أصبحت لُجينة بنت محسن درويش مؤخرا رئيسة جمعية الصداقة العُمانية الصينية بعد وفاة عمر الزواوي، رجل الأعمال البارز والمستشار الحكومي في أبريل/ نيسان. تأسست جمعية الصداقة العُمانية-الصينية في أكتوبر/تشرين الأول 2010، “وتهدف إلى تطوير العلاقات الودية وتعزيزها بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية”. ويشمل الأعضاء المشاركون: مجموعة أومزيست (OMZEST)، وعُمان تل (Omantel)، وهواوي (Huawei). وقد كان لهذه الفترة الانتقالية للجمعية والسياسة العُمانية، إلى جانب جائحة فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، دورٌ في إبراز عدم التوازن في العلاقات بين عُمان والصين.
في 23 يونيو/حزيران، قامت مؤسسة موديز بتخفيض التصنيف السيادي لسلطنة عُمان للمرة الثانية خلال عام 2020، مشيرة لآفاق قاتمة بشأن قدرة السلطنة على تعويض خسائر عائدات النفط دون تراكم ديون فوق طاقتها أو تآكل احتياطاتها المالية المحدودة. وتكافح الحكومة العُمانية تحت حكم السلطان الجديد للوصول بشؤون البلاد المالية إلى بر الأمان، وهي بذلك تقوم بإعادة هيكلة الدولة وآليات صنع القرار. إن دعم المقرضين الخارجيين والمستثمرين الأجانب أمر بالغ الأهمية للتعافي الاقتصادي في عُمان.
ومع ذلك، هناك أسباب وجيهة للتشكيك في شراكة عُمان الاقتصادية مع الصين. إن التقاء حالة الطوارئ الصحية العالمية مع هزيمة منكرة في سوق النفط قد أبرز دور الصين المتضارب في الاقتصاد العُماني الهش. في الوقت الذي تصدر فيه عُمان الكثير من نفطها الخام إلى الصين، تستثمر الصين القليل جدًّا في الصناعات غير النفطية في السلطنة. إن الطبيعة غير المتوازنة لهذه العلاقة الاقتصادية تضعف من وضع عُمان في مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة.
وعلى الرغم من مبادرات التنويع الاقتصادي على مدى عقود، يشكل قطاع النفط والغاز في عُمان حوالي 72٪ من الإيرادات الحكومية. وتستهلك الصين الأغلبية العظمى من النفط الخام الذي تصدره عُمان. في أبريل/نيسان ومايو/أيار، استوردت الصين ما يقارب 90٪ من صادرات عُمان من النفط الخام. لم يكن هذا هو الحال دائماً. فما بين عامي 2000 و2017، ازدادت حصة الصين من صادرات عُمان من النفط الخام من 35.2٪ إلى 82.5٪.
وتزامن نمو الواردات الصينية من النفط الخام العُماني مع انخفاض نسبي في أهمية المستوردين الآسيويين الآخرين. قبل عام 2012، حافظت عُمان على مجموعة أكثر تنوعاً من شركاء تجارة النفط الخام، بما في ذلك اليابان والهند وكوريا الجنوبية وتايلاند. كانت اليابان تستورد النفط الخام العُماني أكثر من الصين في مطلع العقد الأول من هذا القرن.
شكل النفط الخام أيضاً 92.4٪ من إجمالي صادرات عُمان إلى الصين في عام 2018. وتأتي المنتجات الكيميائية في الدرجة الثانية من بين فئات الصادرات، مثل الهيدروكربونات الحلقية. لم يتغير هذا الاعتماد المفرط على الصادرات القائمة على الهيدروكربونات ضمن تجارة عُمان مع الصين إلا قليلا خلال العقد الماضي، دون وجود مسار واضح لتنويع الصادرات مع هذا الشريك التجاري الهام.
يتناقض مستوى انخراط الصين في قطاع النفط العُماني مع النشاط الباهت في المجالات الاقتصادية الأخرى. وعلى الرغم من التوقعات الكبيرة التي تعتري الأثر الاقتصادي لمبادرة الحزام والطريق على اقتصادات دول الخليج العربية، إلا أن الصين ليست المستثمر الأجنبي المباشر الأهم في عُمان. فقد استحوذت كل من المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والكويت على حصص أكبر من إجمالي أسهم الاستثمار الأجنبي المباشر داخل عُمان مقارنة بالصين بحلول الربع الثالث من عام 2019. وبلغ إجمالي أسهم الاستثمار الأجنبي الداخلي المباشر الوارد من الصين 1.25 مليار دولار، هذا أعلى بقليل مما استثمرته دولة قطر الصغيرة. وتتقدم عملية إنشاء منطقة صناعية مشتركة بقيمة 10 مليارات دولار في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم ببطء.
كما يواجه صانعو السياسة العُمانيون معدلات بطالة عالية- تصل التقديرات عمالة الشباب إلى 49٪. ويهدد الركود الاقتصادي المرتبط بتفشي فيروس كورونا وتوقعات سوق الطاقة بتفاقم ضغوط التوظيف في عُمان أكثر فأكثر. وبالتالي، فإن إيجاد فرص العمل المتعلقة بطروحات الاستثمار الأجنبي يعتبر من المكونات المهمة لمكانة الدولة داخلياً (المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلد المضيف). ومع ذلك، هناك مخاوف منذ أمد بعيد تتعلق بتوجه الشركات الصينية لاستخدام العمالة الصينية بدلاً من الموارد البشرية المحلية.
أحد التحديات الرئيسية هو توجيه العديد من الاستثمارات الأجنبية نحو المناطق الحرة العُمانية والمناطق الاقتصادية الخاصة في صحار وصلالة والدقم. لا تتساهل سلطات المنطقة في قواعد العمل والمفاضلة في شروط الأعمال الأخرى فحسب، بل غالباً ما تتنافس فيما بينها على الاستثمارات الأجنبية. ويدرك المسؤولون العُمانيون بأن إيران المجاورة تمتلك موانئ كافية ومناطق للتجارة الحرة، وهو ما يزيد من المنافسة الإقليمية على الاستثمارات المحدودة. وتشير اتفاقية التعاون الصينية-الإيرانية المذكورة إلى أن الصين قد تبدأ في الاستفادة من مراكز الأعمال الإيرانية إلى درجة أكبر خلال السنوات المقبلة.
أحرزت الصين بعض التقدم في الصناعات العُمانية غير النفطية والمبادرات التي تديرها الدولة. فقد حصلت الحكومة العُمانية على مليار دولار من خلال بيع 49٪ من حصتها في الشركة العُمانية لنقل الكهرباء إلى شركة الشبكة الحكومية الصينية. في مارس/آذار، وافق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية على أن يصبح مقرضاً لمشروع محطة عبري2 للطاقة الشمسية بقدرة 500 ميجاوات في عُمان. ويعتبر هذا الاستثمار الذي تبلغ قيمته 60 مليون دولار أول عملية تمويل يقوم بها البنك الصيني لمشروع الطاقة المتجددة في منطقة الخليج العربية. وتشارك الشركات الصينية بالمثل في تطوير البنية التحتية الرقمية في عُمان وتوفير التدريب التكنولوجي.
ستبقى الصين شريكاً تجاريًا واستثمارياً مهماً لعُمان. إن الرخاء المالي في عُمان يرتبط حقيقةً على المدى القصير ارتباطاً وثيقاً باستمرار الصين في طلب النفط الخام. ينبغي أن تبدأ الجهود العُمانية في تنويع شراكاتها الاقتصادية مع تلك الموجودة في قطاع الهيدروكربونات، ولكنها بحاجة إلى أن تتعمق أكثر فأكثر في نهاية المطاف.