يمثل التصوير الفوتوغرافي الثقافي توجهًا جديدًا في الخليج. هذا النوع من التصوير لا يعتمد فقط على مجرد نقرة على زر جهاز التصوير، هي عملية مطولة تتطلب البحث والتنقل والفهم الثقافي المرتبط بالسياق، والأهم من ذلك كله، الرؤية الفنية. يستكشف المصورون المحليون اليوم الجواهر الخفية في المنطقة، ويصورون المناظر الطبيعية الخلابة، والمواقع التراثية، ويلتقطون التقاليد الثقافية غير المعروفة. تقدم هذه الصور، التي تعج بها منصات التواصل الاجتماعي، سرديات وطنية جديدة، لتحل محل الصور البرّاقة عديمة الملامح لناطحات السحاب، التي أصبحت شائعة في تمثيل دول الخليج.
تحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن مع المصور الإماراتي المصري عُبيد البدور، الذي علم نفسه بنفسه، للتعرف على رأيه حول دور التصوير الفوتوغرافي في التمثيل الثقافي والحفاظ عليه.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: متى أصبحت شغوفًا بالتصوير الفوتوغرافي؟
عُبيد: أثناء طفولتي، كان والدي يحرص على توثيق اللحظات المهمة في حياتنا. أشعر بكثير من الامتنان لهذا الأمر، حيث يمكنني من تأمل الذكريات الجميلة، والتي كما تعلمون، تشوبها الضبابية مع تقدمنا في السن. وهكذا، أصبح التوثيق أمر طبيعي بالنسبة لي. حتى عندما كنت طفلاً، كان جهاز التصوير دائمًا في متناول يدي عندما كنا نذهب لأداء العُمرة، أو عند سفري مع الأصدقاء والعائلة. في المدرسة، كنت المسؤول عن التقاط الصور لزملائي وللسجل السنوي. لذلك، كنت أستمتع دائمًا بالتقاط الصور، لكنني لم أفكر في الأمر بشكل احترافي أبدًا. كانت طريقة للاحتفاظ بذكريات وتوثيق رحلتي الشخصية. كنت دائمًا مهتمًا باطلاع الناس على رؤيتي للعالم.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما الذي دفعك للتفرع الكامل للتصوير الفوتوغرافي؟
عُبيد: حالما تخرجت من الجامعة ، كانت أولويتي هي كسب المال والاستقلال. تخرجت في عام 2013، حيث درست الإدارة والتمويل، وعملت كمصرفي لمدة حوالي خمس سنوات.
لكن كما تعلمون، تتغير أولوياتنا مع مرور الوقت. كسبت الكثير من المال، لكن العمل في عالم البنوك استنزفني حقًا. كانت ساعات العمل الطويلة، مع القليل من وقت الفراغ أو انعدامه – كانت بيئةً العمل في غاية القسوة. ثم استدعيت للخدمة العسكرية، وكانت لدي لحظة تأمل شديدة بما انني كنت بمفردي مع أفكاري وكان ذلك شيء نادر. كما تعلمون، مع وصول درجة حرارة الشمس إلى 50 درجة مئوية وهي تضرب وجهي، كان لدي الكثير من الوقت للتفكير وتيقنت أنني لا أريد العيش فقط لنهاية الأسبوع.
في أحد الأيام، ذهبت في رحلة إلى البر مع الأصدقاء وأبناء العمومة، وتوقفنا على قمة أحد الكثبان الرملية الضخمة. لم تكن هناك طرق ولا مسارات باستثناء أثر إطارات سيارتنا. لم أكن في ذلك الوقت، منسجمًا مع نفسي من الناحية الروحانية، ولكن سمعت أحد الأصدقاء يقول: “حان وقت صلاة المغرب”. فنهضت وصلينا جماعةً. أنا كثير النسيان، لكنها كانت لحظة مؤثرة للغاية، لدرجة أن محوها من الذاكرة أمر صعب. أتذكر مشاهدتي لغروب الشمس أثناء الصلاة، حين وقفت مستغرقًا في الكون أمامي، أدركت كم كنت محظوظًا لوجودي في ذلك المكان في تلك اللحظة. لقد كانت إحدى تجارب التأمل خارج العالم المادي. الفكرة التي خطرت ببالي هي أنني أردت أن أفعل كل ما في وسعي لملاحقة هذا الشعور بقدر ما أستطيع. بدأت في استكشاف أماكن جديدة، والتقاط المزيد من الصور، وبدأ الناس يؤمنون بمهاراتي الفوتوغرافية. كنت في الخامسة والعشرين من عمري، شابًا أعزب، بدون مسؤوليات مالية، وكنت أعيش مع عائلتي في المنزل. لذلك، بعد دراسة الموضوع متأنية، قررت ترك وظيفتي للتفرغ لهوايتي. منذ ذلك الحين، شاركت في العروض التي استضافتها منصة ناشيونال جيوجرافيك، وتمت استضافتي للقيام بجولات التصوير الفوتوغرافي للمجالس السياحية، وتواصلت معي شركات ومؤسسات كبيرة ومعروفة لتكليفي بعمل مشاريع فوتوغرافية.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: كيف تصف عملك وعملية تفكيرك الفني؟
عُبيد: يبدو وكأنه نوع من النشوة. لا أريد أن أبدو تافه وعاطفي، لكنني أشعر حقًا بوجودي عندما أكون خلف عدسة الكاميرا. من أفضل اللحظات لدي عندما أكون وحيدًا في أماكن منعزلة. أرى المشهد، أستوعبه، وأعتمده، ثم أبدأ بالتصوير. التصوير الفلكي من الأمور المفضلة عندي؛ فأنا أستمتع فعلاً بالجلوس ومراقبة تريليونات النجوم الصغيرة، التي تبدو كاليراعات المضيئة، حينما تقوم الكاميرا بالتقاط الصور.
للإجابة على سؤالك حول هذه العملية، لدي مجموعة رائعة من شاشات الكمبيوتر في مكتبي المنزلي. أقضي أسابيع في البحث عن مناطق لا يعرفها عامة الناس، أستخدم Google MapsوGoogle Earth، وأقرأ المدونات، وأتحدث مع جمهور المستكشفين على وسائل التواصل الاجتماعي. أحدد المناطق التي أريد اكتشافها، وآخذ كلبي ومعدات التخييم الخاصة بي وأذهب. بالطبع، دائمًا ما تكون لدي فكرة مسبقة عما سأشاهد، والكثير من ذلك يدخل ضمن التخطيط، ولدي مقاصد كثيرة من وراء صوري.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي المناطق التي تحب استكشافها في دولة الإمارات العربية المتحدة أو الدول الخليجية؟
عُبيد: في البداية، بدأت في رحلات ومغامرات لاستكشاف المناظر الجبلية في الإمارات. كما أن هناك طريقًا جميلاً لامتناهيًا يعبر حدود عُمان والسعودية والإمارات. ولكن من أوائل الأماكن التي بدأت استكشافها مع أصدقائي كانت جزيرة شويحات، التي أصبحت مؤخرًا موقعًا مشهورًا. لا تقتصر أهمية جزيرة شويحات على جمالها فقط؛ فهي أعجوبة جيولوجية ذات تكوينات فريدة؛ من صخور كلسية متحجرة. إذا أمعنت النظر، سترى جذور نباتات متحجرة و- بدأت صورها تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي، ومنذ ذلك الحين أخذ الكثير من الناس في الذهاب إليها. لسوء الحظ، تسبب السياح في بعض الضرر، وتم إغلاقها أمام الجمهور منذ ذلك الحين.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: حسنًا، هذا يأخذنا للسؤال التالي، ما رأيك في السياحة التي تحركها وسائل التواصل الاجتماعي؟
عُبيد: السياحة على مواقع التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين. حسب رأيي، هناك مسألة أخلاقية كبيرة تحتاج لمعالجة. على سبيل المثال، توجد في الإمارات قرية جميلة مهجورة تسمى المدام وهي مدفونة الآن في الرمال في منطقة. رحل الناس من تلك المنطقة في الثمانينيات من القرن الماضي بسبب كثرة الرياح المتقلبة. حصلت المنطقة على الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتجد الآن الكثير من الكتابات على الجدران، والعلب والزجاجات، وأجد ذلك مزعجاً للغاية. لا أعتقد أن السياحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمر سيئ، لكنني أعتقد أنه من المهم أن يحترم الناس البيئة.
كما أود أن أضيف أن السياحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت الناس بالفعل خلال الجائحة والإغلاق؛ بدأ الناس في الترويج للسياحة الداخلية، واستكشاف المنطقة من الداخل. آمل حقًا أن تلهم صوري الناس للخروج والإستكشاف عندما يرونها. أتذكر شعور الدهشة التي شعرت بها عندما اكتشفت هذه الأماكن لأول مرة، وآمل أن أتمكن من نقل هذا النوع من الطاقة للآخرين، وخاصة الشباب. لحسن الحظ، الناس اليوم ليسوا منغلقين كما كنا نحن. لذا، أحب أن أعرض للناس أماكن يُفاجئهم وجودها في بلادنا.
معهد دول الخليج العربية في واشنطن: ما هي أهدافك الرئيسية من توثيق المشاهد الطبيعية وثقافة المنطقة؟
عُبيد: الجزيرة العربية جميلة. وتتمثل وظيفتي في توثيق جمالها وإظهاره للناس. أعتقد أنها لا تحظى بما تستحقه من التقدير، وعادة ما يتم تسليط الضوء على ناطحات السحاب البرّاقة واللامعة. أحب أن أصف الإمارات بكونها كتاب ذو غلاف فاخر برّاق، ولكن محتواه هو أفضل ما فيه. وهذا في اعتقادي ما نحتاج للعمل عليه كمجتمع؛ فنحن بحاجة لإبراز محتوى محلي أصيل جديد، وعرضه على الناس. في معظم الأحيان، يتم تمثيل الإمارات من خلال وجهات نظر خارجية في الروايات والكتب التاريخية. هناك الكثير مما يجب القيام به لتقديم وإبراز ثقافة الدولة من وجهة النظر المحلية، وهو ما نحتاج للعمل عليه بشكل جماعي. فلدينا الوسائل والموارد لإظهار وجهت نظرنا، وليس فقط لأغراض التسويق الخارجي. لدينا ثقافة فريدة من نوعها ذات تاريخ عشائري يحتاج إلى توثيق أكثر، ولدينا تقاليد تاريخية استثنائية في المنطقة، مثل تقاليد قبيلة الشحوح المستمرة حتى اليوم.
كما أنني بصدد البدء في مشروع جديد، فكرة زوجتي في الواقع. هناك ثقافة جانبية صغيرة في الشارقة لتصنيع أغطية الرأس التقليدية، التي يرتديها المواطنون، وهو ما نسميه “العقال”. إذا سألت أي شخص في الإمارات عن كيفية إنتاج “العقال”، فبالكاد يمكنك أن تجد من يخبرك عن أصله أو كيفية إنتاجه اليوم. لكن هناك سوريا صغيرة هنا في الشارقة، ومن المعروف أن من يصنع هذه “العُقل” هم السوريون. أصبح هؤلاء الحرفيون جزءًا من ثقافتنا، وأعتقد أنه من المهم إبراز مساهمتهم في مجتمعنا.
أعتقد أن جزءًا من عملي يتمثل في الحفاظ على التاريخ، وهناك جزء آخر يتمثل في توعية الناس، والجزء الآخر يتمثل في زيادة التقدير لأرضنا وشعبنا.
من غير المرجح أن تتمكن أرامكو من الحفاظ على سياستها الحالية في توزيع عائدات الأسهم في ظل غياب انتعاش قوي في عائدات النفط. وقد يؤدي تخفيض الأرباح الموزعة إلى آثار سلبية على الأوضاع المالية للحكومة وصندوق الاستثمارات العامة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستخلق خطوط تماس وتوتر داخلية يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية جديدة. إضافة إلى خطوط تماس أخطر خارجياً، قد تزج الولايات المتحدة في حرب تجارية مع الصين.
على صعيد العلاقات الأمريكية-الخليجية، سترث إدارة هاريس إطار عمل راسخ للمضي قدماً، ومن غير المرجح أن تتخلى عنه.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.