في وقت مبكر من السابع من أبريل/نيسان، قام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بخطوتين مفاجئتين من الرياض. الأولى، أقال نائبه علي محسن الأحمر دون مراسيم رسمية. والثانية، أعلن أنه سينقل السلطة الرئاسية إلى مجلس قيادة رئاسي من ثمانية أعضاء، عازلاً نفسه فعليًا من منصبه.
وعلى الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان هادي يمتلك بالفعل السلطة الدستورية لنقل الرئاسة – لكون الدستور اليمني ينادي بأن يكون الرئيس “منتخبًا” – إلا أنه من غير المرجح أن يأسف المجتمع الدولي على رحيله إلا ما ندر. تم في فبراير/شباط 2012 اختيار هادي في استفتاء تم فيه استبعاد الأصوات بـ “لا”، ليحل محل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي خدم لفترة طويلة، والذي استقال في أعقاب احتجاجات الربيع العربي.
لم يحظ هادي، الذي كان من المفترض أن يخدم لفترة انتقالية لمدة عامين، بشعبية خاصة على الإطلاق. في أوائل عام 2015، تم تمديد ولاية هادي لمدة عام، ولكن قبل انتهاء ذلك العام، أحكم الحوثيون سيطرتهم على صنعاء ووضعوا هادي رهن الإقامة الجبرية. في غضون أيام، كان هادي قد استقال من الرئاسة، ثم تمكن من الفرار من قبضة الحوثيين في صنعاء. قام بعد ذلك بإلغاء استقالته، وطالب الدول المجاورة لليمن بالتدخل عسكريًا لطرد الحوثيين من صنعاء، وفر إلى المنفى في السعودية.
على مدى السنوات السبع الماضية، كان يُنظر إلى هادي، على نطاق واسع، على أنه مسؤول تنفيذي غير فعال وعقبة في طريق السلام. لقد خرب محادثات السلام في الكويت في عام 2016 قبل حتى أن تبدأ بتعيينه لعلي محسن نائبًا للرئيس. لم يحظَ علي محسن بشعبية في الغرب نظرًا لعلاقاته بالجهاديين، ولم يكن مقبولًا لدى الحوثيين بسبب سلوكه ضد الجماعة خلال معارك صعدة من عام 2004 حتى 2010، وكان بمثابة سياج واقٍ ضد إبعاد هادي عن السلطة. وفي عام 2016 أيضًا، قام هادي بتجزئة البنك المركزي اليمني، وفصل الفرع الذي يسيطر عليه الحوثيون في صنعاء وإنشاء فرع جديد في عدن. أدت هذه الخطوة عمليًا إلى تجزئة الاقتصاد اليمني إلى قسمين، وهي أحد الأسباب التي أدت إلى تباين كبير في أسعار تداول الريَال اليمني في صنعاء وعدن.
ما يزال السبب الحقيقي الذي دفع هادي لاختيار هذه اللحظة للتنحي ونقل السلطة غير واضح، رغم أنه من المرجح أن ينطوي الأمر على ضغوط وحوافز سعودية كبيرة. جاء إعلان هادي في سياق مؤتمر اليمن برعاية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي عقد في الرياض، وبعد مرور أقل من أسبوع على إعلان وقف إطلاق النار لمدة شهرين في اليمن.
السؤال الآن: ما مدى فاعلية مجلس القيادة الرئاسي الجديد؟
ليس لليمن تاريخ جيد مع المجالس الرئاسية، التي غالبًا ما تكون محاولات يائسة للتستر على خلافات عميقة. وتميل لكونها اجراءات غير عملية في أحسن الأحوال، وهذا المجلس هو أكثرها شبهًا بوحش فرانكنشتاين.
في عام 1990، وعقب الوحدة مباشرة، شكل اليمن مجلسًا رئاسيًا من خمسة أعضاء. لكن سرعان ما آل ذلك إلى حرب سرية، وفي نهاية المطاف، بعد أربع سنوات، إلى حرب أهلية. حاول الحوثيون وصالح إنشاء شيء مشابه في عام 2016، حيث شكلوا المجلس السياسي الأعلى، الذي كان مصيره الانهيار بعد عام واحد فقط، وقام الحوثيون بقتل صالح.
من الواضح أن هذه المحاولة الأخيرة هي محاولة لإعادة تشكيل ما يشبه الوحدة داخل التحالف المناهض للحوثيين، والذي انهار نتيجة الاقتتال الداخلي في السنوات الأخيرة. المشكلة هي أنه من غير الواضح ما إذا كان هؤلاء الأشخاص، المختلفون الذين يحمل الكثير منهم وجهات نظرٍ متناقضة تمامًا، يمكنهم العمل معًا.
رئيس المجلس هو رشاد العليمي، الذي كان، سابقًا، وزيرًا للداخلية في عهد صالح ولديه علاقات وثيقة مع السعودية. الأعضاء السبعة الآخرون هم خليط غير متجانس من مراكز القوى المتنافسة داخل التحالف المناهض للحوثيين. على سبيل المثال، عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو إلى دولة جنوبية مستقلة، هو أحد أعضاء المجلس، وكذلك عبد الله العليمي (لا علاقة له برشاد العليمي)، مدير المكتب الرئاسي لهادي وعضو حزب الإصلاح الإسلامي. اشتبك حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي عدة مرات في السنوات الأخيرة. وما يزيد الأمور تعقيدًا أن الإمارات، التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي بزعامة الزبيدي، تعتبر حزب الإصلاح جماعة إرهابية بسبب علاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين.
تدعم الإمارات ثلاثة أشخاص آخرين في المجلس، على الرغم من أنه لا أحد منهم ينظر إلى مستقبل اليمن. الأول هو طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق. كان طارق في أحد الأوقات حليفًا للحوثيين، لكنه يحاربهم الآن. تكمن مشكلة صالح في كونه من المنطقة الشمالية، ويستقر الآن في الجنوب، حيث لا يحظى بشعبية كبيرة بسبب الإجراءات التي قام بها هو وعمه خلال العقدين الماضيين. والثاني هو فرج البحسني، محافظ حضرموت وقائد قوات النخبة الحضرمية. كان البحسني ينأى بنفسه عن المجلس الانتقالي الجنوبي على مدى العامين الماضيين، حيث أججت المجموعة الاحتجاجات الشعبية في حضرموت بسبب انهيار البنية التحتية وانقطاع التيار الكهربائي وانهيار العملة. والثالث هو عبد الرحمن أبو زرعة، وهو قائد في كتائب العمالقة، وكان له دور فعال في طرد الحوثيين من شبوة في وقت مبكر من هذا العام.
والعضوان الآخران في المجلس هما سلطان العرادة، محافظ مأرب وهو شخصية عشائرية، وكان يعمل عن كثب مع جماعة الإصلاح في السنوات الأخيرة. والعضو الأخر هو عثمان مجلي، وهو شيخ قبيلة في صعدة ومقرب من السعودية ومن المرجح أنه تم إدراجه في المجلس لتحقيق التوازن في التمثيل الجغرافي.
من الناحية النظرية، يُفترض في مجلس القيادة الرئاسي أن يجمع كافة الوحدات العسكرية والجماعات المسلحة المختلفة تحت مظلة كبيرة واحدة، إما للتفاوض مع الحوثيين أو، إذا فشل ذلك، تشكيل جبهة عسكرية موحدة. ولكن من الناحية العملية، ليس من المرجح أن تتمكن هذه الجهات الفاعلة، التي كانت تحارب بعضها بعضًا، من إلقاء رؤاها المختلفة جانبًا من أجل مستقبل اليمن والتوحد ضد عدو مشترك. إلى أي مدى، على سبيل المثال، ستندفع الوحدات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى الشمال لمحاربة الحوثيين، في حين أن المجلس قال سابقًا إنه مهتم فقط بدولة جنوبية مستقلة؟
تنظر العديد من تلك الجهات الفاعلة إلى الصراع في اليمن على أنه لعبة لا طائل منها، حيث تكون خسارة أحد الأطراف مكسبًا لطرف آخر. وسيكون من الصعوبة بمكان التغلب على هذا التحدي المتمثل في التعاون، حيث تقلصت في السنوات الأخيرة الكعكة الاقتصادية في اليمن في حين زاد عدد الجماعات المسلحة.
حقيقة أن الأمر كان يتطلب ثمانية أشخاص مختلفين، يمثلون ثماني مجموعات مختلفة لتشكيل مجلس رئاسي، هي علامة على مدى عمق الانقسام في التحالف المناهض للحوثيين في الوقت الراهن. حتى مع وجود ثمانية ممثلين في المجلس، لا يزال هناك عدد من المجموعات التي تُركت دون تمثيل، بما في ذلك جميع المجموعات الجنوبية غير المنضوية في المجلس الانتقالي الجنوبي. تم تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السعودية وبدعم من الإمارات، ما يعني أنه قد يكافح لتحقيق الشرعية على الأرض. سيرحب العديد من اليمنيين برحيل هادي حتى وإن كانوا قلقين بشأن ما هو قادم.