلاء المتعهدين أكثر من 75 ورشة عملٍ متخصصة وستّة مؤتمرات منذ تأسيس نقاط. وشهدت هذه المبادرة نموًّا هائلًا، إذ جذب المؤتمر الأخير أكثر من 4500 مصمم ولا تزال نقاط تنمو بشكلٍ متواصل. وتهدف المجموعة إلى تعزيز الإبداع في المنطقة وتطوير ما يسميه المؤسسون “الاقتصاد المبدع” الذي يعترف بأهمية الثقافة والفن والتصميم ويقدّرهم. ويشدّد المؤسسون على أنّ هذه العناصر الثلاث هي التي تدفع المجتمع إلى السير قُدمًا.
ورشة عمل من أحد مؤتمرات نقاط، تترأسها الفنانة الكويتية غادة الكندري
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي خلفيتكم، كيف بدأت مبادرة “نقاط”، وما هي التحديات التي واجهتموها في البداية؟
حصة: وُلدت نقاط من رحم الإحباط. فما ترونه اليوم من أحداثٍ ثقافية في الكويت لم يكن موجودًا منذ سبع سنوات. ففي تلك الفترة، كنت وسارة نعمل لدى شركة إعلانات في الكويت، ثمّ استقلنا منها لأننا لم نلمس أي نوع من التطوير لمهاراتنا أو أي شكلٍ من الإبداع. فقد كانت تجارية للغاية، ولم يكن هناك أي ورش عمل أو شبكات للمبدعين. لم نعرف أين نجد المصممين والمتخصصين في الرسوم المتحركة؛ لم نملك جماعة يمكننا الانتماء إليها في الكويت. شعرنا بالوحدة، فالمبدع بحاجةٍ إلى جماعة وعلاقاتٍ عامة وشبكة من أجل بناء ذاته. فشاركنا في عددٍ من ورش العمل في الخارج وحاولنا تنظيم ورش مماثلة في الكويت. كانت دانا تأخذ دروسًا في الفنون الجميلة والرسم في إيطاليا، إلى أن أدركنا جميعًا أننا نودّ إيجاد الإلهام في الكويت عوضًا عن السفر إلى الخارج لإيجاده.
أمّا واكيم فكان يعمل في مجال الإعلانات حينها، وحضر مهرجان Cannes Lions للإبداع حيث لاحظ أنّ المشاركة العربية كانت خجولة جدًا ولم تعكس الثقافة العربية على الإطلاق، بل كان توجهها غربيًا. فعاد إلى الكويت ونظّم مؤتمرًا بعنوان “نقاط الحروف” حول الخطّ العربي دام يومين وحقّق نجاحًا جيدًا. وحضرتُ وسارة هذا الحدث واجتمعنا بعدها لمناقشة كيفية تطوير هذا المشروع. وحضر مؤتمرنا الأول عام 2010 200 شخص و13 متحدّث و7 ورش عمل ودام ثلاثة أيام. كافحنا كثيرًا ولم نكن نملك أي تمويل، لا بل خسرنا المال. لم يفهم الرعاة والشركات العمل الذي كنا نقوم به، ولم يفهمه الأصدقاء أو العائلة حتى. فقد كانت فكرة العمل من دون ربحٍ مادي غريبةٌ عن مجتمعنا، لكننا استمرّينا. نحن نتشارك الرؤيا نفسها، وهذا ما أوصلنا إلى حيث نحن اليوم.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هلّا حدّثتمونا عن مؤتمرات نقاط السنوية وعن سبب اختياركم مواضيع محددة لها؟
واكيم: في البداية، كانت مؤتمرات “نقاط” تركّز كثيرًا على التصميم. ثمّ أدركنا وجود جمهورٍ كبيرٍ يطوق إلى الإبداع، وعندها بدأنا بالتركيز على التعليم. ويتكوّن جمهورنا اليوم من مهن متنوّعة ومختلفة من إدارة الشؤون المالية إلى التصميم، ولهذا السبب قمنا بتنويع محادثاتنا ومواضيعنا، وأصبحنا نخصص موضوعًا لكل مؤتمر. ففي العام 2010، تمحور مؤتمرنا حول التلوث البصري. أمّا في العام 2012، فنظمنا مؤتمرًا تحت عنوان “مدينة أرابيسك المفقودة”، إذ أردنا النظر إلى نجاحات ماضينا للبحث في ما يمكن إعادة دمجه اليوم. ثمّ في العام 2013، وفي وقتٍ كانت تركّز فيه الكويت على الوجه السلبي لثورات الربيع العربي، قرّرنا إظهار وجهها الإيجابي وإحداث تغييرٍ إيجابي، فكان موضوع المؤتمر “تنفيذ الصدمة الثقافية”.
حصة: ركّز مؤتمر العام 2013 على كسر القاعدة من خلال التواصل والفن والتصميم. وانتشرت رسومات الغرافيتي في المنطقة وأدّى عددٌ كبيرٌ من الفنانين دورًا أساسيًا. ونتجت عن هذا الحدث مبادراتٌ كثيرة في السينما والموسيقى، فبدأ المبدعون باستخدام هذه الفنون كأداةٍ لكسر القاعدة. كان هذا المؤتمر المفضّل بالنسبة لي.
واكيم: وفي مؤتمر العلم 2014، استخدمنا اللغة العربية بدلًا من الإنكليزية، ما جذب جمهورًا جديدًا بالكامل. وقمنا بتوفير ترجمةً فوريةً إلى الإنكليزية لكن شجعنا كافة المتحدّثين على استخدام اللغة العربية، علمًا أن المتحدثين العرب أولويتنا. ونبحث عن متحدثين عرب لمؤتمراتنا، إذ إنّ النجاح الغربيين أمرٌ عاديّ بالنسبة لنا، أمّا العربي الناجح فيشكّل مصدر إلهامٍ لنا جميعًا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي النشاطات التي تنظمها “نقاط” إلى جانب المؤتمرات؟
حصة: غالبًا ما تشكل ورش العمل جزءًا من المؤتمرات، ويتفاعل المتحدثون مع جمهورهم ويشركونه في النقاش. وغالبًا ما تكون ورش العمل استهلالية وتتضمن مواضيع من مجالاتٍ كثيرة ومتنوعة كفن الخط والتصوير والتمثيل وتصميم المجوهرات والرسم والمجلات الهزلية والكاريكاتور وتنظيم المشاريع والكتابة الإبداعية وتصميم المفروشات وكتابة الرواية العربية والطبع الثلاثي الأبعاد. ونسعى إلى أن يحصل المشارك على فائدةٍ ملموسة من ورش العمل هذه. حتى أننا عندما نضمّ رعاةً أو مؤسساتٍ إلى المؤتمر، نحرص على أن يطابقوا معايير التعليم المبدع من خلال تقديم خبراتٍ ونتائج مفيدة للمشارك في المؤتمر. ونحن ننظم هذه المؤتمرات منذ سبع سنواتٍ، إلّأ أننا نسعى اليوم إلى تطويرها لتصبح على شكل دوراتٍ مقسمة إلى مستوياتٍ مختلفة، فتساعد بذلك المشارك على الانتقال من مرحلة تطوير الأفكار وفهم المبادئ الأساسية إلى تنظيم المشاريع وتطوير الأعمال انطلاقًا من العملية الإبداعية. ما زلنا في صدد التحضير لهذه الخطوة وسوف ننظم برنامجًا تجريبيًا هذه السنة ونسعى في الوقت الحاضر إلى الحصول على الاعتراف بمعهدنا المستقبلي.
واكيم: يتوجّه برنامجنا المهني إلى خمسة مجالات مختلفة وهي: الموضة والمجوهرات وتصميم المنتجات والتصوير وتنظيم المشاريع. وعلى المدى البعيد، نسعى إلى تأسيس شركةٍ تغطّي مختلف مجالات التصميم. إلّا أنّ التعليم الإبداعي يجب أن يبدأ منذ الصغر، لذلك أطلقنا برنامجًا للأطفال من 4 إلى 12 سنة. ويهدف البرنامج إلى تعليم الأطفال على التفكير بإبداع وتطوير مهاراتٍ إبداعية لحلّ المشاكل إلى جانب العلوم والرياضيات. ونأمل أن نتمكن من تعليم المواد كالعلوم والرياضيات بطريقةٍ إبداعية، على أمل أن نملك برنامجًا يتضمن 20 ورشة عملٍ مع حلول العام 2017.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لقد وجدتم نقصًا في إعطاء الأهمية للفن في الخليج. ما هو برأيكم سبب هذا النقص وكيف تحاولون التعويض عنه؟
حصة: نعود دائمًا إلى العصر الذهبي في الكويت. فقد كانت الكويت تملك موقعًا استراتيجيًا جعل منها منطقةً نشيطة تجاريًا. وأعطتها التجارة أيضًا روح تنظيم المشاريع وثقافته وجذبت مجموعةً متنوعة من الناس. فكانت الكويت ملتقى الثقافات، خصوصًا تلك الهندية والإيرانية. وكانت تقصدها مجموعاتٌ مختلفة من الناس وساهمت هذه الأخيرة في خلق روح الإبداع. وشغل الفن موقعًا مهمًا جدًا في الستينات والسبعينات من القرن المنصرم، وكان دوره يتخطى الترفيه فحسب إذ كان وسيلةً لانتقاد السياسة والمجتمع. كانت فترةٌ ازدهر فيها الفن، فغنّى كل من السيدة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ على مسارح الكويت، لتكون قلب ثقافة الخليج حينها. وبعدها في منتصف الثمانينات بدأت الحركة الإسلامية الأصولية التي حجّمت الفن ووصمته، وزرعت الخوف من التعبير عن الذات. وأثّر الأصوليون على وزارة التربية أيضًا في الكويت، فأصبحت حصص الفن شبه غائبة في المدارس الرسمية. أمّا بالنسبة للجامعات، فلا نملك كلياتٍ للتصميم إلّا برنامجٍ بسيط في جامعة الكويت. وفي الوقت عينه، كان الاقتصاد يزدهر في مجالَي المالية والنفط، فدفع جيلٌ بكامله أولاده إلى التخصص في المحاسبة لأنها كانت تؤمّن مدخولًا جيدًا. أمّا دخول مجال الفنّ فلم يعود على من يدخله بربحٍ مادي، فضلًا عن أنّه كان اختصاصًا موصوم. لذلك لدينا اليوم جيلٌ كامل لا تفهم الفن أو التصميم وأهميتهما في التعليم.
وتُعتبر دبي السباقة في الفن، لكن من الأعلى إلى الأسفل، إذ تبني واجهةً لها إلّا أنّها بحاجةٍ إلى خلق المحتوى. ويملك كلّ من البحرين والكويت حركاتٍ أساسية، وحركتنا تنطلق من الأسفل إلى الأعلى انطلاقًا من مَن يحتاج التعبير عن ذاته، مَن يحتاج الإبداع. ويقوم السعوديون أيضًا بنشاطاتٍ رائعة، فجماعتهم ضخمة وسرية ومبنية على الإنترنت. ويشكّل السعوديون 30% من جمهورنا. ونودّ جمع كافة هؤلاء الفنانين من أجل تمكينهم ولكي يكونوا مصدر إلهامٍ لبعضهم البعض للاستمرار في عملهم.
واكيم: تحاول الدول الأخرى في مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن تعرض ما لديها. فإذا نظرت إلى دبي واحتفالاتها الفنية، أو حتى في عمان، تجد الكثير من الكيانات التي تسعى إلى العرض من دون أن تحاول تربية الفنانين منذ الصغر على احتراف الفن. وهذا بالتحديد هو الفراغ الذي تحاول أن تملأه نقاط: التربية الإبداعية. ويتمّ تنفيذ هذا المشروع اللآن لأن هذا الجيل تحديدًا ناضجٌ ويتمتع بالقدرة على إحداث التغيير. لقد فتحت الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أعين هذا الجيل.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ماذا الذي يمكن أن تفعله الحكومات الخليجية لدعم الفنانين والحركات الفنية؟
حصة: الإصلاح التعليمي. من الضروري إدراج الفن والتصميم في المناهج الدراسية، وعلى الناس أن يدركوا أهميتهما في تطوّر الطفل، إذ ينمّيان التفكير الناقد لديه وقدراته على حلّ المشاكل بإبداع. ويساعد الفنّ أيضًا على التفكير أبعد من الحدود، والعمل المتعدد المجالات وباستخدام عدّة عملياتٍ فكرية. وأصبح النظام الدراسي في بلادنا قديمًا، والتلاميذ غير متفاعلين بل يتلقّون المعلومات فحسب. إلّا أنّ هذا النظام ما عاد يناسب أطفالنا. أطفال اليوم يريدون الإبداع، وليس الحفظ فحسب. لذلك فمن الضروري التركيز أكثر على التفكير الإبداعي في المدارس، ولهذا السبب نحن بحاجةٍ إلى الإصلاح.
واكيم: تملك الحكومات دائمًا القدرة على فعل المزيد. وتُعتبر دبي وقطر محظوظتين لأن قادتهما يدعمون ذلك سعيًا منهم إلى بناء علامةٍ خاصة ببلدهم. إلّا أنّ الوضع يختلف في الكويت والبحرين. فالحكومات بالكاد تؤمّن أي دعمٍ. ففي الواقع، القطاع الخاص هو الذي يساعدنا على السير قدمًا لأنه يدرك أهمية الفن.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي أهدافكم للعام 2016 وعلى المدى البعيد؟
دانا: نريد دخول المدارس والتعامل معها. كما أننا نرغب فب العمل مع وزارة التربية في السنوات الخمسة القادمة. وإذا نجحنا في ذلك قد نعمل أيضًا مع وزاراتٍ أخرى في المنطقة.
واكيم: هدفنا للعام 2016 هو إطلاق البرنامج المهني وبرنامج الأطفال بنجاح لكي نتمكن من الانتقال إلى المرحلة التالية من الإبداع. ويبقى هدفنا الأسمى أن تصبح نقاط مرجعًا لكل ما يتعلق بممارسة الإبداع.
بإمكانكم زيارة موقع نقاط الإلكتروني nuqat.meأو متابعة نقاط عبر موقع تويتر @Nuqatweets
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.