ملخص تنفيذي
لطالما تداخل النفط والنمو الاقتصادي والسياسة في الشرق الأوسط، ما أدى إلى تحوّل المنطقة على مدى السنوات الخمسين الماضية إلى لاعب ناشط على الساحة العالمية. وبعد عقود من الارتفاع شبه المنتظم في أسعار النفط، خلّف الانهيار المفاجئ لهذه الأسعار في منتصف عام 2014 أثرًا دراماتيكيًا على الإقتصاد السياسي في المنطقة وفرض تحديات هائلة ستحدد في نهاية المطاف مسارًا جديدًا للتنمية المستقبلية في المنطقة. توقّعت في البداية البلدان المنتجة للنفط أن يكون الانخفاض في الأسعار موقتًا ولكن سرعان ما اتّخذ هذا التوقع منحى سوداويًا في عام 2015 وتقبّلت هذه البلدان أن تحولًا نوعيًا في قطاع النفط العالمي قد حصل. فقد غيّر تطوير استخراج النفط الصخري الذي يعتمد على التكنولوجيا الخط السائد الذي سيطر على القطاع منذ زمن طويل والقائم على ارتفاع أسعار النفط بانتظام في مقابل تراجع قاعدة الموارد التي يزداد ثمن تطويرها، إذ سيزيد النفط الصخري هذا من مدّة توفّر الإمدادات العالمية في المستقبل ضمن بيئة تزداد فيها التنافسية وتنخفض فيها أسعار النفط.
من أجل دراسة التحول النوعي في سوق النفط العالمية والآثار الجغرافية السياسية والاقتصادية المترتبة على منطقة الخليج، استضاف معهد دول الخليج العربية في واشنطن مؤتمر الطاقة السنوي الثاني “الدبلوماسية النفطية: التحديات في عالم الطاقة الجديد” في 19 أيلول/ سبتمبر 2016. ضمّ المؤتمر مدراء من قطاع النفط وعلماء اقتصاد وخبراء في السياسة الخارجية وباحثين ومسؤولين حكوميين لمناقشة المحرّكات الأساسية لأسعار النفط المرتقبة، واستراتيجيات الاستثمار في صناعات المنبع النفطية، وإصلاحات سياسات الاقتصاد والطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، وأثر الأسعار المنخفضة على برامج السياسة الخارجية إقليميًا وعالميًا.
النتائج الرئيسية
● شكّل الانخفاض الخطير لمنسوب الاحتياطي وتزايد العجز المالي محور نقاشات عامة وتجدر الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع حاليًا بوضع مادي أفضل بكثير مما كان عليه في فترات الركود السابقة يخوّلها اجتياز المحنة. وفي حين سيشكّل فرض الإصلاحات تحديًا على الصعيدين السياسي والاجتماعي، تتوفّر مجموعة من مانعات الصدمات المالية للمساعدة على التخفيف من حدة الأثر. ومع ذلك، ستخفّف الحاجة إلى الحفاظ على توازن دقيق في بيئة اقتصادية صعبة ومنخفضة النمو وممتدة على سنوات متعددة من وتيرة التغيير.
● إن الاعتراف بأن أسعار النفط ستبقى منخفضة لفترة زمنية أطول وأن توقيت الانتعاش المستدام للسوق يحيط به مستوى عالٍ من عدم اليقين يوفّر الزخم السياسي لفرض الإصلاحات الاقتصادية. وستؤدي بيئة أسعار النفط المنخفضة هذه في نهاية المطاف إلى تقييد إمدادات النفط وتقوية الأسعار بشكلٍ أكبر في المستقبل ولكن التوقيت والمستوى لا يزالان قيد النقاش.
● يزيد ظهور النفط الصخري غير التقليدي من مستوى التعقيد في التنبؤ بارتفاع أسعار النفط وبالتالي بارتفاع عائدات النفط الحكومية. وتتراوح التوقعات الاقتصادية السائدة بين 50 إلى 60 دولارًا للبرميل حتى عام 2020. لكن في الوقت عينه، تختلف وجهات النظر بين المتخصصين في هذا القطاع مع توقّع نطاق أسعار أوسع بكثير يتراوح بين 40 و75 دولارًا للبرميل حتى نهاية العقد الحالي.
● تسبب عامان من الانخفاض المنتظم في أسعار النفط ببروز أزمة بالنسبة للأوبك (منظّمة الدول المصدرة للبترول) أيضًا إذ حاول الوزراء البحث عن إطار عمل جديد للسياسات من شأنه أن يؤدّي إلى أسواق قوية. ومن المتوقع أن يحلّ تغيير في السياسة يهدف إلى زيادة عائدات النفط محلّ استراتيجية حصة السوق المعمول بها منذ أواخر عام 2014. هذا وأفاد خبراء الأوبك في المؤتمر أن الانهيار الكارثي في عائدات النفط سيؤدّي إلى درجة أكبر بكثير من التعاون والتسويات بين الأعضاء في اجتماع 30 تشرين الثاني/ نوفمير في فيينا مقارنة مع ما ظهر في السنوات القليلة الماضية. ومع ذلك، سادت أيضًا شكوك بشأن قدرة الأوبك على تخطّي مطالب الأعضاء الأفراد التي لا تُعد ولا تُحصى للتوصل إلى اتفاق جدير بالثقة واُثيرت أيضًا المخاوف بشأن التقيّد بالاتفاق إذا تم التوصل إليه. وفي حال لم تنجح الأوبك في تطبيق الاتفاق قد تنخفض أسعار النفط إلى أقل من 40 دولارًا للبرميل وسيطرح ذلك من جديد مسألة أهمية المنظمة وجدواها.
● تتسبب مستويات الاضطرابات الجيوسياسية العالية في المنطقة بتوتّر العلاقات بين دول الخليج وتفاقم المشاكل المالية. فلقد أدّت الحرب الأهلية في سوريا واليمن إلى مزيج كبير من المصالح المتضاربة بين البلدان وتأزّمت أيضًا العلاقات السعودية الإيرانية المتوترة أصلًا نتيجة تدخّل طهران في صراعات اليمن وسوريا والعراق. وتخلّف أسعار النفط المنخفضة الأثر الأكبر على البرامج السياسية التابعة لبلدان منطقة الخليج الثلاثة الكبرى، أي السعودية وإيران والعراق وقد يترك ذلك آثارًا واسعة النطاق على أسواق النفط العالمية.
اقرأ البحث كاملًا