تنامت قوة أسواق النفط العالمية على خلفية ما ظهر من تعاون غير مسبوق بين منتجي النفط الذين ينتمون إلى منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك) وأولئك الذين لا ينتمون إليها، وهو تعاون يرمي إلى تقليص إمدادات النفط العالمية في محاولة لدعم الأسعار وإنعاش اقتصاداتهم المتعثّرة. وإن تحالف الدول المنتجة للنفط، التي تنتج حوالى 60 بالمئة من إمدادات النفط العالمية، قد تعهّد بتقليص الإنتاج بحوالى 1.8 مليون برميل يوميًا (م ب ي) ابتداءً من الأول من كانون الثاني/يناير 2017. وتوصّل المنتجون الذين لا ينتمون إلى منظمة الأوبك إلى اتفاق في العاشر من كانون الأول/ديسمبر لتقليص الإمدادات بحوالى 560000 برميل يوميًا، وقد تبع ذلك اتفاق الأوبك الذي وقّع في 30 تشرين الثاني/نوفمبر والذي ينصّ على خفض الإنتاج بحوالى 1.2 م ب ي.
ولقد نجحت جهود الدبلوماسية المكوكية التي قادتها المملكة العربية السعودية وروسيا والتي امتدت على شهر من الزمن في إبرام مجموعتي المنتجين لأول اتفاق مشترك في 15 سنة وقّعت عليه 24 دولة. إلا أن هذه الاتفاقيات لا تخلو من الشوائب. فالاتفاق الذي أبرمه منتجو النفط الذين لا ينتمون إلى الأوبك ليس سوى واجهة مرقّعة هدفها مواجهة إصرار الأوبك على شرط الالتزام بتقليص إنتاجها مقابل مشاركة أهم الدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة. ويتوقع أن تكون روسيا الدولة الوحيدة من بين منتجي النفط من خارج الأوبك التي ستقلّص إنتاجها بشكل طفيف، فيما تعكس تعهدات أغلبية الدول الأخرى “بالتخفيضات” إلى حد كبير تدنيًا في الإنتاج سبق أن أُخذ بالاعتبار في توقعات العرض العالمي لعام 2017، وذلك نظرًا إلى الانخفاض الطبيعي لمعدلات الحقول الناضجة.
وعلاوًة على ذلك، إن تاريخ هذه الدول الشاهد على قلة التزامها بتعهداتها ينذر بأن معدلات خفض الإنتاج الفعلية ستبلغ حوالى 60 بالمئة من الهدف المذكور الذي يبلغ 1.8 م ب ي. ومع ذلك، تُعتبر التخفيضات في الإنتاج ضمن هامش 1 و 1.2 م ب ي تحولًا إيجابيًا لتحفيز استقرار أسعار النفط ويتوقع أن تسرّع إعادة توازن معدل المخزونات العالمية المرتفع أكثر من أي وقتٍ مضى والذي قد أثر على أسواق النفط لأكثر من عامين.
بعد إبرام اتفاقات الإنتاج الجديدة، باتت توقعات محللي النفط في المصارف الاستثمارية تجمع على سعر أعلى للبرميل عام 2017 يتراوح ضمن هامش 52 إلى 60 دولار. كما أنها تجمع على أن يدعم ذلك عملية إعادة توازن تدريجية للأسواق التي تشهد فائضًا في المعروض كنتيجة للتخفيضات التي فرضتها المجموعة على العرض ولنمو الطلب بمعدل 1.2 إلى 1.3 م ب ي. لا بل تتوقع مصارف عدة أن يرتفع سعر البرميل إلى 70 دولارًا عام 2017. إلا أن محللي النفط يرون أن سعر البرميل سيستقر عند الحد الأعلى وسيبلغ 60 دولارًا، إذ يُتوقع أن تؤدي المستويات الأعلى إلى إعادة إنعاش الدورة السريعة لإنتاج النفط الصخري الأمريكي، ما يضاعف الضغوطات المؤدية إلى خفض الأسعار. أما بالنسبة لمنتجي النفط المتعطشين للحصول على الإيرادات، تمثل التوقعات الحالية لسعر البرميل ارتفاعًا ملحوظًا يفوق المعدلات المتوسطة التي شهدناها في الجزء الأكبر من العام 2016 والتي تراوحت بين 44 و45 دولارًا، ما سيدرّ على الحكومة مليارات إضافية من الدولارات من عائدات النفط في العام 2017.
تجاوزت أسعار النفط المستقبلية لمعدلات النفط الخام القياسية حدود 50 دولارًا للبرميل الواحد في 1 كانون الأول/ديسمبر بعد الاتفاق الذي أبرمته الأوبك بهدف كبح جماح الإنتاج، وسجّلت الأسعار أعلى مستويات لها منذ 17 شهرًا إذ وضع منتجو النفط خارج الأوبك اللمسات الأخيرة على اتفاقهم بعد 10 أيام. وجرى تداول خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بهامش أعلى بكثير تراوحت فيه الأسعار بين 51 و53 دولارًا للبرميل الواحد، وتم التداول بخام برنت العالمي بأسعار أكثر ارتفاعًا تراوحت بين 54 دولارًا و 55.75 دولارًا للبرميل الواحد في الأسابيع الأخيرة. ولكن، وعلى خلفية ارتفاع الأسعار بشكل أولي بعد إبرام الاتفاق، من المتوقع أن تشهد السنة الجديدة على انخفاض لأي زيادات إضافية في الأسعار نظرًا إلى أن معدلات الإنتاج الأدنى لن تصبح جليّة إلا بعد شهور عدة.
أعضاء الأوبك الخليجيون العرب يتحملون الأعباء المترتبة عن خفض الإنتاج
أشاد مسؤولون من داخل الأوبك وخارجها بالاتفاق التاريخي إلا أن محللي السوق لا يزالون يشعرون بالقلق حيال الشوائب الكثيرة والمهمة التي تشوب هذه الاتفاقيات. ويعود الفضل بالاتفاق على خفض الإنتاج الذي تمكّنت الأوبك من التوصل إليه بعدما بذلت جهودًا حثيثة، إلى مزيج من المشاورات السياسية الرفيعة المستوى التي قامت بها المملكة العربية السعودية وروسيا وإيران، ومستوى غير مسبوق من التسوية، وحسابات مبتكرة فعلًا للتوصل إلى معدّل خفض الإنتاج المرجوّ. وفي النهاية، لم تتعهد سوى 10 دول من أصل أعضاء المنظمة الـ14 بخفض الإنتاج. فلم تكن إندونيسيا مستعدة لخفض إنتاجها وعلّقت بالتالي عضويتها. وفي الواقع، تم زيادة حصة إيران الجديدة لتتجاوز الحد الأقصى لقدرتها الإنتاجية عبر حسابات معقّدة وغامضة. وفي الوقت نفسه، تم إعفاء ليبيا ونيجيريا، اللتين أنهكتهما النزاعات، من قرار خفض الإنتاج، ما يعدّ ثغرة أخرى من ثغرات الاتفاق. وتم الاستناد على معدلات الإنتاج الحالية لتحديد الحصص الإنتاجية الجديدة، ولكن من المرجح أن استئناف ليبيا ونيجيريا لبعض عمليات الإمداد المتقطعة سيضيف ما يقارب 200 إلى 500 ألف برميل يوميًا على النصف الأول من العام 2017، ما سيعوّض جزئيًا عن التخفيضات التي اتفق عليها الأعضاء الآخرون.
وفيما تعتبر الإجراءات التي تم اللجوء إليها للتوصل إلى خفض الإنتاج بمعدل 1.2 م ب ي غير تقليدية، تكمن قوّة اتفاق الأوبك بالتزام أعضاء المنظمة الخليجيين، أي المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر، بالإضافة إلى الجزائر بخفض إمداداتها، علمًا أنها تتمتع كلّها بتاريخ يشهد على التزامها بالإيفاء بوعودها. ومن المتوقع أن تكون هذه الدول الخمسة مسؤولة عن تخفيضات تقلّ عن 900 ألف برميل بقليل، أي ما يوازي أكثر من 75 بالمئة من مجمل التخفيضات المرجوّة. في حين أن مساهمات الدول الأعضاء الخمسة الأخرى تظل أقل وضوحًا ولكنها قد تضيف 100 ألف برميل آخر يوميًا.
وفي محاولة لتهدئة مخاوف المحللين ولزيادة أهمية الاتفاق، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن المملكة مستعدة لتخفيض إنتاجها بعد أكثر إن دعت الحاجة. وقال:” كونوا على يقين إننا سنقوم بخفض إنتاجنا بشكلٍ كبير ابتداءً من 1 كانون الثاني/يناير، ليصبح أقل من المستوى الذي التزمنا به في 30 تشرين الثاني/نوفمبر.”
في المقابل، يعتبر الاتفاق الذي أبرم بين المنتجين الذين لا ينتمون إلى الأوبك أقل أهمية وفعالية بكثير. ففيما أشاد به الكثيرون على أنه أول اتفاق مشترك يبرم في السنوات الـ15 الماضية، لم يسبق في الواقع أن طبّق منتجو النفط خارج المنظمة التخفيضات المتفق عليها مع الأوبك. إلا أن إصرار المنظمة على مشاركة أبرز المنتجين الذين لا ينتمون إليها في هذه الجولة قد أنتج اتفاقًا غير دقيق لا يفرض أي تخفيضات فردية في الإنتاج، بل بالأحرى يسمح للدول التي تواجه تخفيضات طبيعية في مستويات الإنتاج أن تعتبر هذا التقليص كمساهمتها. وعقب الاجتماع الذي ضمّ مسؤولين من داخل الأوبك وخارجها في فيينا في 10 كانون الأول/ديسمبر، عُقد مؤتمر صحفي ذُكر فيه أن المنتجين الذين لا ينتمون إلى الأوبك “اقترحوا أن يضبطوا إنتاجهم طوعًا أو من خلال انخفاض منظّم.”
ومن المتوقع أن تكون روسيا الدولة الوحيدة من بين الدول الحادية عشرة التي أبرمت الاتفاق التي ستقلّص إمداداتها، ومع ذلك، من المرجح أن تبقى المعدلات أقل من المعدل المتفق عليه والذي يبلغ 300 ألف برميل يوميًا. وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن عملية تخفيض الإنتاج ستكون تدريجية وستنخفض توقعات الإنتاج لنهاية شهر أيار/مارس 2017 بمعدل 200 ألف برميل يوميًا، بعدما سجّلت 11.2 م ب ي في تشرين الأول/أكتوبر 2016، لتنخفض بمعدل 100 ألف برميل إضافي يوميًا إلى 10.9 م ب ي بعد ستة أشهر. ولا تعكس التخفيضات التي تعهّدت بها سبع دول سوى معدلات التناقص الطبيعية في الحقول الناضجة التي أُخذت بالاعتبار في توقعات العرض العالمية لعام 2017. وتمتلك المكسيك وماليزيا وأذربيجان وغينيا الإستوائية وبروناي وعُمان كلّها حقولًا ناضجة من المتوقع أن تتقلّص بشكل طبيعي، ويعود ذلك جزئيًا إلى سنتَين من خفض الاستثمار في الانتاج النفطي. وقد تدهور إنتاج السودان وجنوب السودان بسبب الاضطرابات غير المتوقعة. وفي الوقت عينه، تعهدت كازاخستان بخفض إنتاجها بمعدل 20 ألف برميل يوميًا بعد شهر فحسب من دخول مشروع كشاغان حيّز التنفيذ، علمًا أن قيمة المشروع الباهظة تقدر بـ55 مليار دولار وتم تأخيره لمدة عقد من الزمن. وكنتيجة لذلك، لا يستنظر معظم المحللين أن يفي هذا البلد بتعهّده، لا بل يتوقعون أن يرتفع إنتاجه.
تأخر عملية إعادة توازن أسواق النفط بسبب ارتفاع إنتاج الأوبك
لا يتوقع أن تؤثر التخفيضات المتفق عليها في الإنتاج بشكل كبير على السوق حتى نهاية شهر كانون الثاني/يناير كأقرب حد. بالتالي، تحوّل تركيز المحللين وتجار النفط إلى أسس العرض والطلب لمؤشرات الأسعار على المدى القريب. ويلمّح التقرير الأخير لوكالة الطاقة الدولية بشأن الأسواق النفطية إلى أن مخزونات النفط العالمية ستعتمد بشكل كبير في الربع الرابع من العام 2016 على ارتفاع إنتاج الأوبك، ما سيجعل من تطبيق اتفاق الإنتاج الجديد أكثر صعوبة. وبحسب التقرير، رفع أعضاء المنظمة إنتاجهم قبل إبرامهم اتفاق تشرين الثاني/نوفمبر بمعدل 300 ألف برميل يوميًا ليبلغ مستوى قياسي هو 34.2 م ب ي، ما يعني أن تحقيق هدف كانون الثاني/يناير الجديد المتمثل بـ32.5 م ب ي سيتطلب انخفاضًا بمعدل 1.7 م ب ي.
يتخلف المعدل القياسي لإنتاج الأوبك عن التوقعات الحديثة التي تلمّح إلى ارتفاع حاد في المخزونات التجارية لأعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمعدل 1.1 م ب ي في الربع الرابع بالمقارنة مع زيادات أقل بكثير بمعدل 200 ألف ب ي سُجّلت في الربعين السابقين.
إلا أن عملية ضبط إنتاج الأوبك في بداية العام 2017 على مستوى أدنى يبلغ حوالى 32.9 م ب ي، أي 500 ألف برميل يوميًا فوق المعدّل المتفق عليه رسميًا، على افتراض أن أي التزام سيكون غير كامل، ستؤدي إلى عجز في العرض في النصف الأول من العام 2017، ومن المحتمل أن يفوق الطلب الإنتاج بمعدل 450 ألف برميل يوميًا. وإذا افترضنا أن معدلات الإنتاج المنخفضة ستبقى مستقرة طوال العام، من المتوقع ألا تقلّ مخزونات النفط العالمية كثيرًا عن 900 ألف برميل يوميًا في النصف الثاني من العام 2017.
وستزداد وتيرة عملية إعادة التوازن إلى السوق بعد مراجعة التوقعات لتستنظر ارتفاعًا في الطلب على النفط. ولقد راجعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط لتصبح أكثر بقليل من 100 ألف برميل يوميًا للعامين 2016 و2017. وبات من المتوقع أن يرتفع الطلب بنسبة 1.4 م ب ي في العام 2016 ليصل إلى 96.3 م ب ي، وبنسبة 1.3 م ب ي في العام 2017 ليصل إلى 97.6 م ب ي.
احتساب عدد البراميل
يدعم ميزان العرض والطلب الحالي ارتفاع الأسعار في العام 2017 إلا أن الربع الأول يبقى عرضة لضغوطات قد تؤدي إلى انخفاض الأسعار، إذ سيصعب مراقبة التزام المنتجين من داخل الأوبك وخارجها في خلال الأشهر القليلة الأولى من العام. أعلمت المملكة العربية المتحدة وأبوظبي وقطر والجزائر وأنغولا وعمان التي لا تنتمي إلى الأوبك جميع عملائها بالتخفيضات التي ستصبح سارية المفعول في الأول من كانون الثاني/يناير 2017. وإن طُبّقت هذه التخفيضات بشكل تام، سيبلغ مجموعها حوالى 960 ألف برميل يوميًا، ما يشكّل حوالى 55 بالمئة من التخفيضات المتفق عليها والتي تبلغ ١٬٨ م ب ي.
ولكن بالرغم من ذلك باتت ثغرات الاتفاقيات تظهر جليّة. فإن ليبيا، التي تعتبر معفاة رسميًا من الاتفاق، تتحضّر لاستئناف إنتاجها في حقلي نفط رئيسيين وخط أنابيب في غربي البلاد كانوا قد أغلقوا في السنتين الأخيرتين. وقال مسؤول أنه سيتم إنتاج 200 ألف برميل يوميًا تقريبًا من الخام الإضافي في خلال أيام قليلة. ولم تقم الأوبك بوضع آلية تسمح لليبيا ولنيجيريا بزيادة إنتاجهما ولكن يمكن الاستنتاج أنه سيتعين على الأعضاء الآخرين أن يقلّصوا إنتاجهم أكثر للتعويض عن أي زيادات تصدر عن البلدين.
وظهرت تقارير مثيرة أكثر للقلق تفيد بأن العراق قد خرق بنود الاتفاق، إذ قام بوضع خطط لزيادة صادرات النفط الخام في كانون الثاني/يناير عوضًا عن الإيفاء بوعده وخفض إمداداته بمعدل 210 ألف برميل يوميًا. وتظهر بيانات الحكومة العراقية أنه من المقرر أن تزيد صادرت شهر كانون الثاني/يناير بحوالى 400 ألف برميل يوميًا عن المعدلات التي سجلتها في كانون الأول/ديسمبر. وكان العراق إحدى آخر الدول المترددة التي وقّعت على اتفاق تشرين الثاني/نوفمبر، الأمر الذي أثار المخاوف في وقت مبكر حول التزامه بتعهداته. وجادل وزير النفط العراقي جابر علي اللعيبي في المفاوضات في فيينا أنه يجب إعفاء البلاد من الإتفاق نظرًا إلى حربها المُكلفة على “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش). ولم يعطِ رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي تعليمات للعيبي بعدم عرقلة إبرام العقد إلا في اللحظة الأخيرة.
ونظرًا إلى تاريخ الأوبك الذي يشهد على قلّة التزامها بتعهداتها، قامت هذه المنظمة ولأول مرة بتشكيل لجنة لمراقبة تطبيق الأهداف الإنتاجية الجديدة. وتتألف اللجنة الوزارية المشتركة من الدول الأعضاء التالية: الجزائر والكويت وفنزويلا ومن الدول غير الأعضاء التالية: روسيا وعُمان. ويشبه شمل فنزويلا بعض الشيء إيلاء مهمة حراسة الدجاجة إلى الثعلب نظرًا إلى تاريخ البلاد الحافل بعدم الالتزام بحصصها. وقال محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة الأوبك إن “تأسيس لجنة وزارية مشتركة لمراقبة الالتزام يسمح بتقييم اتفاق فيينا والتحقق منه” إلا أنه لم يعرض سوى بعض التفاصيل حول كيفية تنفيذ المنظمة لهذه المهمة. فلا يزوّد عدد كبير من الأعضاء الأمانة العامة للمنظمة ببيانات موثوقة حول الإنتاج بل يجمع المحللون المعلومات من تحرّكات الشاحنات الناقلة للنفط ومن المستشارين أو المصادر السريّة في القطاع للاطلاع على مستويات الإنتاج. وبما أن هذا الموضوع يعتبر حساسًا، يعمد المسؤولون في الأمانة العامة عادةً أيضًا إلى اللجوء إلى مصادر ثانوية لصياغة تقرير المنظمة الشهري حول سوق النفط عوضًا عن مساءلة أعضائها حول صحّة البيانات التي يقدّمونها. ويقال إن لجنة المراقبة الجديدة تتطلّع إلى تعيين شركات لتعقّب شاحنات نقل النفط لتساهم في عملية مراقبة مستويات التصدير. ومن المقرر أن يعقد الاجتماع الأول للجنة في أواخر كانون الثاني/يناير أو في بداية شباط/فبراير.
ونظرًا إلى ندرة البيانات الرسمية التي تتناول مستويات الإنتاج، سيعتمد محللو الأسواق على التقارير الإعلامية لجمع أدلة حول ارتفاع مخصصات العملاء أو انخفاضها، وسيدرسون بدقة التصاريح الصادرة عن وزراء الأوبك حول مستويات الالتزام وسيتعقّبون تحرّكات الشاحنات الناقلة للنفط عبر شاشات الكمبيوتر. بعبارات أخرى، ستمسي الأسواق رهينة الإشاعات والتلميحات إلى أن تبرز، بعد شهور عدّة، معلومات أكثر موثوقية حول مستويات الإنتاج. وكنتيجة لذلك، سترتفع أسعار النفط وتنخفض وفقًا لعناوين الصحف، ومع ذلك، من المتوقع أن تنحصر ضمن هامش يتراوح بين 50 و60 دولارًا في الأشهر الأولى من العام 2017.