ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
مثلما تحطمت الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين في مقاطعة أذربيجان الشرقية الجبلية في 19 مايو/أيار، كذلك انهارت خطط النظام لخلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. فما هو تأثير وفاة رئيسي على السياسة الداخلية في إيران، وعلى ديناميكيات عملية الخلافة والموقف الخارجي؟
في خطاب له أمام حشدٍ من ضباط فيلق حرس الثورة الإسلامية وعائلاتهم، حث خامنئي الجمهور على “عدم القلق أو الاضطراب”، وأكد لهم أنه لن يكون هناك “أي تعطيل في عمل الحكومة”. ومنذ ذلك الحين، قامت وسائل الإعلام، الخاضعة للرقابة الحكومية في إيران، ببث مقاطع ونشر صورٍ لنائب الرئيس محمد مخبر وهو يترأس اجتماعًا لمجلس الوزراء، ما يشير إلى أن النظام يعمل وفقًا للمبادئ التوجيهية الدستورية. تنص المادة 131 من دستور الجمهورية الإسلامية على أنه في حالة وفاة الرئيس، يتولى نائب الرئيس، بعد موافقة المرشد الأعلى، صلاحيات ومهام الرئيس. كما تنص المادة الدستورية أيضًا على أنه يجب على المجلس المكون من نائب الرئيس ورئيس البرلمان (حاليًا محمد باقر قاليباف) ورئيس السلطة القضائية (حاليًا غلام حسين محسني إجئي) أن يقوم بوضع الترتيبات لانتخاب رئيس جديد في غضون 50 يومًا.
إن إصرار خامنئي على عملية انتقال منظم يوفر فرصة سانحة للمحظوظين من الشخصيات السياسية الذين سيحاولون ملء الفراغ بعد موت رئيسي، ربما يحاول قاليباف، الذي ترشح للرئاسة وخسر في أعوام 2005 و2013، و2017 مرة أخرى. كما قد يترشح علي لاريجاني، الذي هُزم في الانتخابات الرئاسية عام 2005، وتم استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور عندما حاول الترشح للرئاسة في عام 2021، مرةً أخرى في محاولة منه للتعويض عن سوء الحظ السياسي الذي يواجه عائلة لاريجاني. وقد يكون الرئيسان السابقان محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني من بين المرشحين المحتملين أيضًا، على الرغم من معاملة النظام للأول باعتباره منبوذًا، واستبعاد الأخير من قبل مجلس صيانة الدستور، ومنعه من الترشح لمجلس الخبراء في انتخابات الأول من مارس/آذار. وإذا شعر هؤلاء بأن خامنئي ليس لديه مرشح رئاسي جاهز، فقد يجربون حظهم من خلال عرض خدماتهم.
ويرى موقع أمواج ميديا، الذي يتخذ من لندن مقرًا له، والذي يتباهى غالب الوقت بإمكانياته شبه الحصرية للوصول إلى مسؤولي الجمهورية الإسلامية، في حادثة التحطم فرصة لخامنئي “لقلب السياسة الإيرانية رأسًا على عقب” والسماح بإجراء انتخابات تنافسية تشجع على مشاركة الناخبين بأعداد كبيرة. ومع ذلك، فإن خامنئي قد يلجأ أيضًا لإقصاء معظم، إن لم يكن كل، هؤلاء الطامحين للرئاسة والبحث عن “رئيسي” آخر، رجل مرن ومطيع ينفذ إرادة المرشد الأعلى، ويمكن إلقاء اللائمة عليه بسبب أوجه القصور في النظام.
جعلت هذه الصفات رئيسي محبوبًا لدى ضباط الحرس الثوري، الذين دعموه أيضًا على الأرجح ليكون الخليفة المحتمل لخامنئي. ومن خلال استغلال النظام الذي هو مكلف بحمايته، فإن الحرس الثوري يفضل خليفة ضعيف – دمية وليس قائداً قوياً. بعد وفاة رئيسي، سوف يبحث حرس الثورة الإسلامية عن خليفة يتوافق معه على غرار رئيسي.
يعد حسن الخميني واحدًا من الخيارات المحتملة، وهو حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله العظمى روح الله الخميني. وقد حرص رجل الدين على تعليق محاضراته حول تفسير القرآن للصلاة من أجل رئيسي، وسرعان ما اجتاح أنصاره وسائل التواصل الاجتماعي، وغمروها بمقاطع الفيديو للترويج لملفه الشخصي. والخيار الآخر هو مجتبى خامنئي، نجل المرشد الأعلى الحالي، الذي لا يزال في الظل، لكن انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الشائعات، التي لا أساس لها من الصحة، تحوم حول ضلوعه المزعوم في وفاة رئيسي. طالما أن خامنئي على قيد الحياة، فليس من المرجح أن يأتي بالخميني إلى السلطة، ولكن ستكون هناك إشكالية أيضًا بخصوص نجله بسبب الاتهامات المرجحة، والمستندة لأسس سليمة، بتوريث الحكم، وهو أمر يُذكّر الإيرانيين بالنظام الملكي للشاه محمد رضا بهلوي. ومن ناحية أخرى، من المرجح أن يقدم العلماء في الحوزة العلمية في قُم، الذين يتم اختيارهم بالتعاون مع النظام، حججًا دينية لدعم خليفة خامنئي. وقد يرد الشعب الإيراني ببعض النكات الساخرة.
ابتهج بعض الإيرانيين بوفاة رئيسي على وسائل التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى عمله في النظام القضائي في ثمانينيات القرن الماضي، ودوره في إعدام السجناء السياسيين، ولكن الاحتفالات على الإنترنت لم تترجم بعد إلى احتجاجات مناهضة للحكومة.
وبصرف النظر عمن سيصبح الرئيس القادم لإيران، أو من سيخلف خامنئي على رأس الدولة الإيرانية، فإن احتمالات حدوث تغييرات كبيرة في سياسة إيران الخارجية والأمنية تظل ضئيلة. لقد ورثت الجمهورية الإسلامية البنية التحتية النووية وطموحات نظام بهلوي. وتهدف الجمهورية لردع القصف الإسرائيلي لمنشآتها النووية والغزو الأجنبي من خلال دعم وتعزيز وكلاء لها وتزويدهم بأسلحة إيرانية الصنع.
حتى هذه اللحظة، يبدو أن نهج الجمهورية الإسلامية كان فعالاً، فلم تقم إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية، كما فعلت في العراق وسوريا، ولم يتم غزو إيران في عهد خامنئي، ولم يتم قصفها لإخضاعها من قبل الولايات المتحدة، كما حدث في أفغانستان والعراق وليبيا. لا يوجد ما يبرر الاعتقاد بأن الرئيس الجديد أو خليفة خامنئي سينحرف عن هذه الاستراتيجيات الراسخة.
وإذا أحسن خامنئي إدارة الصراع بين النُّخَب، وحافظ الحرس الثوري على الشعور بالولاء والاعتزاز بين صفوفه، فإن النظام سوف يتمكن من الاستمرار في قمع الاحتجاجات المحلية بشكل فعال، وردع الغزو الأجنبي، وحماية منشآته النووية، والمحافظة على بقائه. سوف يتمكن النظام من إدارة تبعات تحطم الطائرة.