كجزء من خططها للتنويع الاقتصادي الإقليمي، تستثمر الدول الخليجية بشكل متزايد في المشاريع الرياضية. استضافت قطر كأس العالم لكرة القدم لعام 2022. وفازت المملكة العربية السعودية بفرصة استضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029، واشترت نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي لكرة القدم، واستقطبت نجم كرة القدم كريستيانو رونالدو لنادي النصر السعودي. ومع ذلك، كان ثمة رياضة أخرى محط اهتمام أحد الاستثمارات الكبيرة والهادئة في السنوات الأخيرة، ألا وهي ركوب الدراجات.
على المستوى الوطني، اعتلت الفرق الخليجية المحترفة – مثل فريق البحرين فيكتوريوس، بقيادة ناصر بن حمد آل خليفة، وهو أحد رياضي التحمل ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في البحرين، وفريق الإمارات – منصات التتويج في سباقات دولية عريقة، بما في ذلك طواف فرنسا للدراجات. تم تصنيف الفريقين ضمن الفرق العشرة الأفضل عالميًا من قبل الاتحاد الدولي للدراجات في بداية عام 2023. وفي الوقت نفسه، زاد عدد دول الخليج التي تستضيف سباقات الاتحاد الدولي للدراجات في آسيا والجولات العالمية منذ عام 2019. واليوم، هناك ثلاث دول خليجية على حلبة الاتحاد الدولي للدراجات – طواف عمانوطواف الإماراتوطواف السعودية. انطلق طواف السعودية من منطقة العلا، التي تعتبر موقع للتراث العالمي تابع لليونيسكو. قال فيليب جونز (Phillip Jones)، كبير مسؤولي إدارة وتسويق الوجهات السياحية في الهيئة الملكية لمنطقة العلا، إنه يهدف من استضافة مثل هذه الفعاليات إلى جعل الموقع “عاصمة ركوب الدراجات في السعودية، إن لم يكن في الشرق الأوسط”.
ومع ذلك، يأمل أحد الدراجين الكويتيين في توجيه بعض من هذا الاهتمام بركوب الدراجات نحو سياحة الدراجات. تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن مع عبد الرحمن الخميس لمعرفة المزيد عن رحلته “من الصفر إلى الـ 100 ميل” – من ركوب الدراجات بصعوبة إلى إكمال مسافة 100 ميل- وكيف، حسب اعتقاده، يمكن لركوب الدراجات أن يشكل الطريقة التي يمكن للدراجين من خلالها التعرف على العالم العربي وتجربته. من خلال مدونته، The Paperclip، ومشروعه التجاري الجديد Spoke Collective، يقوم عبد الرحمن بتعريف الجماهير الدولية على مجتمعات الدراجين العرب، ويشجعهم في الوقت نفسه على اكتشاف المنطقة من خلال جولات مكثفة لركوب الدراجات.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو أول ما أثار اهتمامك بركوب الدراجات؟
عبد الرحمن: بدأ شغفي لركوب الدراجات بعدما انتقلت إلى بورتلاند بولاية أوريجون، لكنني أستطيع القول إن القصة بدأت فعليًا قبل ذلك بكثير. اعتدت تناول الإفطار مع والدي ومشاهدة الأفلام الوثائقية قبل صلاة الجمعة. في صباح أحد الأيام، حيث كنت آنذاك في العاشرة من عمري تقريبًا، تم عرض الفيلم الوثائقي “ثوران جبل سانت هيلين!”. لقد ذهلتُ عندما رأيت المشاهد الخضراء والبراكين والمحيط الهادئ والشمال الغربي للمحيط الهادئ بشكل عام. لقد أدمنت كل شيء في الشمال الغربي للمحيط الهادئ. وأنا في العشرين من عمري، تلقيت منحة دراسية كاملة للالتحاق بالجامعة بعد رسوبي عدة مرات في شهادة الدراسة الثانوية، حيث تخرجت في نهاية المطاف في عام 2013. كانت بورتلاند أحد المواقع الثلاثة التي تمكنت من الاختيار من بينها للدراسة الجامعية. قلت لنفسي: “حسنًا، لا بد أن هذا هو قدري لأن بورتلاند هي المكان الذي لطالما حلمت به”. اشتريت دراجتي الأولى في الأسبوع الأول من وصولي إلى بورتلاند. عندما دخلت المتجر، كان وزني يزيد قليلاً عن 355 رطلاً. بدأت أتحدى نفسي وقررت أن أذهب إلى الجامعة بالدراجة كل يوم، سواء كان الطقس ماطرًا أم مشمسًا. عندما كنت أرغب في تناول الطعام في مطعم، كنت مضطرًا لركوب الدراجة إلى هناك لتناول الوجبة. كان الأمر صعبًا حقًا، لكنني كنت أشعر بأنه من الصواب تجربة كل شيء – الهواء ودرجة الحرارة، والمطر وكم هائل من الحركة – وهكذا شعرت بأنني على قيد الحياة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي بعض العوامل التي مكنتك في رحلة لركوب الدراجات الهوائية؟
عبد الرحمن: كل ذلك جاء بفضل المجتمع. قام هؤلاء الأشخاص بتقديم المشورة لي خلال التحديات التي واجهتها وحفزوني. لقد جعلوني أدرك أنني قادر على الركوب لمسافات تزيد عن عشرة أميال – بالنسبة لي، قبل ذلك لم أكن أتخيل الركوب لمسافة خمسة أميال. ولكن بعد عامين، بدأت في ركوب الدراجة لمسافة 100 ميل في كل عطلة نهاية أسبوع وكأنها لا شيء. شاهدني جمهور ركوب الدراجات هذا، ورأى أن لدي فرصة للتحسن، وكنت دومًا أرحب بهذه المساعدة. كما بدأت في الركوب مع مجموعة تدعى (Our Mother the Mountain)، وبدأت ممارسة ركوب الدراجات من الساعة 6 صباحًا حتى منتصف الليل، أو ركوب الدراجات لمسافات ما بين 200- 250 ميلًا أو الركوب لأكثر من 25 ساعة. عندما أدركت أنني انتقلت من البدانة المفرطة إلى القيام بهذه الجولات، وإقامة هذه العلاقات والروابط من خلالهم، شعرت وكأنني وجدت أهلي. لم أكن لأتمكن من الانتقال من النقطة أ إلى النقطة ب من دونهم.
من المؤسف أنني اضطررت لمغادرة الولايات المتحدة في عام 2021 نظرًا لأمور تتعلق بالتأشيرة، لذلك أمضيت الأشهر الأخيرة متجولاً في جميع أنحاء البلاد – حيث التقيت أشخاصًا تحدثت معهم فقط عبر انستجرام– وقمت بركوب الدراجة عبر ولايات واشنطن وأيداهو ومونتانا ووايومنج وكولورادو. الفكرة الوحيدة التي احتفظت بها في رأسي هي أنه إذا علمني هذا المجتمع كيفية ركوب الدراجة ومواجهة أي شيء، فإنه يمكنني فعل ذلك بحذافيره في الكويت أيضًا. كنت أعرف تمامًا إلى أين أنا عائد لأنني ولدت وترعرعت هناك. كان أول شيء أخبرني به ابن عمي بعد اصطحابي من المطار، “من الأفضل أن تشد الحزام، يا صاحبي. سيحاولون كسر ذراعيك”، وهذا يعني “عليك أن تتشدد لأن الحياة ستكون صعبة هنا”.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف كانت تجربة الانتقال من ركوب الدراجات في أوريجون في معظم الأحيان إلى العودة إلى الكويت؟
عبد الرحمن: كانت تجربة تلك الصدمة الثقافية العكسية في غاية الصعوبة. قررت الاتصال بأسرتي في إسبانيا لمعرفة ما إذا كان بإمكاني المكوث معهم لبضعة أشهر وركوب الدراجات هناك. في الأيام القليلة بين عودتي من الولايات المتحدة وذهابي إلى إسبانيا، فقدت نفسي تمامًا لأنني انفصلت عن دراجتي وعن جمهور ركوب الدراجات. كان ركوب الدراجة هو ما يجعلني أنهض من سريري كل صباح في بورتلاند – لقد ساعدني ذلك على البقاء سليمًا جسديًا وذهنيًا- وفجأة اختفى كل ذلك. لقد كان ذلك بمثابة هدف لي، وكان وسيلتي للارتباط بالأرض وتجربة درجة الحرارة والرياح والضوضاء. لكن تم تحدي هذه الرغبة من قبل السلوكيات المرتبطة بركوب السيارات والبنية التحتية في الكويت.
بعد مغادرة الولايات المتحدة، أردت أن أمنح نفسي متنفسًا من الضغط الهائل الذي كنت أشعر به، وكانت الكتابة من أفضل الأشياء التي يمكن أن أمنحها لنفسي. تولدت لدي الرغبة في استعراض شغفي بركوب الدراجات وتوثيقه لنفسي وللآخرين. انتهى الأمر بالشفاء حقًا لأنني شاركت كل قصصي المذهلة في ركوب الدراجات. بدأت بمدونتي The Paperclip، كوسيلة لتخفيف الضغط، لكن الأمر تطور إلى الشكر والعرفان لجميع الذين أوصلوني إلى هذه المرحلة. من هناك، بدأ الناس يطرحون أسئلة محددة حول الأماكن التي قمت بزيارتها أو يطلبون نصائح حول طرق معينة. أدركت أنه من خلال مدونتي، كنت أشق طريقًا لراكبي دراجات عرب ضمن صناعة يهيمن عليها الغرب. كنت أهدف في نهاية العام لإصدار أول مجلة سنوية تركز على الدراجين العرب، من الكويت إلى المغرب، ومن اليمن إلى سوريا. أريد تغطية هذا المضمار بالكامل، والتأكد من تضمين كل المجتمعات.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لقد قمت أيضًا مؤخرًا بتأسيس شركة لتجربة ركوب الدراجات. هل لك أن تخبرنا عنها بعض الشيء.
عبد الرحمن: هي شركة بإدارة كويتية تدعى Spoke Collective. لقد قمت بإنشائها لأنني أدركت مدى الفرق في تجربة المكان على الدراجة – فالمشي بطيء جدًا، وقيادة السيارة سريعة جدًا. لقد ذهبت إلى إسبانيا عدة مرات في فصول الصيف عندما كنت طفلاً، لكنني لا أعتقد أنني قد فهمت البلد تمامًا حتى طفتها بدراجتي. لذلك، تهدف Spoke Collective إلى تزويد راكبي الدراجات العرب بمثل هذه الفرص لركوب الدراجات لأنني أعرف شعور أن تكون في مجتمع مُقِيد. بالنسبة لي، الدراجة هي آلة للحرية، لذلك فأنا لا أقدم بالضرورة جولات لركوب الدراجات – بل أقدم تجربة الشعور بالحرية. أريد أن يعرف الناس كيفية الشعور بالحياة بركوب الدراجات. لا أريد منك أن تأتي وتتدرب بجدية لتصبح محترفًا. أريدك أن تجرب الأرض، وتسير على مهلٍ وتتحدث إلى الناس.
سميت الشركة Spoke Collective لأن عجلة الدراجة تتكون من الأجزاء الرئيسية: المحور والأسلاك والإطار. في Spoke Collective، يمثل كل سلك المجتمع أو الشخص، والمحور يمثل عملي، والإطار هو العالم الخارجي. تكون الأشعة دقيقة وحساسة نوعًا ما لأنه يجب شد كلٍ منها بطريقة مختلفة لكي تسير الدراجة بسلاسة. لذلك، عندما نجتمع معًا، نتعاون ونعمل بانسجام. ابتكرت هذا الاسم لأنني أريد جلب جميع المشاركين لاستكشاف العالم معًا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هل لك أن تذكر لنا بعض الأنشطة والتجارب التي تأمل بتوفيرها من خلال Spoke Collective؟
عبد الرحمن: يتمثل أحد خيارات الرحلة في استضافة الدراجين في قريتي، نوفيلي (Novelé)، وهي قرية صغيرة خارج مدينة شاطبة في بلنسيا، إسبانيا. إنها منطقة فارغة إلى حد ما، لذلك سنركب دراجاتنا بالخارج وحدنا في الجبال. يمكننا الالتقاء براكبي الدراجات المحترفين المتقاعدين الذين تسابقوا ضد لانس آرمسترونج، ونسير على الطرق نفسها التي تدربوا عليها. من هناك، نتوجه إلى سد توس التاريخي الذي قضى على الوادي بأكمله. خلال فصل الصيف، عندما ينخفض منسوب المياه، يمكنك رؤية جرس الكنيسة القديم، لذلك سوف تخفف من سرعتك لدى رؤيتك لمثل هذه الأشياء. سنستمر في ركوب الدراجات لمسافة تزيد عن 50 ميلاً مع زيادة تدريجية في الارتفاع تصل إلى حوالي 6000 قدم، ولن يكون الركوب السريع هو الهدف حتى لا تفوتك رؤية كل ما هو حولك، لأن ذلك سيضيّع عليك بعض المتعة. بهذه الطريقة، يمكنك بالفعل تجربة إسبانيا، ليس فقط كسائح وإنما كمواطن محلي، وهذا هو هدفي.
كما نخطط كذلك لخدمة أنطاليا، في تركيا – إنها في الأساس متحف مفتوح في الهواء الطلق – ونأمل في إضافة إيطاليا، بالإضافة إلى الرحلات القائمة الآن إلى جزر الكناري. كنت مؤخرًا في السعودية لتحديد بعض المواقع هناك أيضًا. قلت لنفسي، “لماذا آخذ العرب إلى أوروبا، ولماذا لا أجلب الأوروبيين إلى العالم العربي؟” تعد السعودية مكانًا مثاليًا لذلك لأنهم في عصر انفتاح، وهذا رائع؛ ولديهم الأموال اللازمة لذلك، ولديهم جبال! ويقومون بتنظيم بطولة سنوية لركوب الدراجات في منطقة العلا تسمى طواف السعودية، دخلت الآن عامها الثالث، وغالبًا ما يشارك فيها الدراجون أنفسهم الذين يشاركون في طواف فرنسا وطواف إيطاليا وطواف إسبانيا. عندما توجهت إلى السعودية، تواصلت مع أحدهم على الانستجرام والتقيت به، ومن هناك التقيت بالعشرات من الدراجين من جمهور الدراجات، وتجولت معهم على الدراجات في جميع أنحاء الرياض. عندما أخبرتهم عن Spoke Collective، سألوا: “كيف يمكننا تحقيق ذلك؟” وقد جاء ذلك إلى حدٍ ما من مجموعة كاملة ممن كانوا يتساءلون في البداية: “لماذا نفعل ذلك؟” في بداية رحلتي على الدراجة في الخليج. هذه فرصة رائعة، وأريد أن أستغلها لفتح العالم العربي كوجهة جديدة لركوب الدراجات الهوائية.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي بعض الأمور التي ألهمتك في رحلتك لتفتتح شركة محلية لركوب الدراجات؟
عبد الرحمن: ما يلهمني هو التحدي. إنه صعب للغاية. أنا عاطل عن العمل منذ يناير/كانون الثاني 2022، على الرغم من أنني حاصل على درجة الماجستير، وعملت مع بعض الشركات الكبرى. إن العودة إلى هنا واستجداء وظيفة كانت أمرًا محطمًا للروح المعنوية. توقفت عن التفكير في كيفية كسب المال، وبدلاً من ذلك بدأت أفكر في طريقة يمكنني من خلالها ترك شيء إيجابي ومفيد للمجتمع ما دام لدي الوقت للقيام بذلك. لذلك فإن هذا ما يحفزني.
على مدونة The Paperclip، بدأت بسلسلة “قابل الدراج” أو “Meet the Rider“. أدركت أنني لا أعرف كيف تبدو هيئة الدراج العربي، لذلك قررت إجراء مقابلات مع دراجين من الكويت، والتعلم منهم لأنهم عانوا هنا، كما لم أفعل أنا. كان السؤال الرئيسي الذي طرحته عليهم: “ما هو شعورك كدراج في الكويت؟” فأنا أُقدم الناس كبشر في البداية. صحيح أنهم دراجون، لكنهم آباء وجيران وأبناء عمومة ويفعلون كذا وكذا. أحاول أن أضع لمسة إنسانية على الهيئة التي يبدو عليها الدراج العربي – لكي نتحدى الطريقة التي ينظر بها العالم للعرب.
أحلم بالسفر من مكان إلى آخر. أود الذهاب إلى أبها وسلطنة عمان واليمن وتونس والمغرب، والعديد من الأماكن الأخرى فقط لمقابلة الدراجين، والاستمرار فيما أفعله في الكويت. ستكون تلك رحلات استكشافية لمعرفة ما إذا كان بإمكاني العمل عليها في Spoke Collective. ولكن بصرف النظر عن أي شيء آخر، فإنني بالتأكيد سأتناولها في مدونة The Paperclip.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.