ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
“اعتباراً من اليوم، يجوز لجمهورية إيران الإسلامية شراء أي أسلحة أو معدات ضرورية من أي مصدر دون أي قيود قانونية، وفقط بناءً على احتياجاتها الدفاعية، ويمكنها أيضًا تصدير المعدات العسكرية الدفاعية بناءً على سياساتها الخاصة،” من بيان صحفي لوزارة الخارجية الإيرانية تم الإعلان عنه يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول.
فشلت إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي انسحبت من جانب واحد من الاتفاق النووي – خطة العمل الشاملة المشتركة – في 8 مايو/أيار 2018، في محاولتها تمديد الحظر الدولي على الأسلحة المنصوص عليه في قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقمي 1737 و1747، وتعتمد الآن على سلطاتها المحلية لردع عمليات نقل الأسلحة التقليدية من إيران وإليها. وفي لعبة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران ومحصلتها الصفرية، فإن فشل واشنطن يعني نجاح طهران. لكن وبعيداً عن الانتصار الدبلوماسي، ما هو برنامج تسليح الجمهورية الإسلامية في حقبة ما بعد الحظر؟
من غير المحتمل أن يؤدي رفع الحظر إلى موجة شراء إيرانية للأسلحة. فالبيان الوزاري يشير إلى أن عقيدة الدفاع في الجمهورية الإسلامية تقوم أساساً على قدراتها المحلية، وليس على مشتريات الأسلحة على نطاق واسع. تمكنت إيران، منذ تسعينيات القرن الماضي، من إجراء الهندسة العكسية، وفي بعض الحالات أدخلت تحسينات على الصواريخ الباليستية السوفييتية، والكورية الشمالية وصواريخ كروز أمريكية الصنع. كما تنتج إيران أيضاً صواريخ موجهة مضادة للدبابات ومدافع الهاون وأنظمة رادار وما إلى ذلك. بصرف النظر عن استثمارات طهران على مدى عقود في صناعة الأسلحة المحلية، فقد مكنتها الاستثمارات في الحرب بالوكالة من إبراز قوتها إقليمياً.
إلى جانب ذلك، عملت الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن حملة “الضغوط القصوى”، التي أعلنها ترامب، على تقييد إيران بشكل صارم لمنعها من الحصول على العملة الصعبة، وحال ذلك دون عمليات شراء للأسلحة على نطاق واسع الآن بعد رفع الحظر. يجب على مصدري الأسلحة، المنفتحين على ترتيبات مقايضة النفط مقابل السلاح مع طهران، أن يستعدوا لغضب واشنطن. ومع ذلك، كما يشير محلل الشؤون الإيرانية مايك آيزنشتات، فإنه “من المحتمل أن تقتني طهران كميات متواضعة على الأقل من الأسلحة المتقدمة، وبالتالي تُمكن صناعاتها من الهندسة العكسية، وإنتاج بعضاً من هذه الأسلحة في نهاية المطاف”. ووفقًا للتحليل نفسه، ستجد طهران أيضًا أنه من الأسهل عليها الحصول على العناصر التجارية ذات الاستخدام المزدوج اللازمة لصناعة الأسلحة، مثل محركات الطائرات دون طيار.
اعتماداً على تصميم واشنطن على مواصلة حربها الاقتصادية ضد طهران بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، ربما يَثبُت أن أهمية صادرات الجمهورية الإسلامية من الأسلحة في حقبة ما بعد الحظر تعادل أهمية مشترياتها المحتملة.
تفتقر الجمهورية الإسلامية للشفافية فيما يتعلق بإحصائيات صادراتها من الأسلحة، ولكن وفقاً للمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، فإن طهران قد صدّرت ما قيمته 429 مليون دولار من الأسلحة منذ عام 2000. وقد يكون الرقم الحقيقي أعلى نوعاً ما، ولكن تبقى الجمهورية الإسلامية مُصدراً صغيراً للسلاح، على الأقل في الوقت الحالي، والقيمة النقدية لصادراتها من الأسلحة تتضاءل، بسبب الأهمية السياسية لتزويد حلفائها بالأسلحة. من هؤلاء الحلفاء، ومع واردات بقيمة 326 مليون دولار، تعد سوريا حتى الآن أكبر مستورد للأسلحة، التي تنتجها إيران، ويليها العراق والسودان وفنزويلا. كما يعتمد حزب الله اللبناني والحوثيون اليمنيون، وهم الحلفاء غير الحكوميين للجمهورية الإسلامية، على طهران في الحصول على المكونات الصاروخية.
من غير المحتمل أن يؤثر رفع الحظر على طلب حزب الله أو الحوثيين على الأسلحة المنتجة في إيران، ولكن من المرجح أن يبقى سلاح الجو الإسرائيلي يشكل أكبر تهديد لسلسلة توريد الأسلحة من سوريا إلى لبنان. لذلك من المرجح أن تواصل الجمهورية الإسلامية عمليات نقل مكونات الأسلحة خِلسة، وتجميع الأسلحة في منشآت تحت الأرض في لبنان أو العراق. هذه الممارسة جعلت من مهندسي الإنتاج في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قادة ميدانيين: العميد محمد حسين زاده حجازي كان مشرفاً على منشأة لتجميع الصواريخ في لبنان، قبل ترقيته إلى المركز الثاني في قيادة فيلق القدس، وعبد الرضا شهلائي، قائد فيلق القدس في اليمن، كان قد عُهد إليه بمسؤولية منشآت تجميع صواريخ الحوثيين، لأن وجوده في اليمن تزامن مع ظهور القدرة الصاروخية للمتمردين.
قد يلجأ عدد قليل من الجهات الحكومية إلى تحدي تهديد واشنطن بفرض عقوبات أحادية الجانب وتزيد من مشترياتها للأسلحة الإيرانية. في عام 2014، وقع العراق صفقة أسلحة بقيمة 200 مليون دولار مع إيران، وقد يضغط حلفاء طهران في بغداد لشراء أسلحة من طهران بصرف النظر عن المحن الاقتصادية التي يعاني منها العراق. قد تتمكن سوريا وفنزويلا من تجاهل معارضة واشنطن لصادرات الأسلحة الإيرانية، ولكنهما ستواجهان صعوبات في دفع ثمن الأسلحة الإيرانية. يمكن للجمهورية الإسلامية أيضاً أن تستخدم رفع الحظر لزيادة صادراتها من الذخيرة، وقذائف الهاون، والأسلحة الخفيفة لكسب موطئ قدم لها في أفريقيا. لمواجهة الضغط الاقتصادي الأمريكي المستمر، قد تُظهر طهران كذلك قدراً قليلاً من ضبط النفس فيما يتعلق بتصدير الصواريخ الباليستية، وربما صواريخ كروز؛ في الماضي، لم تزود إيران هذه الأسلحة إلا لحلفائها غير الحكوميين مثل حزب الله والحوثيين.
ليس من المرجح أن يكون لانتهاء حظر الأسلحة تأثير مزلزل على أمن الشرق الأوسط، لكنه سيحسن بشكل هامشي قدرة طهران على تأمين مكونات لصناعاتها العسكرية والأسلحة المتقدمة. وفي الوقت نفسه، ستخفف من أعباء شراء الأسلحة من قِبل الجهات الفاعلة الراغبة في تجاهل عقوبات واشنطن أحادية الجانب.