هذه النشرة هي جزء من سلسلة منشورات لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن (AGSIW) حول رؤية السعودية 2030، مجموعة واسعة من البرامج والإصلاحات التي اعتمدتها الحكومة السعودية ليتم تنفيذها بحلول عام 2030.
يتطلع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى نموذج جديد للمملكة العربية السعودية، أو على الأقل فتح مساحة كاملة من استوديوهات اليوغا والمنتجعات البحرية والروبوتات بدلاً من العمال المهاجرين. هذه هي صورة نيوم، وهو المشروع الرئيسي الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار لتطوير مساحة تزيد عن 10000 ميل مربع من الأراضي في الشريط الحدودي الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية على شواطئ البحر الأحمر، المتاخمة لشبه جزيرة سيناء المصرية وجنوب الأردن.
يتطلع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى نموذج جديد للمملكة العربية السعودية، أو على الأقل فتح مساحة كاملة من استوديوهات اليوغا والمنتجعات البحرية والروبوتات بدلاً من العمال المهاجرين. هذه هي صورة نيوم، وهو المشروع الرئيسي الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار لتطوير مساحة تزيد عن 10000 ميل مربع من الأراضي في الشريط الحدودي الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية على شواطئ البحر الأحمر، المتاخمة لشبه جزيرة سيناء المصرية وجنوب الأردن.
وكشف ولي العهد النقاب عن أن نيوم سيكون ملكًا للمستثمر من خلال طرح أول عام في سوق تبادل تجارية يتم تحديدها لاحقا، وحصل ذلك في 24 تشرين الأول/أكتوبر أثناء تقديمه الباهر للإمكانيات غير المكتشفة للمملكة العربية السعودية، وهو مصير مُحتّم ولا بد منه، وعلى نهج السعودي. ولعل أهم ما يميز الأرض الموعودة التي ستعمل القيادة الجديدة والتكنولوجيا على تشكيلها هو قدرتها على اجتذاب الاستثمار الأجنبي، كما أنه يعتبر “المشروع الأكثر طموحًا في العالم”. فإما أن يكون نيوم مفرطًا في الطموح أو تحديدا لمستوى التوقعات بصورة مبكرة.
وتميل أنماط التنمية الاقتصادية الخليجية إلى الاعتماد على المدن التي تخططها الدولة، أو على المواقع الجديدة ذات البنية التحتية الضخمة والاستثمار العقاري. وهذه المجتمعات هي أقصى ما يمكن الوصول إليه. وكما أوضح علماء التحضر الخليجي الجديد بالتفصيل، فإن المشاريع الضخمة التي تخلق أنظمة المعرفة بالإضافة إلى الحركة العمرانية الحضارية قد عززت من وجود مؤسسات الدولة وسلطاتها إلى أقصى حد ممكن، وذلك على حساب المجالات العامة والمجتمع المدني النابض بالحياة. إن الاعتقاد بأنه من الأفضل إدارة النمو الاقتصادي و الاجتماعي من الأعلى وفي وسط جديد وصافي، يعتبر جزءًا من هذا المنطق.
لقد كان الاستثمار الخليجي في العاصمة المصرية الجديدة بمثابة إحدى الخطط التي توظف الاستثمار الأجنبي لإعادة تشكيل حليف إقليمي، وإعادة توجيه مساره الاقتصادي. وكانت النتائج مخيبة للآمال. ولم تحقق العاصمة تقدمًا كبيرًا حتى بعد تدفق الاستثمارات الصينية، خاصة فيما يتعلق بوعدها بإقامة إسكان جديد لذوي الدخل المحدود. وفي الوقت نفسه، تحتاج الأحياء السكنية القديمة المكتظة بالسكان في القاهرة إلى المنافع والخدمات الأساسية، وجمع القمامة، والأهم من ذلك كله، فرص عمل غير حكومية بعيدًا عن الهيمنة العسكرية.
ليس من قبيل المصادفة أن كلا من المملكة العربية السعودية والصين لديهما قادة يعززون سلطتهم من خلال طرح مبادئ نظرية طموحة لتنمية الاقتصاد المحلي، واقتران ذلك بالتطلعات السياسية لقيادة إقليمية ودولية. ويبدو أن الدولة هي التي تقود الرأسمالية العالمية الجديدة إلى حد كبير، مدعومة بالنمو في المراكز المالية الجديدة في “الجنوب العالمي”. وكما يطرح التقرير الجديد لمعهد ماكينزي العالمي: “يتزايد اتساع العولمة المالية كاقتصاديات نامية –تتصدرها الصين– كلما تواصلت أكثر مع بعضها”. وسوف يتركز الاقتصاد العالمي الجديد بشكل كبير في محاور ومراكز التواصل بين البلدان النامية، كما هو الحال في مراكز الاقتصاد القديم مثل نيويورك ولندن.
لقد كانت الصين أكبر مستثمر أجنبي في العالم العربي في عام 2016، حيث خصصت 29.5 مليار دولار أمريكي للاستثمار، وفقًا للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات الكويتية. أما الولايات المتحدة فتأخرت كثيرًا باستثمار 7 مليارات دولار. ويتبع الاستثمار الصيني في موانئ خليجية جديدة مثل الدقم في عُمان منطق النمو بقيادة الدولة، ونماذج الاستثمار المجتمعي الأساسية التي يمكن فيها للمواقع الجديدة غير المأهولة أن تكون مراكز للنمو. لكن المحاذير هي أن المستثمرين الصينيين سيجلبون عمالهم لبناء البنية التحتية، وستعمل شركاتهم ذات الصلة على توريد وتزويد الخدمات للصناعات التحويلية الجديدة. إن حصص الصين الاستثمارية المتزايدة في الشرق الأوسط، وبالأخص في الخليج، والمشروعات الضخمة تعتبر تحولاً في التوجه لرأس المال المتنقل وسياسة التنمية الاقتصادية الموجهة من قبل الدولة.
في الخليج، نيوم هو الرؤية المحلية للتنمية الاقتصادية لسعودية جديدة. من الممكن للاستثمار الأجنبي أن يحقق ذلك ولكن الدولة السعودية تسعى للسيطرة على هذه الرؤية. تم الكشف عن المشروع في مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي الذي تستضيفه الرياض، في محاولة لتقديم السعودية الجديدة للأشخاص المعنيين في رأس المال العالمي، ولكن أيضًا لترسيخ مركزية المملكة العربية السعودية في العالم العربي وما وراءه، كمركز للتمويل والسلطة الإقليمية.
في سلسلة من اللقاءات الرفيعة المستوى، تنفتح المملكة العربية السعودية على العالم من خلال التوسع في تغطية الأخبار المالية واستضافة مؤتمرات القمم الدبلوماسية الرئيسية الفخمة. هناك انحراف حاد عن المملكة العربية السعودية المنعزلة والتقليدية القديمة. إن الصعود اللامع لمحمد بن سلمان هو تجسيد لتحديات المملكة الوشيكة. تحتاج المملكة العربية السعودية إلى التغيير السريع؛ ويجب عليها تغيير هيكلية اقتصادها السياسي وتفاعلها مع بقية العالم.
هنالك قضية سياسية شائكة مرتبطة بجدول الأعمال الاقتصادي وهي دور السلطة الدينية. يعمل الأمير محمد بن سلمان على معالجة التطرف الديني والتصدي له بصفته أول مسؤول حكومي سعودي يعترف رسميًّا بتأثير الثورة الإيرانية عام 1979 على السياسة الداخلية السعودية، في تمكينها لحركة الصحوة وتعريف المملكة بأنها قلب الإسلام السياسي ووصف تلك الممارسة بعبارات صارمة وفرضها على جميع المواطنين السعوديين. لقد واجه ولي العهد خطرًا كبيرًا نتيجة لهذا الإقرار، لقوله بأن السنوات الثلاثين الماضية في المملكة العربية السعودية “لم تكن طبيعية“، ما يعني ضمنيًّا أن العودة إلى علاقة طبيعية بين المؤسسة الدينية والدولة تستلزم إعادة التوازن لصالح سلطة الحكومة. تريد معظم دول العالم لولي العهد أن ينجح في إعادة التوازن، سواء داخل السعودية أم في مناطق النفوذ الديني السعودي الأوسع في الخارج. وترغب دول الخليج المجاورة، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، في أن ترى حكومة سعودية مستقرة تعترف بمطالب السكان الشباب بالحراك الاقتصادي والشرعية الدولية وجودة الحياة.
هنالك توجه كبير ناشئ من أجل تحقيق هذه الرؤى والطموحات التي وضعها الأمير محمد بن سلمان ووالده، الملك. في تلك الدول التي تسعى إلى تحدي النظام العالمي وإعادة تشكيل مناطق نفوذها الإقليمية ومواقفها الدولية من السلطة، فتجري هناك مركزية كبيرة في السلطة وصناعة القرار. وتتواجد في الصين والمملكة العربية السعودية رؤى منفصلة تقريبًا للنمو الاقتصادي، كمشاريع موازية لتعزيز قوة الدولة في بناء مصالح الأمة، ولكن مع القليل من مساهمة المواطنين. وسيكون التحدي الرئيسي هو دمج الفئة المستهدفة لمحمد بن سلمان -وهم الشباب السعودي- في هذه الرؤية الطموحة.
وتتطلب المشاريع الكبيرة مثل نيوم الشراء من الدول والتمويل الدولي في النظام الدولي. ويشير التحول في المملكة العربية السعودية إلى تحول أكبر في كيفية تحقيق التنمية الاقتصادية والرأسمالية العالمية. ويعتبر دور الدولة أمرًا بالغ الأهمية، فيها قادة محددون يركزون السلطة بأيديهم، ويتم توجيه رأس المال إلى برامج الدولة، ولكن تقع مهمة تلبية احتياجات السكان المحليين على فوائد هذه البرامج.