استوحت شاعرات النبط شعرهن من الحب والشوق والبيئة الصحراوية، وقد ساهمن بشكل كبير في الشعر النبطي منذ فترة طويلة، ولكن تم إهمال أشعارهن في الأدبيات العربية والانجليزية.
الشعر النبطي هو شعر عربي شعبي، نشأ مع البدو الرٌحل في شبه الجزيرة العربية. عبّر الشعر الشعبي عن حياة العرب اليومية، منذ حقبة ما قبل الإسلام، وقد تناقلته الأجيال شفوياً، للحفاظ على تاريخ هذه القبائل البدوية، فكان جزءً من العقل الجمعي لهذه المجتمعات.
استلهاماً من الحب والشوق والبيئة الصحراوية، ساهمت الشاعرات بشكل كبير في الشعر النبطي، واشتهرن بمرثياتهن. ومع ذلك، غالباً ما يتم تجاهل هؤلاء الشاعرات، ويتم تجاهل شعرهن في الدراسات الأدبية العربية والإنجليزية. تقول منيرة الغدير، مؤلفة كتاب “أصوات الصحراء: أشعار نساء البادية في المملكة العربية السعودية”، إن شعر المرأة تم تهميشه وقمعه بشكل منهجي. قضى الشاعر والباحث السعودي عبد الله بن رداس عقد من الزمن من السفر في جميع أنحاء المملكة، لجمع قصائد النساء التي تم تناقلها شفوياً عبر الأجيال، واعترف الشاعر السعودي بأنه لم يجد سوى بعض القصائد، لأن شعر النساء غالباً ما يتم نسيانه وعدم تداوله.
نتيجة للقيود الثقافية والاجتماعية، أُجبرت بعض شاعرات النبط على استخدام أسماء مستعارة، مثل “عيون المها” أو “رهينة نجد” لإخفاء هوياتهن الشخصية والقبلية. على الرغم من هذه التحديات، حققن هؤلاء الشاعرات مؤخراً نجاحاً في المحافل الشعرية، واحتدم التنافس مع نظرائهن الرجال في مسابقات مرموقة.
وصلت حصة هلال، شاعرة سعودية، عُرفت بـ “ريمية”، إلى النهائيات في “شاعر المليون،” وهي واحدة من أشهر المسابقات الشعرية العربية. ظهرت حصة في المسابقة الشعرية قبل أكثر من عشرة أعوام، وأثارت جدلاً واسعاً لجرأتها بكسر بعض العادات والتقاليد المتعارف عليها. ظهرت مبادرات أخرى مؤخراً تقدم فرصاً للشاعرات لعرض أعمالهن. تم إنشاء منصات ومنتديات وجوائز للسيدات لتقدم شاعرات الخليج مواهبهن للعالم.
من بين الشاعرات، اللائي حققن نجاحاً كبيراً في سن مبكرة، بشاير المقبل، والملقبة بخنساء الشعر النبطي. بشاير طالبة قانون وشاعرة سعودية من منطقة القصيم، وقد حازت على العديد من الجوائز الشعرية، من ضمنها جائزة “شاعر البيت” من مركز حمدان بن محمد لإعادة التراث، وجائزة الملك عبد العزيز للأدب الشعبي. يقول أحد الحكام في مسابقة فرسان القصيد، وهي جزء من جائزة الملك عبد العزيز للأدب الشعبي: هناك معادلة مترسخة في الأذهان بين مستوى الشعر النسائي والرجالي، ولكن أعتقد أن بشاير غيرت هذه المعادلة.
تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن مع الشاعرة بشاير عن دورها ودور الشعر النسائي، وطموحاتها والتحديات في مسيرتها الشعرية.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما الذي ألهمك لتصبحي شاعرة رغم أن النساء لم يكن مشجعات لدخول هذا المجال؟
بشاير: أنا امرأة طموحة، اقرأ الجمال في أبسط التفاصيل، ويزعجني عندما أبحث في الكلمات، ولا أجد ما يصف شعور اللحظة، فأضطر إلى الكتابة للتعبير عن شعوري وأفكاري. أظن أن الشعر هو من أتى إلي ولم أذهب إليه عنوة.
أمي، رحمها الله، كانت متذوقة للشعر، فحفظت منها العديد من القصائد، حتى أصبحت متمكنة على مجاراة الشعراء وكتابة الشعر. لم يعترف أحد من أهلي بموهبتي الشعرية إلى أن فاجأتهم بفوزي بجائزتي الأولي من مركز حمدان بن محمد في دبي. وأصبحت الآن شاعرة العائلة، وأهلي هم الداعم الأول لي.
أطمح أن أكون أول شاعرة تلقي قصيدة أمام الملك وولي عهده.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: دائما ما تدور قصائدك حول الأسرة وحب الوطن. ما الذي تأملين نقله من خلال شعرك؟
بشاير: الشعار هم منابر لأوطانهم ومجتمعاتهم. إذا لم نوظف هذه الموهبة في تمجيد أوطاننا وولائنا وجمال مجتمعاتنا فلا خير فينا. أهلي ووطني يكتبان نفسيهما في قصائدي رغماً عني، وأشعر بالمسؤولية حيال الكتابة عنهم.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لم تلق النساء الشاعرات قبولاً في دوائر الشعر النبطي، مما دفع الكثيرين إلى الكتابة بألقاب أو أسماء مستعارة. كيف تغير هذا اليوم؟
بشاير: للأمانة، أعتقد أننا الآن في طور التغيير، ومع ذلك، لا تزل بعض زميلاتي الشاعرات يكتبن خلف أسماءً مستعارةً.
قد يسهّل إخفاء الهوية القبلية عليهن الكتابة بعيداً عن اسم القبيلة، وأعراف المجتمع التي قد تقيد كتاباتهن أحياناً.
ونلاحظ أن نسبة الشاعرات إلى جانب الشعراء ضئيلة جداً. وأعتقد بأن الكثير من الشاعرات المتمكنات لم يرى إبداعهن النور حتى الآن!
بالنسبة لي، لم أكن اكترث لهذه القيود الاجتماعية المحبطة، ولم أضطر إلى الكتابة باسم مستعار. إضافة إلى أنني أشعر بامتياز لأن عائلتي دعمتني ولله الحمد، وإلا لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي التحديات والمصاعب التي واجهتها الشاعرة بشاير المقبل في حياتها المهنية؟
بشاير: لم يكن الوصول إلى هذا المكان سهلاً أبداً، خصوصاً وأنني لم ألق التوجيه المناسب في بداياتي، فأنا من نهضت لنفسي، لأتعلم بحور وأوزان الشعر بعد توفيق الله. لا أخفيك، لم يعترف أحد بموهبتي الشعرية إلى أن فزت بجائزة مركز حمدان بن محمد.
أحد أهم التحديات لكل شاعرة هو الوصول إلى القراء أو الجمهور وقراءة عقولهم. على الرغم من جودة ما يكتبه الشاعر، يلعب الجمهور دوراً مهماً في تطور الشاعر وإبداعه. كان وصولي للجمهور صعباً جداً، خصوصاً وأنني أخجل من استجداء الدعم من الآخرين.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو الدور الذي لعبته الحكومة أو منظمات المجتمع المدني لدعم الشاعرات؟
بشاير: بصراحة، كانت مسابقة فرسان القصيد، التابعة لنادي الإبل، أول منبر يعطي الشاعرات الفرصة للظهور، وقد أتاحت للعديد من الشاعرات الظهور على الساحة، وهذا مالم يحدث مسبقاً. وقد كان هناك أيضاً أمسيات خاصة في الشاعرات مدعومة من وزراء سابقين وقد وعدونا بالكثير.
وأتمنى أن نجد لنا مكانا في القريب العاجل ضمن أجندة هيئة الترفيه.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: شاركتِ ووصلت إلى النهائيات في “فرسان القصيد”، وإحدى قصائدك حصلت على الملايين من المشاهدات على يوتيوب. هل يمكنك الحديث عن هذه التجربة؟
بشاير: برنامج فرسان القصيد كان من أجمل محطات مسيرتي الشعرية رغم أنني شاركت للتسلية فقط، ولم اتوقع أن أجتاز المرحلة الأولى، ومع ذلك حصدت أعلى الدرجات في الجولات الستة، وحصلت على جائزة المؤسس من بين 3000 مشترك من كافة الدول العربية. رغم ثقتي بنفسي، كان من ضمن المشتركين أسماء مشهورة ومرعبة في الساحة الشعرية.
لكنني أعتقد بأنني مختلفة، وأنني أترك بصمة في قلوب الناس أينما كنت، بغض النظر عن الفوز. قد يكون الفوز هو الذي أوصلني إلى ما أنا عليه الآن بعد توفيق من الله.
أما عن قصيدتي التي حصدت الملايين من المشاهدات، فقد كانت من أبسط قصائدي. كتبتها في عشر دقائق، ولكن ربما بساطة المفردات وعفوية الموقف – الخارج عن النص – قد أوصلتها إلى قلوب الناس.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: الشعر له جذور عميقة في المجتمعات الخليجية. ولكن هل يلقى الشعر صدى لدى الشباب اليوم؟ ما هو الدور الذي ترينه للشعر للتقدم للأمام؟
بشاير: الشعر محبب إلى القلوب في كل زمان ومكان. وأتيقن من ذلك عندما أرى طفلاً صغيراً يردد أبياتاً من قصائدي بكل عفوية، أو شاب يصمم مقاطعي وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو فتاة تعزفها وتغنيها.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.