مجموعة “إيكويت” عبارة عن مشروع اجتماعي من تأسيس كويتيين يافعين هما فيصل الفهيد وليانه العوضي. وقد أخذا على عاتقهما مهمّة جعل الكويت بيئةً أكثر انفتاحًا وقبولًا للتنوّع في سكّانها. وترعرعت ليانه في الكويت وكولومبيا وتدرس السياسة والعلاقات الدولية في المملكة المتحدة، أمّا فيصل فقد حاز شهادةً في علم الحاسوب من جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا ويعمل اليوم في مجال العقارات. وبدأ فيصل وليانه بهذا المشروع في عمر السابعة عشرة.
وبهدف تعزيز المساواة الاجتماعية وتشجيع روح التسامح بين الناس، نظّمت مجموعة “إيكويت” عددًا من النشاطات، بما فيها توزيع حقائب غذائية على العاملين في البناء وغيرهم من العمّال خلال شهر رمضان المبارك، وتنظيم مسيرةٍ لمكافحة التنمر ومنتديات نقاش متكررة، و ديوانياتٍ تثاقفيّة، يمكن لأي شخصٍ أن يشارك فيها ويعبّر عن رأيه ويشارك الآخرين بخبراته المتعلقة بموضوعٍ محدد.
إضغط على الرابط أدناه للاستماع إلى كلام أحد مؤسسي مجموعة إيكويت فيصل الفهيد.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف وُلدت فكرة إيكويت وما الذي شجعكما على إطلاق هذا المشروع؟
فيصل: شاركت أنا وليانه في برنامج “نموذج الأمم المتحدة” Model United Nations (MUN)، وكان لدينا شغفٌ كبير في معالجة مشاكل العالم. ومن خلال “نموذج الأمم المتحدة”، تعلّمت عن مسائل متعلقة بحقوق الإنسان وعن مجموعاتٍ كالعمال المهاجرين والبدون.* ودفعتني تجربتي الشخصية أيضًا إلى إطلاق مشروع “إيكويت”، فقد عانيت من التنمر في المدرسة لأنّ لغتي العربية كانت ضعيفة نسبةً إلى لغة زملائي. وجعلني خوض هذه التجربة أفكّر في أنّها قد تفيد قضيّةً معيّنة، وهكذا وُلدت “إيكويت”. وبدأت كمدوّنةٍ حول حقوق الإنسان، وبعدها التقيت ليانه.
ليانه: يمكن للمجتمع الكويتي أن يكون مادّيًّا وغير مقدِّر لما يملك. وأظنّ أنّ الكويتيين على هذه الحال لأنهم لم يرَوا الفقر ولا يدركون ما يجري من حولهم. فعندما انتقلت إلى كولومبيا، تعرّفتُ على أطفالٍ كانوا من سنّي أو أصغر لم يذهبوا إلى المدرسة وكانوا يعيشون في خيم. فعندما التقيت فيصل، قلت له “المدوّنة فكرةٌ جيّدة، لكن علينا تنظيم أحداثٍ للخدمة المجتمعية. فعلى الرغم من أنّ الفقر في الكويت ليس بالمستويات الموجودة في بلدانٍ أخرى، لدينا عددٌ كبير من المحتاجين. لذلك يمكننا توعية باقي الشباب عمّا يحدث من حولهم من خلال إشراكهم في قضيتنا”. وتهدف مشاريع “إيكويت” إلى تعريف الشباب عمّا يحدث من حولهم لكي يدركوا قيمة ما يملكون ولكي نشجّعهم على العطاء في المقابل.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هلّا أخبرتمانا عن التباين الاجتماعي في الكويت وسبب تركيزكما على هذه المسألة في نشاطات “إيكويت”؟
ليانه: يشكّل العرق مسألةً كبيرة في الكويت، وليس التمييز بين الأعراق المختلفة فحسب، بل بين الكويتيين نفسهم، سواء كانوا من الطائفة الشيعية أو السنية أو من البدو. يميّز الناس في بلادنا الآخرين بناءً على هذه العوامل في الزواج والعمل وحتّى في المدرسة.
فيصل: تعلّمت المزيد عن هذه المسألة في السنوات الأخيرة. أرتدي اليوم قميصًا تحمل إشارةً عن حرب الخليج. وفي ذلك الوقت، وقف الفلسطينيون إلى جانب العراق. وغالبًا ما يكون الخوف وراء التمييز، إذ يخاف الناس في معظم الأحيان من أن يرتد الأجانب علينا في حال اجتاحت دولةٌ أخرى الكويت. ويعود هذا الخوف وعدم الثقة إلى أحداث التاريخ. إلّا أنّ ذلك بات أقلّ شدّةً في أيّامنا هذه. فعندما تذهب إلى مؤتمرات “نُقاط” مثلًا، تجد عددًا كبيرًا من الناس من جنسيّاتٍ مختلفة يحضرونها بانتظام. فالكويت تتحوّل، ولو ببطء، إلى بلدٍ أكثر انفتاحًا وتفهّمًا، لكن لدينا زلّاتنا. فبعد التفجير الذي طال المسجد عام 2015، كان بعض المتهمين من البدون، فسرعان ما راح الناس من حولي يقولون “لهذا السبب بالتحديد لا يمكننا أن نثق بالبدون”.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: من أين أتت فكرة الديوانيات الثقافية؟
فيصل: منذ بضعة أعوام، كنت أشارك في ديوانيةٍ عائلية كلّ أسبوع وأستمتع جدًّا بهذه التجربة، إذ تسنّى لي لقاء أشخاص ممتعين. إنّها فكرةٌ رائعة، إلّا أنني لطالما تساءلت عن سبب تخصيصها للرجال فحسب ولأشخاصٍ من عائلةٍ أو مجموعةٍ محددة. فسألت نفسي:”لمَ لا نقدّم نشاطًا بديلًا؟”، ومن هنا وُلدت الفكرة. نظّمت الديوانية التثاقفية الأولى عام 2013 في منزل جدّتي وحضرها حوالى 30 شخصًا من رجالٍ ونساء وكويتيين وغير كويتيين ومسلمين وغير مسلمين.
وقد نظّمنا في السنوات الأخيرة أكثر من 20 ديوانية. وتراوحت المواضيع المطروحة فيها من حقوق العمال المهاجرين إلى مناصرة حقوق المرأة والبدون. حتى أننا نظّمنا ديوانيةً تناولنا فيها موضوع تفجيرات مسجد الإمام جعفر الصادق بعد مرور 5 أيام على حدوثها، وجمعنا فيها أكبر عددٍ من المشاركين. وتهدف هذه الديوانيات الثقافية إلى التعرف إلى أناسٍ جدد. وفي نهاية المطاف، إذا تعلّم منها المشاركون شيئًا جديدًا، فأكون قد أتممتُ عملي.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هلّا أخبرتمانا عن بعض نشاطات الخدمة المجتمعية التي نظّمتها “إيكويت”؟
فيصل: كانت هذه النشاطات فكرة ليانه، وكان أوّل حدثٍ لنا المسيرة الزهرية لمكافحة التنمر. وكانت ليانه قد قرأت عن حادثةٍ حصلت في كندا، حيث ارتدى أحد الصبية قميصًا زهريًا في أحد الأيام فتعرّض للتنمر بسبب ذلك. فحوّل مدير المدرسة كلّ يوم جمعة إلى “يوم الجمعة الزهري”، يرتدي فيه كلّ الطلاب هذا اللون. وبالفعل، ارتدى كل الطلاب ما عدا المتنمرين ملابس زهرية تضامنًا مع هذا الفتى. وجسّدنا بدورنا هذا المبدأ في مسيرةٍ في الكويت. وكانت هذه المسيرة مجازفةً نوعًا ما، إذ كنّا نجهل ردّة فعل الناس المحتملة هنا على ارتداء اللون الزهري. لكن والحمد لله، شارك عددٌ كبيرٌ من الناس في قمصان زهرية، وكانت طريقةً رائعة لافتتاح نشاطاتنا ونشر رسالةٍ في الوقت عينه. أمّا حدثنا الثاني فكان عبارة عن دورة في كرة القدم، وكان الشرط أن يضمّ كلّ فريقٍ على الأقل أربعة لاعبين من جنسياتٍ مختلفة، لكي يتمّ اختيار أعضاء الفريق بناءً على مهارتهم في اللعب وليس بناءً على الصداقات القائمة معهم. وشارك في الحدث عددٌ كبير من أنديةٍ ومدارس محلية وحقق نجاحًا كبيرًا.
ليانه: ننظم أيضًا سباقًا غذائيًا في شهر رمضان المبارك، وقد نظمنا ثلاثة سباقات حتى الآن. ويتمّ التبرّع بكلّ الطعام ونبدأ بحملةٍ ونعلن عن الحدث عبر موقع “إنستاغرام” أو نبعث رسائل نصية. وتزداد الحصيلة عامًا بعد عام، فقد وزّعنا 2000 وجبة في العام ماضي مثلًا. ونرسل المتطوّعين إلى مساكن عمّال النظافة لمساعدتهم والتفاعل معهم. وهي عبارة عن لفتة صغيرة للعمّال، وتسمح للمتطوعين بتقدير ما يملكون، على أمل أن يقدّموا المزيد للمحتاجين.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما الذي يميّز “إيكويت” ونشاطاتها؟
فيصل: ما يميّز “إيكويت” عن باقي الجمعيات الخيرية هو أنّها مبنية على العمل التطوّعي، إذ نودّ أن يعمل الناس بأنفسهم، أن يذهبوا إلى المناطق بأنفسهم ويوزّعوا الأغذية بأنفسهم لكي يشعروا مع المحتاج، فيختبرون مباشرةً الظروف التي يعيش فيها الناس.
ليانه: نحاول أن نضمّ أكبر عددٍ من الجنسيات المختلفة في أحداثنا لكي يتفاعل الكويتيون مع أشخاصٍ من جنسياتٍ مختلفة. وهذه مسألةٌ كبيرة في الكويت، إذ يظن الكثيرون أنهم أفضل من الآخرين لأنهم في بلدهم، ويزعجني ذلك. فيعلّم العمل مع الأجانب الشباب على احترام الآخرين، فالمغتربون ضيوفٌ في بلدنا وعلينا ألّا نجعلهم يشعرون بعدم الراحة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف تريان تأثير عمل مجموعة “إيكويت” على الشباب الكويتي؟
ليانه: أظن أنّ كل ما في الأمر هو فتح عيون الناس على ما يجري من حولهم. وتهدف كافة المسائل التي نعمل عليها إلى تحسين المجتمع ]وتطوير[ الاستيعاب الأفضل والاحترام للمغتربين في بلدنا.
فيصل: في البداية كنّا نقول “فلنقم بكلّ ما بوسعنا من نشاطاتٍ لكي نلهم الآخرين أيضًا لفعل الخير”. لم نكن نفكّر في هدفٍ أكبر في ذلك الوقت، لكن كان أملنا بأن تكون نشاطاتنا محفّزًا لتغييرٍ أكبر وللاستيعاب والتحرك من قبل الشعب الكويتي، وكان ذلك هو الأهمّ. ولا يتطلّب الأمر سوى شخصٍ واحد أو مجموعةٍ واحدة لإطلاق مشروعٍ ما. وفي كلً مرةٍ يقترب منّي أحدٌ ويشكرني على هذا الحدث أو ذاك، دائمًا ما يرسم ذلك ابتسامةً على وجهي. كنت أتصفّح موقع “إنستاغرام” اليوم ولاحظت أنّ هناك أشخاصا آخرين ينظمون أيضًا ديوانياتٍ أكثر شموليةً وأعتقد أنّها باتت صيحةً جديدة.
*البدون مجموعةٌ كبيرة من الناس الذين يسكنون الكويت من دون جنسية. وغالبًا ما يُحرمون من حقّ الانتخاب نظرًا لوضعهم “العديم الجنسية”.
ومن أحداث مجموعة “إيكويت” المستقبلية ديوانيةٌ لمناقشة حقوق الإنسان والمواطنة، وأخرى مع الأخصائي النفسي الدكتور نايف المطوع. يمكنكم متابعة المجموعة عبر تويتر على @Equait وزيارة موقعها الإلكتروني، equait.org.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
سواء فاز الرئيس السابق دونالد ترامب بالرئاسة للمرة الثانية أم لا، فإن علامته التجارية ستبقى سمة واضحة في منطقة الخليج.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.