ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
بناءً على دراسة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية عام 2021، احتلت دبي المركز الثالث واحتلت أبو ظبي المركز الخامس عالمياً على قائمة أكثر المدن التي يرغب الأجانب في الانتقال إليها. ظهر هذا التصنيف الإيجابي جنباً إلى جنب مع إصدار أرقام سكانية متضاربة ومثيرة للجدل في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يشكل الوافدون أغلبية سكان البلاد. وفقًا لتصنيفات إس أند بي S&P)) العالمية، انخفض عدد سكان دبي الأصليين بنسبة تقدر بنحو 8.4% في عام 2020- وهو الانخفاض الأكثر حدةً في منطقة الخليج. وكان الانخفاض السكاني المقدر في أبو ظبي في عام 2020 بنسبة 5% أقل من الانخفاض السكاني في إمارة دبي، ولكنه يبقى أعلى من متوسط دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 4%. نفى مركز دبي للإحصاء هذه الأرقام، وسجل بدلاً من ذلك نمواً سكانيًا بنسبة 1.63% في عام 2020. وفي تحدٍّ آخر للتوقعات الديموغرافية المتشائمة، توقعت حكومة دبي أن يتضخم عدد سكان الإمارة بنسبة 76% خلال العقدين المقبلين.
ومع ذلك، هنالك قاسم مشترك بين التقديرات السكانية المتباينة: يعتبر الوافدون في دولة الإمارات هم المحور الأساسي لمسارات التنمية الاقتصادية داخل البلاد. فمن المرجح أن يكون لانخفاض أعداد السكان الأصليين الناجم عن تدفق الوافدين أثر اقتصادي كبير، نظراً لأن الوافدين يشكلون ما يزيد عن 90% من إجمالي سكان دبي وحوالي 80% من إجمالي سكان أبوظبي. ولذلك، أطلق المسؤولون في الإمارات – وكذلك في دول الخليج العربية المجاورة – مجموعة من السياسات والمبادرات التي تهدف إلى استقطاب الوافدين من ذوي المهارات العالية والإبقاء عليهم.
في يناير/كانون الثاني، أعلنت الإمارات عن تغييرات قانونية تسمح لوافدين معينين بالحصول على الجنسية الإماراتية. تتم إجراءات التجنس بناءً على ترشيح من قبل مسؤولي ديوان ولي العهد أو أعضاء الحكومة، وليس عن طريق عملية تقديم طلبات موضوعية. ولا يزال مدى المزايا الممنوحة للوافدين المتجنسين غير واضح. فمن ناحية، يعتبر هذا البيان ذا أهمية رمزية نظراً للجدل الدائر حول الدعوات السابقة للسماح للوافدين بالتقدم بطلب الحصول على الجنسية الإماراتية. ومن ناحية أخرى، هنالك عدة مبادرات سبقت إجراءات التجنس في السنة الأخيرة لتمكين الوافدين المقيمين الذين وقع عليهم الاختيار من الإقامة لفترة أطول في البلاد.
قامت الحكومة الاتحادية، ومن هم على مستوى الإمارة في الإمارات، بإصدار العديد من خطط التأشيرات والإقامة في أعقاب تفشي جائحة فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط في عام 2020. وكان مجلس الوزراء في البلاد قد أصدر قراراً في يناير/كانون الثاني يسمح للطلبة الأجانب في جامعات الإمارات بكفالة أفراد أسرهم، شريطة أن يتمكنوا من تحمل تكاليف السكن المناسب. في مارس/آذار، أعلنت حكومة دبي أنها ستمنح 1000 فيزا ثقافية لفنانين و”مبدعين” آخرين. وأصدرت دبي في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2020 خطة أخرى للتأشيرات، مصممة خصيصاً للأجانب الذين يعملون عن بعد وعائلاتهم للانتقال إلى الإمارة.
تستند خطط التأشيرات الطويلة الأمد الأخيرة هذه إلى مبادرات سابقة. تزامن إطلاق دولة الإمارات لنظام التأشيرات الذهبية في عام 2019 مع تيسير قوانين الملكية الأجنبية في الدولة. حيث يحق للوافدين الموهوبين والمهنيين المتخصصين التقدم بطلب للحصول على التأشيرة الذهبية لمدة 5 و10 سنوات قابلة للتجديد تلقائياً. ووافق مجلس الوزراء، في عام 2018، على قانون يسمح بتأشيرة تقاعد مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد للمقيمين، الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً، علماً بأن تأشيرة العلاج الطبي القصيرة الأمد متاحة منذ عام 2017. وهناك خيارات أخرى للحصول على تأشيرة لرواد الأعمال والمستثمرين العقاريين.
كما قامت السلطات الإماراتية أيضاً بإجراء إصلاحات اجتماعية وقانونية، وذلك لتحسين جاذبية الدولة للوافدين المقيمين والزوار- ولو جزئياً على الأقل. في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2020، أدخلت حكومة الإمارات سلسلة من القوانين الجديدة بهدف تخفيف تأثير الشريعة الإسلامية على الأجانب. وتم إلغاء تجريم التعايش بين غير المتزوجين واستهلاك الكحول. أما التغييرات القانونية الأخرى فتربط إجراءات الطلاق والميراث بالقوانين واللوائح المعمول بها في البلد الأصلي للوافد.
إن طبيعة هذه التطورات المتعلقة بالجنسية والإقامة وتسارع وتيرتها تنطوي على مخاطر. حيث إن عملية الترشح الذاتية التي يقوم بها نخبة من الجهات الفاعلة سوف تزيد من احتمالية السعي وراء الريع. فقد يأتي بعض الأشخاص من كبار أصحاب رؤوس الأموال المطالبين بجنسية ثانية أو خيارات إقامة طويلة الأجل بأمتعة ذات طبيعة غير مشروعة. ولطالما سعت الإمارات إلى مواجهة المخاوف المتواصلة من أن تصبح مركزاً لغسيل الأموال وملاذاً عالمياً للتهرب الضريبي من خلال إنشاء وحدات ولجان استخبارات مالية متنوعة. حيث أنشأت الدولة، في فبراير/شباط، مكتباً تنفيذياً جديداً لمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وتتيح التأشيرة الذهبية، في هذه الأثناء، للأجانب امتلاك ما نسبته 100٪ من بعض الأعمال التجارية خارج المناطق الحرة، وهو ما قد يقلل من الطلب على خدمات المناطق الحرة.
من المرجح أن يؤدي التعدد في مبادرات التأشيرات إلى زيادة التنافس في استقطاب الأجانب، بدءاً من المستوى دون الوطني. في فبراير/شباط، أطلقت أبو ظبي برنامج “ازدهر في أبوظبي”، وهو برنامج مصمم لتشجيع المهنيين والمستثمرين والطلبة على “إرساء جذورهم” في عاصمة الإمارة. وفي 13 مارس/آذار، كشف حاكم دبي النقاب عن “خطة دبي الحضرية 2040″ الشاملة، والتي تتضمن مبادرات مثل زيادة طول الشواطئ العامة بنسبة 400٪ بحلول عام 2040، وتوسيع المساحات الخضراء للارتقاء بجاذبية الإمارة. ومن المخطط أن يصل عدد سكان المدينة خلال النهار إلى 7.8 مليون نسمة بحلول عام 2040، من ضمنهم حوالي مليوني زائر يأتون يومياً من الإمارات المجاورة. ربما ترد بقية الإمارات بمبادرات مصممة خصيصاً لكل إمارة، ولكن غالباً ما تكون القدرات الحكومية والموارد المالية التي تمتلكها محدودة.
إن الإمارات المختلفة في دولة الإمارات العربية المتحدة ليست الوحيدة التي تسعى للإبقاء على واستقطاب الوافدين الموهوبين، الذين يمكنهم المساهمة في التنمية الاقتصادية في منطقة الخليج. فقد أعلنت الحكومة السعودية، في 15 فبراير/شباط، أن أهلية الشركات الأجنبية في الحصول على العقود الحكومية ستكون مشروطة بإنشاء مقار إقليمية لها في المملكة العربية السعودية بحلول الأول من يناير/كانون الثاني 2024. بالإضافة إلى ذلك، كان جزء من خطة الحوافز الاقتصادية، التي أقرها سلطان عمان في مارس/آذار، يتضمن في نهاية المطاف منح تأشيرات إقامة طويلة الأجل للمستثمرين الأجانب.
من المرجح أن تؤدي المبادرات المتداخلة إلى زيادة المنافسة الإقليمية على المواهب الأجنبية، ولكن – في الوقت الراهن – تتربع الإمارات على رأس قائمة المواقع المرغوبة لأولئك الوافدين الذين يتطلعون إلى البقاء في الشرق الأوسط أو الانتقال إليه. تُعد الزيادة في البرامج المعروضة للتجنس والإقامة الطويلة الأجل هي الجزء السهل: فالطلب العالمي على الانتقال إلى الإمارات يعتمد في هذه الأثناء على العديد من المتغيرات. قد يكون للبرامج الجديدة في دولة الإمارات التي تركز على الإبقاء على الوافدين الموجودين بالفعل في البلاد وتمكين المزيد من أفراد أسرهم من الانضمام إليهم تأثير أكبر على المدى القصير، حيث سيكون الوافدون الجدد بمثابة ميزة إضافية.