رئاسة ترامب الثانية وتداعيات سوق النفط على دول الخليج
مع سعي ترامب لتحقيق زيادة هائلة في إنتاج النفط والغاز الأمريكي، وعرقلة صادرات النفط الإيرانية، فإنه لن يتردد في التدخل بقوة في سوق النفط.
قد يكون عام 2019 عامًا قاسيًا على دول الخليج في الكونغرس الأمريكي.
ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرعبعد حلّ معضلة إغلاق الجزء الأكبر من الحكومة الفيدرالية الذي استمر شهرًا كاملًا، أقلّه للوقت الراهن، بإمكان الكونغرس الجديد – ولا سيما الأغلبية المقبلة من الديمقراطيين في مجلس النواب – أن يبدأ بوضع أجندته الخاصة بسياسة الولايات المتحدة على المستويين المحلي والدولي. ومن المتوقّع أن تكون العديد من المسائل المرتبطة بالخليج بنودًا بارزة على الأقل خلال عام 2019، وربما لغاية الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020. وبالنسبة إلى السعودية على وجه الخصوص، وكذلك إلى حليفتها الأقرب في المنطقة الإمارات العربية المتحدة، سيشمل العام 2019 العلاقات المتوترة والصعبة بشكل غير اعتيادي مع الأغلبية الديمقراطية في المجلس، إضافةً إلى بعض الجمهوريين المؤمنين بالتعاون الدولي في مجلس الشيوخ.
ويحظى الرئيس دونالد ترامب بنسبة موافقة متدنية وآخذة في التراجع، ويشعر العديد من المعارضين بضعف الرئيس المتنامي مع بداية النصف الثاني من ولايته. وستركّز العديد من هجمات المعارضة على المسائل المحلية، غير أن السياسة الخارجية ستشكّل ساحة معركة ثانوية مهمة. فقد أصبحت السياسة الأمريكية انقساميةً على نحو متزايد، كما أن معالم تقليد الحرب الباردة المتمثل بسياسة خارجية قائمة على الإجماع تتبدّد بسرعة. وقد تمّ جرّ بعض دول الخليج العربية، وخصوصًا السعودية، إلى هذه الجدالات الحزبية والسياسية بطريقة تجعل مصالحها أهدافًا هشة وجذابة بشكل غير اعتيادي. وبالتالي، لن يكون التحدي المقبل مجرّد مسألة تفادي الانتقاد والقيود، بل أيضًا مسألة إعادة بناء علاقات متصدّعة والتركيز على الشراكات الوطنية الشاملة أكثر منه على التحالفات مع سياسيين محددين.
وبسبب هذا الإغلاق الجزئي، تمّ تحديد عدد قليل من اجتماعات اللجان غير تلك التمهيدية أواخر كانون الثاني/يناير. وسينصب الاهتمام المبكر على أولويات تشريعية وخلافات سياسية محلية ساخنة، على غرار نشر الجيش على الحدود الأمريكية-المكسيكية. غير أنه من المرجح أن تشمل الأجندة التشريعية مسائل رئيسية مرتبطة بالخليج، بما في ذلك حرب اليمن ومقتل الصحفي جمال خاشقجي والعقوبات الجديدة على إيران والقمع المحلي في السعودية إضافةً إلى عدد من مبيعات الأسلحة عالية المستوى إلى حلفاء إقليميين متعددين وربما أيضًا دعم أعمال ترامب الخاصة، على غرار فندقه في واشنطن العاصمة، من قِبل الحكومات الخليجية.
سبق أن أصبح الصراع في اليمن بؤرة توتر في الكونغرس. ففي منتصف كانون الأول/ديسمبر 2018، اعتمد مجلس الشيوخ، بواقع 56 مقابل 41 صوتًا، تدبيرًا يطلب من إدارة ترامب سحب كل القوات الأمريكية من “الأعمال العدائية” في اليمن بما يتوافق مع قانون سلطات الحرب. ويستثني التدبير كافة الأعمال المناهضة للإرهاب التي تستهدف تنظيم “القاعدة”، المتخذة عمومًا بالاشتراك مع الإمارات العربية المتحدة في جنوب اليمن. لكن قد تواجه الإمارات، شأنها شأن السعودية، انتقادات متنامية في ما يتعلق بأنشطتها الخاصة بمكافحة الإرهاب والتمرد في اليمن، لا سيما التعذيب المزعوم للمعتقلين في السجون التي تديرها الإمارات. كما شكّل مشروع القانون إعادة تأكيد تاريخية للامتيازات التشريعية المتعلقة بصناعة الحروب وله تداعيات أوسع بكثير من مجرد الحرب في اليمن في ما يتعلق باستخدام القوات الأمريكية في الصراعات حول العالم. لكن داعمي ترامب في مجلس الشيوخ، على غرار الجمهوري جون كينيدي من لويزيانا قد حذروا من المشرعين الذين يتعاملون “بتهوّر” مع المسألة ونصحوا المشرعين بالتعاون مع البيت الأبيض. ويبقى أن نرى إلى أي مدى سيرغب حلفاء ترامب من الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الذين يريدون الضغط عليه بحذر أكبر في موضوع السياسة الخارجية، في الاصطفاف إلى جانب الديمقراطيين في مجلس النواب الذين سيحاولون مهاجمة الإدارة بصراحةٍ أكبر. ويمكن اختبار هذا الأمر قريبًا في ظل عزم المجلس النظر في قراره الخاص بهذا الشأن مطلع هذا العام.
ويعتبر هذا الأمر خير دليل على تنامي المخاوف حيال تدخل الولايات المتحدة في الصراع اليمني بحيث يمكن أن يكون نقطة تحوّل في نقل صلاحيات صناعة الحروب، التي لطالما كانت في يد الكونغرس بالكامل، إلى البيت الأبيض. ومن الممكن أن يكون بعض أعضاء مجلس الشيوخ، وبخاصةٍ الجمهوريين، الذين صوتوا لصالح القرار قد فعلوا ذلك إثر انتفاء أي إمكانية فعلية لاعتماد قانون مماثل في مجلس النواب عام 2018 بسبب مناورة قيادية منعت إقراره. ورغم ذلك، يُظهر القرار مزيجًا ظهر مؤخرًا لعدد من المخاوف، بما في ذلك تصوّرات الحرب في اليمن ووضع العلاقات الأمريكية-السعودية (لا سيما في أعقاب جريمة قتل خاشقجي) وتنامي الشكوك حيال تعامل إدارة ترامب مع مصالح الولايات المتحدة الدولية عمومًا، وحتى إعادة التأكيد الحديثة العهد لمجموعة من صلاحيات الكونغرس التي تمّ التنازل عنها لصالح الفرع التنفيذي خلال العقود الماضية.
وفي ذلك اليوم نفسه، اعتمد مجلس الشيوخ أيضًا قرار “من حس المجلس” غير ملزم ينتقد الحكومة السعودية عمومًا بسبب الحرب في اليمن ومقاطعة قطر والقمع المحلي ومقتل خاشقجي. ولكن حتى هذه القوانين غير الملزمة تؤثر على جوّ العلاقات الأمريكية-السعودية وتُعتبر ملامة واضحة لإدارة ترامب، ما يحضها على اعتماد مقاربات أمريكية أكثر تقليديةً، لا سيما في ما يتعلق بحقوق الإنسان. وبما لا يدعو للمفاجأة، تمّ استقباله برفض كبير غير اعتيادي ومعارضة من قِبل الحكومة السعودية التي تدرك على ما يبدو المخاطر.
ودعا أحد داعمي القانون، وهو الجمهوري مايك لي من يوتا، إلى الانتباه إلى التفاعل بين جريمة قتل خاشقجي وحرب اليمن قائلًا إن “ما أسفرت عنه حادثة خاشقجي هو باعتقادي التركيز على واقع أنه تمّ جرنا إلى الحرب الأهلية الدائرة في اليمن، أي في النصف الآخر من العالم، إلى صراع حيث قلة من الأمريكيين الذين أعرفهم يمكنهم أن يقولوا أي من المصالح الأمنية القومية الأمريكية هي على المحك”. كما أن العديد من كبار المشرعين، الذين يربط بعضهم تاريخ طويل من العلاقات الوطيدة مع السعودية على غرار الجمهوري ليندسي غراهام من كارولاينا الجنوبية، وبعد إطلاعهم بشكل موجز ورسمي على القرار من قبل “وكالة الاستخبارات المركزية”، حمّلوا على وجه التحديد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الدفاع، مسؤولية جريمة القتل وألمحوا إلى أنه على الولايات المتحدة ألا تتعامل بشكل مباشر معه بشأن أي مسألة من الآن فصاعدًا.
هذا ومن المرجح أن يتواصل هذا المزيج من المسائل طوال عام 2019 وربما يمتد إلى عام 2020. وتؤكّد مجموعة من العوامل أنه لجريمة قتل خاشقجي أثرًا أكبر بكثير في واشنطن من أي حوادث مماثلة، وستبرز مساعٍ لإضافة القمع المحلي السعودي إلى قائمة المخاوف هذه. ويُذكر أن المساعي الرامية إلى ممارسة الضغوطات على كل من إدارة ترامب والحكومة السعودية في ما يتعلق بمعاملة المعتقلين، لا سيما الناشطات في مجال حقوق المرأة اللواتي يتردد أن بعضهن يتعرض للتعذيب، تتزايد. وبالفعل، إن الصحيفة التي كان يعمل لصالحها خاشقجي في الفترة التي قُتل فيها، أي “واشنطن بوست”، التي تقود حملةً ناجحةً للغاية لإبقاء المسألة حيّة في أذهان الناس لفترة طويلة بعد أن كانت لتتلاشى لولا جهودها، سعت بصراحة إلى ربط هذه المسائل بعضها ببعض. وفي افتتاحية رسمية نُشرت في 26 كانون الثاني/يناير، طالبت الصحيفة الكونغرس “بالدفاع عن السعوديات السجينات” في حال عجزت الإدارة عن ذلك أو رفضت القيام بذلك.
ومن المحتمل أن تتزايد مثل هذه الدعوات في عام 2019 ما لم يتمّ إطلاق سراح نساء بارزات وغيرهن من السجينات السعوديات في المملكة. وبالفعل، من المرجح مواصلة دمج الشكاوى الثلاث الأكثر شيوعًا في واشنطن بحق السعودية – أي حرب اليمن ومقتل خاشقجي وقضية السجينات – أو على الأقل إثارتها بالتزامن من قِبل نقّاد الرياض في واشنطن. وقد يعقد كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ جلسات استماع حول كل من المسائل الثلاث في عام 2019.
لا شكّ في أن “حس” قرارات مجلس النواب أو الشيوخ أو غيرها من التشريعات غير الملزمة مهم، ولكنه رمزي في المقام الأول. فصلاحيات الكونغرس من حيث السياسة الخارجية محدودة نسبيًا، لا سيما حين لا تكون مساعدة أجنبية ملحوظة على المحك. غير أنه لا بدّ من الموافقة على مبيعات الأسلحة أو على الأقل عدم عرقلتها من قِبل الكونغرس بغيه إتمامها بنجاح. ولا يعتبر هذا المجال الوحيد الذين يمكن للكونغرس أن يكون فعالًا فيه استنادًا إلى دوره التقليدي، بل سيظهر أيضًا جدية السلطة التشريعية تجاه أبرز جمهورَين لها: البيت الأبيض والحكومة السعودية. وتجدر الملاحظة في هذا السياق أن ترامب لطالما شدّد على أن مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دول الخليج، وبخاصةٍ السعودية، تُعتبر الميزة الرئيسية للعلاقات الأمريكية-الخليجية. ولا شكّ في أن دول الخليج العربية سيُقلقها إلى حدّ كبير أن يعترض الكونغرس على عمليات شراء الأسلحة التي تجريها.
ومن بين أبرز الأهداف المحتملة هي حوالى 120 ألف مجموعة من الذخائر الموجّهة بدقة التي تحاول السعودية شراءها من أجل تجديد المخزون المستخدم في صراع اليمن. فقد تمّ وقفها بشكل مؤقت، أولًا من قِبل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما ومن ثم من قِبل الرئيس السابق لـ”لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي” بوب كوركر، ومؤخرًا من مجموعات في مجلس الشيوخ بمن فيها ديمقراطيون. ونظرًا إلى ارتباطها المباشر بالصراع الدائر في اليمن، تمثّل هذه المبيعات هدفًا محتملًا جليًا. غير أنه ومقابل المطالبات بعدم المساهمة في هذا الصراع الدموي، ستجادل الإدارة وغيرها بأنه من دون توجيه دقيق، من المرجح إلى حدّ كبير أن تنحرف ذخائر التحالف عن مسارها، ما يتسبب بمقتل مدنيين. باختصار، قد يكون أي مسعى لوقف أنظمة التوجيه الدقيق للذخائر انهزاميًا في حال كانت النية الكامنة وراءه هي تقليص عدد الضحايا من المدنيين. ولكن إذا كان الهدف ببساطة التعبير عن نفاد صبر الولايات المتحدة إزاء صراع اليمن ورغبتها في عدم المساهمة فيها بأي طريقة كانت، حتى بجعل الاستهداف أكثر دقةً، فسيتمّ إيصال هذه الرسائل.
فضلًا عن ذلك، ثمة العديد من عقود البيع والخدمة الخاصة بالطائرات والمرتبطة باليمن التي يمكن استهدافها، إضافةً إلى نظام “الدفاع الجوي للارتفاعات الشاهقة” (ثاد) المضاد للصواريخ. فهذا الأخير ليس دفاعيًا بطبيعته ويُعدّ عقدًا كبيرًا تبلغ قيمته 15 مليار دولار فحسب، بل إن الولايات المتحدة تتنافس أيضًا الآن مع روسيا الذي يُنظر إلى نظام أس-400 لديها على أنه بديل محتمل لنظام “ثاد” في صدّ الصواريخ ذات الارتفاعات الشاهقة، التي من المفترض أن يتمّ إطلاقها من إيران. بالتالي، وعلى المدى الطويل، من المرجح أن يحظى نظام “ثاد” بالموافقة، وإذا لم يفعل، فسيكون ذلك الدليل النهائي على تدهور مدمر في العلاقات الأمريكية-السعودية، أقله على مستوى الكونغرس. وإزاء كل هذا القلق الحالي، والسخط حتى، لا يبدو أن هذه هي الحال. ولكن إذا اعتبر الديمقراطيون في مجلس النواب أن الضغط على السعودية هو من الوسائل الفعالة لمضايقة إدارة ترامب، قد يصبح استراتيجيةً محتملةً جذابة. كما قد تواجه الإمارات اعتراضًا على مساعيها القائمة منذ وقت طويل من أجل شراء طائرات الجيل الخامس المتطورة أف-35، بناءً على مخاوف متجددة حيال انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن والتزام الولايات المتحدة بالمحافظة على التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل على أي أخصام محتملين في المنطقة.
لكن الأخبار ليست جميعها سيئة بالنسبة للسعودية وحلفائها. فهذه القوى نفسها في الكونغرس، أي الديمقراطيون والجمهوريون المؤمنون بالتعاون الدولي، أظهروا بعض المؤشرات على الميل نحو وقف أو تعقيد العقوبات الجديدة التي تفرضها إدارة ترامب على إيران. حتى أن الكثيرين ممن عارضوا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يبدو أنهم لا يرغبون في مساعدة طهران ودعم حملة “الضغط القصوى” الجديدة، سواء كرهًا أو بحماس. ويُعتبر تأييد إسرائيل لهذه السياسات عاملًا رئيسيًا وكذلك الاشتباه الراسخ بإيران ضمن كامل المعترك السياسي الأمريكي. إن هذه المخاوف نفسها قد تعني أنه، بقدر ما يلعب أي دور على الإطلاق، يمكن للكونغرس أن يسعى إلى إبطاء وتيرة وحتى الحدّ من انسحاب الولايات المتحدة من سوريا وكذلك أي مساعي رامية إلى مواصلة تقليص وجودها في العراق. وبالتالي، يمكن أن يكبح الكونغرس الجديد نوعًا ما جوانب السياسة الخارجية الناشئة التي تنتهجها الإدارة تحت عنوان “أمريكا أولًا”.
وثمة العديد من المسائل التي لا يبدو أن الكونغرس يميل إلى تبنّيها في هذه المرحلة. فما من موجة عارمة لحضّ الإدارة على الانحياز لطرف ما في مسألة مقاطعة قطر، حيث شجعت واشنطن على التوصل إلى حلّ ولكنها لم تشترط إقامة علاقات مع أي من الأطراف المعنية استنادًا إلى أي نتيجة محددة. هذا ولا تعوّل السعودية بالضرورة على الولايات المتحدة لتكون مزوّدها الرئيسي في مساعيها إلى إعداد برنامج طاقة نووية مدني سعودي محلي ناشئ، لذا فإن أي معارضة مستمرة من الكونغرس في هذا الشأن لا تكتسي أهميةً كبيرة.
ويبدو أن الدعاوى المقامة استنادًا إلى قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” الذي يسمح للمواطنين الأمريكيين بمقاضاة السعودية بسبب هجمات 11 أيلول/سبتمبر، عالقة بشكل كامل في المحاكم ولن تمثّل مشكلةً في وجه الكونغرس من جديد لبعض الوقت، إن لم نقل على الإطلاق. لكن الرياض تواجه الضغوطات من بعض المشرعين بشأن المساعدة المزعومة للسعوديين الهاربين من تهم جنائية خطيرة في الولايات المتحدة. ويقول في هذا السياق عضوا الكونغرس الديمقراطيان رون وايدن وجيف مركلي من أوريغون إن السعودية قد تكون ساعدت ما يصل إلى خمسة سعوديين هربوا من ولاية أوريغون لدى مواجهتهم محاكمة بسبب تهم كبيرة على غرار القتل غير المتعمد. وفي ما لا يدعو للمفاجأة، يربط هؤلاء المشرعون هذه الشكاوى بمقتل خاشقجي و”بنمط من الاستخفاف السافر بالقانون” من جانب الحكومة السعودية.
وقد تجد دول الخليج العربية أنه تمّ جرّها إلى تحقيقات يجريها الكونغرس وغيره من الجهات في مخالفات محتملة لبند الدفعات في ما يتعلق بدعم حكومات أجنبية لفنادق ترامب وأعماله الأخرى. كما برزت بعض التقارير الإعلامية المرتبطة بالتحقيق الذي يجريه المستشار الخاص روبرت مولر في ما يتعلق بدور محتمل لعبته الإمارات في ما اعتُبر ربما اجتماعات قناة خلفية تشمل مسؤولين من حملة ترامب وعملاء روس. ويمكن التحقيق بشكل أكبر في كل ذلك ليصبح مشكلةً متناميةً تواجهها الإدارة ودعايةً سيئة للدول المعنيّة، ولكن في نهاية المطاف لن يكون مشكلةً كبيرة تقضّ مضجع حكومات الخليج غير الخاضعة لقوانين الولايات المتحدة والقيود السياسية المحلية.
سوف ترغب دول الخليج العربية على الأرجح في التعاون مع الكونغرس من أجل تحصين نفسها في وجه فك ارتباط الولايات المتحدة المستمر، ولو بوتيرة بطيئة، عن الشرق الأوسط ومنطقة الخليج الذي بدأ في عهد أوباما ويستمر في عهد ترامب. ورغم أن فك الارتباط هذا يبدو في الواقع نهائيًا، يمكن إما تكثيف وتيرته أو تخفيفها، وهنا سيضطلع الكونغرس بدور مهم. فقد اتخذت إدارة ترامب لغاية الآن موقفًا متناقضًا ومربكًا تجاه الشرق الأوسط. فمن جهة، نادى الرئيس ومسؤولوه بإصلاح القيادة الأمريكية ورسموا صورًا للولايات المتحدة وهي تعمل بعزيمة وفعالية جديدتين، لا سيما في الشرق الأوسط. ولكن من جهة أخرى، شددوا على تقاسم الأعباء والاعتماد على الذات في أوساط الحلفاء أكثر حتى مما فعلت إدارة أوباما. وسينظر الكثيرون إلى عزم ترامب الظاهر بسحب القوات الأمريكية من سوريا على أنها إشارة واضحة إلى أن واشنطن، بصرف النظر عن الخطابات، تواصل تقليص وجودها في الشرق الأوسط وتسمح لجهات فاعلة أخرى بالتدخل، بخاصةٍ روسيا التي تستأنف لعب دور في المنطقة تمّ استثناؤها عمليًا عن تأديته طوال عقود من الزمن.
أخيرًا، سوف يتعين السعودية والإمارات وغيرهما من الدول أن تتحرك بسرعة لإصلاح الروابط المتصدعة مع الديمقراطيين وبعض الجمهوريين من أجل ضمان أن واشنطن تعتبر إلى حدّ كبير التحالف معهم كتحالف مع الولايات المتحدة وليس مع إدارة ترامب. ولا بدّ من أن تكون كل هذه التحديات المعينة على صعيد التشريع والسياسة ثانويةً لمهمة أوسع نطاقًا تتمثل بتذكير شريحة من قادة الولايات المتحدة الذين ينتمون إلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالسبب الكامن وراء هذه الشراكة المهمة، والقائمة منذ أمد طويل، بين بلادهم ودول الخليج العربية، وكيف أن البدائل ستكون خطيرةً على الطرفين. وفي ظل هذا الجو السائد من التحيّز المفرط، يمكن إساءة تفسير التوافق في الآراء التقليدي والشامل لسياسة الولايات المتحدة الخارجية واعتبار أنها تعكس ببساطة أولويات توجُّه سياسي محلي محدد، مستثنيةً أي توجهات أخرى. وما كان يعتبر اتفاقًا من الحزبين بشأن السياسة إزاء الشرق الأوسط – أي التحالف مع دول الخليج ومعارضة الطموحات الإيرانية، إلخ – يمكن إعادة وصفه الآن على أنه مجرد سياسيات “ليبرالية” أو “محافظة” أو سياسة “أميركا أولًا” يشعر الآخرون بالحاجة إلى التنصل منها متى أمكن، وبخاصةٍ إذا استعادوا سلطتهم. وقد يشكّل هذا الواقع الخطر الأكبر الذي تواجهه العلاقات الأمريكية-الخليجية اليوم، وهو خطر يحلّ من دون شك محل كافة معارك السياسة التكتيكية على نحو أكبر.
هو كبير باحثين مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
مع سعي ترامب لتحقيق زيادة هائلة في إنتاج النفط والغاز الأمريكي، وعرقلة صادرات النفط الإيرانية، فإنه لن يتردد في التدخل بقوة في سوق النفط.
بدأت قوة مدعومة من تركيا في سوريا هجوماً على مدينة كوباني، ذات الأغلبية الكردية، وحذر القادة الأكراد من أن ذلك قد يؤدي إلى تطهير عرقي، ويقوض المعركة ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا.
ستشكل استضافة كأس العالم فرصة عظيمة للسعودية في دعم الإصلاحات المرتبطة برؤية2030 . وفي حين أن الاستعدادات للبطولة ستكون مكلفة، إلا أنها ستعزز النمو الاقتصادي، ومن شأنها أن تدفع نحو المزيد من التغيير الاجتماعي.
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.
تعرف على المزيد