أحيى الحوثيون في اليمن الذكرى الثالثة لتدخل التحالف بقيادة السعودية في الحرب في اليمن من خلال إطلاق عدة صواريخ على المدن السعودية مثل الرياض وخميس مشيط وجيزان.
وقالت قوات الدفاع الجوي السعودية إنها اعترضت جميع الصواريخ السبعة التي تم إطلاقها بصواريخ باتريوت التي زودتهم بها الولايات المتحدة. ومباشرة بعد هذا الإعلان، اشتعلت شبكة الإنترنت بأشرطة فيديو تظهر صواريخ باتريوت وهي تنطلق وتضرب أهدافها فوق الرياض.
وسرعان ما تبع هذه التقارير أشرطة فيديو تظهر أحد صواريخ الباتريوت الضالة يرتطم بالأرض وبقايا صاروخ على الأرض في الرياض. واعتبر بعض المحللين أن هذا يعني أن الدفاعات الجوية السعودية قد فشلت. فما هي الحقيقة إذًا؟ هناك بعض الأشياء التي يجب مراعاتها.
غالبًا ما تكون التقارير الأولى في زمن الحرب خاطئة. من الصعب جدًّا معرفة ما يجري عند النظر إلى الصواريخ على ارتفاعات عالية في الظلام ومن مقاطع فيديو الهواتف الخلوية. وعادة ما يتطلب تسجيل الضربات المضادّة للصواريخ تحليلًا للرادار والفيديو والحطام للتمييز بين الإصابة أو عدمها. وسيصدر، في الأيام القادمة، المزيد من المعلومات التي قد تؤدي إلى انحراف الاستنتاجات بطريقة أو بأخرى، فيجب أن يعامل أي تقييم في هذه المرحلة على أنه مؤقت.
إن وجود كتلة معدنية في النفايات لا يعني أن باتريوت قد فشل. أطلق صاروخ باتريوت باك -2 على ما كان يبدو أنه صاروخ قيام الإيراني (وهو نوع الصاروخ نفسه الذي تم إطلاقه من قبل الحوثيين على المملكة العربية السعودية في عام 2017، والذي يستدل من تحليل الصور بأنه تم طلاؤه وتسميته من قبل الحوثيين على أنه بركان 2) ويستخدم رأسًا حربيًّا مجاورًا ينفجر عند مروره إلى جانب الهدف. ويمنع باتريوت الرأس الحربي من الوصول إلى هدفه الأرضي، لكنه لا يبخّر الصاروخ بالكامل. حتى في حال الضربة الصاروخية الناجحة، هنالك حطام سيصطدم بالأرض، ولا تزال هناك حاجة إلى تحليل كافٍ لتحديد ما إذا كانت الشراكة ناجحة.
يتم إطلاق العديد من الصواريخ على الأهداف. إن ضرب صاروخ بصاروخ هو عمل صعب، ولا يوجد ضمان مطلق بالنجاح. لهذا السبب، تطلق بطاريات باتريوت بشكل عام صواريخ متعددة على الأهداف القادمة. إذا ضرب الصاروخ الأول الهدف، يفترض في الصاروخ الثاني أن يدمر نفسه. وفي بعض الحالات، قد يصاب هذا الصاروخ الثاني بخلل، وهذا على الأرجح ما حصل مع الصاروخ الضال الذي شوهد يصطدم بالأرض.
أين الحفرة؟ هناك أشرطة فيديو وصور للعديد من مكونات الصاروخ على الأرض في الرياض. قد يكون بعضها من مراحل الصاروخ المنفصلة عن الرأس الحربي. ومهما كانت الحالة، إذا وصل الصاروخ إلى الهدف، فينبغي أن تكون هناك حفرة وأضرار كبيرة ناتجة عن انفجار الرؤوس الحربية. يتمتع سكان المملكة العربية السعودية بأحد أعلى معدلات ملكية الهواتف المحمولة في العالم، لدرجة أنه لم يكن هناك أي دليل على انفجار ناجح يعطي مصداقية لمزاعم السعودية بأنها اعترضت جميع الصواريخ التي أطلقت على الرياض.
في حين أن هناك الكثير ما زال لم يتم الجزم فيه بشأن الهجوم الصاروخي الأخير واعتراض الصواريخ، فمن الممكن استخلاص بعض الاستنتاجات. أولاً، أن الصواريخ التي يطلقها الحوثيون تفتقر للدقة التي تجعلها ذات فاعلية عسكرية، ولا يبدو أن الصواريخ كانت تستهدف أية منشأة أو قاعدة عسكرية، ولكن يبدو على الأغلب أنها أطلقت بشكل عشوائي.
ثانيًا، وبصرف النظر عن النجاح التكتيكي السعودي الواضح في اعتراض الصواريخ، فإن إستراتيجية السعودية في اليمن فاشلة. كان أحد أهداف التدخل السعودي في اليمن هو حماية أمن المنطقة؛ فقد عانت الرياض الآن من هجمات صاروخية متكررة والوجود الإيراني في اليمن آخذ في التزايد، وإن كان ابتداءً من عدد منخفض كما يعتقد البعض.
إن أهداف الحرب السعودية المتمثلة في التقليل من النفوذ الإيراني، وحماية الحدود السعودية، واستعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي تبدو بعيدة أو أبعد مما كانت عليه في بداية الحملة الجوية على اليمن. وتستمر الحالة الإنسانية في التدهور وغالبًا ما يتم تجاهل الجهود السعودية الرامية إلى تحسين المعاناة أو اعتبارها غير كافية. ويخسر السعوديون الدعم الدولي: فقد أوقفت ألمانيا تصدير الأسلحة إلى المملكة، وهنالك إجراء لوقف الصادرات العسكرية للمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى أن قرار وقف الدعم الأمريكي للحملة التي تقودها السعودية في اليمن قد حظي بدعم كبير في مجلس الشيوخ، رغم أن كليهما قد فشلا.
من الواضح أن قوات الدفاع الجوي في المملكة العربية السعودية تمكنت من إنجاز واحدة من أصعب المهام العسكرية -اعتراض صاروخ في الجو- في وضع بالغ الصعوبة. وللأسف، فإن هذا لا يعوض عن عدم وجود نجاح استراتيجي في اليمن. وينبغي ألا تكون اعتراضات الصواريخ فوق الرياض عادية؛ إن الرد الأكثر فاعلية للصواريخ التي تطلق على السعودية هو تسوية سياسية لحرب اليمن.
ديفيد دي روش زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وهو زميل عسكري رفيع المستوى في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني. هذه الملاحظات لا تمثل وجهات نظر أي فرع من أجهزة الحكومة الأمريكية.