في 31 أكتوبر/تشرين الأول، أكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، الهيئة الحاكمة لكرة القدم العالمية، على حسابه الشخصي على إنستجرام على ما يبدو أنه كان أمر واقع بالفعل: سوف تستضيف السعودية بطولة كأس العالم 2034. وقد اتسم السبيل إلى هذه النتيجة بعدد من الأمور الاستثنائية لصالح المملكة. تم منح كأس العالم 2030 لست دول موجودة في ثلاث قارات، ما أدى إلى تسريع عودة منطقة آسيا/أوقيانوسيا كمضيف للبطولة التالية التي ستقام بعد أربع سنوات. وأعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم على الفور دعمه للعرض السعودي. وتم في الأسبوع ذاته طرح الحملة السياحية للمملكة، “زوروا السعودية”، كراعٍ جديد للاتحاد.
توضح هذه السلسلة الرائعة من الإعلانات بشكل دقيق طموح السعودية الجديد في مجال كرة القدم العالمية، ونفوذ المملكة المتنامي داخل الهيئات الحاكمة لكرة القدم، إضافة لترابطهما المتأصل مع ترويج السعودية لنفسها. وفي حين تسعى المملكة للاضطلاع بدور أكبر في الرياضة العالمية وجلب الجماهير إلى السعودية الجديدة الودودة لزائريها، فإن عالم كرة القدم يشعر بهذا التأثير. تنفق السعودية مليارات الدولارات على المستويين المحلي والدولي، ويستهدف هذا الاستثمار جميع مستويات الرياضة – الدوري المحلي والمنتخب السعودي وملكية الأندية في الخارج، واستضافة البطولات الإقليمية والدولية. يعد هذا الرهان الكبير على كرة القدم بحد ذاته جزءًا من رهانات أوسع في الرياضة والترفيه، والتي هي في حد ذاتها جزء لا يتجزأ من المخطط الأكبر لرؤية 2030. لقد حقق رصد الأموال وإقامة العلاقات مكاسب تم الترويج لها على نطاق واسع: إغراء اللاعبين النجوم والشخصيات، وشراء نادي نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز والتقدم السريع الذي حدث له، والعروض الناجحة لاستضافة البطولات الكبرى، والتي بلغت ذروتها باستضافة أكبرها على الإطلاق، بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034.
كيف يمكن الربط بين مختلف هذه الأهداف والبرامج؟ هل يمكن أن يُكتب لها النجاح وتحت أي شروط؟ هنالك مخاطر وكذلك فرص – بالنسبة للسعودية والرياضة – في هذه الموضوعات والتشابكات المتعددة.
طموحات الدوري السعودي
في عام 2022، احتل الدوري السعودي للمحترفين المركز 20 عالميًا من حيث الإنفاق. لكن استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على أربعة أندية، مع تولي شركة النفط أرامكو السيطرة على نادٍ خامس، أدى إلى ضخ ما يقارب مليار دولار من أموال الدولة في الدوري السعودي، الأمر الذي تسبب في قلب مشهد كرة القدم في كلٍ من السعودية وأوروبا رأسًا على عقب.
سجل سوق الانتقالات الأوروبية لصيف 2023 رقمًا قياسيًا في الإنفاق، ويرجع السبب الأهم في ذلك إلى التزام الدوري السعودي للمحترفين بالسعي للحصول على اللاعبين. انضم إلى كريستيانو رونالدو في السعودية بعض من أشهر اللاعبين في العالم -نيمار وكريم بنزيما وساديو ماني- بالإضافة إلى مجموعة من اللاعبين الشباب الواعدين. أنهى الدوري سوق الانتقالات بثاني أعلى صافي إنفاق بين جميع الدوريات على المستوى الدولي، حيث حاز على ثلاثة من بين أكثر خمسة أندية من حيث صافي الإنفاق، واحتل الهلال في الرياض والاتحاد في جدة المركزين الأولين. ونقلت وسائل الإعلام البريطانية استياء أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بشأن ذروة الإنفاق والدخل، والتي تعمل الآن على افتراض أن السعوديين “لديهم ما يكفي من المال لمواصلة اقتناص المواهب من جميع أنحاء أوروبا على مدى السنوات العشر المقبلة”.
يقول كارلوس نهرا، الرئيس التنفيذي للعمليات في الدوري السعودي للمحترفين، إن أهداف الدوري تتمثل في “تحسين الأداء على أرض الملعب من خلال الاستحواذ على لاعبين من الطراز العالمي لملء الملاعب في البلاد، وفي نهاية المطاف، دعم تسويق المنتج الإجمالي الذي تحسن بشكل كبير”. تتمثل الأهداف في أن يصبح الدوري السعودي واحدًا من أفضل 10 دوريات في العالم من حيث كفاءة اللاعبين والإيرادات ونسبة المشاهدة. وكما هو الحال مع الأهداف الأخرى لأجندة التحول المُتضمنة في رؤية 2030 للمملكة، فإن هذا الأمر يعد واحدًا أمرًا طموحًا، حتى ولو أخذنا بعين الاعتبار التاريخ المعتبر لكرة القدم السعودية باعتبارها صاحبة أداء قوي في مسابقات الأندية والمنتخبات الآسيوية.
هذه المخططات لا ينقصها الالتزام بتوفير الموارد. بعد موجة الإنفاق الأخيرة، بلغت القيمة السوقية للاعبي الدوري السعودي للمحترفين حوالي 1.24 مليار دولار، الأمر الذي يضع الدوري في مستوى مماثل للدوري التركي الممتاز (1.25 مليار دولار)، الذي يحتل المرتبة التاسعة ضمن أفضل الدوريات في أوروبا. وفي حين أن ذلك أقل بكثير من قيمة لاعبي دوري الدرجة الأولى في إنجلترا (حوالي 10.95 مليار دولار) وفي إسبانيا (حوالي 4.7 مليار دولار)، إلا أن الدوري السعودي للمحترفين ليس بعيدًا جدًا عن القيمة السوقية المقدرة للدوري الأمريكي لكرة القدم (1.27 مليار دولار)، الدوري الأمريكي الذي استطاع استقطاب النجم ليونيل ميسي (الأمر الذي كان بمثابة خيبة أمل السعوديين).
وبطبيعة الحال، فإن جودة الدوري والإيرادات لا تقتصر على قيمة اللاعبين وحدها. أوبتا (Opta)، التي تضع تصنيف القوة للدوريات المحترفة عن طريق حساب المباريات المباشرة وترتيب الدوريات القُطرية وتلك القائمة حاليًا، تصنف الدوري السعودي للمحترفين في المرتبة 27 دوليًا، مع احتلال الدوري الأمريكي لكرة القدم للمركز الخامس عشر. ومع ذلك، فإن موجة الإنفاق الأخيرة من قبل الدوري السعودي قد رفعت بالفعل من تصنيف أوبتا له بتسعة مراكز في أقل من عام، ما يشير إلى أن الاستثمار المستمر يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التقدم السريع نحو هدفه بأن يصبح ضمن أفضل عشرة دوريات.
ومع ذلك، سوف يبقى التحسن في كفاءة الدوري السعودي وتسويقه مرهونًا بعوامل أخرى. يبلغ متوسط حضور مباريات الدوري السعودي للمحترفين حوالي نصف حضور مباريات الدوري الأمريكي لكرة القدم. وعلى الرغم من أن متوسط الحضور في مباريات الأندية السعودية الأربعة الكبرى (وجميعها في الرياض وجدة) في موسم 2022- 2023 قد اقترب من متوسط حضور المباريات في الدوري الأمريكي لكرة القدم، فإن الملاعب الأخرى في جميع أنحاء السعودية أصغر بكثير، وتجذب بانتظام جمهورًا يقل عن ألف متفرج. تعد تباينات الدوري علي مستوى كلا من مبيعات التذاكر وكفاءة اللاعبين أكبر مما هي عليه في العديد من الدوريات التي يسعى الدوري السعودي للمحترفين لأن يحل محلها. ولن يتعاظم هذا إلا باستحواذ صندوق الاستثمارات العامة وتركيزه على أربعة فرق كبيرة في المدن، ما من شأنه أن يشكل تحديًا أمام تحقيق القدرة التنافسية والربحية عبر الدوري. كما أن الحرارة المفرطة في السعودية في معظم أوقات الموسم تؤثر أيضًا على كثافة الحضور في مباريات الدوري.
وقد تظهر أيضًا مفاضلات بين تحسين كفاءة الدوري السعودي للمحترفين وتطوير لاعبي المنتخب الوطني السعودي. حاليًا، لأندية الدوري السعودي للمحترفين الحق في تقييد ثمانية لاعبين أجانب فقط، وذلك من أجل توفير مساحة لتطوير المواهب المحلية. ومع ذلك، فإن مطالب تحسين الكفاءة وإمكانية تسويق الدوري دوليًا قد بدأت فعلاً بتعزيز المطالب لرفع مستوى هذا السقف.
سوف يكون التقدم في المستوى التنافسي للدوري صعبًا أيضًا لأن السعودية تنافس في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بينما تلعب الأندية التركية، على سبيل المثال، مع أفضل الأندية العالمية في مسابقات دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، والتي تعتبر الأفضل وتحظى بمشاهدة عالمية. وقد أثار هذا الأمر التكهنات بأن السعودية سوف تستخدم نفوذها المالي المتزايد لشق طريقها إلى دوري أبطال أوروبا، وهو الاحتمال الذي رفضه رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. يحظى صندوق الاستثمارات العامة بحضور في مسابقة دوري أبطال أوروبا من خلال شرائه لنادي نيوكاسل يونايتد، الذي تأهل لمنافسات دوري أبطال أوروبا 2023-2024، ويوفر له فرص الترخيص للعلامات التجارية السعودية.
ما الذي تريده السعودية حقًا؟
غالبًا ما يتم تفسير الجهود الثمينة الرامية لزيادة قدرات الدوري السعودي الممتاز التنافسية على أنها خطوات نحو التسويق. وكما صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشكل مثير للجدل في مقابلة مع قناة فوكس نيوز مؤخرًا، “إذا كان الغسيل الرياضي سيزيد من الناتج المحلي الإجمالي لدينا بنسبة 1%، فسوف أستمر في القيام به. ولا أبالي”. تعبر خطط تحويل الدوري السعودي للمحترفين إلى الملكية الخاصة عن هذا الحافز المالي، كما هو الحال مع الاستثمارات الرياضية الأخرى، مثل تلك الموجودة في لعبة الجولف.
حددت الحكومة السعودية هدفًا يتمثل في زيادة الإيرادات السنوية للدوري السعودي للمحترفين إلى أربعة أضعاف لتصل إلى 480 مليون دولار بحلول عام 2030، ولا سيما من خلال زيادة مبيعات التذاكر وتوسيع حقوق البث. ومع ذلك، لم ترتفع إيرادات التذاكر بصورة كبيرة للدوري ككل بعد جلب النجم الدولي كريستيانو رونالدو إلى السعودية في يناير/كانون الثاني. ولم تجلب صفقات البث الموسعة سوى ما يقدر بنحو 710,000 دولار في عام 2022، وهو مبلغ زهيد مقارنة مع إيرادات الدوري الإنجليزي الممتاز التي تزيد عن 4 مليارات دولار.
ببساطة، من الصعب رؤية مسوغ منطقي للربح في الاستثمارات المباشرة للقيادة السعودية في الدوري السعودي للمحترفين. سيكون هناك حاجة لاستكمال المليار دولار، التي تم إنفاقها في سوق الانتقالات عام 2023، باستثمارات وتحسينات مستقبلية على مرافق تدريب الأندية وأدائها لمواصلة تحسين كفاءة الدوري ومكانته. إن حجم هذه الاستثمارات سوف يتجاوز الهدف المعلن المتمثل في تحقيق إيرادات سنوية بقيمة 480 مليون دولار بحلول عام 2030، حتى لو تم تحقيق ذلك أو تجاوزه.
وبدلاً من ذلك، فإن التركيز على التعاقدات مع النجوم وتوسيع نطاق التغطية الإذاعية يعزز الإستراتيجية التي تعتمد على وسائل الإعلام لجذب الاهتمام العالمي للدوري وللسعودية. تتجلى هذه الرغبة في استقطاب جمهور دولي في أفعال وتصريحات السعودية، مثل ادعاء مقدم البرنامج الرياضي وليد الفرج بأن التنافس بين كل من نادي النصر ونادي الهلال السعوديين هو الأقوى في الشرق الأوسط، متجاهلاً التنافس التاريخي بين ناديي الأهلي والزمالك في مصر، لكونه “يفتقر إلى جمهور دولي كبير”.
وقد أدى وصول نجوم مشهورين عالميًا، مثل رونالدو ونيمار وكريم بنزيما، إلى تحسين جاذبية الدوري السعودي للمحترفين لوسائل الإعلام الرياضية الدولية. حيث تم التفاوض على ترتيبات جديدة للبث مع فوكس سبورتس (Fox Sports) في الولايات المتحدة، وكنال بلس (Canal+) في فرنسا، وشبكة دازن (DAZN) في كندا والعديد من البلدان الأوروبية. ستدير مجموعة إدارة الرياضة العالمية IMG بثًا دوليًا مباشرًا مع تعليق باللغة الإنجليزية. من الممكن أن تجد صحفيين الرياضة الأوروبيين المرموقين يحضرون مباريات الدوري السعودي في مناطق نائية مثل الطائف، ويسجلون بودكاست رياضية لصحيفة عرب نيوز اليومية السعودية الصادرة باللغة الإنجليزية. وتقوم الآن العديد من المجلات الرياضية والصحف اليومية الأوروبية بتغطية مباريات الدوري السعودي للمحترفين، وتفيد بعض التقارير بأن هناك شخصيات بارزة في وسائل التواصل الاجتماعي تحصل على أموال للترويج للدوري.
ولا معنى لهذه الاستراتيجية القائمة على وسائل الإعلام والاستثمارات الحكومية إلا ضمن السياق الأوسع لرؤية 2030 وبرنامجها لتطوير الرياضة والسياحة، وفي نهاية المطاف الاندماج الاقتصادي العالمي للمملكة من خلال التجارة والتكنولوجيا والثقافة. وهذا بدوره يتطلب إقامة علاقات دولية مع النخب في مجالات الرياضة والفنون والتكنولوجيا – وفي نهاية المطاف التغيير الجوهري لوجهات النظر تجاه المملكة من أجل جذب النخب والجماهير العالمية للمملكة سريعة التطور.
ولجذب هذه الدعاية الإعلامية لصالح السعودية وتحقيق الراحة في نهاية المطاف، ثمة عدد قليل من سفراء العلامات التجارية الأكثر شهرة ومتابعة من نجوم كرة القدم العالميين، مثل رونالدو. فعقده مع السعودية يمتد إلى ما هو أبعد بكثير من كرة القدم، ليشمل الترويج للمملكة ومشاريعها الجديدة. وقد تم استخدام إطلالته المعروف بها عالميًا للترويج الوطني، مثل مقطع فيديو نشره نادي النصر له وهو يرتدي اللباس التقليدي للاحتفال باليوم الوطني السعودي. وقد حصل منشور حديث لرونالدو على إنستجرام حول اجتماعه مع محمد بن سلمان لمناقشة إطلاق مشاريع الرياضة الإلكترونية الجديدة في السعودية على أكثر من 10 ملايين إعجاب. كما يمكن النظر إليه أيضًا على أنه سفير دبلوماسي للنوايا الحسنة، حيث اجتذب المشجعين المهووسين في إيران عندما زار فريقه البلاد في الفترة التي كانت الرياض تسعى لتحقيق انفراج في العلاقات مع طهران. ومن خلال وجود هذه الشخصيات، المعروفة والمسوقة عالميًا تقريبًا، فقد أصبحت سمعة السعودية الآن مختلفة وأفضل على الصعيد العالمي، بدءًا من الإعلانات عن مواقعها التراثية والترفيهية إلى قمصان رونالدو لاعب النصر المقلدة التي تباع في الأسواق الآسيوية.
جاذبية أم اضطراب؟
إن نجاح السعودية في استخدام نفوذها المالي وعلاقاتها المتنامية مع الهيئات الحاكمة الدولية لجذب كرة القدم العالمية إلى المملكة هو أمر ليس محل نقاش. يعد نجاح السعودية في ضمان حقها في استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، والتي تعد الحدث الأبرز في كرة القدم العالمية والرياضات الدولية بالطبع، أمرًا لافتًا للنظر، ولا سيما لأنه جاء بعد فترة وجيزة من استضافة قطر، المثيرة للجدل إلى حد ما، لكأس العالم 2022. لقد مهدت القيادة السعودية الطريق لهذا الإنجاز على مراحل. ففي عام 2027، ستستضيف السعودية بطولة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وهي مسابقة تقام كل أربع سنوات لتحديد بطل قارة آسيا. وهذا من شأنه أن يوفر مبكرًا هدفًا للسعودية لإقامة مرافق جديدة، واختبار البنية التحتية الجديدة.
وعلى نحو مشابه، تستضيف السعودية عددًا من بطولات الكأس لمسابقات في دوريات أخرى لكرة القدم. بدأت السعودية باستضافة كأس السوبر الإيطالي والإسباني في عامي 2018 و2019 على التوالي، وعملت على تغيير شكل كل منهما إلى بطولات من أربعة فرق، واقترحت تمديد هذه الاستضافة لمدة 10 سنوات. وبدأت كذلك باستضافة كأس السوبر الأفريقي في عام 2023. ومن شأن كل ذلك أن يوفر فرصًا ترويجية لتقديم المملكة إلى جماهير دولية متنوعة. وقد أثبتت هذه الترتيبات أنها مربحة للدوريات التي تعاني من ضائقة مالية، لكنها أصبحت موضع جدل لدى المشجعين المحليين، حيث جرت مسابقات الكأس التقليدية هذه بعيدًا عن الوطن، وإعادة تنسيقها لتتوافق مع التحركات السعودية.
ويشير هذا إلى الاضطراب الذي أحدثته السعودية في عالم كرة القدم، وهي النقطة التي أكدها تدفق النجوم الأوروبيين إلى المملكة، والدخول المتضخم ماليًا لفرق الأندية السعودية إلى سوق اللاعبين الأوروبيين. ومع ذلك، فإن السعودية قد اتبعت التوجه ذاته الذي سلكته بالفعل دول الخليج الأخرى، وأبرزها قطر. لكن ثمة فروقات، ولا سيما في حجم السعودية الذي يسمح لها بإلقاء المزيد من الثقل، واستعدادها للعمل أحيانًا خارج إطار القواعد والهياكل الحاكمة. إن استشراء الأموال السعودية، وغيرها من دول الخليج الأخرى، في دعم الرياضة يولد الكثير من تضارب المصالح، حيث تقوم الدولة السعودية بدور المالكين ورعاة للعلامات التجارية والمُضيفين، مع وجود روابط مالية عبر كل هذه الوسائط. وتعد هذه فعلاً إمكانية مستقبلية للأندية التي تملكها الدولة السعودية، والتي ترعاها شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، للتنافس ضد بعضها بعضًا في البطولة القارية للأندية نفسها التي تحمل العلامة التجارية لرعاية الدولة السعودية.
ومما لا شك فيه أن دخول الأموال الخليجية يدفع كلاً من الدوري السعودي للمحترفين وكرة القدم الوطنية السعودية نحو توجه أكثر عالمية، وأكثر اعتمادًا على وسائل البث الإعلامي، والظهور على المستوى العالمي بشكل أكثر من الملاعب المحلية والمشجعين المحليين. ومع ذلك، فإن هذا التوجه العالمي لكرة القدم قائم بالفعل، ويتسارع بحكم تأثير أموال الخليج. إن دخول الدول، بأجنداتها الوطنية وثقافاتها الحاكمة، يفرض قضايا سياسية وحتى أخلاقية على الإدارة العالمية لكرة القدم، ولكن حتى الآن، يبدو أن الهيئات الحاكمة والنخب على استعداد لاستيعاب هذه الأمور.
إن الآراء الواردة هنا هي آراء خاصة بالكاتب أو المتحدث ولا تعكس بالضرورة آراء معهد دول الخليج العربية في واشنطن أو موظفيه أو مجلس إدارته