في العقود التي سبقت الانفتاح الاجتماعي، الذي جاء كجزء من خطة إصلاح رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية، كان الإبداع السعودي يبرز بشكل كبير، ولكن دون أن يتم اكتشافه، أو كان يظهر فقط على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المجموعات الفنية الصغيرة. بعد انطلاق رؤية 2030 في عام 2016، ظهر الفنانون السعوديون على الساحة الفنية العالمية، مدعومين من المبادرات الحكومية، بما في ذلك مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدوليوبينالي الدرعية للفنون المعاصرةوبينالي الفنون الإسلامية، والعديد من المهرجانات الموسيقية.
في عالم الفن البَصَري السعودي، تناول الشباب السعودي المبدع مجموعة واسعة من المواضيع، التي تتراوح ما بين إبداعات دانة عورتاني التاريخية المعمارية، واستكشافات عبد الله العثمان الشعرية في الدين واللغة، إلى تأملات عهد العمودي التكنو إثنوغرافية حول التراث والثقافة، ونظرة أيمن زيداني الاستقصائية التأملية للعلاقات بين البشر وغير البشر في الطبيعة. من خلال العمل في مساحات صغيرة وكبيرة، بما في ذلك صحراء العلا، يسلط الفنانون السعوديون الضوء على التاريخ والمجتمع والثقافة، وعلى الحياة في بلادهم على نطاق أوسع. بدأ أحد الفنانين الشباب، وهو مصمم جرافيك مجهول الهوية يُعرف باسم ريكس شوك، في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والشوارع لمشاركة مشاهد ساخرة من الحياة اليومية للشباب السعودي. تستخدم أعماله الفنية الرقمية وجدارياته ومنتجاته الساخرة التواصل مع المشاهدين السعوديين وغير السعوديين على حد سواء، ما يسلط الضوء على أن الحياة، في نهاية المطاف، لشاب معاصر تبدو متشابهة تقريبًا في جميع أنحاء العالم، سواء كان الأمر يتعلق بالحب والعلاقات أم التسوق وقضاء الوقت.
تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن مع فنان الجرافيك السعودي ريكس شوك حول مصادر إلهامه، ودور الفكاهة في صنع أعمال فنية تثير التعاطف، وكيف ساهم المجتمع الفني السعودي في تشكيل إبداعه.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هل لك أن تخبرنا عن رحلتك الفنية.
ريكس شوك: أنا فنان علمت نفسي بنفسي. أحب التاريخ القديم ومصر القديمة، في الحقيقة كانا من مصادر إلهامي، ولهذا فإن اسمي يجمع بين كلمة “ريكس”، وتعني “ملك” باللاتينية، و”شوك”، وهو مجرد لقب عشوائي من اسم أعجبني وأردت تحليله. لقد درست في بوسطن، وحصلت على شهادة في التمويل وريادة الأعمال في عام 2013، ولم يكن لدي أي خبرة أو اهتمام بالفن قبل تخرجي. كانت لدي رغبة قوية للقيام بتأثير إيجابي، ومحاولة إيجاد هدف لي في الحياة، لذلك بدأت العمل على تأسيس شركة ناشئة، لكنني أغلقتها في غضون عام. وفي تلك الأثناء، شاهدت معرض لكيث هارينج (Keith Haring)، وعندما رأيت أعماله، أدركت ما هو الفن، وما يمكن أن يكون، وما يمكن أن يفعل. قبل ذلك، كانت لدي فكرة أن الفن من المفترض أن يبدو مثل لوحة زيتية أو أن يكون بجودة “الموناليزا”. لكن معرض هارينج كان يتمتع بمساحة عرض ممتازة، مع وجود الكثير من الناس الرائعين من خلفيات مختلفة. نظرت إلى أعماله وشعرت بشيء ما. رأيت الصراعات التي كان يمر بها بصرف النظر عما إذا كنت أشعر بالارتباط بأعماله أم لا، والطريقة التي صور بها أفكاره جعلت أعماله ذات صلة بالنسبة لي. كانت أعماله تعكس فترة من الزمن – عندما تعيش هذه الأجواء محاطًا بكل هذه الأعمال الفنية، تشعر وكأنك تعيش في الثمانينيات. لقد غير ذلك منظوري للفن، وأصبحت أدرك أنه، من خلال الفن، يمكنك إيجاد شيء يمكن أن يجمع الناس معًا أو يثير حوارًا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي الموضوعات التي تركز عليها في أعمالك؟
ريكس شوك: عندما بدأت العمل في مجال الفن لأول مرة عام 2013 – كنت أعيش في الولايات المتحدة – كنت في الحقيقة أحاول أن أكون نفسي، لذلك بدأت الرسم على القماش بشكل متكرر. بدأت بإدراج بعض المواضيع المستوحاة من السعودية أو من البلدان العربية لأنني، في عام 2015 تقريبًا، ما كدت أن أدخل هذا المضمار في نيويورك، كان الشرق الأوسط يمر بأوقات عصيبة، وهو ما كان يعرفه الجميع من خلال الأخبار، فكلما كنت أقول للناس إنني فنان سعودي، كان الأمر يبدو وكأن الفيل في الغرفة. ثم قمت بعمل برنامج مستوحى من الصور النمطية التي نسمعها كعرب، وكانت في الحقيقة هذه هي طريقتي التي بدأت من خلالها بالتعبير عن الشرق الأوسط/ العرب أو السعودية.
عندما عدت إلى السعودية، اتضح لي أنني تركت الأستوديو ومكاني المفضل خلفي، لذا كان علي إيجاد طرق للمحافظة على إلهامي. الاكتفاء بالرسم على القماش لم يعد يجدي نفعًا معي. فاشتريت جهاز آيباد، وطورت أسلوبي الرقمي الجديد. وبينما كنت أقوم بذلك، كنت أعيش في سياقات اجتماعية مختلفة، لذلك كنت أفكر كثيرًا في المعايير المزدوجة أو في النسخ التي يحب الناس إظهارها بدلاً من إظهار حقيقة أنفسهم. وقد ألهمني هذا للحديث أكثر عن تجربتي مع المجتمع أو الثقافة، خاصة ما قبل 2017، وما قبل رؤية السعودية 2030. لقد اهتممت فعلاً بهذه المناطق الرمادية في المجتمع. وبينما كنت أعمل على هذه المواضيع، واصلت السعودية سياسة الانفتاح، وشعرت وكأن عملي قد امتد أيضًا ليصل إلى حدود جديدة لأن الخطوط الحمراء المشوشة قد ابتعدت أكثر فأكثر. أركز في معظم الأحيان على الأشياء التي أشعر بها، والتجارب التي يمر بها الناس من حولي باستخدام السخرية والفكاهة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لماذا تركز أعمالك عن كثب على جيل الشباب والشباب السعودي المعاصر؟
ريكس شوك: لأنها تعكس تجربتي، والشباب هم أيضًا جمهوري. من الواضح أنه عندما عدت إلى السعودية، تغير الوسط والجمهور الذي أتعامل معه، وأردت القيام بذلك لكسب العيش. لذلك، أصبح عملي الفني بمثابة رواية لا تقتصر على حياتي فقط، بل تتناول حياة الجيل الذي أنتمي إليه. أشعر أن جيلنا هو جيل العولمة، لذلك تجدني أحيانًا أبتكر عملاً فنيًا مستوحى من الثقافة السعودية أو العربية، ولكن من الممكن لغير السعودي الذي عايش أنواعًا مختلفة من الثقافات أن يشعر بأنها ذات صلة ويفهم الفكاهة. أحب ابتكار عمل ذات صلة بالمشاهد ومتعدد الطبقات ليتسنى تفسيره بطرق مختلفة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لقد تعاونت أيضًا مع المزيد من العلامات التجارية والمشاريع، مثل جائزة السعودية الكبرى للفورمولا 1. كيف ساهم ذلك في روح الارتباط في أعمالك؟
ريكس شوك: بدأت، في عام 2019 تقريبًا، بجذب انتباه العلامات التجارية، سواء في مجال الطعام والشراب أم الموضة، وبدأ الناس في التعرف على أعمالي. بدأت العلامات التجارية في طلب التصاميم وفرص التعاون، وهو أمر رائع حقًا. إنه لمن الممتع حقًا أن تأتي إليك إحدى العلامات التجارية وتقول، “نحن معجبون بأعمالك. ونريد أن نعمل معك في حملة”. بالنسبة لي، يعد التعاون مع العلامات التجارية طريقة رائعة لتقديم نفسك لجماهير جديدة، وابتكار شيء لا يكون مستوحى من قصتي فحسب، بل أيضًا من قصص أخرى. لقد أصبح تعاون الفورمولا 1 مع جائزة السعودية الكبرى واحدًا من مشاريع التعاون المفضلة لديّ.
أنا لا ابتكر أعمالاً لجمهور عالم الفن التقليدي، بل أفعل ذلك من أجل الشارع والأشخاص المخلصين، الذين يمرون بصراعات يومية في حياتهم اليومية – وهذا هو المكان الذي أجد فيه نفسي. عندما دخلت عالم الفن لأول مرة في نيويورك، تواصلت مع العديد من المعارض الفنية المختلفة، وفي الحقيقة لم يعرني أي منها أي اهتمام. فقررت، “أنني في الحقيقة لست بحاجة للمعارض. يمكنني استئجار مساحة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع – وكان من الواضح أنني سأتضور جوعًا لمدة شهرين أو تغطية نفقاتي بطريقة أو بأخرى لتحقيق ذلك”. وكنت محظوظًا لأن أصدقائي دعموني في ذلك الوقت. عندما عدت إلى السعودية، ركزت أكثر على بناء قاعدة تخصني من جامعي الأعمال الفنية، والقيام بأعمال فنية رقمية بإصدارات مختلفة وأسعار أقل لتحقيق بعض العائدات. لم أفكر أبدًا في الأعمال التعاونية والعلامات التجارية. كما قلت سابقًا، لم يكن لدي أي فهم لهذا العالم الذي كنت فيه. كنت أومن فقط أن هناك زاوية يجب استكشافها، وكنت أثق بنفسي، لذلك سعيت لتحقيق ذلك.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: أخبرنا عن الشخصيات في أعمالك – من يمثلون؟
ريكس شوك: اعتدت أن أرسم شخصية سميتها “ريكس شوك” – أي أنها تحمل اسمي. عندما عدت إلى السعودية، قمت بعمل “يون تشومي”، وهو أشبه ما يكون بالرجل العادي الذي يعيش الحياة على أكمل وجه. من ناحية أخرى، ريكس شوك، أو العمل الفني الذي يتضمن ريكس، يدور حول البحث عن الذات، واستكشاف القضايا الأعمق. هناك شخصية أخرى قمت بابتكارها واسمها “يون توني”. إنها أفضل صورة طفل تقليدي يمكن أن تجدها – فهى تقبّل جدتك على جبهتها، وتساعد كبار السن على عبور الطريق. إنها النسخة التي تريدها كل أم سعودية لابنتها. ثم هناك أيضًا “يون فستي،” الذي يأتي اسمه من الكلمة العربية “فستق”. يكون مسترخيًا تمامًا، ولديه دائمًا نظرة أعمق للأشياء، ولا ينزعج مما يفكر فيه الناس أو يقولونه – وأشبه ما يكون بكليفلاند في المسلسل الأمريكي “Family Guy”. الشخصيتان الرئيسيتان هما يون تشومي و”حوني”، إنهما يمثلان الذكور والإناث في عالمي. لذلك تجد لكل منهما أجواءه الخاصة. أرغب في نهاية المطاف بابتكار عمل كوميدي يجمع شخصياتي وقصصي.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: لقد اخترت الفضاء الخارجي لبعض أعمالك. ما الذي يمثله هذا المحيط بالنسبة لك؟
ريكس شوك: هدفي في الحياة هو أن أعيش من منظور الكائن الروحاني وليس المادي. أشعر وكأنني مرتبط كثيرًا بهذا الجانب من الحياة، لذلك فإن فني مستوحى من هذه الفكرة، ومن محاولتي التعرف على روحي واحتضانها. هذا هو الفلك الذي يدور فيه فني، وكما هو معروف فإن الروح ليست شيئًا ماديًا. لذلك فإن فني يعيش في تلك الحياة الموازية أو الكون الموازي؛ في مملكة الروح على نحو ما. لذلك، عندما أفكر في الروح والحياة من هذا المنظور البصري، فإن ذلك يقودني إلى التفكير في الكون، وليس فقط الأرض، كمكان أو بيئة. ومن هنا جاء الإلهام لمشاعر الفضاء. ولكن منذ عودتي إلى السعودية، أصبحت أستوحي أعمالي الفنية بشكل أكثر من الأشياء الدنيوية. وعلى ما أعتقد، هذه هي اللحظة التي تم فيها إرجاع الأرواح أو الشخصيات إلى المرحلة الأولى أو نقطة الصفر، وهي الأرض. يبدو الأمر تمامًا كعودة آدم مرة أخرى إلى الأرض – والسحاب هو أيضًا وسيلة أُوضّح من خلالها أنني نزلت إلى هنا الآن. وهذا يبدو رائعًا أيضًا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو الدور الذي لعبه المجتمع في أعمالك الفنية في السعودية؟
ريكس شوك: الأشخاص الذين التقيت بهم في المجتمع الفني هنا ونظام الدعم الذي وجدته – من خلال محاولة توظيف بعض الأشخاص، والعمل مع آخرين، والعمل من خلال الكثير من القضايا التي قد تواجهك – جعلني أدرك أن الناس الذين يتواصلون معك بصدق على المستوى الروحي هم سلعة نادرة جدًا. تمكن الكثير من الأشخاص الذين التقيت بهم من مساعدتي في رفع مستوى كل ما أقوم به. في مجال الكتابة على الجدران، على سبيل المثال، أعمل مع أزي (عزيز)، الذي أعتبره بمثابة شريك لي فيما يتعلق بجميع جدارياتي. هناك أيضًا ضياء، الذي يمتلك أستوديو للطباعة والتصميم، ويعمل على تعزيز عملي – فأنا لست حتى مصمم جرافيك، والملفات التي كنت أقوم بإنشائها كانت بمثابة كابوس – ويساعدني في الطباعة والإنتاج. لدي الآن فريق يساعدني حقًا في الاسكتشات (المخططات الأولية) والرسوم المتحركة، لذلك تغيرت كل العملية التي أقوم بها كفنان بالكامل. وأعمل الآن مثل الأستوديو، وأشعر أن هذا هو مجتمعي – ولولاهم لما كنت على ما أنا عليه اليوم.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.