ملخص تنفيذي
في عام 2022، وللمرة الأولى على الإطلاق، ارتفعت الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة بوتيرة أسرع من الاستثمار في الوقود الأحفوري، وذلك طبقًا لتقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية مؤخرًا. جانب كبير من هذا الزخم يعود للتقلبات التي حدثت في أسواق النفط والغاز في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط، والمخاوف من حدوث صدمة في قطاع الطاقة. إذن، ما هو موقف دول الخليج العربية المصدرة للنفط والغاز في سياق هذا النموذج الجديد للطاقة، وكيف يديرون عملية التحول الخاصة بهم في مجال الطاقة؟ بينما تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) في نوفمبر/تشرين الثاني، من المرجح أن يكون دور الهيدروكربونات في مزيج الطاقة المستقبلي من أكثر القضايا الخلافية – وهو ما سيحدد نجاح أو فشل القمة.
سيوفر كوب 28 فرصة لدول مجلس التعاون الخليجي، التي حددت أهدافًا لانبعاثات صفرية في مجال استخدام الكربون لإثبات أنها تأخذ خطر التغير المناخي على محمل الجد، وأنها تقوم بتنفيذ تدابير للحد من ووقف استخدام الكربون، وتقديم مشاركة ذات مغزى في الجهود العالمية الهادفة لانبعاثات صفرية في مجال استخدام لكربون. هناك عدد ضخم من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في طور التنفيذ في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، في نفس الوقت الذي تنتشر فيه صناعة الهيدروجين الأخضر، لكن عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر ستتطلب زيادة هائلة في قدرات الطاقة المتجددة. يجب تنفيذ التدابير المتعلقة باستخدام الطاقة بكفاءة بشكل أكثر صرامة لتقليل استهلاك الفرد المرتفع من الوقود الأحفوري في المنطقة، وتنويع مصادر الطاقة لتوليد الطاقة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
على الرغم من أن الوقود الأحفوري يشكل حوالي 80٪ من مزيج الطاقة العالمي، إلا أن التوسع السريع في الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء قد يؤدي إلى دفع الجدول الزمني لذروة الطلب على النفط. تتوقع وكالة الطاقة الدولية الآن أن يصل الطلب على الوقود الأحفوري إلى الذروة بحلول نهاية العقد الحالي، أو قبل ذلك، في حين أن الطلب على البنزين سينخفض في وقت أقرب مع تضاعف مبيعات السيارات الكهربائية. يمتاز الغاز الطبيعي بعمر افتراضي أطول في سيناريو التخلص من الكربون، ولكن انبعاثات الميثان يجب معالجتها إذا كان يُراد للغاز، كأحد أنظف مصادر الوقود الأحفوري، أن يكون وقود انتقالي.
إذا كان يريد منتجي النفط والغاز العرب البقاء في عالم الطاقة المعتمد على الكربون، فسيتعين عليهم إزالة الكربون من مصادر الطاقة الخاصة بهم والعمليات الصناعية المصاحبة لها عن طريق محاصرة ثاني أكسيد الكربون المنبعث عبر سلسلة القيمة أثناء قيامهم بتوسيع طاقتهم الإنتاجية لتلبية الطلب في المستقبل، ومواجهة التدهور الطبيعي من المخزون الموجود. سيسمح تحديد سعر للكربون بتوسيع نطاق محاصرة الكربون واستخدامه وتخزينه عبر دول الخليج بصورة كبيرة، وهو ما لا يحدث حاليًا. سيستمر النفط والغاز في شغل مساحة في سوق أصغر بكثير حتى عام 2050، على افتراض أنه يمكن إدارة المحتوى الكربوني. إن المنتجين العرب في الخليج في وضع جيد لتقديم نفط منخفض التكلفة ومنخفض الكربون، مع ترك إنتاج النفط المحتوى على الكربون بكثافة في باطن الأرض، وهو انتاج عالي التكلفة.
يجعل الاعتماد على صادرات النفط والغاز اقتصادات دول الخليج العربية عرضة لصدمات الأسعار التي ضربت بشدة خلال جائحة فيروس كورونا 2020 عندما انهار الطلب والأسعار. يؤكد هذا الواقع الحاجة الملحة لدول الخليج لتنويع اقتصاداتها بوتيرة أسرع بكثير بعيدًا عن الاعتماد الكبير على الهيدروكربونات. هناك حاجة إلى نموذج اقتصادي جديد لضمان الرفاهية المجتمعية والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة في منطقة معرضة بشدة لتغير المناخ. يترتب على خسارة تدفق عائدات كبيرة في البلدان المصدرة للنفط تداعيات اجتماعية واقتصادية، وتحتاج هذه العملية إلى إدارة دقيقة.
كواحدة من أكبر منتجي النفط في العالم ورائدة في تقنيات الطاقة المتجددة، ستحتاج الإمارات إلى إثبات قدرتها على توفير مساحة محايدة للمحادثات البناءة لدفع أجندة المناخ نحو نتيجة مقبولة لجميع الأطراف. لن تكون هذه مهمة سهلة، لكنها مهمة لم يعد من الممكن إحالتها إلى مؤتمرات قمة مستقبلية. بصفتها مضيفًا لما قد يكون قمة ناجحة للعمل المناخي، ستحتاج الإمارات إلى إيجاد أرضية مشتركة لإنجاح كوب 28 لأن الوقت المتاح يمر وميزانية الكربون المتبقية في الشرق الأوسط في طريقها للنفاذ.
اقرأ الورقة كاملة
حول مؤتمر الدبلوماسية البترولية
تعتبر هذه الورقة هي الأساس لمؤتمر الدبلوماسية البترولية 2023 في عامه التاسع. يعد المؤتمر، الذي ينظمه معهد دول الخليج العربية في واشنطن، حدثًا سنويًا مميزًا يجمع أصحاب المصلحة في قطاع الطاقة في دول الخليج العربية، والمتنافسين في مجال التوريد العالمي في أمريكا الشمالية والمحللين وصانعي السياسات لمناقشة كيف أن حدوث تغييرات في التكنولوجيا والأولويات المالية وفرص النمو يستمر في تغيير شكل العلاقة بين السياسة والطاقة لكلًا من المنطقة والعالم معًا.