ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة أمره بإجراء تعديل وزاري واسع في 13 يونيو/حزيران، بتغيير 17 وزيرًا من أصل 22. وصف متحدث باسم الحكومة ذلك بأنه “الأكبر في تاريخ الدولة”، حيث جلب “عدد كبير من الوزراء الشباب، بمن فيهم نساء”. وتحدث ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة، الذي يشغل منصب رئيس الحكومة، عن ذلك قائلا إنه “سوف يجلب أفكارًا جديدة وانطلاقة متجددة لاستمرار النهوض بالقطاع العام”. وشمل إجراء الملك إنشاء أربع وزارات جديدة، بما فيها السياحة والتنمية المستدامة. لم يجرِ تغيير على “الوزارات السيادية” الخاصة بالداخلية والمالية والشؤون الخارجية. وعلي الرغم من عدم ووجود أي توزيع طائفي للمناصب بشكل رسمي، تبين أنه تم تعيين تسعة وزراء شيعة. ثلاثة وزراء فقط هم من أسرة خليفة الحاكمة، ويشكل ذلك أقل عدد في تاريخ الدولة. يأتي التعديل قبل انتخابات مجلس النواب المتوقعة في نوفمبر/تشرين الثاني.
انتقال فريق المقربين من ولي العهد لوزارات النفط والعدل
من بين أهم تغييرات الحقائب الوزارية، إقالة وزير النفط وعدم إعادة تعيين ثلاثة من بين أربعة من نواب رئيس الحكومة. هاتان الخطوتان كانتا مشحونتين بأهمية سياسية متوقعة. قام الملك بتعيين محمد مبارك بن دينة، مبعوث البحرين السابق لتغيير المناخ، وزيرًا جديدًا للنفط والبيئة. وينظر إليه على أنه تكنوقراط وينتمي لمعسكر ولي العهد سلمان بن حمد. كان ينظر للوزير السابق للنفط أيضًا على أنه تكنوقراط كفؤ عرف صناعة النفط جيدًا، ولكنه أيضًا ابن القائد العام لقوات دفاع البحرين القوي المشير خليفة بن حمد آل خليفة. وعلى الرغم من كونه قائدًا عسكريًا قديرًا ويتمتع باحترام القادة العسكريين في الولايات المتحدة والأجانب الآخرين الذين تعاملوا معه، ينحدر القائد من فرع الخوالد من الأسرة الحاكمة، وهو فرع يُنظر إليه تقليديًا أنه مركز قوة متشدد ومتميز في أسرة آل خليفة التي احتفظ فيها والد ولي العهد، الملك حمد، بمناصب رئيسية في الديوان الملكي والجيش. وطالما تم النظر إلى أعضاء من هذا الفرع على أنهم منافسون لولي العهد على النفوذ ومتشككون من ميوله الإصلاحية. في وزارة العدل، تمت إقالة الوزير المتشدد خالد بن علي بن عبد الله آل خليفة لصالح نواف محمد المعاودة، الرئيس السابق لمكتب ديوان المظالم بوزارة الداخلية، وهو مكتب تم إنشاؤه عقب اضطرابات الربيع العربي. كان المعاودة مدعيًا عامًا سابقًا.
تمكين ولي العهد في ظل الظروف الراهنة
هناك إجماع بين وسائل الإعلام والمحللين أنه، بينما تعامل الملك بمهارة مع فرع عائلة الخوالد على مر السنين، فإنه يعرف أن ابنه الأكبر، ولي العهد، بحاجة إلى وضع بصمته الخاصة على الحكومة (كما فعل ذلك مرة واحدة في السنوات التي سبقت اضطرابات الربيع العربي) وإثبات نواياه الحسنة ليكون بشكل فاعل ملك البحرين القادم، على الرغم من أن نظام الابن الأكبر (حق الابن البكر في الإرث) منصوص عليه في الدستور في البحرين. ويبدو أن تعيين الملك لوزير جديد للنفط والبيئة يجعل أحد أبناء عشيرة الخوالد يغادر منصبه لصالح تكنوقراط يدعمه ولي العهد، وهي خطوة ترسل إشارة قوية لولي العهد بدعم الملك له. ولا يزال هناك أعضاء مؤثرون من فرع عائلة الخوالد، إضافة إلى قائد قوة دفاع البحرين، في مناصب مؤثرة، بمن فيهم شقيق القائد وهو وزير شؤون الديوان الملكي وابن أخيه وزير المتابعة بالديوان الملكي.
إقالة نجل رئيس الحكومة صاحب الخدمة الطويلة
هناك خاسر رئيسي آخر من التعديل الوزاري وهو علي بن خليفة آل خليفة نائب رئيس الوزراء، ونجل رئيس الوزراء السابق. فقد علي بن خليفة منصبه كما حدث مع النائب الثالث لرئيس الحكومة، وهو شخصية سياسية شيعية كان يعتقد أنه متحالف مع رئيس الوزراء السابق. وكما تقاعد نائب رابع لرئيس الحكومة، فإن إقالة علي بن خليفة تحد بشكل كبير مما تبقى من تأثير لرئيس الوزراء السابق، الذي توفي في عام 2020 بعد أن خدم حوالي 50 سنة. لقد مثل علي بن خليفة جزءًا من ظل والده الطويل، عم الملك، الذي ألقاه لعقود على المشهد السياسي مع تعاملاته التجارية الواسعة ومناوراته مع العائلات والقبائل ذات المكانة الجيدة. كان رئيس الوزراء السابق قبل وفاته، وعلي بن خليفة بدرجة أقل، يُعتبران منافسين بشكل جدي لولي العهد على النفوذ. ويبدو أن ولي العهد سلمان بن حمد، وحتى الملك حمد، لم يكونا راضيين عن نفوذ رئيس الوزراء صاحب الخدمة طويلة الأمد الذي استطاع مراكمة هذا النفوذ وممارسته على مر السنين. وبينما كان علي بن خليفة شخصية أقل قوة ونفوذًا من والده، فقد مثل ميراثًا أراد ولي العهد الإصلاحي أن يهمّشه.
في عملية التعديل الوزاري، احتفظ خالد بن عبد الله آل خليفة بمنصبه نائبًا لرئيس الحكومة ووزيرًا للبنية التحتية، واحتفظ زايد بن راشد الزياني بمنصبه كوزير للصناعة والتجارة. ومع ذلك، فقد تم فصل وزارة السياحة عن وزارة الصناعة والتجارة، التي كانت جزءًا منها لتكون لها وزارتها الخاصة بها، والتي ستتولاها فاطمة بنت جعفر الصيرفي. ويعتبر الزياني، الذي أمضى ردحًا طويلاً من الزمن في منصبه، حليفًا مقربًا لولي العهد. وهو ينحدر من عائلة تجارية بارزة لها علاقات وثيقة مع الأسرة الحاكمة، وأحد أقاربه المباشرين هو وزير الخارجية.
محاولة لمواجهة الضغوط المالية
مع بقاء الملك في الحكم بشكل قوي وعدم وجود تغييرات على “الوزارات السيادية” الداخلية والمالية والخارجية، فإن هذا التعديل لا ينبئ عن تحولات سياسية كبيرة في البحرين. وبدلاً من ذلك فإنه يمثل جهدًا لمساعدة ولي العهد على توطيد مكانته، ومحاولة متواضعة للتخلص من عناصر الحرس القديم. ويمكن أن يشكل ذلك جهدًا للاستعداد لمواجهة الضغوط المالية المستمرة. يأتي هذا التعديل في إطار تقارير إعلامية متشائمة نسبيًا حول الوضع المالي في البحرين خلال العام الماضي، وقد أشار أحدها إلى أن هذه الدولة (الجزيرة) الصغيرة كانت “واحدة من أكثر الدول مديونية في المنطقة”، وكانت تحصل على دعم الجيران الأكثر ثراء منها من خلال ضخ رأس المال بشكل دوري. وعلى الرغم من ذلك التشاؤم، فإن ارتفاع أسعار النفط في الأشهر الأخيرة والتقييم الإيجابي نسبيًا من صندوق النقد الدولي في مايو/أيار يوفران سياقًا اقتصاديًا أكثر إيجابية لدعم جهود الحكم المقبلة لولي العهد.
تعديل وزاري محدود في عُمان يتمم تحركات سابقة
حدث تعديلان وزاريان آخران مؤخرًا في الخليج، وإن لم يكن أي منهما واسع النطاق كتغيير الحكومة في البحرين. ففي عُمان، استبدل السلطان هيثم بن طارق آل سعيد وزير الطاقة والمعادن، صاحب الخدمة الطويلة، محمد بن حمد الرمحي، بوكيل الوزارة سالم العوفي. وشغل الرمحي منصب الوزير لعقدين، حيث حقق نفوذًا ملحوظًا واستقلالًا بفضل تلك العقود من الخبرة في عهد السلطان قابوس بن سعيد. كما قام السلطان هيثم أيضًا بتعيين وزير جديد للصحة ووزير للأوقاف والشؤون الدينية. ومع أن التعديل محدود النطاق، لكنه يمثل خطوة أخرى إضافية في جهود السلطان هيثم الطموحة لوضع بصمته على الحكومة بعد توليه العرش خلفًا للراحل السلطان قابوس في 2020.
في الكويت: حكومة الأسرة الحاكمة تستخدم التعديل كمناورة
في الكويت، كان التعديل الوزاري المحدود في مارس/آذار مجرد خطوة إضافية في الأزمة المستمرة بين البرلمان والحكومة. استقالت الحكومة في أوائل أبريل/نيسان وسط تصاعد الخلاف مع البرلمان وقبيل تصويت برلماني بعدم التعاون، وأعادت القيادة تعيين رئيس الحكومة على رأس “حكومة تصريف الأعمال”. وفي إطار النظام السياسي الكويتي، فإنه يبدو أن هذه التحركات كانت محاولة لتحقيق إنجاز على حساب البرلمان، الذي حصل على أصوات إجراء حجب الثقة. وفي 22 يونيو/حزيران، قام ولي العهد نيابة عن الأمير بحل البرلمان، ودعا لإجراء انتخابات جديدة.