أثار قرار الرئيس بايدن، من جانب واحد، باستخدام 180 مليون برميل نفط من الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة تساؤلات بشأن جدوى استمرار تحالف أوبك بلس بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا. كما يشير القرار إلى انعكاس الأدوار مع الولايات المتحدة التي تعمل الآن بشكل فعال كمنتج متأرجح لسوق مضطربة في أعقاب ما اعتبره منتجو أوبك بلس تجاوبًا فاترًا مع الأزمة الأوكرانية.
قال بايدن في 31 مارس/آذار إن حجم الإصدار، المفرج عنه، المرتقب سيكون “أكبر إصدار من الاحتياطي الوطني الخاص بنا عبر تاريخنا”، وقد تم التخطيط له ليكون بمثابة “جسر في زمن الحرب” لمدة ستة أشهر. وهذا يعني بيع مليون برميل نفط يوميًا في كل شهر. في نهاية الأشهر الستة، من المتوقع أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط بحجم مساوٍ تقريبًا. وقال بايدن إن عائدات البيع سوف تُستخدم لإعادة تخزين الاحتياطي عندما تنخفض الأسعار.
وكانت سوق النفط متأزمة حقًا من ناحية العرض قبل الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط. وعجز عدد من منتجي أوبك بلس عن تلبية حصص انتاج أعلى حيث بدأت المجموعة في التقليص التدريجي لتخفيضات الإنتاج التي تم الاتفاق عليها في أبريل/نيسان 2020 في مستهل جائحة فيروس كورونا. وقدرت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها لسوق النفط لشهر مارس/آذار، أن العجز بين هدف أوبك بلس والإنتاج الفعلي في فبراير/شباط بلغ 1.1 مليون برميل في اليوم.
ترى وكالة الطاقة الدولية احتمالية فقدان 3 ملايين برميل يوميًا من إمدادات النفط الروسي في أبريل/نيسان نتيجة لسلسلة العقوبات الدولية المفروضة على موسكو. وكانت هذه العقوبات، على الأغلب، تستثني العقوبات المباشرة على قطاع الطاقة الروسي، على الرغم من أن الشبكة المعقدة من العقوبات المالية والمصرفية قد أعاقت تجارة النفط الروسي. وفي أوائل مارس/آذار، قالت إدارة بايدن إنها لن تستورد بعد الآن النفط أو الغاز الطبيعي المسال أو الفحم من روسيا كجزء من محاولة لاستنزاف “صندوق الحرب من الاحتياطيات الأجنبية” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما ذكرت المملكة المتحدة أيضًا أنها ستوقف على مراحل واردات النفط الروسية بحلول نهاية العام. وأعلنت كندا وأستراليا كذلك حظرًا على الواردات الروسية، لكن الاتحاد الأوروبي، وهو السوق الكبرى للنفط الروسي، يجد صعوبة في استبدال النفط الروسي. وواجه الاتحاد الأوروبي معارضة لمقترحات توسيع العقوبات لتشمل واردات الطاقة من العديد من أعضائه، وخاصة ألمانيا، التي تعتمد بشكل كبير على واردات النفط والغاز الروسي.
ووصف بايدن “حرب بوتين” بأنها أحد سببين رئيسيين للارتفاع المفاجئ في أسعار البنزين في الولايات المتحدة. أما السبب الآخر فهو التعافي بعد الجائحة في الولايات المتحدة الذي يعني “عودة الطلب على النفط للارتفاع بشكل أسرع بكثير من العرض”، ما تسبب في ارتفاع تكلفة البنزين بنحو دولار واحد للجالون منذ بداية العام، على حد تعبيره. ومع اقتراب موعد الانتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني، فإن الفشل في تخفيض الأسعار في محطات الوقود قد يثبت مسؤولية إدارة بايدن ويفسر جزئيًا قرار المضي قدمًا في قرار استخدام احتياطي البترول الاستراتيجي من جانب واحد بدلاً من استخدام آلية وكالة الطاقة الدولية للاستجابة للطوارئ.
أعلنت وكالة الطاقة الدولية في الأول من أبريل/نيسان أن مجلس إدارتها، الذي ترأسه حاليًا وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم (Jennifer Granholm)، قد وافق على إصدار جديد لكمية من النفط لم تُعرف حتى الآن من المخزونات الاستراتيجية التي يحتفظ بها أعضاؤها الـ 31. وقالت الوكالة، بعد اجتماع غير عادي لمجلس الإدارة، إنه سيتم الإعلان عن تفاصيل إصدار المخزون في الأسبوع المقبل. ويأتي ذلك بعد إصدار 62.7 مليون برميل في مارس/آذار من المخزون الاستراتيجي لأعضاء الوكالة، وذلك تحسبًا لما ذكرته هيئة مراقبة الطاقة في باريس حول “احتمال حدوث اضطرابات واسعة النطاق في إنتاج النفط الروسي”.
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تعد روسيا ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والسعودية وأكبر مصدر للنفط، حيث تستأثر بما يقارب 12٪ من التجارة العالمية. فهي تصدر حوالي 5 ملايين برميل من النفط الخام يوميًا، يذهب 60٪ منها إلى أوروبا و20٪ أخرى إلى الصين. أما صادراتها من المنتجات المكررة فتشغل مساحة أكبر، وتمثل 15٪ من تجارة المنتجات المكررة العالمية، بما في ذلك الديزل، وهو وقود يستخدم في الصناعة والزراعة.
وأشار تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر مارس/آذار حول سوق النفط إلى وجود “إشارات ضئيلة فيما يتعلق بزيادة الإمدادات القادمة من الشرق الأوسط” أو عملية كبيرة لإعادة تخصيص التدفقات التجارية حتى في الوقت الذي تتزاحم فيه شركات التكرير، وخاصة في أوروبا، للحصول على إمدادات بديلة. وأضاف أن تحالف أوبك بلس وافق في 2 مارس/آذار على الالتزام بزياداته الشهرية المتواضعة البالغة 400,000 برميل يوميا “مصرًا على عدم وجود نقص في الإمدادات”.
اجتمع وزراء أوبك بلس مرة أخرى في 31 مارس/آذار، وصادقوا بسرعة على اتفاقية يوليو/تموز 2021 لزيادة الإنتاج بمقدار 432,000 برميل يوميًا فقط ابتداءً من مايو/أيار، وهي زيادة طفيفة تعكس خطوط أساس أعلى لخمسة من أعضائها، وهم السعودية وروسيا والكويت والعراق والإمارات. ولم يشر البيان المقتضب في نهاية الاجتماع، الذي استمر 12 دقيقة، وحضرته روسيا، إلى أزمة أوكرانيا ولم يفسر تنازل المجموعة عن مسؤوليتها لتحقيق التوازن في السوق الذي كان عرضة للتضييق حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
تم تشكيل تحالف أوبك والدول المنتجة من خارج أوبك بقيادة روسيا في أواخر عام 2016 كرد على الزيادة المفاجئة في إنتاج النفط الأمريكي، التي أسفرت عن تآكل حصة أوبك في تجارة النفط العالمية وكشف عن عجزها في إدارة سوق النفط دون مشاركة روسيا. وفقًا لتقرير صادر عن مجلة (MEES)، عملت أوبك، التي يهيمن عليها منتجو النفط في الشرق الأوسط مع السعودية كالزعيم الفعلي، على مقاومة دعوات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتعليق تحالفها مع روسيا. وأوضحت منظمة أوبك بلس أنها تعتبر الارتفاع الأخير في أسعار النفط ناتجًا عن الجغرافيا السياسية وليس عن أساسيات العرض والطلب. وتمتلك السعودية والإمارات الجزء الأكبر من الطاقة الإنتاجية الاحتياطية في العالم، لكنهما ترددتا في سد الفجوة التي ظهرت مع قيام عدد من الدول الأفريقية الرئيسية المنتجة للنفط بتسليم أقل من الحصص المخصصة لها بسبب قيود القدرات. إيران، وهي مَصدر محتمل لإمدادات النفط الإضافية، تخضع لعقوبات أمريكية وإزالتها مرهونة باختتام المحادثات النووية في فيينا التي يبدو أنها تعثرت في اللحظة الأخيرة.
بعد الاجتماع الوزاري لأوبك بلس في 31 مارس/آذار، ذكرت الأمانة العامة لأوبك أنه لوحظ في مؤتمر، عبر تقنية الفيديو كونفرنس، أن “الاستمرار في أساسيات سوق النفط والإجماع على التوقعات يشير إلى سوق متوازنة بشكل جيد، وأن التقلبات الحالية ليست ناجمة عن الأساسيات، وإنما عن التطورات الجيوسياسية المتواصلة”. من المقرر عقد الاجتماع الوزاري القادم لأوبك بلس في 5 مايو/أيار، حين يصبح الاضطراب في إنتاج النفط الروسي أكثر وضوحًا ما من شأنه أن يدفع المنتجين إلى التصرف حيال ذلك.
أوضح وزير الطاقة الإماراتي، سهيل محمد فرج المزروعي، متحدثًا في منتدى الطاقة العالمي ، الذي عقده المجلس الأطلنطي في 28 مارس/آذار في دبي، أن التحالف مع روسيا ليس قابلاً للتفاوض لأنه لا يوجد منتج آخر لديه القدرة ليحل محل البراميل الروسية. وقال، “روسيا عضو مهم. ولنترك السياسة جانبًا، وهذا القدر… هو المطلوب اليوم”، وأضاف أنه ما لم يكن هناك منتج آخر على استعداد لجلب 10 ملايين برميل يوميًا “لا نرى أنه يمكننا – ولا أحد يمكنه أن يحل محل روسيا”.
وأقر المزروعي بأن عدة سنوات من نقص الاستثمار في مشروعات التنقيب واستخراج النفط أدت إلى خسائر في الإنتاج تصل إلى مليون برميل في عام واحد فقط بسبب الانخفاضات الطبيعية وخسائر في الطاقة الإنتاجية. لكنه أضاف أن المجموعة ستعمل بشكل منسق ولن يقوم أي عضو بزيادة الإنتاج من جانب واحد. وكانت هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار للحفاظ على الإنتاج وإضافة قدرات جديدة. لكن التوقعات باقتراب وصول الطلب على النفط إلى ذروته زادت من صعوبة الأمر على المستثمرين في الوقت الذي كانت فيه شركات الطاقة الدولية تتراجع عن الاستثمار في مشاريع الهيدروكربونات بسبب ضغط المساهمين والالتزام بالمحصلة الصفرية من انبعاثات الكربون.
سُئل وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في محضر حديثه في المنتدى نفسه عن سبب عدم استجابة المملكة للدعوة بزيادة النفط لأسباب أخلاقية، فقال، “عندما ندخل غرفة اجتماعات أوبك، يترك الجميع سياسته عند الباب الخارجي”. وبصفتهما أكبر منتجين في أوبك بلس، تشترك السعودية وروسيا في ترؤس المؤتمرات الوزارية وتتحدث الدولتان بصوت واحد بشكل متزايد. وقال الأمير عبد العزيز، “سبب نجاحنا في الحفاظ على أوبك بلس هو أننا نناقش هذه الأمور، وهذه القضايا بنهجٍ منعزل تمامًا، حيث نركز أكثر على الصالح العام، بصرف النظر عن السياسة”.
وأضاف الوزير السعودي بأن منظمة أوبك تعاملت مع الدول الأعضاء الخاضعة للعقوبات، وذكر العراق وإيران على سبيل المثال. ظل العراق عضوًا نشطًا في أوبك خلال السنوات التي كان يخضع فيها للعقوبات بعد غزوه للكويت، الدولة الصديقة والعضو في منظمة أوبك، في عام 1990، ولا تزال إيران تخضع للعقوبات الأمريكية التي تعرقل إنتاجها، رغم كونها أيضًا عضوًا نشطًا في أوبك على الرغم من خلافاتها السياسية مع السعودية وغيرها من دول الخليج العربية.
وخصت وكالة الطاقة الدولية بالذكر كلاً من السعودية والإمارات لإحجامهما عن الاستفادة من احتياطاتهما باعتبارهما المنتجين الوحيدين اللذين يتمتعان بقدرة إنتاجية احتياطية كبيرة. عند مستوى الإنتاج الحالي، تمتلك السعودية والإمارات والعراق والكويت أقل من 4 ملايين برميل يوميًا من الطاقة الإنتاجية الاحتياطية التي يمكن توفيرها في السوق في غضون 90 يومًا، وسوف تتقلص مع إلغاء أوبك بلس لتخفيضات الإنتاج من الآن وحتى سبتمبر/أيلول. وكان المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، صريحًا في التعبير عن آرائه بشأن قرار أوبك بلس بالحفاظ على سياستها في الإنتاج دون تغيير، حيث قال إن إخفاقها في زيادة الإنتاج إلى ما يزيد عن 400,000 برميل يوميًا كان “مخيبًا للآمال“.
يبدو أن تصريحاته، التي تلتها خطة من 10 نقاط أصدرتها وكالة الطاقة الدولية كدليل للدول الأعضاء للتقليل من استهلاكهم للنفط، قد أغضبت أوبك. وفي بيان منفصل بعد اجتماع 31 مارس/آذار، ذكرت أوبك أنها ستعمل “بأثر فوري” على إسقاط وكالة الطاقة الدولية كأحد المصادر الثانوية المستخدمة لتقييم الإنتاج الشهري لأعضائها.
وتشير هذه الخطوة إلى ظهور خلاف بين أوبك ووكالة الطاقة الدولية، التي تم إنشاؤها لضمان أمن الطاقة لأعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في أعقاب الحظر النفطي العربي عام 1973. لكن العلاقات توثقت في السنوات الأخيرة حيث عقد الجانبان مناقشات واجتماعات فنية بشكل منتظم على مستوى رفيع. وبإسقاطها لوكالة الطاقة الدولية، أشارت أوبك إلى أنها لن تتحمل أي تدخل خارجي أو مساس بالحقوق السيادية لأعضائها في وضع سياسة الإنتاج.
زار عاموس هوشستين (Amos Hochstein)، كبير مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية لأمن الطاقة، السعودية في أوائل أبريل/نيسان لمناقشة آخر التطورات. وأصر في إحدى المقابلات مع تلفزيون بلومبرج على أن العلاقة بين الرياض وواشنطن كانت “استراتيجية”، إلا أنه، مع ذلك، لم يتفق مع تقييم أوبك لحالة السوق. وقال، “لا بد أن يكون لدي رأي مختلف… فأنا أرى دليلاً ماديًا على أن السوق تعاني من نقص يقدر بنحو مليوني برميل يوميًا، إن لم يكن أكثر، من الإمدادات الروسية إلى السوق العالمية. هذا واضح بالنسبة لي. يمكننا أن نرى ذلك… من الواضح أن البعض في أوبك ربما لا يرى نقصًا في الإمدادات”. وأردف، “لقد فعلوا، في نهاية الأمر، ما كانوا يريدون القيام به… أعلنوا أنهم سيواصلون زيادة الإنتاج. ونحن لا نعتقد أن هذا صحيح”.
ذكرت شركات النفط الأمريكية أنها تخطط لزيادة الإنتاج بمقدار يتراوح ما بين 900,000 إلى مليون برميل يوميًا في هذا العام، لكن ذلك لن يتحقق إلا في الربع الثالث من العام. قال هوشستين إن استخدام الاحتياطي الاستراتيجي من النفط كان ضروريًا لسد الفجوة حتى يقوم المشغلون الأمريكيون برفع مستوى الإنتاج النفطي. وقال، “لدينا فجوة من الآن وحتى تلك الفترة الزمنية .. ستعمل الحكومة الأمريكية على سد هذه الفجوة”. وهذا لا يعني أنها كانت تحل محل القطاع الخاص، وإنما يعني السماح للمستهلكين بالاستفادة من الأسعار المنخفضة الآن. سيتم تجديد المخزونات خلال العامين المقبلين.
في عام 2021، أنتجت الدول الأعضاء في أوبك بلس ما معدله 49 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال، أو ما يزيد قليلاً عن نصف الكمية المعروضة عالميًا، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج هذه المجموعة بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا بحلول سبتمبر/أيلول حيث من المقرر أن تنتهي جميع القيود. أشارت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري إلى أنه من المتوقع أن يأتي 1.7 مليون برميل إضافي يوميًا من المنتجين من خارج أوبك، حيث ستمثل الولايات المتحدة ثلث الكمية الإجمالية، لكن ذلك سوف يستغرق وقتًا للوصول إلى الأسواق. ولا تزال وكالة الطاقة الدولية تتوقع عجزًا في العرض قدره 700,000 برميل يوميًا في الربع الثاني من عام 2022 على الرغم من تراجع توقعات الطلب للعام بأكمله، والتي تقدر بمليون برميل يوميًا، مستشهدة بانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي والطلب على النفط.
مع استمرار أوبك بلس في حجب براميل النفط، جاء التعديل من المخزونات الاستراتيجية وأحدث تغييرًا في ديناميكيات السوق مع الولايات المتحدة لتصعد مرة أخرى كمنتِج الملاذ الأخير، وتحل محل السعودية، التي كانت تقليديًا بمثابة منتِج غير رسمي متأرجح في أوقات الأزمات.
ذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها لشهر مارس/آذار أنه “إذا لم يتم تكثيف الإنتاج وزيادته على وجه السرعة، فسوف يتعين على مخزونات النفط العمل على موازنة السوق في الأشهر المقبلة”. وجاء الإجراء الأخير الذي اتخذته الولايات المتحدة وأعضاء آخرون في وكالة الطاقة الدولية في الوقت الذي كانت فيه مخزونات النفط عند مستويات منخفضة حقًا. في نهاية يناير/كانون الثاني، كانت المخزونات التي تحتفظ بها دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقل بمقدار 335 مليون برميل عن معدلها في خمس سنوات، وعند أدنى مستوياتها في ثماني سنوات. وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وصل حجم الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من البترول 568 مليون برميل في 25 مارس/آذار. وهذا يضعها عند أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا، وسيؤدي الإصدار الأخير إلى استنفاد المزيد من المخزونات لتصل إلى 385 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ منتصف الثمانينيات.
إن أسعار النفط، التي ارتفعت في أوائل أبريل/نيسان إلى حدود بضع سنتات من 140 دولارًا للبرميل، انخفضت على الفور بعد إعلان بايدن التداول دون 100 دولار للبرميل، لكن المهلة كانت قصيرة. فعادت الأسعار إلى الارتفاع مرة أخرى، وتم تداول العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي عند حوالي 110 دولارات للبرميل في وقت متأخر من 5 أبريل/نيسان في سوق شديدة التقلبات حيث شهدت تأرجحًا بمقدار 10 دولارات للبرميل في يوم واحد. إن إصدار الاحتياطي الأمريكي الاستراتيجي من البترول، وهو الثاني لهذا العام، يمكن أن يكون بمثابة حل مؤقت فقط. لقد عاثت سنوات قلة الاستثمار والجائحة الفتاكة وأجندة المناخ فسادًا في صناعة النفط والغاز وجعلتها غير جاهزة للتعامل مع أزمة بهذا الحجم.
إن البلدان نفسها التي تعهدت بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري لصالح الطاقة المتجددة والنظيفة، أخذت تطالب الآن بالمزيد من النفط والغاز. لقد سببت الحرب في أوكرانيا تغييرًا في الاتجاه وكشفت نقاط الضعف في عالم الطاقة الذي يمر بمرحلة انتقالية. في الوقت نفسه، ربما تصبح هذه لحظة فاصلة حيث يبدو أن الدول نفسها التي كانت تعتبر إمدادات النفط والغاز الروسية أمرًا مسلمًا به، أصبحت الآن عازمة على إنهاء اعتمادها على روسيا لإمدادها بالطاقة، وقد يؤدي ذلك إلى تسريع الانتقال إلى الوقود الأنظف.