في الوقت الذي تتجه فيه كافة الأنظار إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم المرتقبة في قطر، والتي ستبدأ في نوفمبر/تشرين الثاني، تبرز رياضة أخرى، وتحظى باهتمام كبير في دول الخليج والعالم. تعد لعبة البادل، المعروفة أيضًا باسم بادل تنس، واحدة من أسرع الرياضات انتشارًا مع أكثر من 18 مليون لاعب في جميع أنحاء العالم. تم ابتكارها في المكسيك في ستينيات القرن الماضي، وهي من الألعاب المشتقة من التنس، وتُلعب زوجيًا في ملعب مساحته 10 ×20 مترًا، وكرة أصغر حجمًا من تلك المستخدمة في التنس، وباستخدام مضرب مثقب من ألياف الكربون. على عكس التنس وأكثر شبهًا بالاسكواش، يمكن للاعبين في لعبة البادل استخدام الزجاج الخلفي أثناء اللعب لإعادة الكرة إلى الخصوم.
تم إدخال لعبة البادل لأول مرة في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2013 على يد حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي والشخصية الشابة المعروفة بحبها للرياضة. وسرعان ما انتشرت اللعبة في جميع أنحاء دول الخليج، حيث أقيمت بطولات منتظمة، وتم افتتاح مئات الملاعب الخاصة والعامة في جميع أنحاء المنطقة خلال العقد الماضي. حظيت الرياضة بشعبية خاصة لدى الجماهير الشابة، خاصة بعد تفشي جائحة فيروس كورونا، حيث كان الأفراد يسعون لممارسة أنشطة بدنية بسيطة تحافظ على التباعد الاجتماعي.
مع نهاية بطولة ستار للاتحاد الدولي لرياضة البادل في الدوحة يوم 14 مايو/أيار، تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن مع محمد سعدون الكواري – أحد مؤسسي واحد من أكبر أندية لعبة البادل في قطر، بادل إن (PADEL IN) – ليطلعنا على المزيد حول دوره في تنمية جمهور رياضة البادل، وصعود هذه الرياضة في قطر والخليج. لقد كان محمد في السابق أيضًا لاعب تنس محترف، ومقدم برامج في قناة بي إن سبورتس، وهو السفير الرسمي للجنة العليا للمشاريع والإرث، ومن منظمي مباريات كأس العالم لكرة القدم في قطر لعام 2022.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هل لك أن تخبرنا عن خلفيتك في مجال الرياضة.
محمد: لقد لعبت التنس لمدة 16 أو 17 عامًا. بدأت ذلك عندما كان عمري 6 سنوات، ثم بدأت ألعب بشكل احترافي. وقد مثلت قطر في العديد من الفرق الرياضية الوطنية، بما في ذلك فِرق دون 12 عامًا ودون 14 عامًا ودون 18 عامًا، والمنتخب الرسمي. لقد أصبحت محترفًا في عام 2001 أو 2002. في عام 2003 تقريبًا، التحقت بالمجال الإعلامي، حيث أصبحت مراسلاً ثم مقدم برامج تلفزيونية. أصبح لي الآن 17 عامًا في مجال الإعلام حيث أعمل كمقدم برامج رياضية في قناة بي إن سبورتس التلفزيونية، وهي أكبر شبكة تلفزيونية رياضية هنا في المنطقة. توقفت عن لعب التنس بشكل احترافي حوالي عام 2006 بسبب عملي ودراستي.
أحمل شهادة البكالوريوس في العلوم الرياضية من جامعة قطر. في عام 2010، ذهبت إلى المملكة المتحدة وحصلت على درجة الماجستير الأولى في الصحافة التلفزيونية من كلية جولد سميث (Goldsmiths) بجامعة لندن. وفي عام 2016، حصلت على درجة الماجستير الثانية، وكانت ماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية من كلية الدراسات التجارية العليا (HEC) في باريس.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف بدأت الاهتمام بلعب رياضة البادل؟
محمد: قمت بتجربة لعبة البادل لأول مرة في دبي في عام 2016. تلقيت دعوة من نادٍ يدعى ند الشبا في دبي لحضور عرض تلفزيوني، وكجزء من العرض، دعوني لتجربة لعبة البادل. عندما بدأت اللعب، كان هناك مدرب فوجئ عندما رأى طريقتي في اللعب. سألني عما إذا كنت قد لعبت البادل من قبل فقلت له، “لا، هذه أول مرة في حياتي ألمس مضرب البادل”. أخبرته بأنني كنت لاعب تنس في السابق، وقال “صدقني، إذا بدأت لعب البادل، فستكون لاعبًا جيدًا”، فقلت، “شكرًا لك، لكن ليس لدينا ملعب للعبة البادل في قطر، لذلك سنرى ما يكون”.
بعد عام، وبالتحديد في عام 2017، قرر أخي افتتاح أول ملاعب للعبة البادل في قطر. افتتح ملعبين خارجيين في ساحة موقف السيارات لأحد الأندية الرياضية، وبدأت فورًا باللعب معه، وبدأت أحب هذه الرياضة. من هناك، بدأنا العمل على إيجاد جمهور لرياضة البادل. فامتلأت ملاعبنا وحضر الكثير من الناس.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما الذي دفع الناس، حسب رأيك، للعب البادل عندما افتتحتم الملاعب لأول مرة؟
محمد: هناك الكثير الكثير من الأسباب التي تدفع الناس للبدء بممارسة لعبة البادل، وأهمها أنها رياضة سهلة. يمكن لأي شخص أن يلعبها مهما كان سنه، من 6 سنوات إلى 60 أو 70 سنة. لعبت في دالاس مع شخص يبلغ من العمر 72 عامًا. كان يلعب بشكل جيد، وكان أيضًا لاعب تنس سابقًا. وهناك أيضًا زجاج خلفي وراءك، لذلك لديك دائمًا فرصة ثانية إذا تجاوزتك الكرة، على عكس التنس. كما أن الملعب صغير جدًا. حيث تبلغ مساحته 10 في 20 مترًا – لذلك لا يضيع الكثير من الوقت في الركض وراء الكرة أو لجلب الكرة كما هو الحال في التنس.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف تطور نادي بادل إن كمشروع تجاري؟
محمد: في عام 2019 قررنا الانتقال إلى المستوى التالي. كان ذلك عندما أنشأنا علامتنا التجارية الجديدة وهي بادل إن PADEL IN)). ولها الآن ثلاث سنوات قيد العمل. أطلقنا عليها اسم بادل إن، “إن” مأخوذة من “in” لكونها لعبة داخلية. كنا نعتقد أن نموذج العمل سيكون أفضل في الداخل بسبب تحديات الطقس، ليس فقط في قطر ولكن في جميع أنحاء العالم. كان هدفنا إنشاء علامة تجارية دولية. كنا نرغب أن نرى أسماء دول أو أماكن أخرى تتبع اسم بادل إن. على سبيل المثال، هناك بادل إن أسباير، ثم بادل إن الكويت. هذه هي الفكرة من وراء الاسم.
لدينا حاليًا أربعة أندية في قطر، ويعد بادل إن أسباير أكبرها، ولكنه يعد أيضًا أكبر منشأة داخلية في آسيا وأفريقيا حيث يضم 13 ملعبًا. لدينا ثلاثة أندية أخرى هنا في قطر، يقع أحدها في مركز تجاري، ونادٍ آخر في الصحراء في مكان يدعى سيلاين، والثالث في الخور في شمال قطر. كما نمتلك أندية داخلية في الكويت والسعودية. وما زلنا نتوسع – تتمثل فكرتنا في المقام الأول بإنشاء أندية في المنطقة ثم ربما نتوسع خارج المنطقة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هل كان من الصعب إيجاد جمهور محلي لرياضة البادل؟
محمد: لا، في الواقع كان الأمر في غاية السهولة. استهدفنا في بادئ الأمر لاعبي التنس السابقين. فكان من السهل إقناعهم بتجربة اللعبة، ولحسن الحظ أحبوا جميعًا رياضة البادل من ممارستهم الأولى للعبة. تستمر المباراة لفترة طويلة، وكلما طالت فترة تبادل الضربات في أي رياضة مضرب، يكون الأمر دائمًا ممتعًا جدًا. وهناك شيء جيد آخر وهو أنني معروف جدًا على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث لدي ربما 3 ملايين متابع ما بين تويتر وانستجرام وفيسبوك. وهذا منحني الكثير من الشعبية في المنطقة. أعتقد أن آلاف الأشخاص تعرفوا على لعبة البادل من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بي، وهذا قد ساعدني أيضًا. يرغب الناس في تجربة البادل حال سماعهم عنها. في العادة – وقد تكون هذه طبيعة بشرية – فعندما تعلم أن المكان مزدحم، فإنك ترغب في الذهاب إليه. وهذا بالضبط ما حدث من الأسبوع الثاني أو الثالث. فقد تم حجز النادي الخاص بنا بالكامل. كنت أنا وإخوتي نذهب إلى الملاعب على الساعة الرابعة أو الخامسة صباحًا، قبل أن يفتح النادي، لأن النادي كان ممتلئًا، ولم نكن نريد أن نأخذ مكان الآخرين. ثم، تدريجيًا، أصبح الجمهور أكبر فأكبر. بعد شهرين أو ثلاثة، بدأنا في تنظيم البطولات. وهذا كل ما في الأمر!
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو الدعم الخارجي الذي تلقته رياضة البادل في قطر؟
محمد: لدينا بعض الجهات الراعية، معظمهم من القطاع الخاص. ليس للحكومة دور كبير في نشر هذه الرياضة. لكن هناك بعض المبادرات العامة. تقوم معظم الأندية التي تملكها الحكومة تحت مظلة وزارة الرياضة ببناء الملاعب وهذا أمر جيد. ويساعد على تطور الرياضة.
أحد مصادر دخلنا في بادل إن هو بناء الملاعب للآخرين. فقد قمنا ببناء أكثر من مئة ملعب في البلاد، بعضها في قصور خاصة وللعائلات المالكة. كما بنينا بعض الملاعب لفنادق خمس نجوم مثل كمبينسكي اللؤلؤة وسانت ريجيس. نعتقد أنه ببنائنا للملاعب، فإننا نجلب مزيدًا من الأشخاص للرياضة، وأن حصتنا في السوق سوف تزداد تدريجيًا. عادة ما يكون هامش الربح الذي نحققه من بناء الملاعب محدودًا جدًا لأننا نريد المساعدة في ازدهار هذه الرياضة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف انتشرت رياضة البادل في المنطقة؟
محمد: تعود بداية اللعبة في دولة الإمارات، على ما أعتقد في عام 2013. كان ذلك عندما افتتحوا أول الملاعب. ثم بدأت قطر في عام 2017، لكنني أعتقد أن عدد الملاعب التي افتتحها الكويتيون في العام الماضي هو نفس عدد الملاعب التي تم بناؤها في قطر في السنوات الأربع الماضية. انتشار رياضة البادل في الكويت أمر لا يصدق، فهو سريع جدًا – أسرع من أي مكان آخر. لا أعرف الأسباب الرئيسية لذلك، ولكن عادة ما يكون الكويتيون شغوفين جدًا بالرياضة وفي غاية النشاط. كما أن توجهاتهم العملية تدفعهم للأعمال التجارية. فإذا وجدوا أي فرصة عمل، يسرعون إليها – وينجزونها في أسرع وقت ممكن. وهذا أمر جيد، فقد أصبح جميع أهل الكويت يعرفون لعبة البادل.
مستوى اللاعبين الكويتيين آخذ في التحسن. في البطولتين الخليجيتين الأخيرتين حصلوا على الميدالية البرونزية. اعتقد أن عدد الملاعب والطريقة التي يفتتح بها الأفراد النوادي هو أمر غير صحي. يتم افتتاح النوادي بشكل أساسي في الهواء الطلق وبعضها بجانب بعض. وأرى أن هذه الملاعب ستبدأ بالمعاناة في غضون عام أو عامين لأن عدد الملاعب المعروضة ربما يكون أكبر من الطلب. الآن، الطلب على الملاعب أعلى من العرض؛ لهذا السبب يرى الناس فرصة استثمارية في افتتاح المزيد من الملاعب. لكن بعد فترة، أعتقد أنه سيزداد قلق الناس بشأن جودة الملاعب، وسيصبح الناس أكثر اهتمامًا باللعب في الداخل أكثر من الملاعب الخارجية.
على مستوى المنافسة، كان أداء قطر جيدًا حقًا. في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، نافسنا في تصفيات التأهل لكأس العالم في لعبة البادل هنا في قطر مع دولة الإمارات ومصر والسنغال وإيران واليابان. كان هناك مركز واحد فقط في كأس العالم لآسيا وأفريقيا مجتمعين – وكان المجموع 16 – ولحسن الحظ، تمكنا من التأهل. كنا الدولة العربية الأولى والوحيدة التي تتأهل لنهائيات كأس العالم في لعبة البادل، وهذا إنجاز عظيم.
لدينا اليوم حوالي 10 لاعبين قطريين في التصنيف الدولي. وأتمتع أنا بأعلى تصنيف، حوالي 134 على مستوى العالم. هذا يضفي الإيجابية على عملنا لأنه يمنحنا المصداقية. عندما يأتي الأفراد إلى نادينا ويرون أن أصحاب الملاك يمارسون اللعبة -ويلعبون على مستوى عالٍ – فهذا يثبت أن هذا مكان لأشخاص على دراية بهذه الرياضة، وأنهم لا يفعلون ذلك فقط من أجل المال، بل بسبب شغفهم بهذه الرياضة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو الشيء المفضل لديك في لعبة البادل؟
محمد: بالنسبة لي، لعبة البادل تشبه الحلم. عندما يتعلق الأمر بالعمل، فأنا لدي 10 سنوات من الخبرة في مجال الأغذية والمشروبات. ولدي 17 عامًا من الخبرة في مجال الإعلام، ولدي خلفية سابقة في التنس حوالي 16 أو 17 عامًا. لعبة البادل جمعت كل ذلك معًا. وهكذا، فقد ساعدتني عقلية العمل وما لدي من خلفية على إنشاء نموذج جيد في العمل في مجال ريلضة البادل. ساعدتني معرفتي السابقة في التنس على أن أكون لاعبًا جيدًا، وهذا ما كنت أريده حقًا؛ فقد جعلني ذلك أمثل قطر مرة أخرى، وهو ما يسعدني دائمًا. وهناك شيء آخر جيد في لعبة البادل وهو أن اللاعبين عادة يمكنهم اللعب على مستوى عالٍ حتى سن 45 عامًا، وهذه ميزة لا يمكنك العثور عليها في أي رياضة أخرى. لذلك، على سبيل المثال، في تصنيفنا في إحدى بطولاتنا لأفضل 30 لاعبًا، وجدنا أن هناك ثلاثة لاعبين فوق سن 40 عامًا. بالنسبة لي، هذه نعمة. وأخيرًا، فإن التواصل الاجتماعي والعلاقات التي ألمسها – ليس فقط بيني وبين الناس وإنما أيضًا بين الناس بعضهم ببعض- تعد شيئًا رائعًا حقًا. يتعرف الكثير من الناس على بعضهم بعضًا في ملاعب البادل، الأمر الذي من شأنه أن يوسع هذا المجتمع. والأمر الجيد هو أن المجتمع هنا متعلم جيدًا وبسيط، أي شخص يمكنه التحدث مع أي شخص آخر. فالرياضة تجمع الناس بعضهم ببعض، ويسعدني أن أكون جزءًا من هذا.
مع اقتراب عام 2024 من نهايته، لا يزال عدم اليقين يخيم على أسواق النفط بسبب المخاطر الجيوسياسية، وضعف الطلب الصيني الذي جاء أقل من المتوقع، والتطورات المتعلقة بالتحول في مجال الطاقة.
مع سعي ترامب لتحقيق زيادة هائلة في إنتاج النفط والغاز الأمريكي، وعرقلة صادرات النفط الإيرانية، فإنه لن يتردد في التدخل بقوة في سوق النفط.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.