في أواخر شباط/ فبراير، أعلنت مديرية الأمن العام السعودية أنها ستسمح للنساء بالخدمة في الجيش برتبة جندي. وقد تدفقت الطلبات من المرشحات عبر تقديم الطلبات من خلال الإنترنت، على الرغم من وجود الكثير من القيود على أهلية المرأة على أساس السن والطول والوزن وحالة الزواج من الأجانب ومحل سكن ولي أمرها الفعلي. وتجري عملية التوسع في فرص المرأة في سوق العمل السعودي على قدم وساق. وفي أعقاب التعديل الذي شمل كبار ضباط الجيش والتعيينات الوزارية الجديدة، أصبحت تماضر بنت يوسف الرماح نائبًا لوزير العمل، ما يمثل خطوة أقرب إلى إشراك المزيد من النساء في مجلس الوزراء السعودي. وقد تكون مشاركة المرأة في القوى العاملة أهم عامل في النمو الاقتصادي متوسط المدى في المملكة.
السَّعْوَدَة، أو الاحتفاظ ببعض الوظائف والقطاعات للمواطنين السعوديين، هي جزء من جهود الحكومة لتخفيض فاتورة الأجور العامة وتحويل القطاع الخاص. وفي كانون الثاني/ يناير، أعلنت الحكومة عن توسيع قائمتها المتزايدة من الوظائف المقتصرة على السعوديين لتشمل بيع الساعات والنظارات والمعدات الطبية والأجهزة الكهربائية والإلكترونية وقطع غيار السيارات ومواد البناء والسجاد والسيارات والدراجات النارية والأثاث المنزلي والمكتبي، وملابس الأطفال ومستلزمات الرجال، وأدوات المطابخ المنزلية، والحلويات. وتطرح الطبيعة التجريبية للسَّعْوَدَة العديد من التساؤلات حول أي القطاعات هي المستهدفة ولماذا؟ وكيف ستتمكن الشركات الصغيرة من تحمل تكاليف أعلى الأجور في توظيف المواطنين. وينبغي لهذه السياسة أن تخلق فرصًا لجميع السعوديين، وخاصة للنساء السعوديات.
بالإضافة إلى السَّعْوَدَة، هناك مجموعة من الإصلاحات في ترشيد تكاليف الوقود والكهرباء، وضريبة القيمة المضافة الجديدة، فضلاً عن الدعم النقدي الذي يستهدف الأسر ذات الدخول المتدنية من خلال برنامج حسابات المواطنين، وجميعها تشوش على الاقتصاد حيث تحاول الأسر وضع حد أساسي شهري للنفقات. لقد ارتفعت أسعار الطاقة من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، وازدادت أسعار البنزين بنسبة تتراوح بين 80-120 في المئة في عام 2017، وفقًا لبحث أجرته المجموعة المالية هيرمس (EFG Hermes). أصبح هنالك توجس في ثقة المستهلك في المملكة العربية السعودية بين السعوديين والأجانب على حد سواء. كما أن صورة المرأة العسكرية السعودية تختبر حدود الثقافة الشعبية، هناك شعور غير مستقر “ماذا بعد؟” في ثقة المستهلك.
أظهر مؤشر ثقة المستهلك (Ipsos) في رويترز في أواخر عام 2017 استقرار التوقعات السلبية فيما يتعلق بالوظائف والاستثمار والنمو. ويشير كل من مؤشر (ماركت IHS) ومؤشر بنك الإمارات دبي الوطني إلى انخفاض حاد في مؤشر مديري المشتريات، حيث تراجع إلى 53.0 في كانون الثاني/ يناير بينما كان 57.3 في كانون الأول/ ديسمبر 2017، وهي أدنى قراءة في تاريخ الدراسة. وتثير هذه الضائقة الكثير من القلق حيث إنها ووجهت بأكبر النفقات المالية في التاريخ السعودي الحديث. لقد توسعت الميزانية السعودية لعام 2018، جنبًا إلى جنب مع الإنفاق الاستثماري الإضافي من صندوق الاستثمار العام، هناك 340 مليار ريَال سعودي (حوالي 90.66 مليار دولار) في الإنفاق الاستثماري المخطط لعام 2018. ومن حسن التدبير، فقد أخرت الحكومة التزامها بميزانية متوازنة حتى عام 2023. ولكن المضي في طريقها للخروج من الركود الحالي قد يتضمن مخاطر جوهرية.
إن أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على ثقة المستهلك والضائقة العامة وخاصة في القطاع الخاص، هم الضحية غير المقصودة لإصلاحات المملكة العربية السعودية، ألا وهم السكان المغتربون. بالنسبة للمقيمين، ارتفاع تكاليف المعيشة كان كبيرًا. وبالنسبة للمغادرين، فإن غيابهم يفاقم من الضعف في النشاط الاقتصادي. والعديد منهم يغادرون. يواجه ثلث سكان المملكة العربية السعودية المغتربون زيادات في الأسعار لا تستطيع حسابات المواطنين تغطيتها، أو إعادة مخصصات القطاع العام (الصادرة بمرسوم عام 2018 فقط). ويخضع العمال الأجانب لمجموعة من الرسوم الإضافية للمعالين والضرائب التي لا يتعين على المواطنين دفعها.
إن الأساس المنطقي لزيادة الرسوم والضرائب هو إيجاد تدفق بديل من الإيرادات الحكومية لتعويض الخسائر في عائدات النفط التي لا تزال تتفاقم منذ أواخر عام 2014. وعلى الرغم من أن ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2018 هي الأكبر على الإطلاق، إلا أن هنالك مدخرات تكاليف العمل. وترتبط عملية ترشيد الأسعار في الطاقة ومحاولات تخفيض فاتورة الأجور العامة بفرض ضرائب جديدة على التبغ والمشروبات السكرية وأخذ رسوم الطرق في الاعتبار، والعمل بتطبيق ضريبة القيمة المضافة في 1 كانون الثاني/ يناير، والجهود الجديدة الرامية إلى جمع الزكاة (الضريبة الإسلامية) بأثر رجعي على المؤسسات المالية، وعلى وجه الخصوص، التحرك للاستيلاء على الأصول من خلال حملة لمكافحة الفساد.
ولكن ليس بالضرورة أن توصلنا هذه الجهود إلى المردود الذي وعد به البعض. ولم تقترب عملية تطهير الفساد من وعدها بتوفير مبلغ 100 مليار دولار (تقترب التقديرات الحكومية للعائدات حتى الآن من 13 مليار دولار)، وستبلغ إيرادات ضريبة القيمة المضافة لعام 2018 حوالي 6 مليارات دولار. وبشكل خاص، فإن ضريبة القيمة المضافة (23 مليار ريَال سعودي أو 6.13 مليار دولار أمريكي) تضيف عائدًا حكوميًّا إلى ميزانية عام 2018 أقل من الزيادة في رسوم الوافدين (28 مليار ريَال سعودي أو 7.47 مليار دولار أمريكي) للحصول على التأشيرات والرعاية الأسرية.
هنالك مهمة واضحة جدًا بأعباء المصادر البديلة للإيرادات الحكومية المفروضة على العمال الأجانب. في حين أن بعض العمال الأجانب يختارون الرحيل، فإن الكثيرين منهم يجري تسريحهم أو فصلهم لتتكيف الشركات أيضًا مع ارتفاع أسعار الطاقة وانخفاض النشاط التجاري. والنتيجة هي الزيادات الحادة في أعداد المغتربين المغادرين. ووفقًا للهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، فإن أكثر من 300,000 عامل من ذوي الياقات الزرقاء (معظمهم من قطاع البناء) فقدوا وظائفهم في المملكة العربية السعودية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2017، وفقد حوالي 100,000 وظائفهم في الربع الثالث وحده. ولم يحل السعوديون مكانهم.
لم تنخفض وظائف ذوي الياقات البيضاء بالوتيرة نفسها، ولا يزال هناك طلب على مستوى العمال المحليين. في جوهرها، فإن إعادة هيكلة سوق العمل التي يجب أن تحدث من أجل وضع السعوديين العاملين في وظائف أكثر إنتاجية وتلك التي تعتمد على المعرفة سوف تتطلب المزيد من الوقت وهذه الفترة المؤقتة سوف تخلق بعض الاضطرابات، وخاصة في قطاع البناء والخدمات. هنالك أمل في ارتفاع أجور قطاعي الخدمات والبناء، وهو ما قد يكون مفيدًا للسعوديين على المدى البعيد، ولكنه على المدى القصير يضيف إلى ضغوط التضخم المالي وإعادة الطاقة لوضعها الطبيعي والعمل بتطبيق الضرائب – كل ذلك وفي الوقت نفسه فإن الإنفاق الحكومي سيقود أي نمو جديد. قد يكون هذا حلاً للعقود المتضخمة وسوء التسليم، الذي عانت منه المملكة العربية السعودية لسنوات، والذي كان الدافع المزعوم لحملة تطهير الفساد في أواخر عام 2017.
سوف يستغرق الأمر عقدًا أو أكثر (ما يفسر اختيار الاسم، رؤية 2030) لتتحول القوى العاملة السعودية وتؤدي أدوار الخدمة المهنية ذات الياقات البيضاء العالية الأجور، وخلق طبقة عاملة من السعوديين الراغبين في القيام بوظائف قطاع الخدمات والبيع بالتجزئة والبناء. ومن الجانب المشرق، فإن إشراك المرأة في القوى العاملة هو طريقة بسيطة جدًّا لتحفيز العمالة، وزيادة دخل الأسرة، والدفع نحو زيادة الإنتاجية في القوى العاملة. وقد تساعد السَّعْوَدَة ونزوح المغتربين على تسهيل الطريق نحو مشاركة المرأة في القوى العاملة، وفي بعض قطاعات الخدمات والبيع بالتجزئة. أما بالنسبة للقطاعات التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على العمالة الأجنبية (الذكور)، فإن التوقعات لا تعد بالكثير.
ماركت واتش مدونةٌ تأسست على يد الباحثة المقيمة الأولى في معهد دول الخليج العربية في واشنطن كارين إ. يونغ، وتهدف إلى توسيع المعرفة بمنطقة التقاء السياسة والمال في دول الخليج العربية.