ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
لقد أدى قرار الرئيس دونالد جي. ترامب الخروج من اتفاقية إيران النووية وإعادة فرض العقوبات إلى ارتفاع مستوى التقلبات في أسواق النفط، حيث تصاعدت الأسعار إلى ارتفاعات جديدة، ومستويات لم نشهدها منذ عام 2014. في الواقع، فإن تعطيل الصادرات الإيرانية والتدفقات النفطية التجارية سيكون محدودًا نسبيًا، ولكن في ظل الطلب العالمي المرتفع على النفط، وانخفاض مستويات المخزون، وقدوم موسم الذروة للقيادة والتكييف الصيفي، فإن الأسواق ستضطرب. وبالمثل، من المتوقع أن تؤدي الآثار الأوسع نطاقًا للتوترات الإقليمية المتصاعدة إلى تضخيم علاوة الأسعار الجيوسياسية في الأسواق في المرحلة المقبلة. وستظهر احتمالية نشوب الصراع على شاشة الرادار مباشرة لكل من يستثمر في المنطقة، بمن في ذلك مديرو الشركات النفطية.
إدراكًا منها لتفادي اللوم على ارتفاع الأسعار الاستهلاكية، تواصلت إدارة ترامب مع كبار منتجي النفط في دول الخليج العربية لتأمين وعود من بعض الدول بأنها ستعوض أي إمدادات إيرانية مفقودة. لقد تعهدت المملكة العربية السعودية بالفعل “بالتخفيف من تأثير أي نقص محتمل في الإمدادات”، وقدمت الكويت والإمارات العربية المتحدة دعمهما. وفي محاولة لتهدئة ارتفاع الأسعار بعد الإعلان، قام خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، بزيارة صفحة ترامب وأعلن عبر تويتر أنه “على اتصال وثيق مع رئاسة أوبك، وروسيا والولايات المتحدة، وسوف يتواصل مع المنتجين والمستهلكين الرئيسيين خلال الأيام القليلة المقبلة لضمان استقرار السوق”. وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين إن المسؤولين الأمريكيين أجروا محادثات مع “مختلف الأطراف” التي أبدت استعدادها لزيادة إمدادات النفط من أجل تعويض أي صادرات إيرانية مفقودة. وسرعان ما أصدرت وزارة الخزانة والدوائر الحكومية إرشادات توجيهية معدلة تعرض بالتفصيل التغييرات في أنظمة العقوبات.
وفي الوقت نفسه، فإن وكالة الطاقة الدولية، التي تتمثل مهمتها في تخفيف الآثار الاقتصادية السلبية للنقص المفاجئ في إمدادات النفط من خلال توفير المزيد من النفط المتاح للسوق العالمي في أوقات الشدة، قامت بإصدار بيانٍ في 9 أيار/ مايو مفاده أنها “تقف على أهبة الاستعداد للتصرف، إذا لزم الأمر، لضمان بقاء الأسواق في حالة جيدة من حيث توفر الإمدادات”.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها واشنطن لتهدئة أسواق النفط، فإن المؤشر الدولي لأسعار خام النفط المعيارية المستقبلية يتراوح الآن حول أعلى معدلاته منذ أربع سنوات، مع ارتفاع حاد لخام برنت بحوالي 8.50 دولار للبرميل الواحد خلال الشهر الماضي، ليصل إلى ما يزيد قليلاً عن 77 دولارًا للبرميل. لقد هزت واشنطن الأسواق من خلال تحديد إجراءات معينة لتقييد صادرات النفط الإيرانية. وهناك فترة 180 يومًا للشركات التي تختار الالتزام بإعادة فرض العقوبات الأمريكية على قطاعي النفط والبنوك لإلغاء عقودها، ما سيقلل من التأثير على الإمدادات العالمية. ومن المتوقع أن تؤدي إعادة فرض العقوبات الأمريكية على الطاقة إلى خفض صادرات إيران البالغة 2.5 مليون برميل في اليوم إلى كمية متواضعة تتراوح بين 300.000 و600.000 برميل يوميًا. يجب أن توفر فترة السماح للمشترين الأوروبيين للخام الإيراني متسعًا من الوقت لإيجاد إمدادات بديلة، ولكن من المتوقع أن العوائق القانونية والمالية ستتسبب ببث الاضطراب بين المشترين، ما قد يؤدي إلى انقطاع واضطراب في الإمدادات.
في هذه المرحلة المبكرة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي والصين والهند ستنفذ العقوبات الأمريكية. حيث أدان شركاء واشنطن الأوروبيون في اتفاقية إيران النووية (JCPOA) قرار الرئيس بِشِدّة، وما زالوا يواصلون دعمهم لـ JCPOA للحفاظ على بقاء إيران في وضع الانصياع. لقد تعهدت طهران بمواصلة الالتزام بالاتفاقية مع الموقعين الآخرين عليها. ومن المتوقع أن تواصل كل من الصين والهند اللتان ليستا عضوين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، واللتان تمثلان حوالي 50 في المئة من الصادرات الإيرانية، شراء الإمدادات الإيرانية.
ستكون جهود واشنطن لفرض عقوباتها النفطية أحادية الجانب أكثر صعوبة في الممارسة من الإجراءات المتعددة الأطراف التي تم تنفيذها في عام 2012. إن الانخفاض الحاد في الصادرات الإيرانية، من معدل 2.5 مليون برميل في اليوم إلى ما دون المليون برميل يوميا بين عامي 2012 و2015، كان إلى حد كبير بسبب الجهود المنسقة بين أوروبا والولايات المتحدة لفرض قوانين مصرفية وشحن أكثر صرامة على الإمدادات الإيرانية. وعلى وجه الخصوص، كان لتنفيذ الاتحاد الأوروبي لضوابط شديدة القسوة على قطاعي الشحن والمصارف الإيرانيين بالغ الأثر على تخفيض الصادرات.
خروج الولايات المتحدة الأمريكية من خطة العمل الشاملة المشتركة قد يقلب اتفاقية أوبك رأسًا على عقب
إحدى النتائج الرئيسية غير المقصودة لانسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة هي التفسخ المتوقع لاتفاقية إنتاج منظمة أوبك. الاتفاق التاريخي بين المنتجين من داخل أوبك وخارجها، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، أزال ما مجموعه 1.8 مليون برميل يوميُّا من الأسواق منذ كانون الثاني/ يناير 2017. وقد تم تمديد الاتفاقية مرتين، في أيار/ مايو وكانون الأول/ ديسمبر 2017، ومن المقرر لها الآن أن تعمل حتى كانون الثاني/ ديسمبر 2018 على الأقل.
سوف يجتمع الوزراء في فيينا في الفترة من 20 – 22 حزيران/ يونيو لمناقشة توقعات السوق ومستقبل اتفاقية الإنتاج، لكن من المرتقب أن يكون الاجتماع أكثر صعوبة بعد انسحاب واشنطن من JCPOA. ليس من الواضح ما إذا كانت روسيا ستوافق على مواصلة المشاركة في الاتفاق نظرًا لكون الإجراءات العقابية ستفرض على حليفتها إيران. وعلى أية حال، فإن الانخفاض المتوقع في مستويات إنتاج النفط الإيراني في نهاية عام 2018 وفي 2019 يعني أن أهداف الإنتاج وحصص البلاد ستحتاج إلى إعادة التفاوض بشأنها. قد تجادل المملكة العربية السعودية ودول أخرى بأن المجموعة لا تحتاج إلى معالجة هذه القضية في حزيران/ يونيو، وأن تسعى للحصول على مزيد من الوقت لتقييم التأثيرات. ومع ذلك، حتى لو اختاروا تجاهل هذه المسألة الآن، فسيتعين معالجة تغيير جوهري في معايير الاتفاق في المؤتمر الوزاري الذي يعقد كل عامين في تشرين الثاني/ نوفمبر، إن لم يكن قبل ذلك.