لأول مرة في تاريخ المملكة، سوف تستقبل السعودية الزوار في بينالي الدرعية للفن المعاصر، في حي جاكس بالدرعية في ضواحي الرياض. يُعد البينالي، الذي سيبدأ في 11 ديسمبر/كانون الأول ويستمر حتى 11 مارس/آذار 2022، بمثابة عرض للفنانين المحليين والدوليين، ويصبو لترسيخ مكانة السعودية كمركز فني وثقافي مزدهر في المنطقة. يشرف على البينالي فيليب تيناري، المدير العام والرئيس التنفيذي لمركز يو سي سي أيه ((UCCA للفن المعاصر في الصين، وسيشارك فيه أكثر من 60 فنانًا، نصفهم تقريبًا من السعودية. وبوصفه المعرض الفني الثاني من نوعه في الخليج بعد بينالي الشارقة، الذي يقام في الإمارات العربية المتحدة منذ حوالي 30 عامًا، سيقدم بينالي الدرعية برامج وورش عمل ونقاشات تحت شعار “تتبع الحجارة”.
عملت مؤسسة بينالي الدرعية، برعاية وزارة الثقافة السعودية، على تنظيم بينالي الدرعية للفن المعاصر. كما تخطط مستقبلاً لإقامة بينالي الفن الإسلامي، الذي سيعقد على سنوات متناوبة. تماشيًا مع خطة التنمية لرؤية 2030 للبلاد، يهدف البينالي وحي جاكس إلى جعل السعودية وجهة ثقافية عالمية. وإلى جانب العديد من المؤسسات الثقافية الأخرى والمعارض الفنية محليًا وفي منطقة الخليج والتي ينضم بينالي الدرعية إليها، بما في ذلك مهرجان نور الرياضومعرض أثر في جدة والمجلس الفني السعودي ومعهد مسك للفنونوالسركال أفنيو في دبي، وحي جميل، وهو مجمع لمؤسسة “فن جميل” الجديدة في جدة، تضع هذه المبادرات المنطقة في طليعة ممارسات التبادل الثقافي والفني.
ولمعرفة المزيد عن دور البينالي في تطوير المشهد الفني السعودي والخليجي، تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن إلى الرئيسة التنفيذية لمؤسسة بينالي الدرعية آية البكري والفنانة والمصورة السعودية مروة المقيط.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: من أين استلهمتم فكرة تنظيم بينالي الفن المعاصر وبينالي الفن الإسلامي؟
آية: على المستوى الشخصي، كان لدي على الدوام شغف بالفنون. بعد دراستي وعملي في هذا القطاع في أوروبا لمدة عقد من الزمن، أردت العودة إلى الوطن لأكون جزءاً من الحراك الثقافي والفني الذي يجري هنا. لطالما كان لدى السعودية مجتمع فني نشط وأساس صلب لبيئة فنية قوية، وهو الأمر الذي ازدهر على مدار السنوات الأخيرة. سيتم عرض هذا الآن للعالم على منصة عالمية، أنشئت لتكون بمثابة عامل محفز للحوار بين المجتمعات الفنية المتنامية في السعودية وبقية العالم. ما تتصوره مؤسستنا – أعني بينالي للفنون المعاصرة وآخَر للفنون الإسلامية، يتناوبان مع بعضهما – هو اقتراح فريد، وسوف ينمو. لا يمكنني اطلاعكم على الكثير في هذه المرحلة، لكن يمكنني القول إن التصميم العام سيكون متشابهًا، حيث أعمل مع فريق رائع من الأمناء يجمع ما بين الطابعين العالمي والمحلي. وما يهم التأكيد عليه هنا هو دور المؤسسة التي توحدهم، فهي مؤسسة لا تهدف للربح، تم إنشاؤها خصيصًا لإقامة هذه البيناليات. إن نموذجنا مصمَّم لاحتضان وتعزيز البيئة الفنية للمملكة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هل واجهت مؤسسة بينالي الدرعية أية تحديات أثناء تنظيم هذا المعرض؟
آية: لكوني قد حضرت العديد من المعارض والمهرجانات ومعارض إكسبو والبيناليات، فقد كان هنالك لحظة من التأمل في الطريقة التي سوف تعمل عليها المؤسسة. وبعدها، طبعًا، حلت الجائحة. أعتقد أننا البينالي الوحيد الذي تم وضع التصور الخاص به ثم تحقيقه خلال هذه اللحظة العالمية. لكن الحلول تأتي مع التحديات. عمل فريقنا بقدر الإمكان بشكل افتراضي عبر الإنترنت. وعلى الرغم من معرفتنا بأن البينالي سيكون تجربة حضورية على الأرض، إلا أن الكثير من استعداداتنا كانت افتراضية. ومن خلال التحدث مع فريق أمناء المعارض والفنانين، من الواضح أن العديد من تلك الخطوات الحيوية التي سبقت الإنشاء قد تمت بطريقة لم يفكر بها أحد منذ أكثر من عامين، وقد نجح الأمر.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو الشيء “السعودي” الفريد في بينالي الدرعية؟ لماذا تم اختيار الدرعية لتكون المدينة المضيفة للبينالي؟
آية: نحن عبارة عن بينالي نشأ في سياق محدد، وهو سياقٌ سعودي بحق. أكثر من 40٪ من الفنانين المشاركين في نسختنا الأولى سعوديين. وموقعنا هو أساسًا الشيء الذي يجعلنا فريدين في المنطقة. فالرياض هي عاصمة كبرى، والدرعية، بالطبع، هي مكان خاص جدًا يمتاز بتراثٍ استثنائي، ففيها قامت أول عاصمة للأسرة السعودية المالكة، ومن خلال موقعها في التراث العالمي في اليونسكو، فقد أصبحت بالفعل محور الاهتمام الدولي. ولكونها من ضواحي الرياض، التي تعد موقعًا للتنمية والاستثمار في الفنون والثقافة، على نطاق أوسع، فهي تعد الموقع الذي من الممكن أن يوفر منصة جديدة للعالم لاكتشاف المزيد من المشهد الثقافي المزدهر في السعودية والتواصل معه. إن المشهد الفني المحلي الذي سيُعرض للعالم من خلال البينالي لهو مشهدٌ شامل متعمق، وله تأثير إيجابي، لا يُعقل، على البيئة الثقافية بصورة عامة، من فنانين إلى معارض، ومن المتاحف إلى سوق الفن للمدينة المضيفة للبينالي. لقد شاهدنا مثل هذا التأثير في البيناليات في جميع أنحاء العالم، والتي كان من شأنها أن تفتح أعين الناس بحق على مشاهد ثقافية أخرى، ربما ما كان لهم أن يتعرفوا عليها أو تتاح لهم فرصة للتفاعل معها بطريقة أخرى غير البينالي. من هذا المنظور، تعد الدرعية هي المكان المثالي.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: هل لكِ أن تخبرينا المزيد عن حي جاكس الذي تم تطويره حديثًا، كيف سيساهم في البيئة الثقافية السعودية؟
آية: حي جاكس هو عبارة عن منطقة تمت إعادة تجديدها، وتتكون من أكثر من 100 مستودع. في الوقت الحالي، الجو العام هو التحول، وقد بدأ الحي بالتحول ليصبح المرجعية الجديدة للفنون والثقافة في البلاد. هناك إحساس مثير للابتكار والإبداع في المنطقة، والتي ستضم ساحات للعرض واستوديوهات للفنانين ومعارض فنية ومرافق ومنصات. البينالي يرمز للتحول بطرق عديدة، مع وجود عدد من التدخلات التي ستغير، بشكل كبير، في الإحساس بالموقع وتفتح حوارات جديدة.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: مروة، كيف بدأتِ مشوارك الفني؟
مروة: بدأت بالتصوير الفوتوغرافي، كهاوية فقط، بعد حصولي على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الملك سعود. لكني أنتمي إلى عائلة فنية للغاية، فقد كانت والدتي رسامة وجدي كان شاعرًا. في البداية، عملت في مشاريع تجارية، حيث كنت أقوم بتصوير الأزياء وتصوير الطعام، وما إلى ذلك. لكنني شعرت أن عملي ينقصه شيءٌ ما. ولذلك، قررت في عام 2011، الحصول على درجة الماجستير في التصوير الصحفي من جامعة وستمنستر في المملكة المتحدة.
هناك، أصبحت ممارستي رمزية ومجازية للغاية. ومن هنا، فبالنسبة لمشروعي النهائي في الجامعة، شجعني أحد أساتذتي على استخدام وسيلة التصوير الفوتوغرافي كنافذة على ثقافتي. قررت استكشاف الصحة العقلية في السعودية، وتحديدًا الاضطراب ثنائي القطب واضطراب الوسواس القهري والقلق، في محاولة لتمثيل هذا الصراع البشري الداخلي بشكل مرئي. ثم أصبحت مهتمةً حقًا بمحاولة تصوير غير المرئي والتركيز على الداخل. وفي نهاية المطاف، بدأت في استكشاف الأداء الفني والمسرح وحركة الجسد كأفضل ما يغلف هذا الصراع، لأنه يستطيع التقاط كل حركة تحدث أمام الكاميرا دون التقيد بأبعاد الإطار. عندما انتقلت إلى مؤسسة دلفينا عام 2019 لإقامتي الفنية، أتيحت لي الفرصة لاستكشاف الأفلام والأداء الفني وتصميم الرقصات بشكل أعمق، وعملت مع هذه الوسائط مرة أخرى من أجل مساهمتي آنذاك، وأعني فيلم “عشت مرة واحدة” لمعرض “أحبك، عاجلاً” التابع لفنون جدة 21 و39.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ماذا ستقدمين في بينالي الدرعية للفن المعاصر؟
مروة: في البينالي، سأقوم بعرض أول أداء فني مباشر وموجه من أعمالي، حيث سيجمع بين المطربين وفناني الأداء. انبثقت الفكرة من مشروع قمت بتطويره عندما كنت أقيم في مدينة الفنون (Cité des Arts) في باريس، حيث كنت أريد استكشاف كيف يتجاوب الجسد مع الصوت ويتحرك معه. أتعاون مع المطرب الفلسطيني الشرقي أبو جابي والفنانة الاستعراضية والمغنية الجنوب أفريقية أناليزر ستورمان. كما قمنا أيضًا بدمج أهازيج من الفولكلور البحري السعودي، تسمى الفجري، وكنا محظوظين للغاية لعثورنا على واحدة من آخر العائلات في البلاد التي ما تزال تمارس هذا التقليد. بالنسبة لي، هذا الأداء هو نوع من إحياء الأناشيد التقليدية والفولكلورية وتاريخها، وهو فرصة لفهم كيف تستخدم الثقافات والأمم هذه الأناشيد كآليات للتكيف، وفي كثير من الأحيان، من أجل البقاء. إن الجمع بين هذه التقاليد المختلفة معًا في الأداء هو طريقة لإظهار التضامن المجازي عبر الحدود. عملت أيضًا، في هذه الفقرة، مع اثنين من مصممي الرقصات السعوديين، إجلال الصومالي ولميس الصديق، ومع شركة إنتاج في الرياض. ومن هنا، فهذا الأداء يعد أيضًا، ومن نواحٍ عدة، مشروعًا محليًا للغاية. بمعنى آخر، يحاول العرض أيضًا تصور مسار بينالي الدرعية والمشهد الفني السعودي. تعد هذه الفقرة بسيطة ومتواضعة نسبيًا، تشبه، إلى حد ما، بعيد السعودية داخل عالم الفن العالمي.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هو أكثر ما تتطلعن إليه في البينالي؟
مروة: إن أكثر ما يثير الحماس، بشكل خاص، في تقديم هذا الأداء لجمهور بينالي الدرعية هو كون هذا النوع من الفقرات نادر الوجود في السعودية، على عكس مدن أخرى مثل باريس، حيث يمكن مشاهدة العروض المباشرة في جميع أنحاء المدينة. ما أستمتع به، حقًا، بخصوص تطوير الأداء هو أنه يمنح أفراد الجمهور الفرصة لمشاركة الأرضية نفسها مع فناني الأداء والاختلاط بهم عن قرب، خاصةً أنه لا توجد حواجز أو مسارح. بالإضافة إلى جلب هذه التجربة إلى الرياض، فأنا مهتمة حقًا بكيفية تفاعل الأداء مع الفقرات والإنشاءات المحيطة في البينالي، وكيف سيتفاعل الجمهور مع كل هذه الفقرات معًا.
آية: أكثر ما أتطلع إليه؟؟ كل شيء في البينالي! الارتقاء بموقعنا، جاكس وتحويله، وتصميم المشاهد التي قام بها بريان باترفيلد (Brian Butterfield) وكولابات يانتراساست (Kulapat Yantrasast) من معماريي واي (WHY Architects) والقيِّم على مشروعنا فيليب تيناري (Philip Tinari) وما يفعله فريقه، واستضافة الفائز بجائزة إثراء للفنون. إذا كنتُ مضطرةً حقًا إلى الإشارة إلى عنصر واحد، فسيكون رؤية فنانينا السعوديين يتم تقديمهم في حوار جنبًا إلى جنب مع بعضٍ من أعظم رواد الفن العالميين.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
سواء فاز الرئيس السابق دونالد ترامب بالرئاسة للمرة الثانية أم لا، فإن علامته التجارية ستبقى سمة واضحة في منطقة الخليج.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.