ملخص تنفيذي
في نهاية عام 2023، استضافت الإمارات العربية المتحدة، ما اعتبر على نطاق واسع. مؤتمرًا ناجحًا للتغير المناخي (كوب28)، COP28، في دبي، حيث وافق ما يقارب من 200 طرف على التخلي عن الوقود الأحفوري، وزيادة الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة. وقد صرحت الأمم المتحدة أن نتيجة كوب28 تمثل “بداية النهاية” لعصر الوقود الأحفوري.
ومن أهم نتائج مؤتمر كوب28 كان صدور التقييم العالمي الأول الذي استعرض ما تم إنجازه بشأن إجراءات العمل المناخي منذ اتفاقية باريس لعام 2015 وتحديد الثغرات. وأقر المؤتمر بأنه بحلول عام 2030، يجب التخفيض من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 43٪ عن مستويات عام 2019 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية. وسوف تشكل النتائج أساسًا لخطط أقوى في مجال الإجراءات المناخية التي من المقرر أن تقدمها جميع الأطراف بحلول عام 2025.
تضمن الاتفاق النهائي في كوب28 ما يطلق عليه “اتفاق الإمارات”، وهو تعهد من المشاركين بزيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة إلى ثلاثة أضعافه بحلول عام 2030، وهذا يتطلب استثمارات بتريليونات الدولارات. وقد وقعت جميع دول الخليج العربية المنتجة للنفط على الاتفاقية، وبالتالي، بدأ العد التنازلي للوفاء بالتعهدات التي الإعلان عنها في دبي، وتسريع جهود عملية التنويع الاقتصادي للتخفيف من الاعتماد على عائدات النفط والغاز.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2023، تشدد منظمة أوبك على رسالة مفادها أن التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري لا بد أن يكون تدريجيًا لتجنب التسبب في صدمة للاقتصاد العالمي. وسوف يتطلب التحول الناجح وتحقيق أهداف إزالة الكربون معالجة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من جميع المجالات- الشحن والطيران والنقل البري والصناعات الثقيلة والزراعة وتحلية المياه وتوليد الكهرباء والتدفئة والتبريد. وقد جادل الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص بأن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها.
وفي مقال نُشره في 11 مارس/آذار لمنظمة (أوبك)، رسم الغيص صورة كارثية لما سيكون عليه العالم دون نفط، “إذا اختفى النفط غدًا، فلن يكون هناك وقود نفاث، سواء بنزين أو ديزل. وسوف تنقطع السبل بمحركات الاحتراق الداخلي للسيارات، والحافلات والشاحنات والعربات. ولن تقلع الطائرات التي تعمل على الوقود النفاث. وسوف تتوقف قطارات الشحن والركاب التي تعمل بالديزل. لن يتمكن الناس من الذهاب للعمل، ولن يتمكن الأطفال من الذهاب للمدارس. وسوف تنهار صناعة النقل البحري التي تنقل البضائع والركاب على حد سواء”. وأضاف قائلاً، “إذا اختفى النفط غدًا، فستتأثر صناعة الطاقة المتجددة. ستختفي الألياف الزجاجية، الراتنج أو البلاستيك الضروري لبناء معظم توربينات الرياح. وسيختفي الإيثيلين المستخدم في إنتاج ألواح الطاقة الشمسية… ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذه الحقائق، هناك دعوات تنادي “فقط أوقفوا النفط”، أو “اتركوه في باطن الأرض”، أو “لا تستثمروا في مشاريع النفط والغاز الجديدة””. وأضاف الغيص أن منظمة أوبك تريد أن ترى انخفاضًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مشيراً إلى أن صناعة النفط “كانت سباقة في هذا الصدد”.
على الرغم من أن الغيص لم يذكر الوكالة الدولية للطاقة، إلا أن منظمة أوبك كانت على خلاف مع الوكالة، التي تتخذ من باريس مقرًا لها، حول ما تصفه أوبك بأنه “شيطنة” صناعة النفط. وقد تباينت توقعات الطلب على المدى البعيد بين منظمة أوبك والوكالة الدولية للطاقة، كما أفضت التصريحات المتكررة التي أدلى بها فاتح بيرول (Fatih Birol) المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة، بأنه من المقرر أن يبلغ انتاج الوقود الأحفوري ذروته بحلول عام 2030، إلى توتر العلاقة بين المنظمتين. أما تقرير الوكالة الدولية للطاقة الصادر في عام 2021 بعنوان ” صافي الانبعاثات الصفري لعام 2050″، والذي فسرته منظمة أوبك على أنه دعوة موجهة للصناعة للتوقف عن الاستثمار في القدرات الإنتاجية الجديدة للنفط والغاز، فقد شكل هذا مصدرًا آخر للتوتر.
أشار الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر، في حديث له من هيوستن في مارس/آذار، إلى أن الطاقة المتجددة تشكل اليوم 4٪ فقط من مزيج الطاقة العالمي، في حين ظلت حصة الوقود الأحفوري ثابتة على مدى العقدين الماضيين عند 80٪.
وفي خضم التحول في مجال الطاقة، تأتي الأزمة في الشرق الأوسط المتمثلة في الحرب على قطاع غزة والصراع الدائر في أوكرانيا ليتسببا في ظهور عوامل خطر جديدة، الأمر الذي جعل المخاوف المتعلقة بأمن الطاقة تتصدر الأجندات السياسية للبلدان المستهلكة.
كما أدت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر إلى تعطيل تدفقات التجارة الدولية، وعرضت حرية تدفق الطاقة من الشرق الأوسط للخطر، على الرغم من عدم حدوث انقطاع لإمدادات النفط والغاز. وقد ظلت أسعار النفط مستقرة نسبيًا مع الجهود التي تبذلها أوبك للحفاظ على ثبات الأسعار من خلال تقليص الإنتاج بما يقل قليلاً عن 6 ملايين برميل يوميًا في العامين الماضيين.
في الوقت الذي يترسخ فيه التحول في مجال الطاقة في منطقة الخليج، فإن البلدان العربية المنتجة للنفط ستكون بحاجة للعائدات الهيدروكربونية لتعزيز عملية إزالة الكربون اقتصادها، وهي العملية التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على عائدات مبيعات النفط والغاز. الأمر الذي سيتطلب استقرار أسعار النفط عند مستويات تسمح بالتحول السلس مع تجنب الانقسامات وعدم الاستقرار الاجتماعي.
وذكر سعد بن شريده الكعبي، وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة، في المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض أن “عملية شيطنة النفط والغاز التي استمرت على مدى العقد الماضي… آخذة في التحول، فهناك تفهم بأن هنالك حاجة للنفط والغاز لفترة طويلة”.
ولا يزال الجدال قائمًا حول دور الغاز الطبيعي في عملية التحول في مجال الطاقة، لكن العديد من الدول الخليجية تعمل على توسيع قدراتها الإنتاجية على أمل أن تحل أنواع الوقود الأحفوري النظيفة محل الفحم ويحافظ على حصة كبيرة في مزيج الطاقة العالمي لعدة عقود قادمة.
ستكون السنوات القليلة القادمة حاسمة لدول الخليج والمجتمع الدولي ككل، حيث يتم إعادة تشكيل بنية منظومة الطاقة العالمية لتلبية طموحات صافي الانبعاثات الصفري.
قراءة الورقة كاملة بالإنجليزية
مؤتمر الدبلوماسية البترولية
تعد هذه الدراسة بمثابة الورقة التحضيرية لمؤتمر الدبلوماسية البترولية لعام 2024. الآن، وفي عامه العاشر، يشكل المؤتمر الذي ينظمه معهد دول الخليج العربية في واشنطن حدثًا سنويًا بارزًا يجمع المعنيين بقطاع الطاقة في دول الخليج العربية، والمنافسين العالميين في مجال الإمداد في أميركا الشمالية والمحللين وصناع السياسة لمناقشة كيفية استمرار التغيرات التكنولوجية والأولويات المالية وفرص النمو في تغيير العلاقة بين السياسة والطاقة لصالح كل من المنطقة والعالم.