انطلقت فعاليات افتتاح بينالي أبوظبي للفن العام في 15 نوفمبر/تشرين الثاني. وستستمر هذه الفعاليات الثقافية حتى 30 أبريل/نيسان 2025 تحت رعاية دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وستضم الفاعليات عروضاً للفنون العامة في جميع أنحاء أبوظبي ومدينة العين. تحت عنوان “المكان العام”، يهدف البينالي لاستكشاف “مفهوم المكان العام في أبوظبي من خلال أربعة عوامل رئيسية، هي: البيئة، المجتمع، المدنية، والأصالة”. ويعمل البينالي على إشراك المجتمع وتعزيز الشمول، مثل تصميم المعارض مع أخذ إمكانية المشي بعين الاعتبار. تعرض الفعاليات أعمالاً فنية تركيبية وعروضاً لأكثر من 70 فناناً إماراتياً وعالمياً، ويقول المنظمون إن هذا الحدث يأتي “تقديراً لأهمية الفن العام، ويعد من الموارد القيّمة التي ينبغي أن تكون متاحةً للجميع”. وفي حين ستتم إضافة أعمال تركيبية جديدة خلال فترة البينالي، الذي يستمر خمسة أشهر، يمكن مشاهدة الأعمال التركيبية الحالية من خلال ثمانية مسارات رئيسية في جميع أنحاء مدينتي أبوظبي والعين، وتتمحور حول الساحات العامة الرئيسية، مثل الكورنيش ومحطة الحافلات والمتنزهات. وذكرت علياء لوتاه، عضو فريق تنظيم الفعالية، لصحيفة ذا ناشينال أن بعض هذه الأعمال قد تصبح من التركيبات الثابتة والدائمة في المدينة، على الرغم من أنها أشارت إلى أن عملية الاختيار ستعتمد جزئياً على كيفية تفاعل الجمهور مع كل من هذه الأعمال.
الفن العام
كلوحة فنية، تسمح أبوظبي للفنانين بابتكار أعمال فنية متنوعة، ولا سيما تلك التي تجذب الجمهور للمشاركة، وهو ما يمثل خروجاً عن الطريقة التقليدية التي اعتادها الناس في مشاهدة الفن داخل المتاحف بشكل أساسي. على سبيل المثال، يُظهر “الحنين للوطن“، وهو عمل فني متعدد الأوجه للفنانة فرح القاسمي على الكورنيش، خمس محارات عملاقة، مع لؤلؤة لامعة في كل واحدة منها. ولكن هذا العمل الفني يحمل معاني أكثر مما يبدو عليه، حيث تخفي كل لؤلؤة سماعة مدمجة تعزف مقاطع من الأغنية التقليدية “توب توب يا بحر” التي كانت تغنيها زوجات غواصي اللؤلؤ، داعيات لأزواجهن بالعودة سالمين. وكتبت القاسمي واصفةً مصدر إلهامها، “أردت أن أصنع جوقة من اللآلئ المغنية على الكورنيش (المكان الذي اكتشفت فيه الفن العام لأول مرة)، بحيث تعكس هذه الجوقة مواد البناء المتألقة في وسط مدينة أبوظبي”.
وفي هذه الأثناء، يحتفي الفنان بافل ألتهامر (Pawel Althamer) بالقطط الضالة، المحبوبة في أبوظبي، من خلال عمله غير التقليدي “تينتاريوم”، وهو عبارة عن خيمة على شكل قطة مكتملة مع عينين وأذنين وذيل. ويحرس الخيمة منحوتة برونزية لمجسم قط يدعى أري. يدعو ألتهامر الزوار للرسم والتلوين داخل الخيمة، وعلى هذا النحو، سوف يبدو العمل مختلفاً كلياً مع نهاية البينالي في أبريل/نيسان.
تيسير الوصول للفن
يُعدّ بينالي أبوظبي إضافة جديرة بالترحيب في المدينة مع تركيز ملحوظ على تحسين إمكانية الوصول للفن، حيث كان هناك مساحة كبيرة للتوسع. أحد العوائق الرئيسية أمام الوصول كان موقع المتاحف وصالات العرض. حيث تقع المؤسسات الفنية الرئيسية، بما في ذلك متحف اللوفر أبوظبي، المقرر افتتاحه عام 2025، ومتحف جوجنهايم في جزيرة السعديات التي تعد مركز المنطقة الثقافية في أبوظبي. كما تضم منطقة السعديات كذلك رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، ومنارة السعديات، وهي مركز فني وثقافي، يعدّ أيضاً واحداً من الأماكن الوحيدة في المدينة لحضور ورشات عمل الخزف والتصوير الفوتوغرافي والرسم. تم في مايو/أيار افتتاح أول مؤسسة خاصة في المنطقة، وهي مؤسسة بسام فريحة للفنون. وتضم جزيرة السعديات أيضاً بيت العائلة الإبراهيمية، ومن المقرر افتتاح متحف زايد الوطنيومتحف التاريخ الطبيعي في عام 2025.
جزيرة السعديات الاصطناعية منفصلة جغرافياً عن مركز المدينة، حيث يقيم غالبية السكان. معظم سكان وسط المدينة هم مهاجرون من الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين، وبلدان أخرى. يتلقى هؤلاء السكان بشكل عام رواتب أقل بكثير من دخل سكان جزيرة السعديات الفاخرة، أو جزيرة الريم التي تم تطويرها مؤخراً، ويعتمدون على وسائل النقل العام. لا يوجد سوى ثلاثة مسارات للحافلات إلى السعديات، كما أن ثمن تذكرة الحافلة بالإضافة إلى رسوم تذاكر المتحف تعد باهظة بالنسبة للعديد من السكان. بالإضافة إلى ذلك، فإن السير مشياً على الأقدام إلى السعديات يعد مستحيلاً لأن الطريق السريع الذي يربط الجزيرة بالمدينة الرئيسية لا توجد به أرصفة. ولذلك، فإنه لا يمكن الوصول إلى المؤسسات الثقافية في أبوظبي بالنسبة لمعظم المقيمين في المدينة.
ومع ذلك، فقد عملت بعض المبادرات الحديثة على تحسين وصول الجماهير إلى الفنون واتاحتها لهم بشكل ملموس. تعد مبادرة ريزق للفن، التي تم افتتاحها في سبتمبر/أيلول، مؤسسة ثقافية مستقلة تكرس جهدها لتيسير التبادل الفني وتطوير الأعمال الإبداعية، ونشر الفنون والثقافة من الجنوب العالمي. يقوم على إدارة المبادرة “فنانون وباحثون وممارسون مبدعون في العديد من التخصصات الفنية”. بالإضافة إلى المعارض، تقدم المبادرة العروض التقديمية وتوفر الإقامات والزمالات قصيرة الأجل، وتقدم وحدات التعلم والتعليم المصممة لتلبية “الاحتياجات ونقاط القوة الخاصة بالمجتمع الفني في الجنوب العالمي أثناء معالجة التحديات التي يواجهونها”. في حديثها مع ديزاين ميدل إيست (Design Middle East)، أكدت المديرة التنفيذية للمبادرة، شافينا يوسف علي، إن “ثراء الفن في الجنوب العالمي يستحق أن يكون له مسرح عالمي، وتلتزم [مبادرة ريزق] بتوفير ذلك في قلب أبوظبي”. كما أن المعرض مجاني، ويمكن الوصول إليه سيراً على الأقدام أو بالدراجة من وسط المدينة. وعلاوة على ذلك، فإن تركيزه على فنون الجنوب العالمي يجعل عروضه وبرامجه على صلة خاصة بسكان وسط المدينة، الذين ينتمي الكثير منهم إلى الجنوب العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، كلفت حكومة أبوظبي بعض الفنانين برسم جداريات في الأماكن العامة في جميع أنحاء أبوظبي في عام 2020. وفي حين كان الهدف المعلن هو زيادة جذب أبوظبي للسياح الدوليين، إلا أن العديد من الجداريات تقع في قلب مدينة أبوظبي، والتي لا يرتادها السياح بشكل خاص. كما قدم معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024 تصريح دخول مجاني لمتحف اللوفر أبوظبي مع كل تذكرة دخول للمعرض.
مشهد الفن المحلي
إلى جانب كل من المبادرات الخاصة وتلك التي ترعاها الحكومة، فإن الفنانين المحليين يعملون على مستوى القاعدة الشعبية لتيسير الوصول للفنون، وخاصة الموسيقى. تقول صفية البلوشي، فنانة الصوت التي تجري تجاربها على الأصوات المكتشفة من خلال الأداء التشاركي والأعمال التركيبية، “ثمة مساحة للموسيقى في أبوظبي، ولكنها قد لا تكون مكشوفة وواضحة على الملأ كما هو الحال في إمارة دبي المجاورة”. وقد عرضت البلوشي أعمالها أو قدمتها في إكسبو 2020 دبي ومتحف اللوفر أبوظبي وشارع السركال ومنتدى إركام وبينالي لندن للتصميم ومهرجان إكس ومؤسسة الشارقة للفنون، ومهرجان سميثونيان للحياة الشعبية (Smithsonian Folklife Festival).
وفقًا للبلوشي، فإن المشهد الموسيقي في متناول معظم الناس إلى حد كبير، لكنها قالت، “أعتقد أن أصعب ما في الأمر هو معرفة مكان إقامة الفعاليات، وذلك لكون إنستجرام وسيلة اساسية لمعرفة ذلك، وربما لا يمكن الوصول إلى بعض الفعاليات في حال وجود الكحول”. ومع ذلك، أكدت أن فعاليات الميكروفون المفتوح “مرحبٌ بها من جانب الوافدين الجدد للمشهد الذين يرغبون في تجربة المسرح”. وأعربت البلوشي عن تفاؤلها بمستقبل المشهد الموسيقي في المدينة، “هناك تحول يركز على وجود فنانين محليين، مثل أولئك المقيمين في الإمارات، وليس الإماراتيين حصراً، حيث يتم الاعتراف بهم خارج البلاد أو حتى خارج المنطقة، على عكس ما كان عليه الحال من قبل عندما كان الهدف الأساسي على الأغلب هو جلب فنانين مشهورين عالمياً”.
منح الأولوية للوصول للفنون
إلى جانب المؤسسات المستقلة الحديثة مثل مبادرة ريزق للفنون وتنامي التجارب الفنية والموسيقية على مستوى القاعدة الشعبية، يؤكد بينالي الفن العام الجاري حاليًا في أبوظبي على الأولوية المتزايدة التي توليها أبوظبي لإتاحة الفنون لسكان المدينة. وفي حين لا يزال هناك بعض العراقيل التي تحول دون إمكانية الوصول، ولا سيما عدم القدرة على الوصول للمؤسسات الثقافية الرئيسية لأسباب مادية ومالية، إلا أن الاستثمار المتزايد في الفن العام يُظهر التزام الحكومة بسد هذه الفجوات، وتوسيع إمكانية الوصول للعروض الثقافية في المدينة.
مع اقتراب عام 2024 من نهايته، لا يزال عدم اليقين يخيم على أسواق النفط بسبب المخاطر الجيوسياسية، وضعف الطلب الصيني الذي جاء أقل من المتوقع، والتطورات المتعلقة بالتحول في مجال الطاقة.
بدأت قوة مدعومة من تركيا في سوريا هجوماً على مدينة كوباني، ذات الأغلبية الكردية، وحذر القادة الأكراد من أن ذلك قد يؤدي إلى تطهير عرقي، ويقوض المعركة ضد تنظيم داعش في شمال شرق سوريا.
ادعمنا
من خلال تفحصها الدقيق للقوى التي تعمل على تشكيل المجتمعات الخليجية والأجيال الجديدة من القادة الناشئين، يعمل معهد دول الخليج العربية في واشنطن على تسهيل حصول فهم أعمق للدور المتوقع أن تلعبه دول هذه المنطقة الجيوستراتيجية في القرن الحادي والعشرين.