في الساعة السابعة مساءًا، بالتوقيت المحلي، الثاني من أبريل/نيسان، دخل وقف إطلاق النار، الذي تم بوساطة الأمم المتحدة، حيز التنفيذ في جميع أنحاء اليمن. بدأ وقف إطلاق النار، أو “الهدنة” (التي تعني وقف الأعمال القتالية بشكل غير رسمي) كما تسميها الأمم المتحدة – ربما في إشارة إلى الأسس الهشة للاتفاقية، في اليوم الأول من شهر رمضان، ومن المقرر أن يستمر مبدئيًا لمدة شهرين.
ليس من المستغرب أن ترد بعض التقارير المتفرقة عن انتهاكات، معظمها في مأرب، التي كانت هدفًا لهجوم الحوثيين منذ فترة طويلة. من المرجح أن يكون هناك المزيد من الانتهاكات في الأيام المقبلة. ومع ذلك، فالمهم هو أن وقف إطلاق النار الأوسع سوف يصمد على الأقل لبضعة أسابيع.
إذا صمد وقف إطلاق النار، فيمكن أن يخلق فرصة لمحادثات السلام المستقبلية بطريقتين. الأولى، والأكثر وضوحًا، هي أن تستخدمه أطراف الصراع المحلية والأجنبية كخطوة أولى لصياغة سلام شامل. وهذا ليس مرجحًا. المسار الثاني سيكون إعادة توحيد التحالف المناهض للحوثيين بشكل أكثر تواضعًا، وحتى هذا سيكون صعبًا.
صادف 25 مارس/آذار الذكرى السنوية السابعة لبدء التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن. أحد الأسباب العديدة لاستمرار الصراع لفترة طويلة هو أن الأطراف المتحاربة قد تعاملت مع محادثات السلام كفرصة لتحقيق مكاسب على الأرض أكثر من كونها فرصة لإنهاء القتال.
آخر مرة جرت فيها محادثات السلام وتم وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد كانت في عام 2016، قوض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المحادثات قبل أن تبدأ بإقالته لنائب الرئيس خالد بحاح واستبداله بعلي محسن الأحمر. قام هادي، الذي كان قلقًا من احتمال استبداله كرئيس خلال المحادثات، باستخدام علي محسن كحماية، معتقدًا بحق أن الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يفضلون بقاءه في السلطة على رؤية علي محسن رئيسًا بالنظر إلى علاقاته مع الجهاديين. كما أن علي محسن كان خيارًا مستبعدًا بالنسبة للحوثيين الذين كانوا يلقون اللوم عليه في الكثير من الخراب والدمار في معارك صعدة من 2004 إلى 2010. وكانت النتيجة احتفاظ هادي بمركزه، وكما كان متوقعًا، ظلت المحادثات تراوح مكانها.
في عام 2018، وأثناء محادثات ستوكهولم، استغل الحوثيون العملية المتسرعة والاتفاقيات سيئة الصياغة لصالحهم. في ذلك الوقت، كانت القوات السعودية والإماراتية واليمنية الموالية لهادي تضغط على الحوثيين في الحديدة، الميناء الرئيسي للجماعة. ودعا مارتن غريفيثس، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن آنذاك، إلى السعي لتجنب الصراع الحضري داخل المدينة نفسها، وبدعم قوي من الولايات المتحدة وأوروبا، عمل على اجتماع ضم ممثلين عن حكومتي الحوثيين وهادي في ستوكهولم. توصل الطرفان إلى اتفاق الحديدة، الذي دعا إلى “إعادة انتشار متبادل”، وكلف “قوات الأمن المحلية” بمسؤولية الحفاظ على الأمن للمدينة، لكن الاتفاق أخفق في تحديد تركيبة تلك القوات. الأمر الذي أسفر عن تسليم مجموعة من الحوثيين السيطرة على المدينة لمجموعة حوثية أخرى.
إن وقف إطلاق النار الحالي، الذي يتضمن وقف جميع الهجمات الجوية والبرية من اليمن، وعليه وإعادة فتح مطار صنعاء جزئيًا، يعاني من أخطاء تحليلية وافتراضات معيبة مماثلة. على سبيل المثال، قال المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيموثي ليندركينج، لرويترز إن وقف إطلاق النار ناتجٌ، جزئيًا، عن طرح الحوثيين جانبًا “لفكرة النصر العسكري”.
تبدو هذه، في أحسن الأحوال، رسائل دبلوماسية مفرطة في التفاؤل. فالحوثيون لم يطرحوا جانبًا فكرة “النصر العسكري”، إذا لم تكن هناك أسباب أخرى، فهم يدركون أنهم لا يستطيعون البقاء لمدة طويلة دون مأرب ومواردها من النفط والغاز. وساعدت هذه المعركة، من أجل موارد اليمن المحدودة، بطرق عديدة في إشعال الصراع الأولي عندما أدرك الحوثيون أنه بموجب خطة هادي الفيدرالية لعام 2014، التي كان من شأنها أن تقسم اليمن إلى ست مناطق تتمتع بالحكم الذاتي، إلى حد كبير، سيتم عزلهم عن جزء كبير من عائدات النفط والغاز اليمنية. فالحوثيون لن ينسوا هذا، وهو سبب تركيزهم الشديد على مأرب في السنوات الأخيرة.
مع ذلك، ما تزال هناك بارقة أمل. فلأول مرة، في حرب حافظت فيها جميع الأطراف على ادعاءات متطرفة، كان هناك بعض التنازلات. كان الحوثيون يريدون فتح مطار صنعاء دون قيد أو شرط. لقد حصلوا على رحلتين أسبوعيتين إلى القاهرة وعَمان، كما حصلوا على تصريح لسفن الوقود بدخول الحديدة. هذا ليس بالأمر الكبير، ولكنه قد يشكل بداية.
لكن، حتى لو انهار وقف إطلاق النار في الأسبوع الأول، فربما يكون قد فتح مجالاً كافيًا لمزيد من الإنجازات المتواضعة.
وتستضيف السعودية حاليًا مباحثات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن اليمن مع عدد من الأطراف اليمنية. وكان المجلس قد وجه الدعوة للحوثيين، الذين اقترحوا الاجتماع خارج السعودية أو الإمارات، وهما الدولتان المتورطتان بشكل مباشر في الحرب في اليمن. عندما رفضت السعودية نقل المحادثات، رفض الحوثيون الدعوة. ومع ذلك، لا تزال هناك فرصة لتحقيق انطلاقة.
على مدى السنوات القليلة الماضية، انقسم التحالف المناهض للحوثيين إلى معسكرات متنافسة، حيث كانت، في بعض الأحيان، تهتم بقتال بعضها بعضًا أكثر من اهتمامها بمحاربة الحوثيين. إن معالجة بعض هذه الاختلافات من شأنه أن يستغرق وقتًا طويلاً قبل إعادة تشكيل جبهة مشتركة.
على مدى الأيام القليلة الماضية، كان اليمنيون يتكهنون، بشغف، بشأن اجتماع هؤلاء المتنافسون في الرياض: وقف رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي لالتقاط صورة مع أحمد العيسي، رجل الأعمال الثري المتحالف مع هادي، وحميد الأحمر وطارق صالح، اللذين حارب أحدهما الآخر قبل ذلك، حيث حيّا كل منهما الآخر بحرارة.
ربما يعني ذلك فقط ما كان صحيحًا دائمًا في اليمن: أن يكون جمع الأطراف في مكانٍ للحوار مع بعضهم بعضًا ليس هو الجزء الصعب. بل يكمن التحدي في جعلهم يوافقون على هذه الاتفاقية وتنفيذها فيما بعد.
من المرجح أن يكون التوصل لاتفاق في اليمن ما يزال بعيد المنال، ولكن، على الأقل، بدأت بعض الأطراف في الحوار والاستمرار والتوصل إلى تسوية ولو ببطء شديد.