ساعد معهد دول الخليج العربية في واشنطن في تسليط الضوء على أصوات الشباب الخليجي.
تبرع
خلال تدريبات “الرسول الأعظم” العسكرية السنوية التي أجراها الحرس الثوري الإيراني في أواخر يوليو/تموز، قام الحرس الثوري بضرب أهداف وهمية، بما في ذلك نسخة طبق الأصل من حاملة طائرات أمريكية، كما فعل في 2015، ونظام دفاع صاروخي أمريكي. لكن الحرس الثوري أطلق أيضًا صاروخين باليستيين لم يتم حتى الآن التعرف عليهما من مواقع تحت الأرض في الصحراء الإيرانية. من هو الجمهور المستهدف في هذا المشهد للحرس الثوري الإيراني؟ في أعقاب العديد من الهجمات غير التقليدية، التي تنسب إلى حد كبير إلى الولايات المتحدة و/أو إسرائيل، ضد برامج إيران النووية والصاروخية، يبدو أن الولايات المتحدة والجمهور الإيراني (الذي هو بحاجة ماسة إلى دفعة معنوية) هما الجمهور المستهدف.
مع مرور الوقت، عملت الجمهورية الإسلامية على إتقان تكتيكاتها الحربية غير التقليدية، وبذلك أصبحت قادرة على إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على مواقع للولايات المتحدة في العراق، وتعطيل الشحن الدولي، ومهاجمة البنية التحتية النفطية في المملكة العربية السعودية بدرجة من الإنكار المنطقي، حيث أخذ مختلف الوكلاء الإيرانيين على عاتقهم مسؤولية الهجمات. ولكن قام خصوم إيران وبشكل متزايد بإذاقة الجمهورية الإسلامية طعم ترياقها الخاص: فابتليت إيران منذ يونيو/حزيران بسلسلة من الانفجارات والحرائق وغير ذلك من الأحداث مجهولة المصدر والتي لم يتبنَّها أحد، في المنشآت النووية والصاروخية وغيرها من المنشآت الصناعية الإيرانية. وقد جاءت هذه الأحداث إثر استهداف الولايات المتحدة لكبار القادة الإيرانيين وحلفائهم بالقتل في خضم حملة “الضغوط القصوى” للرئيس دونالد ترامب ضد طهران. وقد قوبلت الأسئلة المتعلقة بالمسؤولية عن تلك الهجمات بتصريحات غامضة من المسؤولين الإسرائيليين.
وفي حين لم يُعرف الهدف الدقيق من وراء الهجمات الأخيرة على إيران، إلا أنه من غير المرجح أن تعمل هذه الهجمات على ردع العمليات الحربية التي يقوم بها وكلاء الجمهورية الإسلامية ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وعلى حد قول الجنرال فرانك ماكنزي، رئيس القيادة المركزية للولايات المتحدة، من المرجح أن يواصل الإيرانيون “العمل ضدنا من خلال وكلائهم وبشكل غير مباشر”. ومع ذلك، إذا كانت الولايات المتحدة هي المسؤولة عن الهجمات، فلربما تكون إدارة ترامب قد وجدت طريقة لإذلال نظام طهران على الملأ، وتجنب حرب شاملة في الوقت نفسه.
ويعزى الإذلال جزئيًا إلى عجز إيران عن ردٍ من النوع نفسه أو على المستوى نفسه، وهذا واضحٌ من ردود أفعال المسؤولين في طهران. بعد شعوره بالحرج من أحداث 15 يوليو/تموز، كاد العميد إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، أن يأخذ على عاتقه مسؤولية الحريق على متن سفينة يو إس إس بونهوم ريتشارد الراسية في سان دييجو. ووصفه بأنه “رد على جرائم أمريكا” وحذر من: “أيام عصيبة وأحداث شاقة تنتظر أمريكا والكيان الصهيوني”.
لم يوضح قاآني كيف تمكن من إضرام النيران في سفينة حربية أمريكية في كاليفورنيا، لكن القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني تمكنت من شن هجوم على نسخة طبق الأصل لحاملة طائرات أمريكية قبالة ساحل إيران خلال التدريبات العسكرية في يوليو/تموز. إن القيمة التكتيكية لمناورة تنطوي على مهاجمة نموذج ثابت غير قادر على الدفاع عن نفسه أمر يثير التساؤل. الأهم من ذلك كان عملية الإطلاق التي من المفترض أن تتم عن بعد للصواريخ الباليستية، غير المعروفة، من مواقع تحت الأرض في الصحراء الإيرانية. وفقًا لأحد التقييمات، فإن الحرس الثوري الإيراني ومن خلال تفريق بطاريات الصواريخ في أنفاق تحت الأرض في الصحراء، يحاول أن يحول دون كشفها من قبل الولايات المتحدة وزيادة مدة بقائها.
في تعليق له، كتب عباس حاجي نجاري، وهو كاتب عمود في صحيفة “جافان” اليومية، الموالية للحرس الثوري الإيراني، حول كلٍ من الأبعاد السياسية والعسكرية للرسالة التي نقلتها التدريبات، لكنه ركّز على الرسالة السياسية: “لقد هُزمت المؤامرة الأمريكية الأخيرة لإثارة الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية في إيران في الأسبوعين الماضيين”. وتابع قائلًا: “لا جدوى من محاولة الولايات المتحدة تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، لأن إيران قد وصلت إلى الاكتفاء الذاتي”. وأكد حاجي نجاري على أن نفوذ إيران الإقليمي لم يتغير، على الرغم من استهداف قائد فيلق القدس السابق اللواء قاسم سليماني بالقتل، في يناير/كانون الثاني، وأضاف أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران تُظهر فشل محاولات واشنطن لعزل إيران دبلوماسيًا”.
وفي نهاية المطاف، فإن التدريبات العسكرية للحرس الثوري الإيراني لا تعدو كونها دعاية سياسية غير فاعلة موجهة لكل من الشعبين الأمريكي والإيراني. فمن غير المرجح أن تؤثر هذه التدريبات على سياسة إدارة ترامب تجاه إيران، بما في ذلك حملات الضغوط العلنية والسرية. كما أنها لن تخلق لدى الجمهور الإيراني المزيد من الثقة في قدرة النظام على صد الضغوط الخارجية، طالما أن إيران تتعرض لهجمات غامضة ضد برامجها النووية والصاروخية.