ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
مارس حوالى 60 في المئة من الناخبين الإيرانيين حقهم في الاقتراع في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء، وهو هيئة دينية مؤلفة من 88 رجل دين وعُهد إليها مهمة تعيين المرشد الأعلى الجديد، في 26 فبراير.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية الإيرانية غياب أكثريةٍ ساحقة. إذ يتقدّم المحافظون الذين نالوا 36% من المقاعد، على حلف البراغماتيين والإصلاحيين الذين حصدوا 32% والمستقلين الذين جمعوا 32% أيضًا من مقاعد البرلمان الـ290.
أمّا في انتخابات مجلس الخبراء، فقد تمكّن البراغماتيون من تحقيق أكثريةٍ طفيفة فحصلوا على 52 مقعدٍ في حين نال المحافظون 36 مقعد.
في البرلمان
لقد عززت نتائج الانتخابات الإيرانية دور الجبهة البراغماتية بقيادة الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني والرئيس الحالي حسن روحاني في إيران. بكلماتٍ أخرى، سوف يكون البرلمان الجديد أقلّ تشددًا وأقرب إلى جناح اليمين المعتدل. ولم يفز البراغماتيون والإصلاحيون في الانتخابات البرلمانية، إلّا أنهم تمكّنوا من تحقيق أقليةٍ مهمةٍ سوف تسمح لحكومة الرئيس روحاني بالحفاظ على سياستها الخارجية واستراتيجياتها الاجتماعية والسياسية في العامين المقبلين. وسيتألف البرلمان من محافظين وبراغماتيين وإصلاحيين. ولعلّ المحافظين يشكلون أكثريةً بسيطة، إلّا أنّهم قد يكونوا أكثر تعاونًا مع البراغماتيين والإصلاحيين في مسائل سياسيةٍ مختلفة. ويشكّل استبعاد جزءٍ كبيرٍ من متشددي جبهة المقاومة دليلًا على دعم استراتيجيات روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، خصوصًا تلك المتعلقة بالاقتصاد السياسي والسياسة الخارجية، أقلّه للسنتين المقبلتين حتى الانتخابات الرئاسية. ومن المرجح أن ينال الاتفاق النووي الإيراني وانفتاح إيران إثره على المجتمع الدولي المزيد من الدعم من البرلمان الجديد، ويبدو أن النظام الإيراني المتأثر بشكلٍ أساسي بالمرشد الأعلى آية الله علي الخامنئي والحرس الثوري يقدّر هذا الانفتاح ويدعمه، أقلّه على المدى القريب.
في مجلس الخبراء
إذا كانت نتائج الانتخابات البرلمانية تُظهر توجّه السياسة الإيرانية، فلا علاقة لنتائج انتخابات مجلس الخبراء بذلك. فقد جمع حلفاء رفسنجاني وروحاني عددًا كبيرًا من الأصوات في طهران، ولذلك أهميةٌ رمزية، إلّا أنّه لا يغيّر توازن السلطة في المجلس. فبحسب الدستور الإيراني، يتخذ المجلس، المسؤول عن تعيين خلفٍ للخامنئي، قراراته بالأكثرية البسيطة. ويتكوّن المجلس الجديد من أكثريةٍ براغماتية بسيطة، إلّا أنّ 12 من الأعضاء المنتخَبين هم من المستقلين وأقرب إلى المحافظين المعتدلين. وبالتالي، فسوف تقوم معركةٌ مفتوحةٌ بين الجبهتين المحافظة والبراغماتية في ما يخص انتخاب المرشد الأعلى الجديد، على الرغم من انتخاب عددٍ من الشخصيات البراغماتية البارزة. ويعود تقدّم البراغماتيين في مجلس الخبراء إلى زيادة المشاركة في الانتخابات لدى الطبقة المتوسطة والشباب، ما يفسّر في الوقت عينه خسارة المتشددين البارزين مثل آية الله الشيخ تقي مصباح اليزدي وآية الله محمد يزدي لمقاعدهم في المجلس.
في السياسة الخارجية
كيف ستؤثّر نتائج هذه الانتخابات على السياسة الخارجية الإيرانية؟
- سوف يزداد الحلف بين روحاني وظريف متانةً ويتعزز دوره في الشؤون الداخلية والخارجية.
- سوف يستمر انفتاح إيران على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أقلّه للسنتين المقبلتين.
- سوف يتم تشجيع والترويج للروابط الاقتصادية والتجارية بين طهران والجهات الغربية الأساسية (الاتحاد الأوروبي بشكلٍ أساسي واحتمال الولايات المتحدة)، في حين قد تتضاءل العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين وروسيا.
- سوف تتمتع إيران بالأمن الاستثماري على المدى القصير، ما يعني أنّ النظام الإيراني سوف يكون على استعدادٍ لأن يضمن الأمن الاقتصادي والمصرفي ويؤمن الضمان الاجتماعي لجذب الاستثمارات الأجنبية.
- قد يصبح دور إيران الإقليمي أكثر اعتدالًا وبراغماتية، إذ قد يظهر استعدادها للتخفيف من التوترات مع بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومع المملكة العربية السعودية بشكلٍ خاص.
في الشؤون الداخلية
- لن تؤثر نتائج الانتخابات في نظام الحكم أو بنية الجمهورية الإسلامية على المستوى الداخلي.
- سوف يبقى الإطار الإيديولوجي الخاص بالنظام على حاله، ولن تطرأ أي تغييراتٍ مهمة في ما يخص الحقوق المدنية أو زيادة الحريات.
- سوف يستمر الصراع ما بين النخب. فسوف تتمكن الجبهة البراغماتية بقيادة رفسنجاني وروحاني من تمرير المزيد من السياسات، في حين يخسر المتشددون، وعلى رأسهم آية الله مصباح يزدي وحداد عادل، جزءًا من السلطة السياسية. أمّا الإصلاحيين فسوف يحافظون على موقعهم، إلّا أنّهم في الوقت عينه يتعرّضون للتهميش من قبل البراغماتيين حلفاءهم الثانويين.
- لقد نجح المرشد الأعلى في الحفاظ على دور الوسيط في الساحة السياسية الإيرانية على الرغم من ميوله إلى الجبهة المحافظة عشية الانتخابات. ومن المرجح أن يوافق الخامنئي على نتائج الانتخابات، إذ تمّ التدقيق في كافة المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور الذي عيّن المرشد الأعلى جزءًا من أعضائه. ولذلك فقد وافقت الجمهورية الإسلامية ومرشدها الأعلى على كافة المرشحين من محافظين وبراغماتيين وإصلاحيين.
- أخيرًا، من المهمّ جدًّا تحليل ردود فعل الحرس الثوري حيال تمتين البراغماتيين في هذه الانتخابات، إذ يشكّل الحرس الثوري القوّة السياسية والاقتصادية والعسكرية الأهم في إيران. وقد يوافق الحرس الثوري على تسليم جزءًا من دوره في السياسة الخارجية لروحاني وظريف على مستوى الشرق الأوسط، حيث تخطّت كتيبة القدس الحكومة سلطةً. ومن المحتمل أيضًا أن يمرّر سياسةً معاكسة، ما قد يؤدي إلى خلق توتراتٍ مع البراغماتيين وتفادي انفتاح إيران على الغرب. وقد يكمن التحدي الأكبر للعامين المقبلين بالنسبة للسياسة الإيرانية الداخلية والخارجية في التوترات الداخلية بين البراغماتيين والحرس الثوري، بوجود المرشد الأعلى الذي سيؤدي على الأرجح دور الوسيط بين الجهتين.
ومن الواضح أنّ 15 مليون إيرانيًا لم يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع في هذه الانتخابات، وهم الذين ينتقدون نظام الجمهورية الإسلامية ولا يعترفون به. وقد يؤثروا هم أيضًا على مستقبل إيران حتى ولو لم يشاركوا في الانتخابات، وقد يكون تأثيرهم هذا من خلال النشاطات غير الحكومية في المجتمع المدني. وقد تمارس هذه المعارضة الخفيّة العلمانية والقومية تأثيرها عندما تجد الفرصة للتعبير عن مطالبها على المستويين الاجتماعي والسياسي. أمّا اليوم، فتتّخذ مواقع التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي ساحةً لها، خوفًا من قمع النظام.
إلّا أنّ تقدُّم البراغماتيين يعزز دور الجمهورية الإسلامية في المنطقة. وستكون السنتان المقبلتان في غاية الأهمية لتقييم قرارات إيران على المستويين الدولي والإقليمي. فإذا نجح روحاني وظريف في تعزيز سياساتهما ضمن النظام الإيراني، فقد يدعم ذلك عملية إصلاحٍ داخلي ويجعل من طهران أكثر عقلانيةً في سياستها الخارجية. وإمّا إذا كان النظام الإيراني، ونخبة الحرس الجمهوري تحديدًا، يخشى تقدّم البراغماتيين فقد نشهد اصطدامًا جديدًا بين الحرس الجمهوري والبراغماتيين، ما يزعزع استقرار إيران ويزيد من سياستها العدوانية في المنطقة.
بجمان عبدالمحمدي هو زميل أبحاث زائر في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد. وهو أيضا محاضر في العلوم السياسية والدراسات الشرق أوسطية في الجامعة الأمريكية ” جون كابوت ” في روما .