عند أخذ جهود العزل العالمية بعين الاعتبار، كان من المرجح أن معدلات الزواج ستنخفض منذ بداية جائحة فيروس كورونا. تشير البيانات من الدول الغربية إلى أن الجائحة أدت في الحقيقة إلى انخفاض في عدد حفلات الزفاف. ومع ذلك، فإن ما يثير الفضول في البحرين هو قيام الناس بعقد قرانهم بشكل أكبر في عام 2020، وقد يقدم الاقتصاد رؤية ما حول سبب ذلك.
مثلها مثل العديد من البلدان، شهدت البحرين انخفاضاً في المعدل العام للزواج بين عامي 2014 و2020. المعدل العام للزواج هو إجمالي عدد الزيجات لكل 1000 شخص فوق سن الـ 15 عاماً من السكان. يقدم هذا المقياس صورة عن الميل إلى الزواج أكثر دقة من إجمالي الزيجات لأنه يراعي التغيرات في عدد السكان، حيث تشهد البلدان التي بها أعداد كبيرة من العمال الوافدين ومعدلات مواليد عالية، مثل البحرين، تقلبات سكانية كبيرة من سنة إلى أخرى. وعلاوة على ذلك، كان الانخفاض كبيراً جداً: فقد بلغ المعدل العام للزواج في البحرين 4.7 في عام 2019، أقل بنسبة 40٪ مما كان عليه في عام 2014، عندما كان 7.9، في حين انخفض إجمالي الزيجات بما يقارب 30٪ خلال الفترة نفسها.
المعدل العام للزواج وإجمالي الزيجات في البحرين (2014-2020)
من المرجح أن تكون هناك عوامل مثل ارتفاع مستويات التعليم ومعدلات المشاركة النسائية في القوى العاملة قد ساهمت في مثل هذا التوجه، ما يعكس توجهات مماثلة في مناطق أخرى من العالم. يؤدي التأهيل المهني إلى تأخير الزواج لدى النساء، كما يؤدي إلى التقليل من احتمالية توجه المرأة للزواج، لأن الحصول على دخل مستقل يجعل المرأة أقل اعتماداً على الزواج كمصدر للأمن الاقتصادي.
كان من المتوقع أن تتسبب جائحة فيروس كورونا في انخفاض حاد في معدلات الزواج في جميع أنحاء العالم، لعدد كبير من الأسباب. أولاً، الإغلاق يعيق عملية التعرف على القرين المستقبلي. ثانياً، يعد حفل الزفاف البهيج جزءاً مهماً من الزواج بالنسبة لمعظم الأزواج، والتباعد الاجتماعي مَنَع التجمعات الكبيرة. ثالثاً، يحب الناس أن يشعروا بقدر من الاستقرار الاقتصادي قبل الزواج، في حين تسببت الجائحة في مستويات غير مسبوقة من المعاناة الاقتصادية لمن فقدوا سبل عيشهم، وحالة ارتياب بالنسبة لمن حالفهم الحظ واحتفظوا بوظائفهم. وبالتالي، فقد كان المتوقع من العديد من الأشخاص – على مستوى العالم – إما تأخير الزواج إلى أجل غير مسمى أو التعايش دون الزواج.
بالنسبة لمعظم الناس في البحرين، لا يعتبر أي من هذين الخيارين احتمالاً وارداً. فعملية الزواج بالنسبة لمعظم البحرينيين هي أقرب بكثير إلى الزواج المرتب مسبقًا منها إلى نظام المغازلة، الطويل الأمد، والمتعارف عليه بصورة أكبر في العديد من الدول الغربية. فالعلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة محدودة تماماً في البحرين، ولذلك فمن الطبيعي أن الزوجين بالكاد يتعرف أحدهما على الآخر قبل عقد قرانهما. ومن الجدير بالذكر، أن هذا يعني أيضا أن العيش معاً بين الزوجين هو أمر غير مقبول اجتماعياً قبل الزواج، ما يجعله بديلاً غير متاح.
عادة ما يقرر الزوج المرتقب، بالتشاور مع والديه، من التي سيتقدم للزواج منها، ويمكن القول إن والدته تلعب دوراً ريادياً في ذلك لأنها تتمتع بإمكانية الوصول إلى مجموعة كبيرة من الزوجات المقترحات. غالباً ما تكون الزوجة المرشحة إحدى قريبات الرجل، مثل بنت العم من الدرجة الأولى أو الثانية، لأن هؤلاء النساء يقعن ضمن المجموعة الاجتماعية للرجل وعائلته، كما أنهن من المرجح أن يتوافقن اجتماعياً وثقافياً مع الرجل. يتم طلب يدها للزواج، وهو ما تدرسه المرأة ولها حرية القبول أو الرفض.
لا يواجه هذا النظام عائقاً كبيراً أثناء الإغلاق: فلا تزال العائلات تجتمع، وإن كان بوتيرة أقل؛ وغياب حاجة شركاء الحياة المرتقبين للتعرف بعضهم على بعض من خلال زيارات إلى صالات السينما ووجبات المطاعم – وغيرها من طقوس الخطوبة المتعارف عليها والشائعة في الغرب. الأمر الذي يعني أن التباعد الاجتماعي في البحرين ليس بالأمر المهم عملياً.
عدا عن ذلك، في المجال الاقتصادي، كان أداء المواطنين البحرينيين جيداً نسبياً. حيث عملت المستويات العالية من التوظيف في القطاع العام، إلى جانب الحافز المالي القوي، على تخفيف المعاناة الاقتصادية التي، خلافًا للبحرين، شعر بها الناس في جميع أنحاء العالم. واجه العمال الوافدون في البحرين ضائقة اقتصادية كبيرة، لكنهم لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة جداً من الزيجات التي جرت في البحرين.
على الرغم من هذه الاختلافات في الظروف بين البحرين وغيرها، فإن أحد مظاهر الزواج الشائعة هو أنه غالباً ما ينطوي على نفقات مالية كبيرة. في الواقع، في البحرين، بالإضافة إلى التكاليف الباهظة لحفل الزفاف وشهر العسل والإعداد للترتيبات المعيشية بعد الزواج، هناك أيضاً المهر، الذي يُترجم على نحو تقريبي إلى “dower“، عندما يتزوج المسلمون، يكون على الرجل التزام مادي تجاه المرأة، يتم التوافق عليه بشكل متبادل، ويُستحق عند توقيع عقد الزواج. وفي حين يمكن للمهر أن يكون أي نوع من العناصر المادية المقبولة لدى الطرفين، إلا أنه غالباً ما يكون مبلغاً من المال؛ في البحرين، عادة ما يعادل عدة آلاف من الدولارات الأمريكية. وغالباً ما يزداد حجم المهر وفقًا للطبقة الاجتماعية والاقتصادية للعروس: يمكن للمرأة الثرية أن تطلب مهراً يتجاوز العشرين ألف دولار. يمثل المهر جزءاً كبيراً من إجمالي تكاليف الزفاف، التي يتوجب على الزوج المرتقب التخطيط لتأمينها.
نسبة التغييرات الربع سنوي لحالات الزواج في البحرين لعام 2020 مقارنة بعام 2019
كانت هناك تغيرات هائلة في نسب الزيجات في البحرين خلال عام 2020 مقارنة بعام 2019. في الربع الأول من عام 2020، قبل ظهور الجائحة (حيث كانت أول حالة موثقة في البحرين في منتصف فبراير/شباط، واستغرق الأمر حتى أواخر فبراير/شباط لاعتماد التوصية بالتباعد الاجتماعي)، استمرت الزيجات بالمعدل نفسه كما في عام 2019. الربع الثاني، الذي تميز بأشد القيود صرامةً (في أواخر أبريل/نيسان، حيث تم إغلاق جميع المؤسسات التجارية غير الضرورية لمدة أسبوعين)، انخفضت نسبة الزيجات بشكل ملحوظ. ومع ذلك، وبحلول الربع الرابع، عندما تم رفع العديد من القيود، ارتفعت الزيجات بنسبة 50٪ تقريباً مقارنة بعام 2019. ويشير هذا النمط إلى عملية التأخير الناجعة للزيجات استجابةً للتحديات اللوجستية التي فرضتها الجائحة.
حالات الزواج في البحرين حسب مدى المهر (2019 -2020)
يساعدنا النظر إلى المهور التي دفعها الأزواج لعرائسهم في الأعوام 2019 و2020 على تفسير هذه الزيادة في الزيجات في نهاية عام 2020. تضمنت جميع الزيجات الإضافية تقريباً دفع مهور تتراوح ما بين 1000 و1999 دينار بحريني (تقريباً ما بين 2650 إلى 5300 دولار). حسب المعايير البحرينية، تمثل هذه الأرقام الزيجات بين الأشخاص الذين تقل طبقتهم الاجتماعية والاقتصادية عن المتوسط بقليل (كان متوسط المهور في كل من 2019 و2020 يتراوح بين 2000 دينار بحريني إلى 2999 دينار بحريني، أو ما يعادل 5300 إلى 7800 دولار).
وبوضع هذه الحقائق معًا، يمكن أن تساعدنا المبادئ الاقتصادية الأساسية في تسليط الضوء على التحول في الزيجات في البحرين. وفقًا لقانون الطلب، عندما يرتفع سعر سلعة أو خدمة معينة، فإن الطلب على تلك السلعة أو الخدمة ينخفض، والعكس صحيح. أثناء الجائحة، أسفر عدم القدرة على إقامة حفلات زفاف باهظة التكلفة، أو الحجز لقضاء شهر عسل فاخر (ومكلف) عن انخفاض تكلفة الزواج بشكل كبير، وتبقى بالتالي كل الأمور الأخرى ثابتة، فمن المتوقع وفقًا لقانون الطلب أنه سيكون هناك المزيد من الزيجات.
علاوة على ذلك، فإن بعض إجراءات الإغلاق التي كانت بمثابة معيقات للزواج في بلدان أخرى، مثل صعوبة العثور على شريك مناسب، لم تشكل عاملاً في البحرين. إن عدم وجود بدائل للزواج، مثل العيش معاً بين قرينين غير متزوجين، الذي تم استبعاده لأنه غير مقبول اجتماعياً، يساعد أيضاً على ضمان عدم ظهور العوامل الأخرى، التي قد تجعل البيانات أقل دراماتيكية، أو قد تقلل من القوة التفسيرية لاعتبارات قانون الطلب.
تمكن الناس من تأجيل الزواج لبضعة أشهر، ولكن يبدو أن البيانات الأولية تشير إلى أن القوى الاقتصادية بدأت تلعب دوراً قوياً، الأمر الذي سهّل من جعل الزواج في متناول اليد لبعض البحرينيين. ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين لديهم موارد أكبر، والذين من المرجح أن تكاليف الزفاف الإجمالية لديهم تمثل نسبة أقل من إجمالي دخلهم مدى الحياة، والذين يواجهون القليل من المشاكل في توفير السيولة المالية المطلوبة للزواج، فإن معدل الزواج لم يتأثر بالجائحة.
من وجهة نظرٍ مجتمعية، هنالك مسألة حاسمة وهي تأثير الجائحة على معدل المواليد. تعتمد دور الحضانة والمدارس والعديد من المؤسسات الأخرى على الاستقرار في حجم الفئة لكي تعمل أنظمتها. وفي ظل عدم وجود بيانات حتى الآن، فإذا ساعد ارتفاع معدل الزواج في البحرين على تجنب حدوث انهيار في معدل المواليد، فربما قد تم تفادي تعديل مؤلم للغاية.
سيقوم دونالد ترامب بعمل تحولات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية بتحديه للأعراف الديمقراطية والتقاليد الدستورية والقانونية في المشهد السياسي الأمريكي، بما يؤثرعلى شكل ودعائم النظام السياسي الأمريكي.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.