هذا المقال هو الثاني في سلسلة مقالات كتبها كبار الباحثين في معهد دول الخليج العربية في واشنطن حول تداعيات الحملات والانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام ٢٠١٦ على السياسة الخارجية.
لطالما فضّلت السياسة الخارجية الأمريكية الثبات والتغيير التدريجي على التغيير المفاجئ، كما يليق بقوة عالمية تسعى للحفاظ على الوضع الراهن. أما الأحداث غير المتوقعة كهجوم پيرل هاربر أو هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر والتي تفرض تغييرًا جذريًا على السياسات المتبعة، فهي الاستثناء وليست القاعدة. فالمصالح الأمريكية تتطور ببطء وتعكس ضرورات مختلف أصحاب المصالح الذين يتنافسون على تحديد الأولويات الوطنية. ولكن تغيير الإدارة الأمريكية لا يعني بالضرورة عودة البلاد إلى نقطة الصفر، لذا من المرجح أن من سيخلف الرئيس باراك أوباما سيتبنى تجاه الشرق الأوسط نهجًا مماثلاً لنهج الرئيس الحالي. وينطبق هذا بشكل خاص على القضايا التوافقية الكبرى كالإصرار على تجنب الاشتباكات العسكرية غير الضرورية، خاصًة في الشرق الأوسط، أو الحاجة إلى رفع درجة “تقاسم الأعباء” مع الشركاء الأوربيين والعرب وغيرهم من الشركاء الدوليين.
مع ذلك، لا بد من توقع بعض التعديلات بما أن السياق السياسي في تغير مستمر وينبغي على أي إدارة جديدة التعلم من سابقاتها. ويمكن منذ الآن تحديد أربعة تغيرات محتملة على الأقل من المرجّح أن تتبناها الإدارة المقبلة في سياستها تجاه الشرق الأوسط بغض النظر عن انتمائها الحزبي وبالرغم من خطابات الحملات الرئاسية. وتتضمن هذه التغيرات المتوقعة إعادة النظر في العلاقات مع إيران، وبذل الجهود المكثفة لطمأنة الحلفاء التقليديين في دول الخليج، وتبنّي سياسات أكثر انخراطًا تجاه سوريا، وأخيرًا العودة إلى المشكلة الفلسطينية-الإسرائيلية الشائكة.
إعادة النظر في العلاقات مع إيران
بينما تدعم غالبية الشعب الأمريكي الاتفاق النووي مع إيران، هذا الإنجاز الكبير للدبلوماسية الأمريكية، من المرجح أن تعيد الإدارة القادمة تقييم العلاقات مع طهران. وهذا الأمر مرجّح حتى مع إدارة تترأسها هيلاري كلينتون، بالرغم من شعبية الاتفاق النووي بشكل خاص بين الديمقراطيين. فمن المستبعد أن يعطي البيت الأبيض في المستقبل نفس الاهتمام الكبير للاتفاقية كإدارة الرئيس أوباما، وستستمر العلاقات مع إيران في تجسيد التوترات المتزايدة التي بدأت تظهر منذ الآن.
والواقع أن إدارة الرئيس أوباما تغلّبت على مجموعة غير اعتيادية من الصعوبات للتوصل إلى الاتفاق مع إيران، وهو اتفاقٌ إذا ما نُفّذ سيمنع طهران من تطوير أسلحة نووية لمدة لا تقل عن عشرة إلى خمسة عشر عامًا. وقد أعطى الرئيس أوباما الأولوية للتفاوض ثم تنفيذ الاتفاق النووي، خصوصًا خلال فترة ولايته الثانية. وبالفعل يبدو أن حماية المفاوضات مع إيران قد أثرت على سياسات أخرى في الشرق الأوسط. وخير مثال ملفت على ذلك هو الهجوم السوري بالأسلحة الكيميائية الذي أثار جدلاً واسعًا في العام ٢٠١٣ عندما تراجعت إدارة أوباما عن الخط الأحمر الذي كانت قد فرضت على استخدام تلك الأسلحة من قبل.
والأرجح أن يكون الرئيس القادم أكثر حزمًا من أوباما في تطبيق الاتفاقية بشكل صارم واتخاذ مواقف أكثر تشددًا حيال أي سلوك استفزازي من قبل طهران. فقد كثّفت إيران جهودها المخلّة بالاستقرار من أجل توسيع نطاق نفوذها في العالم العربي مستعينةً بالدرجة الأولى بوكلاء مسلحين، كما أنها وسّعت برنامج تطوير الصواريخ الباليستية واختبارها في ما يعد انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن والتوقعات الدولية بل وروح الاتفاق النووي ذاته إن لم يمكن نصه.
وتقوم إدارة أوباما بالرد تدريجيًّا على هذا النمط، حيث تستخدم لغة أشد في إدانة السلوك الإيراني (كالإشارة الواضحة إلى “دعم الجماعات الإرهابية”) والتقرب من شركاء واشنطن العرب التقليديين. ويمكن التوقع بأن تقوم الإدارة المقبلة بتكثيف الجهود لإعادة بناء الثقة مع دول الخليج، لذا فاتخاذ واشنطن موقفًا أكثر تشددًا مع إيران سيسهل حدوث ذلك وسيوضح النوايا الأمريكية لشركائها في الخليج.
إعادة بناء الثقة مع دول مجلس التعاون الخليجي
شهدت العلاقات بين واشنطن وشركائها العرب في عهد إدارة الرئيس أوباما انقسامًا جذريًا بين التصورات والوقائع. لكن الحقيقة الأساسية تظل كامنة في انخراط الولايات المتحدة والتزامها القوي تجاه منطقة الخليج وأمنها واستقرارها. فالوجود العسكري الأمريكي في المنطقة أعلى من أي وقت مضى، خاصةً وأن الولايات المتحدة ليست طرفًا في أي حرب كبرى، وأعلى من الوجود العسكري قبل هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. هذا ولا تزال عمليات بيع الأسلحة والاستثمارات الأمريكية والجهود الدبلوماسية جارية على قدمٍ وساق. وبالتالي فإن العلاقات الأمريكية الخليجية في عهد الرئيس أوباما توطّدت أكثر من أي وقت مضى وبشكل يمكن قياسه على عدة مستويات أساسية.
إلا أن التصور الذي يفترض انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة وإهمالها لمصالح وأمن شركائها الإقليميين أصبح منتشرًا في المجتمعات الخليجية. فقد تنامى غياب الثقة من مخاوف جدية حول العديد من السياسات الأمريكية وخاصة المفاوضات النووية مع إيران والنهج الأمريكي بعدم التدخل في الحرب السورية، ثم تفاقمت هذه المخاوف بسبب بعضٍ من تعليقات أوباما، لا سيما في مقابلة مع جيفري غولدبيرغ، وهذا المزيج هو ما أدى إلى ظهور شكوك راسخة حول نوايا الولايات المتحدة.
وفي حين أن اجتماعات القمة بين القادة الخليجيين وأوباما في كامب دايفد عام ٢٠١٥ والمملكة العربية السعودية عام ٢٠١٦ كانت مفيدة، إلا أنها لم تبدد الشكوك كليًّا. وقد تكون الإدارة القادمة مهيأة لبذل المزيد من الجهد لإعادة بناء الثقة المتداعية، خاصة وإن لم يحمل الرئيس القادم نفس الوِزْر الخطابي القديم. فاستمرار أهمية الشرق الأوسط الاستراتيجية وتحديدًا الخليج العربي للولايات المتحدة كقوة عالمية عظمى يضمن قدوم إدارة أمريكية تكثف من جهودها لإعادة بناء الشراكة الأمريكية مع دول الخليج، إلا إذا تبنت الإدارة المقبلة سياسة خارجية قائمة على الانعزالية المتجددة.
في ظل الإدارة القادمة، خصوصًا وإن بقيت في الحكم لولايتين، يمكن للولايات المتحدة والدول الخليجية أن تتأقلم أكثر مع طبيعة العلاقة الجديدة بينهما. فبالرغم من قوة الشراكة بين الطرفين، إلا أن كليهما قد تبنّى أولويات جديدة على مستوى السياسات أدت إلى تغير طبيعة العلاقة إلى حدٍّ ما. فالشعب الأمريكي يشعر بثقل أعباء الالتزامات الدولية، خاصةً في أوروبا والشرق الأوسط، وسيستمر في رفض التدخل العسكري وفي طلب المزيد من الجهود من شركاء الولايات المتحدة. لذا حين أصبحت دول الخليج أكثر استباقيةً واستقلالاً في إجراءاتها الأمنية، أصبح هذا الأمر سيفًا ذو حدين بالنسبة لواشنطن، كما يُبين التدخل العسكري الذي قادته المملكة العربية السعودية في اليمن والذي يعكس تلك الاستقلالية التي دعت لها واشنطن لوقت طويل. لكن التداعيات السياسية والعواقب الإنسانية لهذا التدخل أقلقت الأمريكيين بشكل كبير.
وفيما يتعين على دول الخليج التكيف مع النهج الأمريكي الجديد حيث لا تزال الولايات المتحدة تضطلع بدور قيادي إنما مع بعض التعديلات، يجب على واشنطن التكيف مع درجة جديدة من الاستقلالية في صنع القرار لدى شركائها في دول مجلس التعاون الخليجي. ويمكن للعلاقة الناشئة عن ذلك أن تكون سليمةً أكثر وبالتالي أكثر مرونة وقوة عن الترتيبات المعهودة. وبما أنه لا يمكن تجنب هذا التغيير الذي يحدث بالفعل، فإن إحدى أبرز مهام الإدارة القادمة ستكون إدارة تلك المرحلة الانتقالية، وهو أمر سيتطلب إيلاء اهتمام كبير بتعزيز الثقة اللازمة لصون العلاقات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.
سياسة أمريكية جديدة تجاه سوريا (وتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”)
أحد التطورات الأخرى المحتملة على مستوى السياسات الذي قد يبث الطمأنينة في دول الخليج، حتى ولو جزئيًا، هو تبني سياسة جديدة تجاه سوريا. من المستبعد أن يتفق الطرفان الخليجي والأمريكي على سياسة منسقة بالكامل حيال سوريا وذلك لاختلاف الأولويات بينهما. إلا أن غياب التدخل الأمريكي في سوريا أضرّ بمصالح الولايات المتحدة ومصداقيتها في المنطقة إلى حدّ كبير حتى بات حدوث تغيير هام أمرًا حتميًا، لاسيما بالنظر إلى التوافق الفعلي بين مسؤولين سابقين في إدارة أوباما ينتقدون علنًا السياسات الأمريكية. غير أن غالبية الشعب الأمريكي يرفض وجود قوة عسكرية أمريكية كبيرة على الأرض، باستثناء بعض المطالبات بإرسال الجيش الأمريكي لقتال تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (“داعش”). لذلك فإن أساس منهج أوباما، أي تجنب أي تدخل عسكري أمريكي واسع على الأرض، سيستمر بلا شك، إلا إذا وقع حدث غير متوقع كاعتداء سافر على مصالح الولايات المتحدة من قبل إحدى الجماعات المسلحة بسوريا.
والواقع أنه لا يمكن فصل السياسة تجاه سوريا عن السياسة تجاه “داعش”، ذلك أن مقر هذه الجماعة المتطرفة وعمقها الاستراتيجي وأكبر قوة عسكرية لها كلها موجودة في سوريا. وإذ انتهجت إدارة أوباما سياسة “العراق أولًا” وبالتالي سياسة احتواء واقعي ضد “داعش” في سوريا، يجب على الإدارة القادمة التفكير جديًّا في زيادة دمج سياستها إزاء “داعش”، فهي قد تواجه ضغوطًا كبيرة لتكثيف جهودها إذا ما تعرّض الغرب وخصوصًا الولايات المتحدة لأعمال إرهابية أخرى مرتبطة بهذا التنظيم.
لقد رفضت الولايات المتحدة عمدًا تبني سياسة شاملة في سوريا خلال معظم فترة النزاع لأنها اعتبرت أن كل النتائج الممكن تحقيقها غير مقبولة وكل النتائج التي تحظى بأقل قدر من القبول غير ممكنة. مع ذلك، وعلى ضوء الرأي السائد الذي يرى أن هذا النهج لم يخدم الأهداف الأوسع للسياسة الأمريكية، سيتوجب على الإدارة القادمة بالتأكيد تبنّي سياسة ذات نتائج واقعية مفضلة بخصوص سوريا والعمل على تنفيذ هذه السياسة. ولكن تفاصيل هذه السياسة تتوقف على العديد من المتغيرات التي ستصيغها، لذلك يستحيل في هذه المرحلة التخطيط بالتفصيل لما ستبدو عليه هذه السياسة على أرض الواقع.
معاودة الانخراط في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني
بالنظر إلى تجارب إدارتَي جورج دبليو بوش وأوباما، من غير المتوقع أن تشعر إدارة البيت الأبيض المقبلة بالحماسة نحو معاودة الانخراط في المساعي الدبلوماسية بين الإسرائليين والفلسطنيين. لكنها لا تملك رفاهية الامتناع عن التصرف، وخصوصًا إذا وقعت موجة عنف عارمة أخرى في الضفة الغربية المحتلة وهددت الوجود المستمر والبقاء السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، وهما المؤسستان الرئيسيتان للقومية الفلسطينية العلمانية.
وبالرغم من الإحباط المتزايد لا بل اليأس الذي يعتمر الفلسطنيين المقيمين في ظل الاحتلال، حافظت الضفة الغربية على هدوء نسبي لأن معظم هؤلاء الفلسطينيين يناهض العنف المتفشّي. فذكريات الانتفاضة الثانية الكارثية التي لم يتعافَ منها المجتمع الفلسطيني بعد والتاريخ الطويل من المواجهات المسلحة مع إسرائيل قد تركت أثرًا كبيرًا فحواه أن العنف رهان خاسر للفلسطينيين. ومع ذلك فإن موجة الطعن العشوائية الأخيرة التي ارتكبها شبانٌ فلسطينيون ضد إسرائليين يهود يشير إلى انبثاق جيل جديد ومستقل لم يعش تلك الذكريات. ومع غياب التحرير على الأفق السياسي ووجود حكمٍ مفتوح لجيش أجنبي عدواني وحكومة فلسطينية غير منتخبة وغير خاضعة للمساءلة وذات مصداقية محدودة (وحركة “حماس” التي تتمتع بمصداقية أقل وشعبية متدهورة) بالإضافة إلى أوضاع اقتصادية تزداد كدرًا، بات احتمال وقوع جولة أخرى من العنف العارم والمتزايد في الضفة الغربية كبيرٌ للغاية.
للولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية مثل مصر والأردن وربما أيضًا دول الخليج مصلحةٌ قوية في التدخل سريعًا للحيلولة دون انهيار القومية الفلسطينية العلمانية قبل تفككها بلا رجعة، خصوصًا وأنها قد تُستبدل بأجندة راديكالية أو دينية متطرفة أو بفوضى عارمة في ظل فراغ فلسطيني اجتماعي وسياسي. فأي حدث كارثي من هذا النوع سيتطلب من الولايات المتحدة أن تعاود التدخل جديًّا في الشأن الدبلوماسي الإسرائيلي-الفلسطيني بغض النظر عن تردد البيت الأبيض أو من يشغله.
وربما تقوم إدارة أوباما برسم معالم الموقف الأمريكي بشأن الحصيلة المناسبة للوضع النهائي في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. ولكن من المحتمل أن يكون ما يسمى “معايير أوباما” صيغةً محدثة من “معايير كلينتون” المعروفة. فمن المؤكد أن الإدارة القادمة ستستند على هذا الإرث في ما يتعلق بالحصيلة الطويلة الأمد لفض النزاع. بيد أن تجدد التدخل الأمريكي قد يهدف إلى الحفاظ على بقاء القومية الفلسطينية عوضًا عن التوصل إلى سلام شامل. لذا قد ينصبّ التركيز على التدابير الآيلة إلى دعم القيادة السياسية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني وكفاءاته بدلاً من ضمان اتفاق وضع نهائي مع إسرائيل.
وفي حين أن تقوية المؤسسات الفلسطنية تتطلب بعض التنازلات من الجانب الإسرائيلي وتفرض قيودًا على أنشطته الاحتلالية، لربما يجدر التركيز أكثر على تعزيز العلاقات الثنائية بين فلسطين والولايات المتحدة وتنمية الاقتصاد الفلسطيني والمؤسسات الأخرى وبذل جهودٍ أمريكية ودولية بنّاءة ومركزة أكثر تمهيدًا لوضع حجر الأساس لقيام الدولة الفلسطينية في نهاية المطاف. وسيكون من الصعب تحقيق تقدم هام بدون تعاون ملحوظ من جانب اسرائيل، ولكن قد لا يكون لاسرائيل والولايات المتحدة أي خيار آخر إذا بدا أن الحركة القومية الفلسطينية، بالصورة التي هي عليها منذ بداية الستينيات، أصبحت على حافة الانهيار. وما من قوة عالمية أخرى بجانب الولايات المتحدة لديها القدرة على مساعدة اسرائيل في استيعاب أهمية الحفاظ على حل الدولتين.
خاتمة
إنّ هذه التطورات الأربعة المحتملة في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط مختلفةٌ شديد الاختلاف مع أن بعضها يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالآخر في نواحٍ مهمة. على سبيل المثال، يعتبر التشدد في التعامل مع طهران في السنوات القليلة المقبلة إحدى الطرق التي تستطيع الولايات المتحدة من خلالها إعادة بناء الثقة اللازمة مع دول الخليج. ولكن بغض النظر عن الخطاب المستخدم في الحملات الانتخابية، لن يقوم أحد بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني أو إعادة التفاوض عشوائيًا بشأنه إذا واصل الطرفان الوفاء بالتزاماتهما.
في المقابل، وبخصوص الشأن السوري، أكثر ما يمكن قوله بشيءٍ من التأكيد هو أن الولايات المتحدة ستتبنّى نهجًا أكثر تكاملاً وأقل تدرّجًا وتبتعد عن السياسات المتفككة وترك الساحة بشكل شبه كامل للآخريين. غير أن معاودة الانخراط في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني هو أكثر القضايا شواذًا بين المواضيع الأربعة، وذلك لأنه لن يعكس تغيرًا مدروسًا أو مقصودًا في السياسات المتبعة، بل هو احتمالٌ مطروحٌ بشكل كبير وقد يبدو ويترك الانطباع بأنه حالة طارئة مستدعيًا من واشنطن معاودة الانخراط واستخدام نهج جديد.
في الإطار الواسع لاستمرارية السياسات الأمريكية، نجد التغير عاملاً أساسيًا لا سيما حين تتقلد إدارة جديدة مقاليد الحكم. ومع ذلك فمن المؤكد تقريبًا أن الإدارة المقبلة ستتعامل مع تلك التحديات الأربعة في السياسة تجاه الشرق الأوسط بشكل مختلف عمّا كانت عليه تحت “مبدأ أوباما”.