في التاسع عشر من آذار/ مارس، سيبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيارته الأولى للولايات المتحدة بصفته الوريث المفترض للعرش. ومن المقرر أن تستمر الرحلة الموسعة حتى 8 نيسان/ أبريل وتتضمن زيارات إلى العديد من المدن. سيكون ولي العهد مدركًا للحاجة إلى تلميع صورته في الولايات المتحدة لأن المخاوف المتعلقة بحملة القمع ضد الفساد الأخيرة واعتقال سعوديين بارزين، والأزمة الإنسانية في اليمن، وقضايا أخرى قد تؤثر على الدبلوماسية والاستثمار. ولذلك فقد تقرر أن تتضمن الزيارة قدرًا من التوعية الشخصية من قبل محمد بن سلمان إلى الجمهور الأمريكي وصناع الرأي، بما في ذلك اجتماعات مع هيئات تحرير كبار الصحف والتمهيد لمقابلة مع برنامج “60 دقيقة” على تلفزيون CBS. وتأتي هذه الزيارة في وقت حرج، مع تصاعد حدة التغيرات الاجتماعية والسياسية السعودية والإصلاح الاقتصادي، وتزايد السياسة الصِّدامية بين إدارة ترامب وإيران. وعلى الرغم من التحسن العام في العلاقات، أو على الأقل في الأجواء، بين واشنطن والرياض منذ أن أصبح دونالد ترامب رئيسًا، فإنه لم يتم حل العديد من القضايا، وحتى معظم نقاط التقارب التي يجري العمل عليها تتطلب اهتمامًا دقيقًا. وفيما يلي ما يُرجح أن يهيمن على المحادثات.
وحدة مجلس التعاون الخليجي وقمة محتملة
تسعى الولايات المتحدة إلى تسوية المقاطعة القطرية، في حين أن مجموعة الدول الأربع التي تفرض الحظر، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تبدو راضية عن الضغط ببطء على الدوحة لتقديم تنازلات مهمة. لا تشعر واشنطن بالارتياح حيال المقاطعة لعدة أسباب. أولاً، إنها تهدد قابلية التشغيل المشترك للقواعد الأمريكية الرئيسية والعتاد العسكري في البلدان المشار إليها، وخاصة في قطر والبحرين. ثانيًا، إن الانقسام العربي الخليجي يصب في مصلحة إيران التي، كما تطالب واشنطن، عليها أن تواجه أكثر جبهة موحدة ممكنة. ثالثًا، لطالما شجعت واشنطن على المزيد من التكامل والتشغيل المتبادل لممتلكات ومؤسسات الدفاع العربية الخليجية، مع وضع نصب أعينهم إنشاء نظام دفاع صاروخي متكامل. في حين أن المقاطعة القطرية تدفع في الاتجاه المعاكس. رابعًا، لقد أوضحت واشنطن أنها لا تشاطر الدول الأربع وجهة نظرها باعتبار الدوحة فاعلاً سيئًا لا يطاق، حتى وإن كانت تحث على إدخال تعديلات على السلوك القطري.
وقد دأبت الإدارة الأمريكية على الضغط على هذه القضية من خلال الاتصالات مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وزيارات المبعوثين الأمريكيين إلى منطقة الخليج، وجولات إضافية لقادة الإمارات وقطر إلى الولايات المتحدة. في حين أن المقاطعة دخلت شهرها العاشر، إلا أنها ليست بالغة الأهمية على جدول أعمال بلدان المقاطعة، وخاصة المملكة العربية السعودية، التي انتقلت إلى ما تعتبره قضايا أكثر إلحاحًا. والعكس صحيح بالنسبة لقطر. كما يجادل السعوديون بأن المقاطعة تهدف إلى تعزيز وحدة حقيقية بين دول الخليج العربية، والتي لن تكون ممكنة إلا إذا أنهت قطر سلوكها الذي يهدد بشكل مباشر مصالح حلفائها في مجلس التعاون الخليجي.
لدى قطر مصدر واحد واضح للتأثير على مجموعة الدول الأربع، ألا وهو الضغط الأمريكي لإنهاء المقاطعة. وبالتالي فقد عملت الدوحة بشكل حثيث على تعزيز علاقاتها مع واشنطن، بما في ذلك من خلال حوار استراتيجي حديث مع كبار صناع السياسة في الولايات المتحدة، وطروحات مكثفة لمنظومة واضعي أطر السياسة في واشنطن. وقد اتسعت التوعية، بشكل مثير للجدل، للفوز بأجزاء من الجالية اليهودية الأمريكية والتي لم تكن مرغوبة من قبل. كما حصلت قطر على مكاسب كبيرة من خلال وعدها للولايات المتحدة بزيادة التعاون في مكافحة الإرهاب، وتوسيع قاعدة عسكرية، والطيران المدني، والطاقة، ومجموعة من القضايا الأخرى. ويبدو أن البنتاغون، الذي سعى دومًا إلى حل سريع للمواجهة، قد انضم إلى وزارة الخارجية للتغلب على ميول البيت الأبيض إلى الانتقاد الشديد لقطر بسبب دعم التطرف وتمويل الإرهاب. ولا يزال لم يتم التطرق إلى أي تأثير على الموقف الأمريكي الناتج عن استبدال وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي كانت اللجنة الرباعية تعتبره منحازًا إلى قطر، بمدير وكالة المخابرات المركزية (CIA) مايك بومبيو.
إدارة ترامب تأمل في الإعلان عن اجتماع قمة آخر بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، ربما في كامب ديفيد، في وقت لاحق من هذا العام. لكن ترامب أوضح أنه ينبغي تحسين الأجواء بشكل كبير كي يستطيع المشاركة في مثل هذا الاجتماع. وهذا لا يمكن أن يحدث ما لم يتم إيجاد حل للمقاطعة. وقد أوضحت واشنطن أنها ليست بصدد دراسة بدائل لقواتها الحالية في الخليج، بما في ذلك قاعدة العُديد الجوية في قطر، وهي المقر المتقدم المشغل للقيادة المركزية الأمريكية وتستضيف ما لا يقل عن 10 آلاف عسكري أمريكي.
من خلال إثارة قضية القمة، ستضغط واشنطن على الرياض من أجل إيجاد تسوية للمقاطعة. لكن الولايات المتحدة لا تشترط أن يكون مظهرٌ محدد من علاقاتها مع أي طرف من الأطراف متوقفًا على تسوية سريعة، محتفظة بالقليل من التأثير الواضح مع كلا الجانبين. وما لم تكن إدارة ترامب قد حصلت بشكل هادئ على بعض الالتزامات من قطر، وتكون مستعدة للمشاركة في التوقيع على اتفاقية جديدة بين دول الخليج العربية، فليس من الواضح ما الذي يمكن لواشنطن فعله لتحفيز مجموعة الدول الأربع على التخلي عن مقاطعتها. قد تتطلب الدبلوماسية الأمريكية عقد سلسلة كاملة من الاجتماعات مع قادة دول الخليج العربية المخطط لها في الأسابيع المقبلة، وربما أقرب من ذلك بكثير، قبل التوصل إلى تسوية.
البرنامج النووي السعودي
من بين المواضيع الأحدث والأكثر تعقيدًا التي ستتم مناقشتها دون شك خلال الزيارة خطط السعودية لتطوير إنتاج الطاقة النووية الخاصة بها من أجل تركيز احتياطها النفطي للحصول على العملات الأجنبية، حيث سيبحث الطرفان عن طرق تسمح للمملكة العربية السعودية بجعل الشركات الأمريكية جوهر برنامجها للطاقة النووية، ولكن ثمة مشاكل هامة يجب التغلب عليها. هنالك قلق بالغ من أن الرياض قد تسعى أيضًا إلى تطوير قدرتها النووية إلى حد يمكنها من الانتقال إلى تطوير الأسلحة النووية، ما سيعيد إيران إلى برنامجها النووي الأكثر تطورًا. لذلك، تسعى واشنطن إلى الحصول على إقرار من السعودية لمجموعة من التزامات “المعيار الذهبي”، المعروفة باسم اتفاقية 123، ما يحد من خيارات البلاد إلى ما هو أبعد من التزامها الحالي بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT). وهذا يتضمن عدم نقل التكنولوجيا النووية إلى أي طرف ثالث، والأهم من ذلك، عدم تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم. تعتقد المملكة العربية السعودية أنها تمتلك مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم الذي تأمل في التنقيب عنه ومعالجته، وبالتالي تقوم بتوفير مصدر آخر من مصادر الطاقة الثمينة.
ولاحظت الولايات المتحدة أن دولة الإمارات العربية المتحدة وافقت بسهولة على قيود المعيار الذهبي عندما بدأت بشراء مفاعلات توليد الكهرباء أمريكية الصنع. ولكن الإمارات لا تمتلك احتياطيات محلية كبيرة من اليورانيوم. في حين أن المملكة العربية السعودية من الناحية النظرية لديها خيار السعي إلى شراء التكنولوجيا النووية المدنية، مثل المفاعلات النووية، من روسيا، وتايوان، وكوريا الجنوبية، أو غيرها. كما أن هنالك مخاوف من أن السعودية قد تتحول إلى حليف آخر، باكستان، وهي قوة نووية ليست طرفًا في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ولديها تاريخ في بيع التكنولوجيا النووية خارج الأطر الدولية المتعارف عليها.
وقد عززت هذه المخاوف عزم واشنطن على محاولة ضمان بقاء برنامج المملكة السعودية النووي سلميًّا، ويتمحور حول التعاون مع الولايات المتحدة، ولا يؤدي إلى أي شكل من أشكال انتشار الأسلحة النووية. هناك تكهنات من أن إدارة ترامب قد تتنازل عن أو تخفض متطلبات المعيار الذهبي من أجل ضمان هذه النتيجة. ولمحت المملكة العربية السعودية بأنها لن تقبل امتيازات أقل مما حصلت عليه إيران من خلال خطة العمل المشتركة الشاملة، وهي الاتفاقية النووية الدولية، التي لا تمنع طهران من تخصيب اليورانيوم للأغراض المدنية. ومع ذلك، فإن خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) تتطلب من إيران، في ظل سريان مفعول بنودها، أن تحد من كل هذا النشاط وأن تخضع لعمليات تفتيش قسرية بشكل استثنائي وشروط أخرى من غير المرجح أن تنظر فيها السعودية. إحدى التسويات الممكنة هي الفصل بين قضايا التخصيب وإعادة المعالجة، بحيث تقوم السعودية بتخصيب اليورانيوم الخاص بها، ولكن على مستوى الاستخدام المدني فقط وليس العسكري، مع عدم معالجة البلوتونيوم، الأمر الذي سيساعد على ضمان عدم احتواء البرنامج على عنصر عسكري سري.
اليمن
لا تزال واشنطن غير مرتاحة للأثر الإنساني للحرب في اليمن. فحال انتقاد المملكة العربية السعودية للاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل واعتباره “غير مبرر وغير مسؤول“، أصدر البيت الأبيض بيانًا مقتضبًا من قبل ترامب يطلب فيه من السعودية أن تعمل المزيد لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني. يستطيع ترامب الاستفادة من الدعم الأمريكي الطويل الأمد للتحالف الذي تقوده السعودية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة دون توقف، للإصرار على أن واشنطن كانت أكثر فائدة للرياض في اليمن منذ انتخابه. ومن المرجح أن تشير الولايات المتحدة إلى القلق المستمر في الكونغرس كسبب لزيادة جهود الإغاثة الإنسانية في اليمن. ومن المرجح أن تطلب المملكة العربية السعودية تعاونًا أكبر ضد دعم إيران وحزب الله للحوثيين وحظر شحنات الأسلحة للجماعات المتمردة.
عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية
تفيد التقارير بأن إدارة ترامب تعد لجهود إحياء المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وكشف النقاب عن خطة للسلام في الشرق الأوسط. ومنذ أيامها الأولى، درست إدارة ترامب نهجًا “خارجيًا” يجلب البلدان العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية، إلى العملية السلمية لتشجيع إسرائيل على تقديم تنازلات لصالح الفلسطينيين وتوفير الدعم والغطاء السياسي لتنازلات الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن تصريح ترامب في كانون الأول/ ديسمبر 2017 بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وما لحقه من تصريحات بأنه “أسقط القدس من على الطاولة“، يجعل إنعاش المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية أكثر صعوبة. وكان رد الفعل الرسمي للمملكة العربية السعودية على إعلان القدس سلبيًا بشكل لافت للنظر.
كما وفرت المخاوف المتبادلة حول إيران حافزًا واضحًا لدول الخليج على الرغبة في استكشاف احتمالات المزيد من التعاون مع إسرائيل. من الواضح أن هناك خطوات خجولة نحو توثيق العلاقات، ولكن من غير الواضح أن السعودية وحكومات عربية أخرى ستكون مستعدة أو قادرة على الإصرار على دخول الفلسطينيين في محادثات رسمية إذا كانت الشروط غير مقبولة بالنسبة لهم. كما أن قضية فلسطين السياسية تحد بشكل كبير من مدى قدرة دول مثل السعودية على المضي في تطوير علاقات وثيقة ثنائية مع إسرائيل. وكل هذا التعقيد بسبب المخاوف الفلسطينية المتزايدة من أن الولايات المتحدة قد أعادت هيكلة الإطار العام للوضع النهائي التقليدي لمفاوضات من جانب واحد لصالح إسرائيل من خلال تصريحاتها حول القدس. ومن دون جهد متين لإصلاح السياق الدبلوماسي والسياسي، فمن غير المحتمل أن يتم عقد محادثات جديدة، عدا عن اختتامها بنجاح.
إيران
لقد أثلج الموقف الصارم الذي تبنته إدارة ترامب تجاه إيران صدر السعودية وحلفاءها. لقد ازداد شعور السعوديين بأن إيران هي التهديد الأكبر لأمنهم القومي أضعافًا مضاعفة من خلال سلسلة محاولات لهجمات صاروخية على المدن السعودية أطلقها الحوثيون من اليمن. وقال مسؤولون سعوديون إن هذه الهجمات تشكل “أعمال حرب” من قبل إيران ضد المملكة العربية السعودية. واعتبرت الرياض أن هذا التصعيد ليس فقط تهديدًا متعلقًا باليمن، بل هو جزء من نمط أوسع لزعزعة الاستقرار الإقليمي. وسوف يضغط السعوديون من أجل رد متكامل بقيادة الولايات المتحدة يهدف إلى إجبار إيران على تغيير سلوكها، ومن ثم دحر نفوذها المتوسع على أجزاء كثيرة من العالم العربي.
ويبدو أن إدارة ترامب تشترك إلى حد كبير في هذا الرأي، وربطت خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) بشكل حاسم من وجهة نظر سعودية، بنمط السلوك الإيراني نفسه الذي تعتبره المملكة العربية السعودية تهديدًا. وكان ترامب ومساعدوه قاسين في انتقاداتهم لـ JCPOA وهم يهددون بالانسحاب من الاتفاقية إذا لم يتم التفاوض بشأنها أو “تصحيحها“.
ولكن ثاني الانتقادات الرئيسية التي وجهتها إدارة ترامب لخطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) تتوافق تمامًا مع مخاوف الرياض: وهو فشلها في معالجة اختبار وتطوير الصواريخ الإيرانية ودعم طهران للعناصر الفاعلة غير الحكومية. وستشجع المملكة العربية السعودية هذه الجهود بشكل كبير، خاصة بالنظر إلى المبادرات الأخيرة التي اتخذتها الدول الأوروبية لصياغة اتفاقيات إضافية مع الولايات المتحدة لمعالجة هذه المخاوف. وتربط قضية الصواريخ ما بين المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي سيعتمد على الصواريخ لتشكيل تهديد حقيقي، وبين القضايا الإقليمية، وخاصة خطر الصواريخ التي يزودها الإيرانيون للحوثيين. ومع ذلك، فمن المرجح أن تحذر السعودية واشنطن من الوقوع في الفخ، حيث يمكن لإيران أن تلقي اللوم على الولايات المتحدة بشأن انهيار الاتفاقية، ثم تتخذ ذلك كذريعة لاستئناف البحث والتطوير النووي، وكذلك الاستمرار في الجهود الرامية إلى توسيع نفوذها الإقليمي.
سوريا والعراق
تنظر المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة إلى تعزيز الموقف الاستراتيجي لإيران ووكلائها في سوريا والعراق بحذر. فقد توسع دور الولايات المتحدة العسكري في سوريا من التركيز الحصري على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام إلى مواجهة الوجود الإيراني في سوريا. وينصب التركيز على منع إنشاء جسر بري يربط إيران مع لبنان. ولا يمكن للرياض أن تحقق الكثير بمفردها في سوريا، ولكنها قد تكون قادرة بالتعاون مع الولايات المتحدة على القيام بما هو أكثر من ذلك، خاصة إذا كان بوسع واشنطن والرياض إقناع موسكو وأنقرة بأنه ليس من مصلحتهما السماح لإيران بترسيخ مركز مهيمن لها في سوريا. وتضغط كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة على حزب الله في لبنان من خلال ضغوطات سياسية وعقوبات جديدة، على الرغم أنه لا يزال من غير الواضح مدى التنسيق بين هذه الجهود أو ما ستؤول إليه.
في العراق ، فإن التواصل الدبلوماسي والسياسي للمملكة العربية السعودية مع الجهات الرئيسية، بما في ذلك زعماء السنة والشيعة العرب وكذلك الجماعات الكردية، يحقق نجاحًا تدريجيًّا وإن كان متواضعًا ضد الهيمنة الإيرانية السابقة على معظم السياسة العراقية. وسيتعين على واشنطن والرياض وحلفائهما في المنطقة العمل معًا من أجل النجاح في الترويج لأجندة وطنية عراقية أكثر استقلالية عن نفوذ إيران دون الآمال الزائفة بأن طهران يمكن دحرها عن العراق. تحتفظ واشنطن بوجود عسكري وسياسي كبير في العراق، تركز معظمه في السنوات الأخيرة على هزيمة داعش. إن إعادة الإعمار في العراق، خاصة في المناطق العربية السنية المحررة من داعش، ستشكل أساسًا لهذا الجهد. في مؤتمر للمانحين تم عقده مؤخرًا في مدينة الكويت، رفضت إدارة ترامب المساهمة ماليًا في إعادة إعمار العراق، لكنها قامت بزيادة حد الائتمان إلى 3 مليارات دولار. وتعهدت دول الخليج بتقديم تبرعات كبيرة، بما في ذلك 1.5 مليار دولار من المملكة العربية السعودية.
التجارة والاستثمار والتكنولوجيا
تحاول المملكة العربية السعودية تنويع اقتصادها والابتعاد عن الاعتماد على عائدات النفط، وبالتالي تبحث عن فرص الاستثمار الدولي والأجنبي في المملكة. وما زال طرح جزء من شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام الأولي -التي تعد واحدة من أعلى الشركات قيمة في العالم- قيد الدراسة الجدية. وقد ضغطت إدارة ترامب بالفعل على السلطات السعودية لإدراج أي من أسهم أرامكو في بورصة نيويورك، ومن المحتمل أن يتم تكرار ذلك في الاجتماعات المقبلة. ويأمل المسؤولون السعوديون في تسهيل المزيد من الاستثمارات الأمريكية في المملكة العربية السعودية والبحث عن فرص استثمارية لصندوقهم للاستثمار العام في الولايات المتحدة. في رحلة سابقة إلى الولايات المتحدة ، قام الأمير محمد بن سلمان بزيارة وادي السليكون لتشجيع الشراكة في الصناعات ذات التقنية العالية (الهايتك) وغيرها من الصناعات المتنامية. وفي هذه الزيارة الموسعة سيذهب الأمير محمد بن سلمان إلى مدينة نيويورك (نظم الزيارة ميشيل بلومبيرغ)، وسيتوقف في محطات إضافية في سياتل (بضيافة بيل غيتس)، وسان فرانسيسكو، ولوس أنجلوس، وهيوستن، وبوسطن.
عاصمتان في مرحلة انتقالية
ليست الرياض العاصمة الوحيدة التي تمر بمرحلة انتقالية. حيث سيجتمع الأمير محمد بن سلمان مع إدارة ترامب التي -في أحدث التغييرات العديدة- استبدلت وزير خارجيتها برئيس وكالة الاستخبارات المركزية. ومن المؤكد أن الرياض وحلفاءها في مجموعة الدول الأربع سيرحبون بهذا التغيير. فلطالما اعتقدوا أن تيلرسون كان متعاطفًا جدًّا مع قطر بشأن المقاطعة. ولكن أي تأثير عملي لهذا التحول على سياسة الولايات المتحدة لا يزال قيد البحث. وتشعر كل من واشنطن والرياض بأن العلاقة التي توترت خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما قد تم إصلاحها بشكل فعال. والآن ستسعى الإدارة في واشنطن وولي العهد في الرياض إلى تجاوز مرحلة إعادة التعارف، والاطمئنان، ووجهات النظر والانتقال إلى دبلوماسية الأخذ والعطاء. ومن المؤكد أن ذلك يمكن أن يقرب الشركاء من بعضهم بعضًا. ولكنه يمكن أن يسلط الضوء على الاختلافات أيضًا. لقد أوضح الجانبان أنهما على انسجام وتوافق مع بعضهما بعضًا. ولكن إلى أي مدى يرغب كل منهما في دعم أجندة وأولويات الطرف الآخر، هذا ما سيجري اختباره قريبًا.